بقلم وردية بطرس

الرئة هي عضو جسدي في تجويف الصدر ويقوم بعملية التنفس. تتكون الرئة من رئتين او جناحين للرئة. الجناح الرئوي الأيسر يتكون من فصين رئويين، والجناح الأيمن يتكون من ثلاثة فصوص. ولأن الرئة نفسها لا تملك اية عضلات فانها تقوم باستنشاق الهواء اعتماداً على الحجاب الحاجز او عضلات الأضلع، وعندما يتمدد القفص الصدري يتكون نقص في الضغط والذي يسمح بشفط الهواء الى داخل الرئة (الشهيق)، أما خروج هواء التنفس (الزفير) فيكون عادة سلبياً عندما يعود القفص الصدري الى التقلص وبذلك يضغط على الرئة فيخرج الهواء عبر الشعب الرئوية.

تجدر الاشارة الى ان الجهاز التنفسي للانسان على اتصال دائم بالبيئة المحيطة من خلال عملية الشهيق والزفير أثناء التنفس، ويبدأ تركيب الجهاز التنفسي من الأنف ثم البلعوم فالحنجرة ومنها الى القصبة الهوائية التي تتفرع الى شعبتين رئيسيتين هما الشعبة الهوائية اليمنى والشعبة الهوائية اليسرى، ثم تتفرع كلا الشعبتين الى شعب هوائية أصغر وأصغر حتى تنتهي بالحويصلات الهوائية والتي يتم من خلالها تبادل الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم، وتعمل الحويصلات الهوائية والشعب الهوائية الصغيرة جداً للرئتين على توفير الأوكسجين لجميع أنحاء البدن، وتخلص الجسم من ثاني أكسيد الكربون. ويحتوي الجهاز التنفسي على بعض خطوط من الدفاع الأول: ذاتية ومناعية تحميه ضد العدوى والالتهابات ومنها: عملية العطس التي تعمل على طرد اي مواد غريبة. شعيرات الأنف الداخلية التي تعمل على تنقية الهواء الداخل عن طريق الأنف وتخليصه من ذرات الغبار العالقة به. الافرازات المخاطية بالأنف التي تلتصق بها ذرات الغبار والأوساخ والجراثيم التي تستنشق مع الهواء. السعال ويعتبر خطاً دفاعياً مهماً جداً لطرد الجراثيم البكتيرية او الفيروسية من القصبة الهوائية.

والالتهاب الرئوي هو مرض تسببه عدوى تصيب الرئتين او احداهما، ويمكن ان ينتج عن البكتيريا او الفطريات او الفيروسات، وتؤدي العدوى الى حدوث التهاب في الحويصلات الهوائية في الرئة، وقد يرافق ذلك تجمع للسوائل والقيح في هذه الحويصلات. وخلال اليوم الواحد يأخذ الانسان قرابة 25 ألف نفس او شهقة من الهواء، وتقوم الرئتان أثناء التنفس بأخذ الأوكسجين من الهواء ونقله الى الدم الذي يوزعه الى أعضاء الانسان وخلايا جسمه، فالأوكسجين ضروري لحياتنا ولا نستطيع العيش من دونه لأكثر من ثوان، ولذلك فان اصابة الرئتين بالمرض تنعكس بشكل كبير وسلبي على صحة الجسم.

ويمكن حدوث الالتهاب الرئوي نتيجة العدوى بالبكتيريا والفيروسات والفطريات، كما يوجد نوع يطلق عليه اسم <التهاب المستشفيات الرئوي> ويحدث للمرضى الذين يدخلون المستشفى بهدف العلاج لمرض آخر ثم يصابون بالالتهاب الرئوي داخل المستشفى، وتكون بكتيريا <التهاب المستشفيات الرئوي> عادة من النوع المقاوم للعلاجات.

كما قد يحدث الالتهاب الرئوي نتيجة دخول جسم غريب الى الرئة عبر الطعام او الشراب او السوائل او القيء، وقد يحدث ذلك نتيجة اضطراب آلية حماية المجاري التنفسية من خلال المنعكس البلعومي والذي يمنع مرور اي جسم غريب من البلعوم باتجاه المريء، ويحفزه بملامسة الحنك الرخو مما قد يجعل المرء يتقيأ.

