تفاصيل الخبر

”مؤسسة منى بسترس“ تدخل التكنولوجيا الى المدارس الرسمية في مجال البرمجة وتدرب التلاميذ والأساتذة في مختلف المناطق اللبنانية!

17/01/2019
”مؤسسة منى بسترس“ تدخل التكنولوجيا الى المدارس الرسمية في مجال البرمجة وتدرب التلاميذ والأساتذة في مختلف المناطق اللبنانية!

”مؤسسة منى بسترس“ تدخل التكنولوجيا الى المدارس الرسمية في مجال البرمجة وتدرب التلاميذ والأساتذة في مختلف المناطق اللبنانية!

بقلم وردية بطرس

تخليداً لذكراها نشأت <مؤسسة منى بسترس> في العام 2009 من قبل أفراد العائلة بهدف اكمال المسيرة التي بدأتها السيدة منى بسترس الناشطة الاجتماعية والتي كرّست نفسها لخدمة الانسان والمجتمع. لقد عملت <مؤسسة منى بسترس> دون كلل لتحسين الظروف الاجتماعية لأهالي الأشرفية وغيرها من المناطق اللبنانية، إذ تؤمن هذه المؤسسة ان الرياضة والتعليم والفنون هي أفضل طريقة لتوجيه الشباب بعيداً عن العنف، والأهم الاحساس بالالتزام في ما بينهم.

 

نشأة وأهداف <مؤسسة منى بسترس>!

 

ولنتعرف أكثر على النشاطات التربوية والرياضية والثقافية والاجتماعية التي تقوم بها المؤسسة كان لنا حديث مع الأمين العام لـ<مؤسسة منى بسترس> السيد جان فارتانيان ونسأله عن نشأة المؤسسة واهدافها فيقول:

- تأسست <مؤسسة منى بسترس> في العام 2009 تيمناً باسم والدة الوزير السابق نقولا صحناوي التي استشهدت في الحرب عام 1990، اذ كانت ناشطة اجتماعية تساعد الناس، وكانت تقوم مع المطران الراحل غريغوار حداد بنقل الدم الى الجرحى على الجبهات وبغيرها من المساعدات خلال الحرب في التسعينات، وبعد استشهادها في التسعينات قرر الوزير السابق نقولا صحناوي ان يؤسس جمعية لتخليد ذكرى والدته السيدة منى بسترس ولإكمال رسالتها في سبيل خدمة الانسان على الصعيد الاجتماعي والتربوي والثقافي. وعلى هذا الأساس نشأت المؤسسة برئاسة شقيقتها السيدة نايلة بسترس، ومن جهتي أتولى الادارة التنفيذية في هذه المؤسسة، وطبعاً الوزير نقولا صحناوي هو المؤّسس.

وأضاف:

- تهدف المؤسسة الى خدمة الانسان وتحسين وضعه في مجتمعه وتطوير المجتمع، وبشكل عام تساعد المؤسسة الناس في مختلف المناطق اللبنانية، اذ تقدم المؤسسة خدمات ضمن دائرة بيروت الأولى (الأشرفية، الرميل، الصيفي، والمدوّر) ولكن أيضاً تقدم الخدمات لكل اللبنانيين اذ لا نقصّر البتة في هذا الخصوص. كذلك، لدينا خدمة التوظيف وهي عبارة عن مجموعة شركات أصدقاء كل فترة نرسل لها السير الذاتية لخريجي الجامعات لتوظيفهم، لأن شعار المؤسسة: <بدل ان تعطيه سمكة علمّه كيف يصطادها>، وقد أصبح لدينا تقريباً 3500 سيرة ذاتية وشركاتنا من أهم الشركات في كل المجالات اذ تستقبل دائماً الشباب وتساعدهم قدر المستطاع.

ــ ماذا عن النشاطات الرياضية في المؤسسة؟

- في مجال الرياضة تنظم المؤسسة رياضة نسميها <رياضة ضد العنف>، اذ نجمع الشباب كل فترة في ساحة ساسين ليقوموا بنشاطات رياضية على مدى نهار كامل، وذلك طبعاً بالتعاون مع قيادة الجيش وفوج المجوقل، ليعرفوا مدى أهمية الرياضة وبأنها تفيدهم وتبعدهم عن السلاح والمخدرات الى ما هنالك.. وبالتالي هناك اتصال مباشر مع الناس وهذا يخلق اندماجاً أكثر اذ يتعرفون على مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية.

