تفاصيل الخبر

مؤتمر ”جلدتي مراية صحتي“ للإضاءة على أهمية الصحة الجلدية بالنسبة الى الصحة العامة والنفسية للانسان

12/05/2017
مؤتمر ”جلدتي مراية صحتي“ للإضاءة على أهمية الصحة الجلدية بالنسبة الى الصحة العامة والنفسية للانسان

مؤتمر ”جلدتي مراية صحتي“ للإضاءة على أهمية الصحة الجلدية بالنسبة الى الصحة العامة والنفسية للانسان

 

بقلم وردية بطرس

الدكتور-بهيج-عربيد----3  

لقد تم تمييز الأمراض الجلدية منذ فجر التاريخ حيث تم علاج بعضها واستعصى البعض الآخر. ففي العام 1801 أصبحت مدرسة الأمراض الجلدية العظيمة في مستشفى القديس لويس في باريس أول مدرسة من نوعها في العالم، في حين أن أول المراجع في هذا المجال كان للطبيب الانكليزي <ويلان>، وأطلس الأمراض الجلدية لـ<أيبير> 1806 ــ 1814. وفي العام 1952 حقق طب الجلد قفزة نوعية مع <نورمان اورنتريج> وكان رائداً في أمراض الاشعار.

والجلد هو أكبر عضو في جسم الانسان، وهو يزن ما يعادل الـ4 كيلغ ويقوم بعدد من الوظائف التي تساعد في الحفاظ على الصحة. وطبقات الجلد هي تركيبة معقدة من الأنسجة التي تعمل معاً لتكوّن نظام التحكم الأساسي. ويساعد الجلد في التحكم وتنظيم درجة حرارة أجسامنا من خلال التعرق وتوسيع الأوعية الدموية حتى يقوم بتبريد الجسم. وعندما يكون الجسم بارداً تنقبض هذه الأوعية الدموية من أجل الحفاظ على الحرارة عميقاً داخل الجسم. والجلد بطبقاته هو أيضاً عضو حسي. فالأطراف العصبية التي على سطحه تقوم بتحسس المعلومات التي من حولنا في البيئة المحيطة، وتوصلها الى الدماغ. بعد ذلك يقوم الدماغ بترجمة هذه الاشارات العصبية الى احساس بالحرارة، البرودة، اللمس، الضغط او الألم.

بالاضافة الى ذلك، يساعد الجلد في مقاومة العدوى عن طريق خلايا <لانغرهانس> الموجودة فيه، وهي جزء من جهاز المناعة الذي يقاوم الكائنات التي تغزو الجسم مثل البكتيريا والفيروسات، كما يعتبر الجلد أيضاً بمنزلة مصنع يستخدم طاقة الشمس لانتاج فيتامين <د> الضروري للعديد من وظائف الجسم. وأطباء الأمراض الجلدية يواجهون في معظم الحالات التي تزورهم في العيادات أضراراً وأمراضاً غالباً ما تنجم عن نقص الحذر وتوجه المرضى للأشخاص غير المناسبين لعلاج مشاكلهم. والجلد هو أكثر من مجرد غطاء جميل للجسم، فهو يمثل حاجزاً فيزيائياً وقائياً ضد الميكروبات والمواد السامة، وأوعيته الدموية وغدده العرقية تنظم درجة حرارة الجسم، وخلاياه المناعية تقاوم العدوى، والخلايا العصبية الدقيقة تكتشف الضغط والحرارة، وخلايا الجلد الأخرى تنتج فيتامين <د>.

ولأن الجلد هو مرآة الصحة، كان رئيس <الجمعية اللبنانية للأمراض الجلدية> الدكتور داني توما أن أطلق خلال المؤتمر السنوي الثاني عشر للجمعية حملة التوعية الوطنية بعنوان <جلدتي مراية صحتي> برعاية وزير الصحة ممثلاً بالدكتور بهيج عربيد، وبمشاركة نقيب الأطباء الدكتور ريمون الصايغ، وأطباء من لبنان والدول العربية والأوروبية وأميركا. وقد تخلل المؤتمر هذه السنة محاضرات وندوات علمية حول كل ما هو جديد في الأمراض الجلدية وعلاجاتها، وورش عمل في الجراحة الجلدية والليزر.