وهناك بعض العوامل التي تضعف مناعة الجهاز التنفسي فيصاب الأشخاص بالالتهاب الرئوي أكثر من غيرهم. ومن تلك العوامل: التدخين، ومرض نقص المناعة، وسوء التغذية، الاصابة السابقة او الحالية بمرض السل، تناول العقاقير المنقصة لمناعة الجسم، المسببات التي تؤدي الى الهزال العام كالسهر وعدم الراحة والاجهاد العام.

وهناك انواع عديدة من العدوى التي يمكنها التسبب بمرض الالتهاب الرئوي، وتشمل العدوى مختلف أنواع البكتيريا او الفيروسات او الطفيليات او حتى الفطريات، وفي حين أن بعضها شديد الانتشار، فإن البعض الآخر نادر الحدوث كالتهاب الرئة بسبب الطفيليات والفطريات.

ويتراوح مرض الالتهاب الرئوي من الاصابة الخفيفة الى الاصابة الشديدة الخطورة، وقد يكون خفيفاً الى حد عدم الحاجة الى زياة الطبيب وهذا الشكل سريع الشفاء، او شديداً الى درجة التوعك لمدة اسبوعين او ثلاثة أسابيع ثم تبدأ مرحلة الشفاء، او شديد الحدة الى درجة مميتة. ومن المهم التنبه الى ان سبب تفاوت شدة الالتهاب الرئوي يعود الى نوع الميكروب والصحة العامة للمصاب، وهما أهم عاملين في تحديد شدة الالتهاب. وبصفة عامة تتسبب بعض أنواع البكتيريا في حالات أشد حدة من الفيروسات او الميكوبلازما او الكلاميديا.

ويأتي الالتهاب الرئوي في مقدمة أسباب وفاة الأطفال في جميع أنحاء العالم، فقد أودى بحياة 922000 طفل دون سن الخامسة في العام 2015، مما يمثل 15 بالمئة من الوفيات التي تسجل في صفوف تلك الفئة في أنحاء العالم. ويلحق هذا المرض أضراراً بالأطفال وأسرهم في كل مناطق العالم، ولكنه ينتشر أساساً في جنوب آسيا وفي الصحراء الكبرى في افريقيا، ويمكن توقيه بتدخلات بسيطة كما يمكن علاجه بأدوية ورعاية صحية زهيدة التكلفة.

ويتم توصية الأشخاص المسنين فوق سن 65 عاماً، المدخنين، او الذين يعانون من مشاكل في القلب او في الرئتين، بفحص امكانية تلقي لقاح ضد الالتهاب الرئوي، ورغم أن هذا اللقاح لا يمنع نشوء الالتهاب الرئوي دائماً، لكنه يخفف من وطأة الالتهاب الرئوي في حال التعرض له.

بالاضافة الى ذلك ومن أجل الحد من خطر واحتمالات الاصابة بمرض الالتهاب الرئوي، فيجب تجنب الاختلاط مع أشخاص يعانون من أمراض مثل النزلة الوافدة، نزلة البرد، الحصبة او الحماق (جدري الماء)، فمرض الالتهاب الرئوي قد ينشأ بعد التعرض للاصابة بأحد هذه الأمراض، ولذا فان غسل اليدين جيداً وباستمرار ضروري لأنه يمنع انتشار الفيروسات والجراثيم التي قد تتسبب بالالتهاب الرئوي.