ــ تنشط المؤسسة في المجال التربوي بشكل كبير، هلا حدثتنا أكثر عن هذا الجانب؟

- في القطاع التربوي لدينا برنامج يُدعى <Coder Maker> او <البرمجة والتصنيع> وهذا البرنامج يعلّم التلميذ على استخدام التكنولوجيا والمعلوماتية، إذ بحسب آخر الدراسات انه في العام 2050 سنخسر حوالى 45 بالمئة من الوظائف التقليدية، ولهذا بدأنا نحضّر الشباب لعام 2050، ويهدف برنامجنا لتعليم تلاميذ المدارس الرسمية أي ان المستهدفين هم تلاميذ المدارس الرسمية لأنه ليس لديهم القدرة بأن يتدربوا، وبالتالي نحن نقوم بتدريبهم بالتعاون مع وزارة التربية وذلك منذ ست سنوات عندما اطلقنا هذا البرنامج وحتى اليوم حيث وصلنا الى حوالى 89 مدرسة رسمية في المناطق اللبنانية كافة: في الشمال والجنوب والبقاع وزحلة وبيروت وجبل لبنان. وتساعد المؤسسة التلاميذ قدر المستطاع خصوصاً في مجال التكنولوجيا، اذ لدينا الآن 280 استاذاً مدرباً على البرنامج في المدارس الرسمية، وطبعاً هناك مسابقات ينال فيها التلاميذ العديد من الجوائز، اذ هناك مدارس أبدعت في مجال التكنولوجيا فعلى سبيل المثال نذكر منها: مدرسة ضهور الشوير الرسمية التي ابدع تلاميذها الذين قاموا في العام 2011  بانجازات مهمة جداً، اذ قاموا بتركيب اشارة المرور وحتى الاضاءة في ساحة البلدة... تصوري ان تلاميذ ما بين سن 8  و14 سنة وقفوا على كل مفرق لتعداد عدد السيارات التي تدخل الى البلدة وتخرج منها، وبعدها قاموا بتركيب <System> النظام والذي لا يزال يعمل لغاية الآن. وتجدر الاشارة هنا الى ان أحد التلاميذ كان قد فُصل من الصف استقبلناه ضمن البرنامج الذي ندّرب فيه التلاميذ، والآن هو من المبدعين اذ قام بانجازات وربح في الصين منذ فترة، ويتحضّر الآن ليشارك في تحدٍ آخر في واشنطن في مجال الـ<Coding> وهو اليوم يدرس <Microchip Engineering> في أهم جامعة في لبنان، وهذا الاختصاص أدخل حديثاً الى لبنان... وأيضاً نذكر مدرسة زحلة الرسمية للبنات اذ قامت الفتيات بانجازات مهمة حيث عملن على فكرة الـ<Green House> اي أدرن مزرعة مع البيت كله بالطاقة النظيفة عبر الـ<Raspberry Pi> وحصلن على جوائز، وكنا قد ارسلناهن الى لندن لمدة عشرة أيام حيث تدربن هناك.

واستطرد قائلاً:

- وفي سعدنايل قام التلاميذ بانجاز مهم اذ كما تعلمين ان المجتمع في سعدنايل محافظ، ولكننا جعلنا التلاميذ يندمجون مع بعضهم البعض، ومن جهتهم استوعب الأهالي ان الشبان والصبايا سيعملون سوياً في مجال البرمجة والتصنيع... وأذكر هنا أيضاً أحد التلاميذ الذي كان قد تلقى ثلاثة انذارات بالفصل من المدرسة، قمنا بتدريبه ضمن البرنامج التدريبي الذي تقوم به المؤسسة في هذا المجال، وبالفعل استطاع ان يحقق انجازاً مهماً، اذ كانت واحدة من التلاميذ لا ترى بعينيها فكانت تصطدم بالتلاميذ، الا انه تصوري ان تلميذين وتلميذتين تمكنوا من تصنيع نظام من خلال تركيب <Sensors> على نظارات تلك الفتاة، فيرسل اليها انذاراً لئلا تصطدم بشيء وبوجهها، فكانت النتيجة جيدة، وقد جُربت هذه التقنية ايضاً في وزارة التربية وفرحوا بالنتيجة كثيراً... وفي مدرسة جبيل الرسمية قام التلاميذ بعمل مميز بما يتعلق بحدوث حالة التحرش الجنسي، اذ تمكن تلميذ في العاشرة من عمره مع فريق عمل معه من ان يركبوا نظاماً يقضي بأنه عندما يدخل احدهم الى الحمام يُضاء عند المدير ضوء اذا دخل شخص الى الكابين نفسه وبداخله تلميذ او تلميذة، فيرسل انذاراً مباشرة الى المدير فيعرف في الحال انه قد حدث أمر ما في الحمام، وهذا الانجاز أبهر السويديين كثيراً اذ تفاجأوا كيف ان تلميذاً في العاشرة من عمره أنجز مثل هذا الجهاز. وأيضاً هناك انجازات في صيدا وغيرها من المدارس الرسمية، وكل هذه التدريبات تُقدم للمدارس الرسمية مجاناً.

