تفاصيل الخبر

مؤتمر ”سيدر“... لا دعم مالياً مباشراً للخزينة بل تمويل لمشاريع استثمارية يتزامن مع الاصلاحات!

16/03/2018
مؤتمر ”سيدر“... لا دعم مالياً مباشراً للخزينة بل تمويل لمشاريع استثمارية يتزامن مع الاصلاحات!

مؤتمر ”سيدر“... لا دعم مالياً مباشراً للخزينة بل تمويل لمشاريع استثمارية يتزامن مع الاصلاحات!

سعد-الحريري-مجلس-الوزراءفي الوقت الذي انطلقت فيه مسيرة المؤتمرات الداعمة للبنان، بدءاً من مؤتمر <روما> المخصص لدعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية، تبدو التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر <سيدر> في باريس في 6 نيسان/ أبريل المقبل واعدة وإن كانت قلوب المسؤولين اللبنانيين <على أيديهم> تحسباً من ردود فعل غير متوقعة من عدد من الدول المشاركة التي تريد أن تجعل من مؤتمر باريس محطة سياسية أيضاً وليست اقتصادية فحسب، من خلال ايصال رسائل الى الحكومة اللبنانية تتعلق بدور حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية وما تسميه هذه الدول بـ<التمدد الإيراني> في مواقع القرار اللبناني. وعلى رغم إدراك الكثير من الدول التي وعدت بالمشاركة في مؤتمر <سيدر> بأن وجود حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية هو وجود طبيعي نتيجة ما يمثله في تكوين المجتمع اللبناني وتنوّعه الطائفي والمذهبي، إلا أن ثمة من يتحدث عن مواقف سياسية يجري التمهيد لإدخالها في صلب القرارات والتوصيات التي يمكن أن تصدر عن مؤتمر <سيدر> في باريس ولو أتت في صيغة خطب أو كلمات ستلقى خلال المداولات.

في مقابل هذا التوجه، تبدو باريس مصممة على إنجاح المؤتمر ليس فقط للتعبير عن الدعم السياسي للبنان الذي وعد به الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال <زيارة الدولة> التي قام بها لباريس في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بل كذلك لإعطاء <زخم إضافي> للرئيس سعد الحريري الذي كانت للرئيس <ماكرون> اليد الطولى في حلحلة أزمته مع السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بطلب من الرئيس عون، وقد نشأت بين الرئيسين <ماكرون> والحريري صداقة جديدة يتوقع أن ترتقي الى مستوى الصداقة التي جمعت والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس الفرنسي السابق <جاك شيراك>، إلا أن المصادر المتابعة ترى أن ثمة سبباً إضافياً للاهتمام الرئاسي الفرنسي بلبنان يكمن في توفير البوابة العريضة للشركات الفرنسية للإفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في لبنان، إضافة الى أن الأراضي اللبنانية سوف تكون المنطلق لإعادة إعمار سوريا عندما يعود الأمن والاستقرار اليها.

 

<سيدر> ليس استكمالاً لـ<باريس 1 و2 و3>!

 

وتضيف المصادر ان الزيارة التي قام بها الأسبوع الماضي لبيروت الموفد الرئاسي الفرنسي المنتدب لشؤون المتوسط السفير <بيار دوكان>، والمؤتمر التمهيدي الذي عقد في العاصمة اللبنانية، واللقاءات مع عدد من رجال الأعمال، شكّلت رسالة فرنسية الى المعنيين في لبنان بأن الاهتمام الفرنسي لا يلغي ضرورة إقدام لبنان على خطوات أساسية في مجال الإصلاحات المطلوبة والتي من شأنها أن توفر البيئة المؤاتية لتحقيق النجاح المرتقب للمؤتمر والتي هي في الأساس تعتبر شرطاً أولياً للتمويل، وقد حرص السفير <دوكان> على التأكيد أمام محدثيه بأن مؤتمر <سيدر> ليس مماثلاً لمؤتمرات <باريس 1 و2 و3> التي هدفت في حينه الى توفير دعم مالي للبنان، بل هو يركز على تحقيق التنمية المطلوبة من خلال الإصلاحات بالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص، من هنا كانت ردة الفعل الفرنسية إيجابية بعد إقرار مجلس النواب في وقت سابق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. لذلك فإن مؤتمر <سيدر>، وفقاً للتحضيرات القائمة لعقده، لن يتناول إلا المرحلة الأولى من البرنامج الاستثماري المقدم من الحكومة اللبنانية، علماً أن الجانب الفرنسي يفضل ألا تكون الأرقام كبيرة، وإن كان السفير <دوكان> أبدى <انزعاجاً> لتأخر صدور البرنامج النهائي الذي جعل فريق العمل الفرنسي يطرح أسئلة من دون الحصول على أجوبة لها، مع رفضه التام للقول بأن باريس تريد أن تعطي الأفضلية للشركات الفرنسية، وهي تنتظر تقرير البنك الدولي الذي كلف إعداد المعطيات المتصلة ببنود البرنامج الذي سيصبح في متناول الجميع.

