تفاصيل الخبر

موقف رجال الأعمال ونقابة  الفنادق من تفجير المرفأ وفكرة إعطاء قروض ميسرة للجهات المتضررة

26/08/2020
موقف رجال الأعمال ونقابة  الفنادق من تفجير المرفأ وفكرة إعطاء قروض ميسرة للجهات المتضررة

موقف رجال الأعمال ونقابة  الفنادق من تفجير المرفأ وفكرة إعطاء قروض ميسرة للجهات المتضررة

 

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_80634" align="alignleft" width="444"] الدمار الهائل في مرفأ بيروت[/caption]

 إثر تفجير مرفأ بيروت تضاربت الآراء وتباينت وجهات النظر السياسية حول أمور عديدة، فالبعض اعتبر أن الانفجار مفتعل، لا بل مخطط له من قبل جهات صهيونية ضربت مخزن أسلحة تابع لحزب الله موجود بالقرب من العنبر رقم 12 مما أدى الى حدوث كارثة كبيرة بسبب احتراق مادة النيترات. أما البعض الآخر فأكد أن ما حصل هو نتيجة حادثة ناتجة عن تلحيم باب العنبر فطارت شرارة نار وامتد الحريق نحو مستودع للألعاب النارية موجود بالقرب من العنبر المذكور. أما بالنسبة للجهة المخولة بإجراء التحقيق فالبعض نادى بضرورة إجراء تحقيق دولي لمعرفة ملابسات الانفجار بينما جهات سياسية أخرى رفضت هكذا اقتراح لكونه وفقاً لها بمنزلة استخفاف بقدرات المحققين الوطنيين.

 وفيما يتعلق بالحلول البديلة فقد رفضت جهات معينة اقتراح الحكومة باعتماد مرفأ طرابلس كبديل مؤقت لمرفأ بيروت وصممت على تشغيل المرفأ المنكوب منتهكة قرار وزير الأشغال الذي طالب بضرورة معاينة المرفأ والتأكد من سلامة البنى التحتية قبل تشغيله.

 أما بالنسبة لمبدأ التعويض فبالرغم من الكم الهائل من المساعدات المالية الدولية التي خصصت لمتضرري هذا التفجير فقد عرضت المصارف فكرة إعطاء قروض ميسرة بالدولار للجهات المتضررة من أجل إعادة إعمار ما تدمر مما أثار نقمة المتضررين.

 إزاء هذا التفاوت والتضارب بالآراء كان لا بد من معرفة موقف تجمع رجال الأعمال ونقابة الفنادق من هكذا إجراء .

 لذا التقت "الأفكار" بداية الدكتور فؤاد زمكحل وكان السؤال المدخل:

 

*- بغض النظر عن تضارب المواقف وتباين وجهات النظر بين السياسيين حول توصيف الانفجار وتحديد أسبابه، لمن توجه كرئيس تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم تهمة التفجير ؟

- إن الإتهام الأكبر هو للدولة والسياسيين بطريقة مباشرة وغير مباشرة بالمعرفة او بالجهل، وإنجازاتهم في السنوات الأربعين الأخيرة. وأُذكّر بصوت عال، بأن الأشخاص الموجودين في الحكم هم أنفسهم الذين خاضوا الحرب الأهلية في ما بينهم، وأوقعوا ما يزيد عن 250 ألف شهيد لبناني، ومن ثم اتفقوا، ليس من أجل السلام، إنما اتفقوا كيف يُمكن أن يجتمعوا من أجل أن يتحاصصوا ويوزعوا بين بعضهم البعض كل المشاريع الوهمية والمساعدات الدولية وأن يُدمّروا لبنان إقتصادياً وإجتماعياً، لمدة 30 عاماً.

 

زمكحل والجريمة ضد الانسانية!