وعن جهاز <Raspberry Pi> يشرح السيد فارتانيان قائلاً:

- هذا الجهاز هو صناعة بريطانية صُنع في العام 2011، ونحن أول من أحضره الى لبنان عندما كان نقولا صحناوي وزيراً للاتصالات. وحتى الآن أتينا بألف <Raspberry Pi> وهي موزعة على كل المدارس مجاناً، مع العلم انه كان 18 ألف جهاز قد وزعت في بريطانيا ولكن لم يستعملها أحد، وبالتالي اعتبرت بريطانيا ان ما حققه التلاميذ في المدارس الرسمية التي استخدمته هو انجاز مهم للبنان وللشرق الأوسط ككل. ونحن اذ نقدم للتلاميذ هذه التكنولوجيا نساعدهم أيضاً في تحسين وضعهم المعيشي ضمن محيطهم، علماً ان <غوغل> خصصت 10 ملايين دولار  لتطوير اليد العاملة الأميركية لأنها تدرك انه في العام 2050 ستكون هناك بطالة كبيرة، ولكن من جهتنا فليس لدينا 10 ملايين دولار لأن التمويل ذاتي في <مؤسسة منى بسترس> التي هي مؤسسة عائلية وبالتالي تقوم العائلة بتمويلها، ولكن نسعى جاهدين لتقديم الخدمات للناس قدر المستطاع.

وعن الشراكة مع جمعية <IEEE> قال:

- لقد دخلنا الى 18 جامعة لبنانية ووقعنا عقداً معها، ولدينا 33 شاباً وصبية من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية يساهمون بتدريب التلاميذ والأساتذة في المدارس الرسمية وذلك مجاناً حيث يتوجهون الى كل المناطق اللبنانية اذ لدينا خمسة مراكز تدريب في صيدا، وطرابلس، وزحلة، وبيروت، والكسليك. ويعود الفضل في ذلك للتعاون مع مدير عام وزارة التربية الأستاذ فادي يرق الذي يساعدنا منذ 6 سنوات في هذا الخصوص، ونتعاون أيضاً مع الأستاذ محمد رباح صاحب مركز <مدينة بيروت الرقمية> في منطقة بشارة الخوري وبالتالي لدينا مركز تدريب هناك ونتعاون معا، وكذلك نتعاون مع الجمعية التربوية الدولية أيضاً حيث انهم يهتمون بالتدريب على الأرض معنا.

وأضاف:

- يسعدنا عندما يقول لنا الطلاب أننا نعلمهم أموراً عديدة لم يتعلموها في الجامعة واصبحت لديهم آفاق جديدة. والآن لدينا طلبات اذ يحاول الشباب ان يعملوا معنا كمتطوعين بأعداد كبيرة، ولكن لا نقدر ان نستوعبهم كلهم بل نستوعبهم بالتدرج لكي يستفيدوا كلهم بنهاية المطاف. وواحدة من معلمات التعليم الرسمي قالت لي اننا خلقناها من جديد وشعرت انها ولدت من جديد نظراً للآفاق التي فتحناها أمامها، اذ ليس بالضرورة ان يكون المعلمون متخصصين بالعلوم او <اي تي> اذ قد يكون استاذ لغة عربية ويود ان يتدرب.

وتجدر الاشارة هنا الى انه منذ منذ شهرين او ثلاثة أشهر أجريت دراسة عن كم يحتاجون من يد عاملة للعمل في مجال البرمجة والتصنيع <Coding> فتبين ان هناك نقصاً بكل العالم اذ لا يتخرج سوى 5 بالمئة من أصل 80 بالمئة من الوظائف التي هي الآن مطلوبة، اي لدينا نقص كبير باليد العاملة التي تتوجه الى المعلوماتية، وبالتالي اننا ندفع الجيل الصاعد لكي يعتاد على ذلك، وكما سبق وذكرت ان اللبنانيين يقومون بانجازات عديدة لدرجة انه في الخارج يتفاجأون بما ينجزه تلاميذ وشباب لبنانيون في هذا المجال.

 

النشاطات الثقافية والفنية!

