تفاصيل الخبر

مرفــــأ طـــــرابلـس يدخــــل مرحلــــة جديـــــدة مــن التطــــور ويـطـــــوي صـفـحـــــة الاهـمــــــال والـتـهـمـيــــش

11/08/2017
مرفــــأ طـــــرابلـس يدخــــل مرحلــــة جديـــــدة مــن التطــــور  ويـطـــــوي صـفـحـــــة الاهـمــــــال والـتـهـمـيــــش

مرفــــأ طـــــرابلـس يدخــــل مرحلــــة جديـــــدة مــن التطــــور ويـطـــــوي صـفـحـــــة الاهـمــــــال والـتـهـمـيــــش

بقلم طوني بشارة

3

المتتبع للأوضاع يلاحظ ان طرابلس تتمتع بمرفأ نموذجي تبلغ مساحته الإجمالية 3 ملايين متر مربع، منها مليون ونصف المليون متر مساحة مائية، و950 ألف متر مساحة أرضية، و550 ألف متر منطقة اقتصادية حرة. مرفأ رائع وضخم طور نفسه بنفسه اذ انه وعلى الرغم من سياسة وضع «العصي في الدواليب» التي يحاول البعض اتّباعها لمنع ازدهاره، والسعي المستمرّ لتحجيمه وإبقاء الأضواء مسلّطة على مرفأ بيروت، يحاول مرفأ طرابلس ان يطوي نصف قرن من الإهمال واللامبالاة الرسمية ليولد مجدداً، ويخرج على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بمواصفات دولية حديثة غير متوافرة لدى سواه من المرافئ العربية.

وبالفعل دخل مرفأ طرابلس مرحلة جديدة من التطور، مرحلة أهلته لأن يلعب دوراً محورياً على صعيد المنطقة ككل، وذلك مع وصول الرافعات العملاقة المتطورة من الصين في نهاية شهر شباط (فبراير) الماضي، مما ساهم بإطلاق العمل في رصيف الحاويات الجديد الذي بات قادراً على استقبال أضخم أنواع السفن من خلال غاطسه البالغ 15.5 أمتار، وعلى منافسة أهم المرافئ في العالم.

 فما أهمية هذه الرافعات؟ وكيف تطور مرفأ طرابلس منذ عام 2013 وحتى تاريخه؟ وما هي قدرات هذا المرفأ التنافسية؟

انطوان عماطوري والمناقصة

أسئلة عديدة للإجابة عنها قابلت <الأفكار> رئيس مجلس إدارة <غولف تينر> أنطوان عماطوري كما نقلت رأي رئيس غرفة التجارة والصناعة الأستاذ توفيق دبوسي.

بداية أفادنا أنطوان عماطوري بأن شركته عام 2013 ربحت مناقصة تجهيز المرفأ بالمعدات وتشغيله لمدة 25 سنة، ولكن الدولة رفضت بداية إعطاءه المناقصة بحجة عدم جهوزية البنى التحتية للمرفأ، فأصر عماطوري على المناقصة وطرح فكرة إعطاء المرفأ مبلغ 10 ملايين دولار للبدء بالبنى التحتية كدين من دون فائدة.

وعن كيفية تشغيل المرفأ قبل استلام المعدات الحديثة وعن الجدوى الاقتصادية للمرفأ يقول عماطوري:

- عام 2015 استأجرنا معدات بشكل مؤقت بغية تشغيل المرفأ الى حين وصول المعدات الحديثة، كما اشترينا باخرة هدفها نقل البضائع من بيروت الى طرابلس وباخرة أخرى من مصر الى طرابلس، وأخذنا رخصة مسافنة بغية تفعيل مرفأ طرابلس وهذه الرخصة سمحت لنا بنقل البضائع من سفينة الى سفينة أخرى عن طريق المناطق الحرة قبل دخولها في لبنان الى مرفأ بيروت، وبهذه بالرخصة يتم تخليص المعاملات الجمركية للحاويات لدى مرفأ طرابلس مما يوفر الوقت والتكلفة والنقل على أصحاب الحاويات التي تنقل البضائع، وفي الوقت ذاته استحصلنا على رخصة مسافنة تسمح لنا بنقل البضائع من مصر الى مرفأ طرابلس.

المنافسة البناءة

 

وتابع عماطوري:

- هذا الأمر فتح باب المنافسة من قبل الخطوط البحرية التي وجدت ان هناك سوقاً لطرابلس ولاهالي طرابلس والشمال، مثل العربية، أركس، تركم... ففتحت فروعاً لها بطرابلس، وهذه المنافسة بنتيجة الحال ستنعش مرفأ طرابلس.

واستطرد عماطوري:

- أما بالنسبة للجدوى الاقتصادية للمرفأ، فإن لدى شركتنا حالياً 60 موظفاً بطريقة مباشرة، وهي تشغل ما لا يقل عن 300 موظف بطريقة غير مباشرة، علماً انه من بعد استلامنا للمعدات الحديثة وظفنا ما لا يقل عن 350 موظفاً وسنشغل بطريقة غير مباشرة حوالى 800 موظف من أصحاب كميونات ومكاتب تخليص معاملات وجمارك وعتالة..