إصلاحات... وقرارات صعبة!

بري-بيار-دوكان  

وفي هذا السياق، أكدت مصادر تعمل على إنجاز البرنامج المطلوب للمؤتمر لـ<الأفكار> بأن مسألة الاصلاحات المطلوبة من السلطات اللبنانية تشكّل مصدر قلق واهتمام في آن بالنسبة الى الفريق الفرنسي العامل على التحضير لمؤتمر <سيدر>، لاسيما وان أركان هذا الفريق يتلقون أسئلة من الدول المشاركة حول مسألة الإصلاحات انطلاقاً من أن الوعود الإصلاحية اللبنانية التي كانت قد أعطيت في مؤتمرات <باريس 1 و2 و3>، لم يتم الإيفاء بها. لذلك كان تركيز الرئيس الحريري مع الوزراء اللبنانيين المشاركين في التحضير للمؤتمر، على ضرورة <الإجابة العملية> على هواجس الدول المشاركة بالتزامن مع إقرار الموازنة والقوانين التي تم التصويت عليها لتحفيز الاستثمارات، وموافقة مجلس النواب على المشاريع التي تحظى بمساعدة دولية ومن بينها قانون المياه، وموافقة الحكومة على المراسيم الفنية الضرورية التي تمكن المجلس الأعلى للخصخصة من إتمام المشاريع التي تتطلب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتعيينات في الهيئات الناظمة في قطاع الاتصالات والطاقة والطيران المدني. وتضيف المصادر أن ما يشجع الجانب الفرنسي على المضي في سعيه لضمان نجاح <سيدر> هو أن لبنان ليس بلداً مفلساً أو منهاراً اقتصادياً، لأن فيه مقومات كثيرة تمكّنه من الصمود والنهوض، ولكن الأمر يحتاج الى تنفيذ قرارات عملية <بعضها صعب وغير مقبول شعبياً>، إلا أنه لا بد من اتخاذها للمحافظة على المناعة فيه وتمكينه من إعطاء <جرعة ثقة> الى المجتمع الدولي بقدرته على تجاوز المصاعب، وهي مهمة غير مرتبطة بالانتخابات السياسية ولا بالتحالفات التي ستنتج عنها لأن النهوض الاقتصادي ليس مسؤولية هذا الفريق السياسي أو ذاك، بل هو مسؤولية جماعية تشترك في تحملها المعارضة كما الموالاة، فضلاً عن أن لا مشاريع ملحة وأخرى أقل إلحاحاً لأن الوضع الراهن في لبنان يتطلب الاعتناء بكل القطاعات التي تعاني من أزمات تتفاوت حدتها من أزمة الى أخرى.

 

رزمة مشاريع!

 

وعلمت <الأفكار> أن في رزمة المشاريع الاستثمارية التي ينوي لبنان طرحها، كمية من المشاريع الصغيرة في قطاع المياه يقدر عددها بـ200 مشروع من أصل 285 مشروعاً قيمتها الإجمالية 7.6 مليارات دولار، ومشاريع للطاقة بقيمة 5,8 مليارات دولار وهي ذات مردود مالي مضمون. وهذه المشاريع الصغيرة يمكن تمويلها عبر هبات أو قروض ميسرة، فيما المشاريع الكبرى سيتم درس مردودها وآليات تمويلها ومن بينها القروض المدعومة. وفي المعلومات أيضاً أن فريق عمل البنك الدولي يركز على الصندوق الائتماني الذي شكل سابقاً للبنان والأردن حيث يطلب البنك الدولي التمويل من الدول المانحة من أجل خفض كلفة القروض التي سيوفرها، علماً أن هذا الصندوق يلحظ تمويلاً لنحو 3 مشاريع قد تعطلت، فيما استفاد منه الأردن.

ومن المشاريع المقترحة أيضاً، الطريق الدائري لبيروت الذي يتطلب 5 سنوات لإنجازه، ومشاريع مائية وأخرى تطويرية في مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأ طرابلس والسدود ومعامل الكهرباء، وقد لقيت اهتماماً من عدد من الدول لاسيما دول الخليج التي وعدت بالمشاركة في مؤتمر <سيدر> ودول من مجموعة الدعم الدولية، إلا أن بعض هذه الدول يركز على الشق السياسي <لارتباطه بالشأن الإنمائي>، ومن أولوياتها عدم جنوح لبنان الى خيارات سياسية لا تتناغم مع التوجهات الدولية، خصوصاً بالنسبة الى تقارب لبناني - ايراني لا يلقى تجاوباً دولياً، وقد ظهر ذلك من خلال عدم دعوة إيران الى مؤتمر <سيدر> لأن وجودها كان سيؤدي الى تغييب دول الخليج عنه.