تفاصيل الخبر

مؤسس مجموعة "لبنان يقايض" حسن حسنة: أطلقت هذه المجموعة لافساح المجال أمام اللبنانيين ليقايضوا أغراضهم مقابل الغذاء والدواء بطريقة لا تمس كرامتهم

01/07/2020
مؤسس مجموعة "لبنان يقايض" حسن حسنة: أطلقت هذه المجموعة لافساح المجال أمام اللبنانيين ليقايضوا أغراضهم مقابل الغذاء والدواء بطريقة لا تمس كرامتهم

مؤسس مجموعة "لبنان يقايض" حسن حسنة: أطلقت هذه المجموعة لافساح المجال أمام اللبنانيين ليقايضوا أغراضهم مقابل الغذاء والدواء بطريقة لا تمس كرامتهم

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_79146" align="aligncenter" width="602"] لبنان يقايض[/caption]

لبنانيون يقايضون ملابسهم وأحذيتهم وأغراضهم مقابل الخبز وحليب الأطفال...هذا هو الواقع المر الذي يعيشه لبنان منذ أشهر. ولقد رأينا على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي مواطنين يعرضون أغراضهم للبيع من المفروشات والأدوات الكهربائية وحتى الألبسة والأحذية، والناشط الاجتماعي الأستاذ حسن حسنة لجأ الى إنشاء صفحة خاصة تحت اسم "لبنان يقايض" بهدف تسهيل هذه المهمة أمام اللبنانيين لكي تكون فرصة للذين يريدون تقديم المساعدات الى العائلات المحتاجة، حيث يوضح صاحب الفكرة المشروع وصفحة "لبنان يقايض"على الفايسبوك الاستاذ حسنة أن الفكرة هي نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه اللبنانيون حيث فقد الكثير منهم أعمالهم او باتوا يحصلون على نصف راتب في وقت ارتفعت الأسعار الى مستوى غير مسبوق ما حال دون قدرتهم على شراء حتى المواد الغذائية الأساسية.

مؤسس الصفحة وفكرة المقايضة

[caption id="attachment_79147" align="alignleft" width="313"] وعسل مشكل[/caption]

ولنعرف أكثر عن مجموعة "لبنان يقايض" وكيفية العمل تحدثت "الأفكار" مع مؤسس الصفحة الأستاذ حسن حسنة الذي استهل حديثه بغصة قائلاً:

ـ الوضع محزن ومبكي ولكن اللبناني من جهة أخرى "بيكّبر القلب"  ويرسم الضحكة على وجوه المحتاجين، وبالفعل نلمس روح التعاون والتضامن بين اللبنانيين في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد. ولا أقبل ان ينظر اي أحد على صفحة مجموعة "لبنان يقايض" من باب العطف او الشفقة، وأقول ذلك للأشخاص الذين ينظرون الى هذه المجموعة بالشفقة لأننا سمعنا الكثير الكثير من الانتقادات حول تسمية المقايضة وكتبوا "انظروا الى اين وصل اللبنانيون".

* لماذا اخترت هذه التسمية  "لبنان يقايض"؟ ولماذا أردت إنشاء هذه الصفحة على موقع الفايسبوك؟

- التسمية من تلقاء نفسها أثرّت كثيراً اذ كان الهدف من تسمية المجموعة "لبنان يقايض" لأن لبنان كله يعاني وليس فقط بيروت تقايض او طائفة ما تقايض وليس الفقراء يقايضون ولا الميسورون بل لبنان كله يقايض...من المؤسف عندما ينتقد البعض تسمية المجموعة بـ "لبنان يقايض"، بينما ما يحصل ان اللبنانيين صامدون ويتحدون جميع الصعاب.  لقد أنشأت هذه المجموعة على صفحة الفايسبوك، إذ إنها فكرتي وصفحتي ومجموعتي ووضعت لها الاستراتيجية وكل ما يراه الناس على الصفحة هو فقط 10 في المئة من الذي سنقوم به لاحقاً، لأن "لبنان يقايض" هو أكثر من ان يقولوا عنه مقايضة قطعة من القماش او الثياب بحليب للأطفال او الحفاضات او الطعام وغيرها.