الرئيس <شيراك> مصاب بالالتهاب الرئوي

ومنذ أسبوعين نُقل الرئيس الفرنسي الأسبق <جاك شيراك> (83 عاماً) الى المستشفى، وذلك صباح الأحد بتاريخ 18 أيلول (سبتمبر) إذ نقل من المغرب حيث كان يقضي عطلة صيفية الى مستشفى في مدينة <باريس> للعلاج من التهاب رئوي حاد. وقال صهر الرئيس <فريدريك سالا ــ بارو> ان الرئيس <شيراك> عاد الى باريس قادماً من المغرب حيث كان في رحلة مع زوجته <برناديت> وسيبقى في المستشفى الأيام المقبلة للعلاج. وأوضح أيضاً مصدر مقرب من <شيراك> انه غير فاقد للوعي. وعلى رغم تأثر <شيراك> كثيراً لوفاة ابنته البكر <لورينس> في نيسان (أبريل) الماضي فإن أقاربه أشاروا في الأسابيع الأخيرة الى تحسن وضعه الصحي. ومنذ انتهاء فترة رئاسته أدخل <شيراك> مراراً المستشفى. وتجدر الاشارة الى ان <شيراك> تولى رئاسة فرنسا 12 عاماً ( 1995- 2007) وشغل مرتين منصب رئيس الوزراء، وتولى رئاسة بلدية باريس 18 عاماً.

وقد أعلن صهر الرئيس شيراك ان زوجته <برناديت شيراك> (83 عاماً) أصيبت بارهاق تطلب دخولها الى المستشفى في حين لا يزال <شيراك> يرقد في المستشفى نفسه.

فهل من عوامل تزيد من نسبة حدوث الالتهاب الرئوي؟ واي الفئات معرضة للاصابة بهذا المرض؟ وماذا عن العلاج والطرق الوقائية؟ <الأفكار> التقت الدكتورة غادة عيد الاختصاصية في الأمراض الصدرية والانعاش وأمراض الحساسية، وسألناها كيف يحدث الالتهاب الرئوي فتقول:

- بشكل عام الالتهاب الرئوي قسمان، فالالتهابات عادة تحدث في الجهاز التنفسي الذي يدعى الجهاز التنفسي العلوي (الأنف والحنجرة والرئة)، وهناك الجهاز التنفسي السفلي (القصبة الهوائية والرئتان). وإن 80 بالمئة من نسبة حالات الالتهاب تبدأ بالجهاز التنفسي العلوي اي الأنف والحنجرة والرئة، اذ يُصاب الشخص بالرشح، والاحتقان في الأنف، ويشعر المريض بألم في الحنجرة، وألم في جسمه كله، وألم في العضلات، كما يُصاب بارتفاع الحرارة. ان النسبة الأعلى للمسببات هي الفيروسات من فئة <فيروس أدينو>، وهناك 50 نوعاً من فيروس <أدينو>، وهذه الفيروسات تتطلب العلاج، فاذا كان الشخص يشكو من السعال وارتفاع الحرارة فيُنصح بتناول الدواء والفيتامين <سي>.

ــ وهل يُنصح بتناول المضادات الحيوية؟

- لا نعطي المريض المضادات الحيوية، ففي هذه الحالة لا تنفعه لأنها تسبب له ردة فعل، اذ ان الميكروب لا يتجاوب مع المضادات الحيوية اذا تناولها المريض دون ان تكون هناك حاجة وضرورة لذلك. وعندما تظهر العوارض مثل السعال، والاحتقان في الأنف، و<البلغم>، والشعور بالألم في الصدر، عند ذلك لا تكون هناك حاجة ان يأخذ المضادات الحيوية. وننصح دائماً عند ظهور عوارض الرشح وارتفاع الحرارة والسعال بضرورة شرب السوائل لأن الجسم يُصاب بالجفاف أثناء الاصابة بالرشح والالتهاب، وبالتالي فان السوائل تساعد في ترطيب الجسم، وطبعاً يُستحسن شرب الماء لتخفيض الحرارة. ولكن اذا استمرت العوارض لأكثر من أربعة او خمسة أيام ولم تنخفض الحرارة، وتحول لون <البلغم> من أصفر الى أخضر، فعندئذ نسمي الحالة بـ<الالتهاب الرئوي>. وفي هذه الحالة لا بد للمريض ان يستشير طبيبه ليخضعه للفحص للتأكد ما اذا كان التهاباً في الرئة ام أنها مسألة التهاب في الشعب الهوائية.