فماذا يقول الأطباء عن طب الجلد، وعن مراقبة واقفال مراكز التجميل التي لا تتوافر فيها الشروط؟ وعن أهمية اختصاص الجلد في تشخيص الأمراض الداخلية؟ الدكتور دانيتوما يشرح قائلاً:

- لقد كان شعار المؤتمر هذه السنة <جلدتي مراية صحتي> لتسليط الضوء على أهمية اختصاص الجلد في تشخيص أمراض داخلية قد يكون بعضها صامتاً، وأهمية الصحة الجلدية بالنسبة الى الصحة العامة والنفسية للانسان. الأمراض الجلدية عالم من الآفات، ومن أسبابها التحسس والالتهابات والأمراض السارية والأورام، وتأثيراتها على المصابين تتراوح من البسيطة الى المميتة، وهي في كل الحالات أكثر من شكلية، فوقعها النفسي على نوعية الحياة في غاية الأهمية.

ويتابع:

- يفتخر أطباء الجلد بممارستهم هذا الاختصاص النبيل، من التشخيص السريري الدقيق والتخصص بالباتولوجيا الجلدية الى تطوير العلاجات لكافة الأمراض، من المستحضرات الجلدية والأدوية التقليدية والبيولوجية الى العلاجات الشعاعية والليزر والجراحات الجلدية لاستئصال الأورام والحقن لازالة التجاعيد، وهي علاجات تعيد الجمال الى الوجه والجسم والثقة بالنفس، نقدمها بدقة وخبرة ونزاهة للحصول على أفضل النتائج وأسلمها، وهذا واجب نقوم به بكل محبة وشغف. ولكن ما لم نتحضر له في جامعاتنا هي أمراض أخرى حياتية، منها مزمن اذ ان المريض الذي يعاني من مرض جلدي غالباً ما لا يعاين طبيب الجلد الا في حال فشل العائلة وكل أصحاب النيات الحسنة بتطبيبه بكل الأدوية ومنها المضادات الحيوية وغيرها. ومرض آخر جديد ناتج من التجاوزات في علاجات التجميل. إذ نرى اليوم أشخاصاً من غير الأطباء قد أصبحوا اختصاصيين في ما هو عكس الطب السليم والتجميل لكسب المال على حساب صحة الناس. ان علاجاتنا الجلدية قد تبدو سهلة لكنها تستوجب سنوات عديدة من الدراسة والخبرة والتعليم المستمر والنزاهة والتفكير السليم غير المادي، ولا يمكن لأي كان ان يختصر سنوات الدراسة والتدرج والخبرة في الممارسة مهما كانت عزيمته وثقته بنفسه او ميزانية اعلاناته ونشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تستعمل في بعض الأحيان لتوقع الناس في مصيدة الاتجار بصحتهم. علينا اليوم ان نضبط صرف الأدوية بوصفة طبية وحصرها بأطباء الجلد، وضبط توزيع مواد التجميل من حقن وأجهزة وحصرها بأطباء الاختصاص فقط، واطلاق حملة توعية مستمرة والا فالآتي أصعب.

الدكتور-داني-توما---2وبالسؤال عن دور وزارة الصحة يقول:

- لقد قامت وزارة الصحة باقفال مراكز تجميل وايقاف منتحلي الصفة، ويمكن الاتصال على الرقم 1214 لتقديم الشكاوى وهناك تنسيق مع وزارة الصحة. ولكن للأسف يجب ان يكون هناك وعي لكي يدرك الناس المخاطر التي يتعرضون لها اذ قصدوا منتحلي الصفة ظناً منهم أن ذلك أقل كلفة وعناء عما اذا قصدوا جراح تجميل او متخصصين في طب الجلد الى ما هنالك... في يومنا هذا الجميع يريد ان يتجمّل وهذا من حقهم، ولكنهم لا يدرون ان منتحلي الصفة يستغلون الأمر ويتسببون لهم بالتشويه والأذى، والشخص الذي يُصاب بالتشويه يدفع لاحقاً مبالغ طائلة لاصلاح التشويه وبذلك هو الخاسر الأكبر حيث كان بالامكان ان يقصد المتخصص في طب الجلد لمعالجة مشكلته. فأحياناً تظهر حبة او عاهة لدى الشخص فيقصد شخصاً غير متخصص بينما تكون المشكلة انه مصاب بورم او مشاكل قلبية وبالتالي اذا لم يقصد الطبيب المتخصص فسيتعرض لمخاطر أكبر. ويظن البعض ان كل ما يتعلق بالجلد هو التجميل فقط بينما يغيب عن البال ان هناك أمراضاً عديدة يُصاب بها الشخص وتظهر المشكلة على الجلد.