ويتابع:

ـ لقد اتصلت بي قنوات تلفزيونية مثل "رويترز" و "بي بي سي" والعربية و "سكاي نيوز" لاجراء تقارير صحافية عن هذه الصفحة، اذ بالرغم من ان تسمية المجموعة استفزت بعض الناس ولكن بالمقابل البعض الآخر تلقفها بايجابية وقالوا انظروا الى اللبنانيين فهم شعب جبّار وصامد ومعطاء ويساندون بعضهم البعض لأن ما يحصل على صفحة الفايسبوك الخاص بمجموعة "لبنان يقايض" ليس فقط  وجود أناس يقولون سنفعل كذا وكذا بل هناك أناس يقولون خذوا هذه الأغراض مقايضة واحصلوا بدلاً عنها على حليب للأطفال لاعطائها للناس المحتاجين لأن هناك أناساً  لا يستطيعون تقديم تبرعات مادية بالأموال، وأنا واحد من هؤلاء الأشخاص إذ مع بداية رأس السنة لأوائل الشهر الثاني ومع مجموعة قد دفعنا آلاف الدولارات وبعملة الدولار لحالات تفوق 250 او 300 حالة ما بين أدوية واستشفاء وغيرها ولكننا وصلنا الى وقت مثلاً بالنسبة الي حتى مصروفي الشخص عليّ أن أنتبه ماذا أصرف لكي اقدر ان استمر، ولكن هذا لا يعني ان أقف هنا وألا أساعد أحداً ولا يعني ان انسحب،  فهناك أناس نهتم بهم وبتأمين الأدوية والعلاجات الى ما هنالك واذا لم أوفر لهم الطعام والحليب والحفاضات وغيرها فهؤلاء الأشخاص سيصبحون في وضع سيء. ولهذا طلعنا بفكرة انشاء مجموعة "لبنان يقايض"، وقلنا علينا ان نعمل يداً بيد.

طريقة العمل

* كيف يتم العمل؟

[caption id="attachment_79145" align="alignleft" width="166"] حليب برسم المقايضة[/caption]

- طريقة العمل هي منصة مفتوحة لكل الناس، فمثلاً ينشر أحدهم على الصفحة ان لديها طقماً من الأكواب ويريد ان يستبدلها بحليب للأطفال، عندها انظر الى بروفايل الشخص الذي نشر "البوست" للتأكد بأنه ليس حساباً وهمياً على الفايسبوك وبأنه لم ينشأ صفحة لينشر هذا البوست، لكي أتأكد من كل شيء. وهكذا يبدأ العمل اذ كل شخص يقوم بنشر ما يحتاجه من أغراض بالمقايضة أو أنه مثلاً أحدهم ينشر البوست لأنه يريد تقديم حليب للأطفال من باب المساعدة ولا يريد شيئاً لنفسه، وأنا والمجموعة نراقب كل هذه الأمور وتتم العملية. أما الشخص الذي يريد ان يقدم شيئاً أكبر، ويقول مثلاً ان لديه براداً ولم يعد يريده او أنه مضطر ان يبيعه لكي يشتري الدواء لابنه او يحتاج للاستشفاء وغيره، هنا نتوجه الى خيار آخر وبهذه الحالة لا يُنشر. وأمر ثان اذا كان الشخص يريد ان يقايض سيارة او شقة بقطعة أرض في الجبل مثلاً فمجال المقايضة كبير جداً.  وكما ترون على صفحة الفايسبوك ان معظم الاشياء هي ثياب مقابل أحذية، واحذية مقابل طعام، وطعام مقابل شراب او حفاضات للأطفال، اذ إنه بالأساس أنشئت هذه المجموعة لمساعدة الناس.

