تفاصيل الخبر

موسكو مستعدة للتعاون في إعادة النازحيـن السورييـن الى ”المـنـاطــــق الـمـنـخـفـضــة التوتـــر“ بضـمـانـــة روسيــة!

03/11/2017
موسكو مستعدة للتعاون في إعادة النازحيـن السورييـن  الى ”المـنـاطــــق الـمـنـخـفـضــة التوتـــر“ بضـمـانـــة روسيــة!

موسكو مستعدة للتعاون في إعادة النازحيـن السورييـن الى ”المـنـاطــــق الـمـنـخـفـضــة التوتـــر“ بضـمـانـــة روسيــة!

عون-السفراء-الديبلوماسيين-aالضجيج المبالغ فيه في الداخل اللبناني حول ملف النازحين السوريين في لبنان وضرورة عودتهم الى بلادهم ومعارضة فريق من اللبنانيين هذه العودة ومطالبة فريق آخر بها، يختلف تماماً عن التطور الذي حصل في نظرة المجتمع الدولي لهذا الملف الحساس الذي يقضّ مضاجع اللبنانيين مسؤولين وسياسيين ومواطنين عاديين. ذلك أنه في وقت تتفاوت فيه ردود فعل مكونات المجتمع اللبناني حيال ما طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من ضرورة البدء بالعودة التدريجية للنازحين الى المناطق الآمنة في سوريا، وفي وقت تشهد فيه التطورات الميدانية في الحرب السورية مستجدات توسّع من رقعة المناطق التي أُعيدت الى كنف الدولة، سُجل دخول دولي إيجابي على ملف النازحين تمثل بإشارات اهتمام مباشرة وردت من موسكو خلال الايام القليلة الماضية، بعد تبلّغ الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> رسالة الرئيس عون التي وجهها اليه قبل ثلاثة أسابيع خلال اللقاء الذي جمعه مع سفراء الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وممثلي الأمم المتحدة و<الاتحاد الأوروبي> و<جامعة الدول العربية>، وكذلك في ضوء التواصل الذي حصل بين الرئيس سعد الحريري والمسؤولين الروس.

وتقول مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> إن الدخول الروسي على خط السعي اللبناني لإعادة النازحين السوريين الى وطنهم تدريجاً، سوف يترجم من خلال تجاوب القيادة الروسية في المساهمة في خطة لإعادة جزء من النازحين في مرحلة أولى الى المناطق السورية التي اصطلح على تسميتها <مناطق منخفضة التوتر> والتي ترعاها روسيا داخل سوريا في حصيلة التفاهمات التي تمّت في اجتماعات الاستانة والتي لقيت دعماً من الدول التي شاركت في هذه الاجتماعات. وما يمكن أن يتحقق في هذا السياق، هو ما رغب الرئيس عون ومعه الرئيس الحريري في تحقيقه، وهو أن تأخذ موسكو على عاتقها <ضمان العودة> الآمنة للنازحين المنتمين الى تلك المناطق أو المقيمين فيها، لاسيما ان الأمن والاستقرار عادا الى هذه المناطق بفعل الدور الروسي المباشر في الحرب السورية وتأثير موسكو على مجريات الاعمال العسكرية والسياسية على حد سواء... إضافة الى أن اتفاقات تمّت لتثبيت وقف النار وعدم تحريك خطوط التماس بين تلك المناطق وبين قوات النظام السوري وحلفائه.

