تفاصيل الخبر

موسكو تعود بقوة الى الساحة اللبنانية وعنوان خياراتها "لا غالب ولا مغلوب"!

02/12/2020
موسكو تعود بقوة الى الساحة اللبنانية وعنوان خياراتها "لا غالب ولا مغلوب"!

موسكو تعود بقوة الى الساحة اللبنانية وعنوان خياراتها "لا غالب ولا مغلوب"!

[caption id="attachment_83601" align="alignleft" width="445"] السفير الروسي الجديد "الكسندر روداكوف" يقدم أوراق اعتماده للرئيس ميشال عون.[/caption]

 لم يشأ السفير الروسي الجديد في لبنان "الكسندر روداكوف" ان يرسل رسالة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الى رئيس الجمهورية العماد عون لمناسبة الذكرى السابعة والسبعين للاستقلال، بالبريد الديبلوماسي العادي، بل تعمد طلب موعد خاص لتسليم الرئيس اللبناني رسالة نظيره الروسي ولتبادل الحديث مع رئيس الجمهورية حول الأوضاع في لبنان وموقف بلاده منها. انها الزيارة الأولى للسفير "روداكوف" بعد تقديم أوراق اعتماده الى الرئيس عون في قصر بعبدا علماً ان الحفل الذي يقام لتسليم أوراق الاعتماد غالباً ما يكون بروتوكولياً ولا يتسنى للسفير المعني الدخول في حوار مع رئيس الجمهورية، وهو ما المح اليه السفير "روداكوف" في معرض طلبه الموعد الخاص في بعبدا.

من الواضح ان إدارة الرئيس "بوتين" قررت تفعيل التواصل مع القيادة اللبنانية من جهة، والمجتمع السياسي اللبناني وذلك بناء على نصيحة السفير السابق "الكسندر زاسبكين" الذي غادر لبنان في أيلول (سبتمبر) الماضي بعدما امضى في الربوع اللبنانية عشر سنوات سفيراً لبلاده اقام خلالها علاقات واسعة مع الرسميين والسياسيين اللبنانيين وبات خبيراً محلفاً بالملفات السياسية اللبنانية يتحدث فيها كما يتحدث عن الملفات التي تهم بلاده. وتقول مصادر ديبلوماسية ان الاهتمام الروسي بلبنان مرّ في ظروف عدة متفاوتة من حيث الأهمية. فهو كان خلال الحرب ابدى اهتماماً مباشراً الى درجة قيل يومها ان موسكو طرف في الحرب اللبنانية نظراً لعلاقتها آنذاك مع "الأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية" ومع منظمة التحرير الفلسطينية، ثم تراجع الاهتمام الروسي بلبنان بعد انتهاء الحرب وظل نسبياً اهتماماً شكلياً، الى ان حلت مرحلة ما بعد الطائف فاعاد الروس اظهار اهتمامهم بالوضع اللبناني تدريجياً، وعرفت الإدارة الروسية كيف ترسل سفـــراء في مقدورهـــم إقامة علاقات مع جميــع الأطـــراف اللبنانيين لنزع صفــة "الطرف" عن العلاقات اللبنانية - الروسية، واليوم، تبدي موسكو رغبة في ان تكون فاعلة على الساحة اللبنانية بدءاً من اهتماماتها الاقتصادية التي توجت بالمشاركة في كونسورسيوم للتنقيب عن النفط والغاز مع شركة "توتال" الفرنسية وشركة "ايني" الإيطالية، ثم استحصالها على جانب من منشآت النفط في الشمال حيث تعمل احدى الشركات الروسية على إعادة تأهيلها واستثمارها، مع استعداد دائم للدخول في عملية التنقيب عن النفط والغاز في بقية الحقول التي تم تحديدها، علماً ان الروس سوف يشاركون في التنقيب في الحقل رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب والذي لا بد ان ينطلق في الأشهر القليلة المقبلة خصوصاً اذا ما نجحت مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية وبات العمل في الحقول المتاخمة لحقول العدو الإسرائيلي، متاحاً ومريحاً في آن.