 

ــ وماذا عن النشاطات الثقافية والفنية التي تنظمها المؤسسة؟

- في مجال الفنون نقوم بالعديد من النشاطات، اذ منذ فترة أقمنا في حديقة مار نقولا نشاطاً لتعريف أهالي بيروت كيف كانت بيروت اذ قمنا باستعارة الصور من المتحف الفرنسي وشرحنا للناس كيف كانت الأشرفية وبيروت، وهناك أناس من بيروت لم يصدقوا ان هذه كانت بيروت، وبالتالي نقوم بمسرحيات فنية وتوجيهية للطلاب ولكل الأعمار. وكذلك نقوم بتحسين وضع محيط المنطقة مثلاً في كرم الزيتون قمنا بحملة لطلاء البيوت التي كانت تبدو كئيبة للأهالي بينما اليوم تبدو زاهية وجميلة، وسنكمل المشروع في كل كرم الزيتون. ونقوم بنشاطات مع مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة اذ قمنا بنشاطات معهم في أعياد الميلاد وعيد الفصح، كما انهم ساعدونا بطلاء الجدران في كرم الزيتون.

ــ وماذا عن النشاطات البيئية التي تحرص المؤسسة على اقامتها؟

- بما يتعلق بالبيئة فكما تعلمين ان بيروت فقدت الخضار، لذا قمنا بمشروع <Vertical Garden> او <الحدائق العمودية>، وسبق ان قمنا بتزيين حيطان مار متر وحيطان اوتيل ديو بالزهور لإضفاء مسحة جمال للمنطقة، وهناك مشاريع تتعلق بالحدائق، ففي الأشرفية هناك 5 حدائق ونحاول ان نضيف حديقة أخرى، اذ نعمل مع البلدية لتحويل الباطون الى خضار فتصبح هناك ساحات عامة.

واستطرد قائلاً:

- في النطاق الصحي وهو الأصعب والأكثر كلفة للأسف في لبنان، نحاول ان نأتي بمساعدات من الخارج اذ جهزنا 9 مستوصفات في الأشرفية ضمن امكانياتنا، وكان هناك مأوى عجزة في مغدوشة اتصلنا بهم اذا كانوا يحتاجون لشيء وقمنا بتلبيتهم، كما جهزنا اثنتين من المستشفيات الحكومية، وقمنا بحملة لفحص العيون اذ ساعدنا تقريباً  300 عائلة اخضعناها لفحص العيون وقدمنا لها الكادرات والنظارات وكل ما يلزم.

 

الوزير السابق نقولا الصحناوي وتخليد ذكرى والدته الراحلة منى بسترس!

وفي الختام نسأل الوزير السابق نقولا الصحناوي المؤّسس وابن الراحلة منى بسترس عن أهمية استمرار نشاط المؤسسة فيقول:

- يسعدنا ان تستمر المؤسسة بنشاطها، وان هناك يداً خفية للوالدة بهذا النجاح، وطبعاً روحها موجودة معنا دائماً، وهذا يشجعنا ان نكمل ونضاعف الجهود، اي كل هذه الحلقة الايجابية هي بسبب نفس الوالدة.

وأضاف:

- في البداية كانت افكاراً، ولكن عند التنفيذ لم يكن الأمر سهلاً، خصوصاً عندما نتحدث عن تكنولوجيا لم يعتد عليها الناس بعد، فعندما يسمع الناس عن العمل التطوعي والاجتماعي يفكرون بالدواء وبالعمل الانساني، ولهذا كان شعارنا <بدل ان تعطيه سمكة علمه كيف يصطادها>، وبما اننا نقول دائماً ان أجيال الشباب والتلاميذ هم مستقبل البلد ولكننا للأسف نراهم يغادرون البلد، احببنا ان نركز على الحل الجذري... كل مخطط بكل سنة يُعدّل وتأتي فكرة جديدة ومشروع جديد، ولغاية اليوم كل شيء يسير بشكل جيد... واننا نفضّل ان نستثمر المال بالعمل وليس للدعاية، كما انني أردد دائماً ان الرؤية المستقبلية والعمل الملّح الذي نقوم به لتحضير الأجيال الصاعدة للتحديات يجب ان يطبقا على صعيد البلد ككل، فنحن نعمل بامكانياتنا الصغيرة وبمؤسسة فردية او جهد مجموعة من الناس، ولكن نأمل يوماً من الايام ان تكون هناك آذان صاغية ويكون هناك قرار مركزي يسمح لنا ان نوسع هذه التجربة وننفذها على صعيد البلد كله، لان هناك خطراً وجودياً على الاقتصاد اللبناني وعلى الاجيال الصاعدة، وبالتالي يجب ان تُعمّم هذه الرؤية في كل ارجاء لبنان لما فيه مصلحة البلد وأهله.