ــ علمنا ان شركة <غولف تينر> أعطت المرفأ مبلغ 10 ملايين دولار كدين بدون فائدة، فعلى أي أساس تم ذلك؟

- ان <شركة معوض> التي فازت بمناقصة تجهيز البنى التحتية للمرفأ لم تتمكن بداية من القيام بمهامها بسبب عدم وجود أموال لدى الدولة، فعرضنا فكرة إعطاء مبلغ 10 ملايين دولار للمرفأ بغية المبادرة بأعمال البنى التحتية، علماً ان التكلفة هي 60 مليون دولار وهناك مساعدات لتكملة البنى التحتية من قبل <البنك الإسلامي> و<بنك مونديال>.

وعن أهمية المعدات الضخمة التي استلمتها <غولف تينر> يقول عماطوري:

- تعتبر هذه المناسبة حدثاً تاريخياً لمرفأ طرابلس حيث تأتي بعد مسيرة شاقة وطويلة من العمل الدؤوب والمضني لشركتنا <غولف تينر> بالتعاون مع ادارة المرفأ ووزارة الأشغال العامة والنقل، وتعتبر هذه الرافعات التي استقدمناها الأحدث في العالم، ان على صعيد السرعة او على صعيد قدرتها على الوصول الى اي عمق موجودة فيه الحاويات على متن البواخر.

وتابع عماطوري:

- هذه المعدات مجهزة لآخر جيل من البواخر التي تستوعب 17000 كونتينرز، وتسمى معدات عملاقة مجهزة خصيصاً لإنزال البواخر العملاقة، ولدينا أمل ان تصبح الحركة للبنان وسوريا محصورة بمرفأ طرابلس، على اعتبار ان تجهيزاً كهذا غير موجود لدى مرفأ اللاذقية أكبر مرفأ بسوريا حيث طول الرصيف 400 متر وعمق البحر 12 متراً، أما في طرابلس فطول الرصيف 600 متر وعمق البحر 15 متراً مما يسمح بإستيعاب البواخر الضخمة، من هنا نرى ضرورة تفعيل مرفأ طرابلس القادر على استيعاب البواخر الكبيرة ومن ثم يتم نقل البضائع اما بالبر او بالبحر الى سوريا عن طريق بواخر أصغر، وذلك مع التأكيد الدائم على ضرورة إعادة العمل لسكة الحديد التي تصل الى حدود حمص بمسافة 30 كلم..

2المقارنة بين مرفأ بيروت

 ومرفأ طرابلس

ــ ما الذي يجعل مرفأ طرابلس أفضل من مرفأ بيروت لنقل البضائع الى سوريا؟

- هنا لا بد من الإشارة الى ان المسافة من طرابلس الى حمص ومن ثم الى العراق أقصر وأقرب من بيروت ــ الشام ــ العراق، كما ان الطريق من طرابلس الى الشام اسهل بكثير، فهي عبارة عن أوتوستراد مما يسهل عملية النقل براً صيفاً وشتاء، وهذا الأمر غير متوافر على طريق بيروت ــ الشام ــ العراق حيث تصبح عملية نقل البضائع الى سوريا عبرها صعبة نوعاً ما خلال فصل الشتاء، كما ان الشركة التي تشغل مرفأ طرابلس لديها محطة حاويات في العراق مما سيخلق حكماً صلة وصل بين طرابلس والعراق.

ــ أشرت في سيـــــاق حديثك الى ان تعرفة طرابلس أرخص للمواطن وأربح للدولة، فعلى أي أساس تم الارتكاز؟

- بعد الاعتراضات التي تداولت مؤخراً قطاع الخدمات المرفئية حول تدني أسعار التعرفة على المواطن في مرفأ طرابلس وموافقة الدولة على هذا الفرق في التعرفة بين مرفئي طرابلس وبيروت، لا بد من توضيح هذه الأسباب، فبالفعل قد ثبت بالأرقام ان نسبة الدولة من الأرباح في مرفأ طرابلس هي اكثر بكثير من نسبة أرباحها في مرفأ بيروت سواء في القيمة التوظيفية او في القيمة التشغيلية للمرفأ.

وتابع عماطوري:

- ان أرباح الدولة في المرفأ تأتي من عنصرين أساسيين هما: الجمارك وارباح استثمار المرفأ. فبالنسبة للجمارك، تطبق تعرفة الجمارك ذاتها في بيروت وطرابلس، ولكن تختلف أساليب تنفيذها بين المرفئين، ويعود ذلك الى ان المراقبين في مرفأ طرابلس جدد حيث تم تعيينهم حديثاً، وهم يدققون بكل معاملة ويتوخون الدقة وعدم الوقوع في الخطأ، من هنا ينعكس الأمر على دقة مداخيل جمارك طرابلس المكفولة.

واستطرد عماطوري:

- أما في ما يتعلق بأرباح استثمار المرفأ فهي تأتي من ناحيتين: الأولى المردود من التشغيل، والثانية المردود على الرأسمال.