 

*- وكأنك تشير الى اتفاق ضمني على مر السنين  بين السياسيين  لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب المصالح العامة؟

[caption id="attachment_80635" align="alignleft" width="296"] بيار الاشقر: مسؤولية المعالجة تقع على الدولة ونحن الأحق بأموال الدول المانحة[/caption]

- لقد اتفقوا في ما بينهم ضد الشعب اللبناني، كما أنهم قاموا بحرب إجتماعية ضد أبنائهم، ونهبوا الشعب بفسادهم، وبإدارتهم غير الحكيمة من دون أي شفافية واي محاسبة، كما هدروا أموال اللبنانيين ونهبوا المساعدات الدولية التي وصلت لبنان باسم اللبنانيين والموجهة أصلاً لبناء البنى التحتية. إنها الطبقة السياسية نفسها التي هي اليوم قامت بإنجاز كبير جداً عندما صنعت بيديها بمعرفة وبغير معرفة قنبلة نووية ضخمة، في حين نحن البلد الوحيد الذي صُنّعت فيه هذه القنبلة النووية، وفُجّرت في قلبه، وبين مواطنيه ومنازلهم وأحيائهم المكتظة، الذين أُصيبوا في الصميم جراء إنفجار مرفأ بيروت. نعم هذا هو إنجاز السياسيين في لبنان، لكن بالنسبة إلينا، نحن اللبنانيين، إن ما حدث، يشكل جريمة ضد الإنسانية، وضد لبنان ككل، وللأجيال المقبلة، وستذكر أسماء هؤلاء السياسيين في التاريخ المظلم، الذي لن يرحمهم، باعتبار أن هذه الكارثة التي تسببّوا بها ضد الشعب اللبناني، سيتحمّلون عواقبها هم وأولادهم وأحفادهم ومَن يليهم، حيث لن يجدوا أحداً يرحم ذكرهم أو يستطيع أن ينسى آثار هذه القنبلة النووية التي عاشت بيننا أكثر من ست سنوات، ولم يكن أحد يعلم بها وبمدى خطورتها على عاصمتنا وشعبنا الشريف والبريء.

*- نشعر من حديثكم بوجود ملامة كبيرة على رجال السياسة؟  

- بالتأكيد على اعتبار أن مرفأ بيروت هو أرض مملوكة للدولة اللبنانية، وتحت سلطتها ورقابتها، حيث وقع هذا الإنفجار الضخم، كما أن هذه السلطة نفسها التي لم تهدر أموال اللبنانيين بفسادها خلال السنوات الثلاثين الماضية وحسب، إنما لم تستطع أن تُعمّر بُنية تحتية واحدة ملائمة، حيث لم نزل «نشحذ» ونستجدي دول العالم من أجل أن تكون لدينا كهرباء، ومياه، وطرقات، وهاتف وغيرها. إنها الدولة نفسها، التي أعلنت تعثرها المالي في 7 آذار/مارس 2020 في بيروت، عندما لم تستطع أن تُسدد إلتزاماتها المالية بـ"الأوروبوندز". إنها الدولة ذاتها التي منذ نحو سنة لم تستطع أن تُخمد الحرائق التي نشبت في لبنان، لأنها لم تكن تُجري صيانة لطائراتها المتخصصة بإطفاء الحرائق، أو لم يكن لديها مياه أصلاً، كي تُخمد النار وتحمي المواطنين من إمتداداتها على أرواحهم وأراضيهم وممتلكاتهم. في حين نجد أن البلدان المفلسة مثل قبرص واليونان هبّت بإرسال الطائرات المتخصصة بإطفاء الحرائق كي تُخمد حرائق لبنان عوضاً عن الدولة. إنها الدولة نفسها التي هدرت وسرقت أموال اللبنانيين وحجزتهم، وحتى تاريخه ليس بمقدورهم الحصول عليها. هذه هي الدولة المسؤولة بطريقة مباشرة وغير مباشرة عن إنفجار بيروت. ورغم أني لستُ محققاً، لكن من البديهي القول: إن أي مجرم لا يُمكن أن يفتح تحقيقاً مع نفسه أو مع عائلته، أو مع شركائه، أو مع أصدقائه، لذا نحن اليوم نطالب وبإلحاح بالتحقيق الدولي من أجل أن نعرف الحقيقة، وما حدث تحديداً بإخوتنا وأصدقائنا.

*- هل من مطالب اخرى غير التحقيق الدولي؟ وما سبب مطالبتكم بهكذا تحقيق؟

- إن مطالبنا واضحة جداً، وهي:

- أولاً: إجراء التحقيق الدولي عن الأسباب التي أدت إلى هذا الإنفجار النووي، وعندما أتحدث عن التحقيق الدولي، فإن ذلك لا يعني أننا لا نستطيع أن نُجريه في لبنان، لكن لأنه ليس لدينا أي ثقة بأي تحقيق يجري في لبنان. علماً أنه لدينا أهم محققين، لكن لسوء الحظ يُمكن أن ينقلب التحقيق لمصلحة المنفّذين، المجرمين الذين تسببّوا بالإنفجار، وتالياً يُمكنهم عندها الهروب من الجريمة والعقاب. لذا، إن مطالبتنا بالتحقيق الدولي ضرورية، كي لا تذهب هدراً دماء ضحايانا من الشهداء والجرحى، من عائلاتنا وأخوتنا. 