وأضاف:

- أود ان الفت هنا الى انه عندما اخترنا <جلدتي مراية صحتي> شعاراً للمؤتمر لم يأتِ ذلك بالمصادفة بل ببساطة لان هناك ارتباطاً وثيقاً بين الصحة والجلد. والأهم ان يدرك المريض بأنه اذا قصد شخصاً لمعالجة حب الشباب مثلاً او اي مشكلة جلدية بأقل كلفة فستكون النتيجة انه يتعرض للتشويه ولاحقاً يضطر ان يدفع مبالغ كبيرة لمعالجة التشويه. كما انه يجب الاشارة هنا الى ان هناك أشخاصاً يبغون الربح حتى لو كان ذلك على حساب الناس وصحتهم، إذ أنه اليوم يقوم اي شخص بشراء آلة الليزر ويأتي ببعض الحقن والكريمات ويفتح مركزاً ليباشر بالعمل والتجميل فتقع الكارثة ويدفع الناس الثمن. ويجب ان يعرف الجميع بأن هناك أشخاصاً يستغلون الأمر وعلينا ان نعرف ماذا يحصل من حولنا وأن نعمل على ايقافه منعاً لحدوث المزيد من التشويه والعاهات والمشاكل الجلدية وغيرها. وللأسف يعتقد البعض بأن طب الجلد أمر سهل وهو عبارة عن حقن الجلد او وضع الكريم وما شابه الا ان هذا غير صحيح فطب الجلد من أصعب الاختصاصات، وفي أميركا يعتبر طب الجلد من أكثر الاختصاصات صعوبة. ومن هنا أهمية اقامة حملات التوعية حول هذا الموضوع، وأهمية الحملة التي تقوم بها <الجمعية اللبنانية للأمراض الجلدية> من أجل توعية الناس والتنبه لهذه الأمور.

نقيب الأطباء البروفيسور ريمون

الصايغ وسبل الوقاية

وعن سبل الوقاية يقول نقيب الأطباء البروفيسور ريمون الصايغ:

- كان لافتاً هذه السنة وضع برنامج متكامل يدور حول التوعية وسبل الوقاية تحت عنوان <جلدتي مراية صحتي> بهدف تعميم الفائدة والمنفعة. ويعتبر الجلد أكبر عضو لدى الانسان، وهو خط الدفاع الأول في مواجهة البكتيريا والجراثيم لمنعها من التسلل الى الداخل والتسبب بالأذية التي تضرب أعضاء الجسم، والنقابة هي بمثابة الجلد الذي يغلف الجسم الطبي بكل أعضائه وهي خط الدفاع الأول لأي ضرر يصيب المهنة، مما يحتم علينا جميعاً المحافظة عليها وعلى سلامة صحتها لأن <نقابتي هي مرآتي> فبتضافركم وتعاونكم نصل الى المبتغى المطلوب.

ويتابع:

- ان نقابة الأطباء اذ تعي أنها أمام مسؤوليات متعاظمة في ما يخص اهتمامها بصيانة أخلاق المهنة وآدابها، فلا يسعها الا ان تؤكد دورها المتمثل في تقديم المبادرات التي تساهم في ضبط الأداء الطبي والعلمي وتصويبه، المثابرة على حض الأطباء في برامج التثقيف الطبي المستمر، العمل على ترشيد الأطباء ضمن برامج توعية تتناول المسؤولية المهنية والأخطاء الطبية، أما المسلك الآخر الذي تضعه النقابة في أولوياتها فيتناول موضوع الأخطاء الطبية والمسلكية التي قد يرتكبها بعض الأطباء. وهنا تؤدي لجنة التحقيقات والمجلس التأديبي دوراً مسؤولاً ودقيقاً في صيانة مناقبية المهنة باعتماد المحاسبة وفض النزاعات واصدار القرارات التأديبية التي تتدرج عقوباتها من التنبيه، الى اللوم، الى التوقيف المؤقت عن العمل، الى المنع من ممارسة المهنة. وهنا، أنوه بجهود الرئيس والأعضاء وقد عملوا بدأب على وضع برنامج شامل متكامل لمختلف المواضيع التي تعنى بسلامة الجلد وطرق الوقاية والعلاج بمشاركة نخبة من الأطباء اللامعين في هذا الميدان. فعلى الرغم من كل التحديات والصعوبات استطعنا ان نثبت ان الطبيب اللبناني وحده قادر على حمل راية العلم وتحقيق النجاح تلو الآخر بمعزل عما نشهده من تخبطات ونزاعات مرحلية.

