تفاصيل الخبر

مؤيدون لرسالة عون الى مجلس النواب لتفسير المادة 95 في الميزان رأوا فيها ”ضرورة لجلاء الغموض“ومعترضون اعتبروا أنها لن تحقق أي نتيجة!

22/08/2019
مؤيدون لرسالة عون الى مجلس النواب لتفسير المادة 95 في الميزان رأوا فيها ”ضرورة لجلاء الغموض“ومعترضون اعتبروا أنها لن تحقق أي نتيجة!

مؤيدون لرسالة عون الى مجلس النواب لتفسير المادة 95 في الميزان رأوا فيها ”ضرورة لجلاء الغموض“ومعترضون اعتبروا أنها لن تحقق أي نتيجة!

تتباين مواقف الأطراف السياسيين حيال الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى رئيس مجلس النواب نبيه بري وأعضاء المجلس، مطالباً بتفسير المادة 95 من الدستور لاسيما في الشق المتعلق منها بتوزيع الوظائف العامة على الطوائف اللبنانية كافة، خصوصاً في المرحلة الانتقالية المشار إليها في المادة 95 والتي تبرز حولها اشكالية تطفو على السطح في كل مرة تتم فيها تعيينات في وظائف الدولة من الفئة الثانية وما دون، خصوصاً ان وظائف الفئة الأولى يتم التعيين فيها مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وهو مثبت في نص المادة.

بعض السياسيين رأى في خطوة الرئيس عون ضرورة لجلاء الغموض الذي يغمر تلك المادة الدستورية التي تنص أساساً على تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية ضمن شروط محددة. ويرى هؤلاء انه في كل مرة تحصل فيها تعيينات تبدأ الأصوات المعترضة والمذكِرة باتفاق <الطائف> وما ينص عليه، علماً ان عبارة <مقتضيات الوفاق الوطني> تعني ضمناً التوازن الطائفي وهي التعبير المعتمد لمعادلة 6 و6 مكرر أي المناصفة بين المسيحيين والمسلمين. ويضيف هؤلاء ان خطوة الرئيس عون سوف تقطع الطريق أمام <المناوشات> الكلامية التي تتجدد دائماً، وهي انجاز غير مسبوق لتفسير مادة دستورية ليست الوحيدة في الدستور التي تحتاج الى تفسير، خصوصاً ان المشترع بدا مؤمناً لدى إقرار الدستور بمعادلة <الغموض البنّاء> الذي لف عدداً من المواد الدستورية لغايات محددة اقتضتها الظروف التي أقرّ فيها اتفاق <الطائف>. ويبرر هؤلاء السياسيين الأسباب التي دفعت الرئيس بري الى تأخير تلاوة رسالة الرئيس الى حين بدء العقد العادي الثاني لمجلس النواب في أول ثلاثاء يلي 15 تشرين الأول (أكتوبر) من كل سنة، بالقول إن المناخات التي سادت خلال الأسابيع الماضية والتجاذبات التي بلغت حدتها في أكثر من مجال جعلت من غير الممكن إثارة مسألة بهذه الأهمية والدقة لأن النقاش فيها في ظل التوتر السياسي لن يؤدي الى النتيجة المرجوة منه وسيفتح الباب أمام مواضيع خلافية عدة، فضلاً عن ان تفسير أي مادة دستورية، ومنها المادة 95، سيؤدي حكماً الى تعديلها سواء حذفت منها العبارات التي تحمل التباساً، أو أضيفت عبارات توضح مفاعيل هذه المادة، ومثل هذا التعديل يعني تعديلاً للدستور من غير المستحب أن يتم خلال دورة استثنائية لمجلس النواب لأن آلية التعديل معقدة ولا تتحقق بسهولة، لأن تعديل الدستور في ظل دورة استثنائية ينطلق من رئاسة الجمهورية ويصل الى مجلس النواب عبر الحكومة، أما في الدورتين العاديتين من كل سنة، فيمكن أن ينطلق التعديل من مجلس النواب صعوداً الى الحكومة ومنها الى رئيس الجمهورية.

رسالة غير مألوفة!

 

في المقابل يرى معارضو خطوة الرئيس عون ان الرسالة الرئاسية لم تكن <مألوفة> من حيث المضمون وإن كانت دستورية من حيث الاجراء، خصوصاً ان مجلس النواب لم يسبق له أن فسّر منذ اتفاق <الطائف>، أي مادة دستورية، علماً ان ثمة من يعتبر ان رئيس الجمهورية كرّس في طلبه ان مجلس النواب هو الذي يتولى تفسير الدستور، في وقت كان نص اتفاق <الطائف> قد أولى هذه المهمة الى المجلس الدستوري. لكنه لدى إقرار التعديلات الدستورية وفق اتفاق <الطائف> في 21 آب (أغسطس) 1990، حذفت هذه الفقرة عملياً من صلاحيات المجلس الدستوري من دون أن تحدد الجهة التي تتولى هذه المهمة الدقيقة والحساسة، فانبرى المجلس ــ تحت عنوان <المجلس سيد نفسه> ــ الى اعتبار نفسه الجهة التي تتولى تفسير الدستور، لكن الأمر ظل ملتبساً طوال هذه السنوات، فجاءت رسالة الرئيس عون لتكرس واقعاً لم يحسم بشكل أساسي طوال سنوات ما بعد <الطائف> في نص دستوري واضح. ويذكر نواب حضروا جلسة اقرار التعديلات الدستورية يومها بأن الرئيس حسين الحسيني الذي كان رئيساً لمجلس النواب استند الى رأي العالم الدستوري الراحل ادمون رباط الذي اعتبر ان <كل تفسير للدستور ينطوي على تعديل له>، وبالتالي فإن تعديل الدستور من صلاحيات مجلس النواب. ويرى المعترضون ان رسالة الرئيس عون أفسحت في المجال أمام بعض معارضي عهده للقول بانه تجاوز الصلاحية المعطاة له في الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور التي تتحدث عن توجيه الرسالة <عندما تقتضي الضرورة> ما يجعل هذه الصلاحية أيضاً ــ في

رأي هؤلاء ــ مقيدة بهذا الاستثناء!