السعي لتسجيلها كجمعية غير ربحية

* كم مضى على انشاء المجموعة على صفحة الفايسبوك؟

- لقد أنشات هذه المجموعة منذ عشرين يوماً ولكن بالنسبة اليّ فإنني أعمل منذ شهرين او ثلاثة أشهر بهذا الخصوص، اذ بامكان زوار الصفحة ان يطلعوا على استراتيجية هذه المجموعة مع الشعارات والأسماء والبيانات التي تُنشر، فالآن اقدم أوراق المجموعة لوزارة الداخلية لأسجلها كجمعية غير ربحية والاسم محمي من وزارة الاقتصاد اذ تم تسجيله "لبنان يقايض"، وعندما بدأت المجموعة بدأ الناس يتابعون الصفحة اذ وصل عددهم الآن الى 14 ألف عضو وهو مفتوح للعام، في المستقبل سأصل الى مرحلة سنقوم بـ"Business Deal" مع الخارج لكي أساعد صاحب المؤسسة في لبنان والمزارع وصاحب الصناعات الخفيفة لنصل الى وقت قد لا يقدر أحد ان يشتري مثلاً منتوجات مزارع بالكمية التي تكون لديه، فإذا زاد عنده حوالي 20 طناً من البطاطا فماذا سنفعل بها؟ هل يجوز ان نرميها امام الأبقار مثلاً او على الطريق او يصيبها العفن؟ وبالتالي سنعمل لكي نساعد بهذا الخصوص اي التواصل مع بلد مثلاً ليس لديه زراعة بطاطا وأعلمه أنه لدينا 20 طناً من البطاطا لتصديرها عبر مجموعة "لبنان يقايض" لكونها  جمعية مسجلة رسمية وتود مساعدة هذا المزارع وبأن ثمن البطاطا مثلاً بعشرة آلاف دولار وسنرسلها  الى دبي فماذا ستعطوننا مقابل البطاطا لأننا لا نريد المال بل نقايض البطاطا بمنتوجات أخرى لديهم مثلاً بضاعة يستفيد منها الناس لا تصل اليه... اي لا أريد أن أعمل بشيء متعلق بالمال لأن الأموال قد تدخل الى لبنان ولكن لا تختفي. ما أفكر به للمستقبل أكثر بكثير مما تتخيلين، المقايضة السياحية والمقايضة التجارية، ومقايضة الخبراء، فمثلاً في الغد سيتخرج الشباب من الجامعات وليس لديهم عمل في البلد بمعنى ان اي اختصاص بعلم البيولوجي او الكيمياء وغير متوفر في الكويت على سبيل المثال او في الأردن فالشاب الجامعي يتوجه الى ذلك البلد ويطلعهم على اختصاصه ومشاريعه، وبالعكس مثلاً قد نطلب من أحدهم من الأردن لديه اختصاص معين ليس متوفراً في لبنان او نطلب منه ان يأتي الى هنا لنستفيد من كفاءته وخبرته. ولقد عملت مع الأمم المتحدة ولدي خلفية بأمور لها علاقة بمناطق الحروب ومناطق الأزمات، فالمشروع أكبر بكثير مما نقوم به الآن.

نعيش الآن حروب الجيل الخامس

[caption id="attachment_79144" align="alignleft" width="196"] حسن حسنة : نحن شعب صامد وسنتعاون سوياً لمساعدة بعضنا البعض[/caption]

* مرّ لبنان بأزمات وحروب صعبة جداً ولكن ما يحصل اليوم يفوق التصور والقدرة على التحمّل اذ ان الفقر يطال الجميع..

- هذا صحيح، لقد عشت حروب لبنان من العام 1978 لغاية 1989، وفي العام 1989 هاجرت من ثم عدت الى لبنان في التسعينات وعشت حروب 1996 و2006، ولكن اليوم ما نعيشه هو أسوأ من الحرب العسكرية، وكوني أكتب سياسة عربية ومحلية فما نعيشه الآن هو حروب الجيل الخامس، اي ما نعيشه هو أسوأ من الحروب العسكرية، فالحروب العسكرية تكون أهدافها معروفة بفترات زمنية معينة تدمر ما تريد تدميره وتأخذ ما تريده، ولكن ما نعيشه الآن هو حرب المجهول، فحرب الجيل الخامس يقتل ببطء وتدمر قدرات الدولة، لأنه  من الممكن ان ُيخطط  تدمير الجيش من حيث تدمير الدبابات وخلال سنة او سنتين تقوم الدولة بإعادة بناء الجيش من جديد، ولكن عندما يتم تدمير بلد واقتصاد بلد والمجتمع، فإن تأمين الأمن الاجتماعي لبلد سيتطلب سنوات ليعود كما كان... نحن للأسف نعيش حرباً وعناصرها وجنودها والذي ينفذها علينا هم أعداء الداخل قبل ان يكونوا أعداء الخارج.

* تحدثنا كثيراً عن الفقر والعوز ولكن لم نتصور ان اللبناني لن يقدر ان يملك ثمن ربطة الخبز!

- انني مضطر آسفاً ان أقول ولم نصل الى ذلك بعد ولكن الآتي أسوأ.