ــ وماذا عن العوامل التي تزيد من نسبة الاصابة بالالتهاب الرئوي؟

- هناك عوامل او مسببات تؤدي للاصابة بـ<الالتهاب الرئوي> وهي الفيروسات والبكتيريا، فعادة في أواخر فصل الخريف وطيلة فترة الشتاء، يكون الطقس عاملاً للاصابة بالالتهاب الرئوي.

ــ وما هي العوارض؟

- السعال، ارتفاع درجة الحرارة، ألم في الرأس، الاحتقان في الأنف، البلغم، ألم في العضلات والمفاصل. ويجب التذكير هنا ان السعال يكون جافاً من ثم يبدأ ظهور البلغم.

ــ وماذا عن التشخيص؟

- يتم التشخيص عبر الفحص السريري للمريض، لأن الفحص العيادي يساعد على تشخيص الحالة. وأيضاً السماعة تساعد على كشف الحالة، لنعرف ما اذا كان هناك التهاب بالرئة أم انه <البرونشيت> فقط. ومن خلال استعمال السماعة نقدر ان نعرف ما اذا كان المريض يحتاج لفحص الأشعة. واذا استمر المريض بالسعال لأربعة او خمسة أيام واستمرت الحرارة مرتفعة فعندئذ ندرك ان الشخص مصاب بالتهاب الرئة، وبالتالي يجب اخضاع المريض لفحص الصورة وفحص الدم للكشف عن الحالة ما اذا كانت اصابة بفيروس او بكتيريا، كما يساعدنا فحص الدم على معرفة ما اذا كان هناك التهاب، ونأخذ عينة من الدم لكشف البكتيريا وننصح المريض بأخذ المضادات الحيوية وشرب السوائل من أجل تخفيض الحرارة.

نصائح للوقاية

ــ ما هي الطرق الوقائية؟

- الوقاية أمر مهم وضروري ليس فقط بما يتعلق بالتهاب الرئة بل بكل المشاكل والأمراض، فعندما يتقيد الشخص بالنصائح والارشادات الصحية يكون بحالة أفضل، ويجنب نفسه الاصابة بالأمراض. وننصح الأشخاص الذين يكون جهازهم المناعي ضعيفاً بالوقاية دائماً لأنهم أكثر عرضة للاصابة بالمرض، وكذلك الأطفال ما دون الخامسة من عمرهم، والمسنين، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة. وعلى الأمهات التنبه لأمر وهو عندما يرسلن أطفالهن الى دور الحضانة يجب ان يتنبهن ما اذا كان أحد الأطفال مصاباً بالرشح فتنتقل العدوى للأطفال الآخرين عبر لمس أغراض الطفل المصاب بالرشح وأيضاً من خلال الرذاذ، والأمر نفسه ينطبق على الكبار، فعندما يستعمل الكبار أغراض شخص مصاب بالالتهاب الرئوي او بالرشح تنتقل العدوى اليهم، لهذا من الضروري غسل اليدين لأنها من أفضل الطرق الوقائية لمنع التقاط العدوى والجراثيم والفيروسات. وننصح دائماً بأن يغسل الشخص يديه بعدما يعطس لكي لا تنتقل العدوى الى الأشخاص الآخرين المحيطين به من خلال استعمال أغراض الآخرين او العكس. كما يجب ان يغسل الأطفال أيديهم بعد اللعب واستعمال الألعاب الى ما هنالك. وبالنسبة لفترة الشتاء، فعندما يقضي الناس أوقاتاً طويلة داخل البيوت وتكون النوافذ مغلقة، تنتقل العدوى بشكل أسرع بينهم، ولهذا يجب ان يقوم الناس بتهوئة منازلهم خلال فصل الشتاء لكي يدخل الهواء وأشعة الشمس.

فالوقاية أمر مهم، والأشخاص الذين يكون جهازهم المناعي ضعيفاً او المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري والربو، وأيضاً الأطفال ما دون الخامسة عن عمرهم، والمسنون يجب ان يأخذوا اللقاح اذ يحميهم ولو بنسبة معينة.