الى ذلك، يرى المعترضون ان النقاش حول المادة 95 عندما سيُفتح في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، سيكون محفوفاً بالمخاطر لأنه سيفتح أبواباً واسعة أمام طروحات واقتراحات حول ملف يتسم بقدر عال من الحساسية، ليس أقلها المطالبة بإلغاء الطائفية السياسية بعد تشكيل هيئتها الوطنية المنصوص عنها في الدستور، ما يعني ــ حسب مصادر المعترضين ــ تغليب الديموقراطية العددية على الديموقراطية التوافقية التي تظلل الحياة السياسية راهناً. من هنا، يرى هؤلاء ان أي نقاش حول تفسير المادة 95 من الدستور الذي أراده الرئيس عون على خلفية غياب المناصفة الطائفية في نتائج مباريات مجلس الخدمة المدنية، سيقود حتماً الى مسارات أخرى أبرزها تحريك ملف إلغاء الطائفية السياسية الذي سيفتح جروحاً في الجسم اللبناني من دون أن يوفر العلاج الملائم لها، ما يعني انها ستبقى تنزف الى إشعار آخر، وبالتالي فإن نية الرئيس عون في طلب التفسير كانت شيئاً، ونيّة المفسرين قد تذهب نحو أشياء أخرى!

هاجس <المثالثة> الى الواجهة!

 

وذهب البعض الى حد الحديث عن نقاش جديد ــ قديم حول هاجس <المثالثة> التي يسعى إليها <الثنائي الشيعي> ويعتبرها من الأهداف الأساسية لتحركه، خصوصاً إذا ما حان موعد عودة حزب الله الى كنف الشرعية وامكانية التجاوب مع المطالب المستمرة لتسليم سلاحه الى الشرعية، فتشكل تلك <المثالثة> تعويضاً سياسياً عن الخسارة العسكرية وتؤمن له <فائض القوة> الذي يجعله اللاعب الأقوى على الساحة اللبنانية في الوقت الراهن.

وفي الوقت الذي سوف تنشط فيه التفسيرات حول المادة 95 وعبارة <مقتضيات الوفاق الوطني> الواردة فيها، فإن ثمة من يرى من الذين شاركوا في مؤتمر <الطائف>، ومنهم النائب السابق ادمون رزق، ان ما عناه المشاركون في <الطائف> في عبارة <مقتضيات الوفاق الوطني> هو المناصفة تحديداً في كل الوظائف الى حين تلغى الطائفية السياسية وفق ما تشير إليه الفقرة الأولى من المادة 95، وبالتالي يستغرب رزق هذه الضجة المثارة حول المادة المذكورة، معتبراً ان قراءة متأنية لها تفسرها لوحدها ولا حاجة لمن يفسر... إلا ان الرئيس حسين الحسيني، الذي يعتبر <أب الطائف>، يرى ان إلغاء طائفية الوظيفة بدأ عملياً حين بدأت الاصلاحات الدستوية ونشر الدستور، وهو يعتبر استطراداً ان الرسالة الرئاسية أوردت <اضافات تفسيرية> على نحو غير موجود في نص المادة 95 أوحت وكأن المرحلة الانتقالية التي ورد ذكرها في هذه المادة لم تبدأ بعد، في حين انها بدأت عملياً مع بدء الاصلاحات. ويسجل الرئيس الحسيني أيضاً ان الرئيس بري تجاوز النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يفرض عليه المبادرة الى دعوة المجلس للانعقاد في خلال ثلاثة ايام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى مجلس النواب سواء عبر رئاسة المجلس أو مباشرة، إذ ان النظام الداخلي لم ينص على وجود دورة استثنائية أو دورة عادية من أجل تحديد موعد لتلاوة هذه الرسالة، خصوصاً ان صاحب الرسالة هو رئيس الجمهورية الذي لم يقيده الدستور بأي توقيت لتوجيه رسائل وحدد ذلك بعبارة <عندما يرغب>، ومعنى ذلك ضرورة استجابة رئيس المجلس فوراً مع رغبة الرئيس وليس تأجيل ذلك الى أكثر من شهرين.

في أي حال يبقى السؤال: ما هو مصير الرسالة الرئاسية بعد المناخات الايجابية التي سادت بعد لقاء <المصارحة والمصالحة> في قصر بعبدا؟ عن هذا السؤال يجيب مطلعون ان لا رابط بين الرسالة الرئاسية والمصالحة الدرزية ــ الدرزية، وبالتالي فإن الآلية الدستورية سوف تعتمد عندما تبدأ الدورة العادية، من دون أن يعني ذلك تعديلاً دستورياً متوقعاً لأن أي تعديل راهناً سيفتح الباب على تعديلات لا يريدها كثيرون...