* ما هو وضع العائلات المستورة التي أصبحت تعاني من الفقر أيضاً؟

- للأسف هناك عوز كبير اذ هناك أناس كانوا يعيشون بشكل جيد، اذ الأمثلة عديدة وأذكر منها أحدهم وهو صاحب مؤسسة وكان يجني يومياً حوالي 2000 دولار في اليوم ولكن مع بداية الثورة من ثم جائحة "الكورونا" وغيرها من الأزمات أصبح بالكاد يجني 50 ألف ليرة لبنانية اي 10 دولارات، فانظري الفرق خلال أشهر ماذا حصل، وعندما تعلمين ان أحدهم أنجب طفلاً الآن يقول لو كنت أعلم لما أنجبت في هذه الظروف. فعندما تسمعين كل هذه القصص المحزنة يشعر الانسان بألم وغصة، ويؤسفني القول ان الناس الفقراء الذين يعيشون في مناطق نائية ولديهم عائلة مؤلفة من عشرة أولاد وكلهم يقيمون في غرفة واحدة طبعاً أشعر بألم وأشفق على حالهم ولكن الأهل أوصلوا أنفسهم الى هذه الحالة بانجاب الكثير من الأولاد بالرغم من وضعهم المادي الصعب، ولا شك أتعاطف معهم ولكن غير مستعد ان نعيلهم فقط لأن الأب يريد انجاب الأولاد دون الشعور بحس المسؤولية، أما رب الأسرة الذي كان يجني ما يكفيه لاعالة أسرته وتأمين كل احتياجاتهم وأيضاً زوجته تعمل وتكافح برأس مرفوع فلن نقدر ان نقف مكتوفي اليدين ونحن نراهم يعانون العوز، لذا سأسعى ان يظل رأسها مرفوعاً لأنها عملت وجاهدت ولكن ظروف البلد جعلتها تعاني، أرجو الا يسيء الناس فهم ما أقوله، نحن نتعاطف مع الفقراء ولكن العائلة التي بالأساس فقيرة وتظل تنجب الأطفال حتماً سيكون وضعها أصعب.

ويتابع:

[caption id="attachment_79143" align="alignleft" width="263"] ثياب ولادية للمقايضة[/caption]

ـ بالنسبة لصور البرادات الفارغة قلت انذاك ان كل انسان يحلل بطريقة صحيحة يفهم ماذا نعني بـ" نقايض" لأننا لا نريد هذه الصورة عن لبنان، لهذا نسعى الا يُنظر الى لبنان بهذه الصورة المهينة والتي انتشرت عالمياً. وأكرر هنا من يكتب بما يتعلق بـ "لبنان يقايض" الى هذه الدرجة فهذه ليست وجهة نظري اذ لا أريد ان أستعطف، وأرفض رفضاً قاطعاً ان ينظر الناس الى الصفحة من باب الشفقة أو من أن هؤلاء الأشخاص يشحذون على العكس، فالناس الذين يقايضون رأسهم مرفوع ويقومون بما لديهم لئلا يحتاجون مساعدة الآخرين، وبالتالي لا يشعرون بالذل، فكل انسان يريد ان يساعد الآخرين عليه ان يفعل بدون اذلاله، وأي تبرعات ستصل الى مجموعة "لبنان يقايض" فلن تُنشر، اي عن طريق" Admin" والناس الذين سيقايضون غرضاً مقابل غذاء او دواء، والذي لا يقدر ان يضع شيئاً بالمقابل وهو فعلاً يحتاجه الا اذا كان غرضاً متعلقاً بالرفاهية مثلاً لا أقدر ان انشر صورة لجلاية الصحون وأقول انني مقابل هذه الجلاية اريد مأكولات بقيمة 200 ألف ليرة لبنانية، فيقول لي أحدهم إنه ليس لديه 200 ألف ليرة لبنانية ولكنه يريد الجلاية عندها أقول له لماذا تريدها فهذه قطعة رفاهية اي لن يجوع أولاده اذا لم يكن لديه الجلاية.

 المبادرات الانسانية

* منذ الثورة وصولاً الى جائحة "الكورونا" كنا نرى مبادرات انسانية من هنا وهناك، فروح المساعدة متجذرة لدى اللبنانيين فبرأيك هل سيخفف من أوجاع وآلام الناس؟

- لا شك ان ذلك خفف ويخفف من معاناة اللبنانيين ولكن للأسف حتى اللبناني الذي كان يساهم منذ بداية الثورة، ولكن بعد بضعة أشهر أصبح يعاني ايضاً ولم تعد لديه امكانية لتقديم المساعدة للآخرين، ولم يحصل فقط في ظل "الكورونا" بل منذ بدء أزمة الدولار ونحن نعاني الى ان وصلنا الى وضع صعب جداً، والآن الجميع يعاني ويقولون لماذا أسميت المجموعة "لبنان يقايض" الا انني اؤكد ان لبنان سيخرج من أزمته بقوة وإرادة شعبه وبالتضامن والتكاتف، فنحن لسنا شعباً جائعاً بل نحن   شعب صامد وسنكافح دائماً.