المخضرم "بوغدانوف"

[caption id="attachment_83602" align="alignleft" width="462"] نائب وزير الخارجية الروسية "ميخائيل بوغدانوف": لا حل في لبنان إلا وفق صيغة "لا غالب ولا مغلوب".[/caption]

لكن الواضح ان روسيا دخلت على خط الشؤون السياسية الداخلية وهي تتابع عن كثب كل ما يتعلق بهذه الشؤون من خلال نائب وزير الخارجية الروسية "ميخائيل بوغدانوف" الذي يلتقي تباعاً شخصيات لبنانية تزور روسيا وتتناقش مع المسؤولين فيها في الشؤون السياسية اللبنانية. ويسمع زوار موسكو من القيادات اللبنانية، ولاسيما من الخبير المخضرم "بوغدانوف" ان لا حل في لبنان الا وفق نظرية "لا غالب ولا مغلوب" مع وجود خصوصيات في لبنان لا يمكن الابتعاد عنها والتي تقضي بعدم سيطرة فريق على آخر. ويضيف "بوغدانوف" امام زواره انه من الأفضل للافرقاء اللبنانيين عدم فرض حلول او خيارات بعضهم على بعض. ويروي احد السياسيين الذي زار موسكو مؤخراً ان الروس ينظرون الى لبنان على أساس انه بلد فريد من نوعه، وان لا مسار امام شعبه الا اتباع طريق التوافق. ولولا القواعد الديبلوماسية المعهودة لاقدموا على القول "ان حكم الموالاة والمعارضة لا يصلح في لبنان".

وفي المناسبة تؤيد موسكو وصول الرئيس سعد الحريري الى السراي ونجاحه في تشكيل حكومة جديدة وتطلق الإدارة الروسية مثل هذا الموقف في الصالونات الديبلوماسية الضيقة، ليس من باب التدخل في الشؤون اللبنانية انما من زاوية رؤيتها لمصلحة لبنان، وان من الاجدى لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف استمرار اللقاءات بينهما وتجاوز الشروط المسبقة للطرفين من اجل الوصول الى الحكومة المنتظرة والتي أصبحت حاجة أساسية لكل اللبنانيين. واذا ما استمر هذا النوع من الخلافات واطلاق الشروط من هنا وهناك، فلن يكون موعد ولادة الحكومة قريباً.

موسكو- طهران – دمشق

وتتحدث مصادر مطلعة على الموقف الروسي، عن "العلاقات الجيدة"، التي تربط موسكو بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي من شأنها ان تساعد اذا ما رغب لبنان، في تسهيل الكثير من القضايا العالقة بين طهران واطراف لبنانيين فضلاً عن العلاقة بين الدولتين. والتوجه الروسي الوسطي في هذا المجال كان اكد عليه الرئيس "بوتين" خلال القمة التي جمعته مع الرئيس عون قبل عامين والتي كان لها الأثر الكبير في تفعيل العلاقات اللبنانية - الروسية في مجالات عدة لاسيما منها المجال الاقتصادي. لقد سارعت موسكو بعد انفجار مرفأ بيروت الى ارسال المساعدات واقامت جسراً جوياً بين العاصمتين اللبنانية والروسية وارسلت خبراء ساعدوا في التحقيقات الأولية التي أجريت، وهي تواصل التأكيد على حضورها في أي امر يساعد لبنان على التخفيف من آلامه ومن وضعه الاقتصادي الصعب، على رغم ان اتفاقية التعاون العسكري بين البلدين لا تزال مجمدة لاسباب تتصل بالموقف الأميركي المتصلب من أي تعاون عسكري بين لبنان وموسكو.

اما في ما خص العلاقات اللبنانية - السورية فإن المصادر المطلعة تتحدث ان الروس لا يرون مفراً من حصول تواصل بين لبنان وسوريا وان لا تقتصر هذه المهمة على الدور الذي يقوم به اللواء عباس إبراهيم، على أهمية المهمات الناجحة التي يتولاها في هذا الشأن، لكن دوره لا يكفي هنا وخصوصاً في موضوع النازحين السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية. وترى الديبلوماسية الروسية ان المنطقة تشهد تعقيدات كبيرة، وان الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" قد يقدم على تصرفات غير متوقعة في منطقة الشرق الأوسط، لكن الأمور لن تصل الى حافة التفجير والحرب.