عودة تدريجية لغير المعارضين

وتشير المصادر الديبلوماسية الى أن موسكو قادرة على توفير الحد الأدنى من الاستقرار في عدد من المناطق السورية التي يمكن أن تُشكّل نواة العودة الآمنة للنازحين، لاسيما وأن الرئيس عون لم يتحدث يوماً عن عودة جميع النازحين دفعة واحدة، بل تحدّث عن عودة تدريجية، ولم يقل يوماً بأن تشمل العودة السوريين المطلوبين من النظام أو أولئك الذين باتوا في المعارضة، لأن لهؤلاء ظروفهم ولن تتم عودتهم إلاّ من خلال تسوية سياسية يفترض أن تكون ثمرة التفاهم الواسع الذي يجري التمهيد له حالياً من خلال الاجتماعات التي تعقد في انتظار توافر عناصر الحل الشامل. ويتمسك لبنان، وفقاً للمصادر نفسها، وحسب ما أبلغ الى الجانب الروسي بتوزيع السوريين الى فئات: واحدة للقادرين على العودة في أية لحظة الى بلاهم وهؤلاء لا انتماءات سياسية لهم أو محاذير على حياتهم، وثانية تضم الذين يريدون العودة وينتظرون تحقيق آلية مضمونة لعودتهم خصوصاً السكان والمقيمين في مناطق لم تشهد قتالاً سابقاً ولا هي محور تنازع، أما الفئة الثالثة فتضم الاشخاص المسيسين الذين يعارضون النظام وهؤلاء لهم حالات خاصة تدرس لاحقاً وفق تطور مسار الحل السلمي والسياسي للحرب السورية. وقد اتضح من خلال إجراء مسوحات للمناطق الخاضعة للنفوذ الروسي في سوريا والتي تتولى القوى الروسية تأمين الحماية لها، أن بعضها تقيم فيه قوى معارضة، وبالتالي فإن عودة مجموعات من النازحين إليها من المعارضين للنظام ممكن أن تتم، لاسيما وأن النظام لن يتعرض لهؤلاء طالما أنهم يحظون بضمانة روسيا لهذه العودة.

ولفتت المصادر أن دخول روسيا على خط تسهيل عودة النازحين السوريين على دفعات الى بلادهم، لا يلغي ضرورة التواصل مع الحكومة السورية لمتابعة تنفيذ هذا الأمر ميدانياً، وهذا ما يتولاه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم منذ مدة بعيدة وهو يتابع التواصل مع المسؤولين السوريين لهذه الغاية.

علماً أن المشاركة الروسية من شأنها أن <تريح> الرئيس الحريري وتحد من الإحراج الذي قد يقع فيه نتيجة التواصل اللبناني - السوري الذي يتم من خارج معرفة مجلس الوزراء أو رئيسه. صحيح أن اللواء ابراهيم يضع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم الرئيس الحريري، تباعاً بالاتصالات التي يجريها بشأن ملف النازحين، إلا ان الصحيح ايضاً أن وجود روسيا على خط التفاوض والتأثير في آن يخفف من المزايدات التي تستهدف الرئيس الحريري في كل خطوة يخطوها خصوصاً في ما خص الملف السوري.

وتؤكد المصادر المعنية أن النقاش حول المشاركة الروسية في خطة عودة النازحين السوريين وصل الى حد البحث في شراكة الأمم المتحدة من خلال تكليف المنظمات الانسانية فيها بتأمين الإغاثة والمساعدات للعائدين، لاسيما وان الدولة السورية لن تكون قادرة على التواصل مع أولئك الذين سيعودون الى مناطق فيها قوى معارضة، في حين سيكون من السهل تأمين المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية. وخلال البحث مع الأمم المتحدة طلبت المفوضية العليا لشؤون النازحين ضمانات من الجانب الروسي بألا يتعرّض العائدون للقمع والاضطهاد وفق المعايير الدولية الموضوعة في هذا المجال، وقد نالت المنظمة الدولية التزاماً روسياً بذلك. وتوقعت المصادر أن تتبلور صورة المحادثات الجارية مع روسيا والأمم  المتحدة خلال الأسابيع المقبلة بحيث يكون انعقاد <مؤتمر الاستانة> المقبل فرصة للتداول مع المشاركين فيه بإمكانية تعميم هذه التجربة إن هي نجحت وأخذت طريقها الى التنفيذ.