عماطوري والأرقام

 

ــ هل من الممكن تفسير ذلك باعتماد الأرقام؟

- ان تشغيل مرفأ بيروت يتطلب 400 موظف مع بنية تحتية ذات كلفة عالية بحدود 80 مليون دولار، ومدخول محدود خارج محطة الحاويات، مما يستوجب على المرفأ وضع تعرفة على محطة الحاوية بأسعار اقلها على حاوية الـ20 قدماً 300 دولار وعلى حاوية الـ40 قدماً 550 دولاراً كي يغطي مصاريفه. اما في تشغيل مرفأ طرابلس فيوجد 38 موظفاً مع بنية تحتية ذات كلفة متدنية لا تتعدى الـ5 ملايين دولار، ومدخول يتجاوز الـ20 مليون دولار قبل تشغيل محطة الحاويات، فأمام هذا الواقع يكتفي مرفأ طرابلس بوضع تعرفة على حاوية الـ20 قدماً بقيمة 140 دولاراً، وعلى حاوية الـ40 قدماً بقيمة 260 دولاراً لزيادة أرباحه فقط، لأن مدخوله من خارج المحطة يكفيه، ووفقاً لما بيناه أعلاه يتجلى لنا وبشكل واضح لا ريب فيه ان مردود الربحية في مرفأ طرابلس اكثر بكثير من مردود الربحية في مرفأ بيروت.

ــ ماذا عن المردود على الرأسمال؟

- ان الرأسمال في مرفأ بيروت فيقدر بأكثر من 10 مليار دولار نظراً لمساحة ارضه التي تتجاوز الـ1300000 متر باعتبار سعر المتر الواحد يتراوح بين 7000 دولار و10000 دولار، ولكن المدخول لا يتجاوز قيمة 250000000 دولار مما 1يجعل مردوده ينعكس على الرأسمال بنسبة 2,5 بالمئة اي بنسبة اقل من الفائدة التي تدفعها الدولة على دينها.

وتابع عماطوري:

- بينما يقدر الرأسمال في مرفأ طرابلس بـ300000000 دولار لأن مساحة ارضه لا تتجاوز الـ900000 متر وبسعر 300 دولار للمتر الواحد، ولكن مدخوله بقيمة 20000000 دولار قبل بدء تشغيل محطة الحاويات، مما يجعل مردوده ينعكس على الرأسمال بنسبة 6.5 بالمئة قبل بدء تشغيل المحطة التي ستزيده تلقائياً الى نسب اعلى بكثير عند تشغيلها، وهذا الأمر يؤكد نظرية الدولة بضرورة الانماء المتوازن فيتوجب توجيه الاستثمار نحو مرفأ طرابلس وخلق استثمار جديد في مرفأ صيدا، وكل ذلك بغية تقليص حجم الاستثمار في مرفأ بيروت ليصار الى تخفيف الرساميل الباهظة الموظفة فيه وتوظيفها في قطاعات أخرى مما يعود بالنفع والفائدة على المصلحة العامة

دبوسي يشرح واقع المال في المرفأ

وبدوره أفادنا رئيس غرفة التجارة والصناعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي بأن المرفأ من حيث الوجود الجغرافي هو في طرابلس ولكنه مرفأ لبنان من طرابلس، فهو شريان اقتصادي تجاري تاريخي استراتيجي، ويشهد ورشة تطوير وتحديث وله خطط لوجيستية متطورة تعزز من الخدمات الأكثر تقنية بشكل معاصر.

وتابع دبوسي قائلاً:

- كما بات للمرفأ رصيف بطول 600 متر وعمق 15 متراً وسيصل العمق في المستقبل الواعد الى 17 متراً تقريباً، كما سيلعب دوراً تجارياً حيوياً اكثر تقدماً في المستقبل القريب، وهناك تسابق دولي وعربي على الاستفادة من خدمات مرفأ طرابلس لاسيما ان الرصيف المستحدث بات في قلب حركة الحاويات على المستوى الدولي.

واستطرد دبوسي:

- كما ان للمرفأ دوراً واقعياً في دعم الصادرات اللبنانية لاسيما الزراعية منها ويمكن تصديرها عن طريق النقل البحري وبواسطة العبارات بسبب استمرار اقفال بوابات العبور البري امام الصادرات اللبنانية لاسيما الزراعية منها.

ــ ماذا عن الدور المستقبلي للمرفأ؟

- مما لا شك فيه ان المرفأ سيلعب دوراً مستقبلياً متعاظماً في حركة إعادة بناء واعمار سوريا وذلك من خلال طرابلس التي ستكون عاصمة لبنان الاقتصادية، وبالتالي ستشكل بدورها منصة لإعادة إعمار سوريا وهي واقعياً حاجة للاقتصاد الوطني ورافعة له، واللافت حالياً ان كل الدول العربية والأجنبية في سباق محموم للاستفادة من موقع طرابلس الاستراتيجي ومن كونها حاضنة لمرافق عامة تلعب دوراً حيوياً في تغذية المالية العامة.