نقيب-الاطباء-ريمون-الصايغ---1وبالسؤال عن القانون يشرح:

- لقد صدر قانون مزاولة الطب في العام 1976 ونُشر في العام 1979، فكل من يعمل هذه الأعمال معرّف كممارس لمهنة الطب، وكل من له حق ان يمارس مهنة الطب هو شخص لديه مهنة ممارسة الطب، واليوم القانون اللبناني يسمح له ان يمارس كل الأعمال الطبية. وفي العام 2017 اي شخص لا يملك مهنة مزاولة الطب لا يقدر ان يزاولها، ونحن نقوم بعملنا اذ أرسلنا كتاباً لوزيري العدل والعمل لكشف أسماء منتحلي صفة أطباء غير مسجلين.

الدكتور بهيج عربيد واقفال عدد من مراكز التجميل لعدم توافر الشروط

من جهته يعتبر الدكتور بهيج عربيد ان أهمية الندوات والمؤتمرات العلمية انها تبقي التواصل بين الطبيب اللبناني والمستجدات العلمية الحاصلة، كما أنها تبقي السمعة الحسنة لسوقنا الصحي وهو الأكثر عراقة وتنوعاً في الخدمات الطبية ويقول:

- لقد قامت الوزارة بالعديد من الانجازات وأبرزها خلال العقدين الماضيين. بالنسبة لتنظيم مراكز التجميل الذي بدأ في العام 2014، فقد جرى اقفال عدد من المراكز العاملة لعدم توافر الشروط وأُلزمت مراكز التجميل تأمين عقد عمل بدوام كامل لطبيب أمراض جلدية او لطبيب اختصاصي بالتجميل. وخلال هذه السنة صدر القانون المتعلق بتنظيم تراخيص مراكز التجميل الطبية، وآلية المراقبة لا تزال مستمرة لحماية صحة المواطنين.

وبالسؤال عن مراقبة مراكز التجميل ودور وزارة الصحة بملاحقة منتحلي الصفة يقول:

- ان آلية المراقبة مستمرة منذ العام 2014 بهدف حماية صحة الناس، ونعمل على تنظيم التجهيزات الطبية، وحالياً تجري المراسيم لتنظيم القانون بهدف تطبيقه. بالنسبة لدور الوزارة بملاحقة هؤلاء الأشخاص فالأمر له علاقة بالمستوى الثقافي أيضاً، فمثلاً السيدة التي تقصد أشخاصاً غير متخصصين بمجال التجميل لأن ذلك بنظرها أقل كلفة فعندئذٍ يكون اللوم على الجهتين اي الشخص الذي يقوم بعمل في غير مجال تخصصه والشخص الذي يقصد مثل هؤلاء الأشخاص، ولكن المشكلة بالأساس ان الناس أحياناً يثقون بأي شخص ظناً منهم ان الأمر بسيط وأنهم يقدرون ان يقصدوا اي شخص ليقوم بأي عمل تجميلي وما شابه. المشكلة هي ثقافة الناس ومدى الوعي لديهم لئلا يقعوا ضحايا لمثل هؤلاء الأشخاص المنتشرين في مختلف المناطق.

وعن الأسباب التي تدفع الناس لمعالجة مشاكلهم الجلدية عند منتحلي الصفة فيقول:

- اعتبر انه أمر أساسي ويجب التوقف عنده ألا وهو أن ذلك قد يكون نتيجة تزايد الفقر في لبنان مما يدفع الناس للجوء الى أشخاص حتى لو لم يكونوا متخصصين لأنهم لا يملكون تكاليف العلاج، ولا ننسى البطالة التي وصلت الى 40 بالمئة، وبالتالي هذه الأسباب زادت من نسبة اقبال الناس الى مراكز غير مؤهلة او منتحلي الصفة، وقد ازدادت المشكلة تفاقماً بعد الأزمة السورية، ولهذا يجب ان يكون هناك اهتمام بالرعاية الصحية والتوعية، وعندما كنا نعلم بالمخالفات او عدم توافر الشروط في مركز تجميل معين كنا نضطر ان نعلم قوى الأمن لتتولى اقفال المركز.