 

روما على الخط وبريطانيا أيضاً

 

في غضون ذلك، يسعى الرئيس عون، كما تقول مصادر قريبة من قصر بعبدا، الى توسيع إطار مشاركة المجتمع الدولي في الحل المتعلق بالعودة التدريجية للنازحين السوريين، وهو ما يستعد لطرحه مع المسؤولين الايطاليين في الزيارة المرتقبة له لروما في نهاية الشهر الجاري، وهو عرضه أيضاً مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية <اليستر بيرت> الذي كرر ربط العودة الى سوريا بالحل السياسي، لكنه فوجئ بردة فعل الرئيس عون حين قال له <المهم  أن يأتي الحل على أيامنا ونكون ما زلنا أحياء>، في إشارة من رئيس الجمهورية الى أن عبء النازحين على لبنان لا يمكنه انتظار الحل النهائي للازمة السورية. وفي هذا السياق، لفت الرئيس عون الضيف البريطاني الى أن ثمة ما يثير الريبة ويطرح علامات استفهام كثيرة، وهو بروز لغة واحدة لدى الدول الأوروبية عندما يطرح لبنان موضوع النازحين السوريين تركز على أن الوضع في سوريا لم يصبح آمناً بعد، في وقت يتحدث فيه لبنان عن المناطق السورية الآمنة لإعادة النازحين إليها وليس المناطق التي تشهد توتراً أو قتالاً. وأعاد الرئيس عون بالذاكرة أمام الوزير البريطاني ما حصل في لبنان عندما تمدد الوجود الفلسطيني فيه وصارت تحصل مناوشات بين اللبنانيين والفلسطينيين سرعان ما تطورت الى أن وقع الصدام الواسع في العام 1975 واستمرت ذيوله الدامية سنوات، وسأل الرئيس عون الوزير البريطاني: <هل يريد المجتمع الدولي أن يتكرر هذا المشهد في الحياة اللبنانية ثانية؟ نحن من جهتنا - أضاف الرئيس - لن نسمح بتكراره وإذا كان هناك من يعمل لذلك ويخطط له فسيجد أننا سنواجه مخططاته كما واجهنا في السابق لأننا لن نقبل بتوطين أحد في لبنان>!

 

الورقة اللبنانية

في أي حال، وعلى رغم التفاوت في المواقف بين المكونات السياسية اللبنانية حيال مسألة عودة النازحين السوريين، فإن الحكومة سوف تواجه هذا الأسبوع هذا الاستحقاق من خلال إقرار ورقة عمل رسمية تطل بها الحكومة استكمالاً للحراك الذي بدأه الرئيس عون، والورقة ستكون حصيلة ورقتين: الأولى أعدها وزير الخارجية جبران باسيل، والثانية وزير الداخلية نهاد المشنوق، علماً أن ثمة نقاط مشتركة بين الورقتين، تبرز الرفض القاطع والنهائي لتوطين النازحين واللاجئين، وتؤكد على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة في سوريا، فيما الحل المستدام هو عودة النازحين الى المناطق الممكنة داخل سوريا على دفعات ومراحل، وعدم الرضوخ لنداءات من يقف في وجه هذا الأمر. أما بالنسبة الى الإجراءات المفترضة فأبرزها ضبط الحدود والاستمرار بإقفال المعابر الحدودية مع سوريا أمام الدخول الجماعي للمواطنين السوريين الى لبنان وحصر الدخول الفردي للنازحين بالحالات الانسانية الاستثنائية، والامتناع عن اعتبار السوريين المتنقلين عبر الحدود نازحين، والانطلاق من مبدأ ضرورة الفصل بين الأهداف التخطيطية والإغاثية من جهة والتي تتطلب رصد المحتاجين، والمتطلبات الأمنية من جهة أخرى. كما تقضي الاقتراحات إلزام جميع السوريين على تسجيل أنفسهم مع عائلاتهم في مراكز الأمن العام، وتحديد الآليات التي تحصر عمليات الإغاثة بالمستحقين، والتشدد في تطبيق العقوبات القانونية بحق المخالفين لاسيما في إطار مسح ميداني شامل للعمالة الشرعية وغير الشرعية بواسطة كافة السلطات المعنية، واستئناف ترحيل الأفراد ممن يثبت أن وجودهم يشكل ضرراً على الأمن أو السلامة العامة.