- ثانياً: أُوجه رسالتي إلى المجتمع الدولي: إن أي مساعدة ستأتي إلى لبنان، ينبغي أن تصل مباشرة إلى المستشفيات والشركات المتضررة، وإلى كل فرد تأذى من الحادث الأليم. لأن أي مساعدة ستمر من «الخط العام» وعبر الدولة نعرف مسبّقاً أنها ستُهدر وستُسرق، وستذهب إلى تمويل الأحزاب، كما هو حاصل ويحصل على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة. ونطالب المجتمع الدولي ليس بالتحقيق الدولي والمساعدات الإنسانية فحسب، بل بتجميد حسابات كل السياسيين، الذين اجتمعوا على الباطل وتقاسموا الحصص منذ نحو ثلاثين سنة، حيث لم نعد نقبل بأن كل لبناني سيشحذ كل دولار، تعب عليه من عرق الجبين، في حين كل سياسي لبناني هدر أموال الدولة يعيش كالملوك خارج لبنان، لأنه استطاع تهريب أمواله. إنها جريمة في حق الشعب اللبناني تُوازي بل تفوق القنبلة النووية التي أصابت قلبنا جميعاً وأدمته. كما أطالب المجتمع الدولي، الذي يستطيع، معاقبة السياسيين اللبنانيين ومحاربة الفساد، وفق قانون ماغنيتسكي وهوَ مشروع قانون قُدّم في الكونغرس الأميركي، وصادقَ عليه الرئيس السابق باراك أوباما في كانون الأول 2012. وينصُ القانون على مُعاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرغي ماغنيتسكي في سجنه في موسكو في العام 2009. ومنذ العام 2016 والقانون مُفعّل على مستوى كل دول العالم، مما يُخوّلُ الحكومة الأميركية فرضَ عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم من خلالِ تجميد أصولهم وحظرهم من دخول الولايات المتحدة وقد تمتدُ العقوبات إلى أمور أخرى.

- ثالثاً: لقد حان الوقت لإجراء الإنتخابات النيابية المبكرة، لكن ليس بالطريقة عينها التي جرت سابقاً، إنما المطالبة بإجرائها تحت رعاية الأمم المتحدة ورقابتها. فقد حان الوقت كي يقول الشعب كلمته، ليس في الشوارع، إنما في صناديق الإقتراع. من هنا يبدأ التغيير الحقيقي من صلب الدستور، من دون أن نحمل الحجر أو السلاح، إنما سلاحنا هو صوتنا، وإعادة هيكلة دولتنا وإعادة بناء بلدنا وإقتصادنا.

- رابعاً: آسف بأن أقول هذا الكلام، لكن يجب قول الحقيقة: لا بد أن يكون لبنان تحت الوصاية الدولية، من قبل الأمم المتحدة، تحت حكم الفصل السابع وغيره لمدة معينة وبأهداف واضحة ومحددة ايضاً، لأننا كلبنانيين لم يعد بمقدورنا القيام بمتطلبات قيام الدولة. فمجتمع الأعمال الذي لا يريد خوض الحروب الأهلية وتخريب البلاد، يُطالب اليوم الأمم المتحدة بالوصاية الدولية، من أجل بناء الدولة التي نحلم بها. رغم الدمار، لدينا فرصة تكاد لا تُعوض (أو الفرصة الأخيرة) من أجل بناء الدولة الحقيقية والمتينة. ولن تمر هذه القنبلة النووية مرور الكرام، لأن مرورها بسهولة يعني نهاية لبنان.

وتابع الدكتور زمكحل قائلاً : في المحصلة، لدينا فرصة تاريخية من أجل أن نكون يداً واحدة وصوتاً واحداً، وأن نكون لبنانيين كلنا معاً، كي نُعيد بناء الدولة، حيث فشل السياسيون في إعمارها، ولا سيما في السنوات الثلاثين الأخيرة. فلم يعد لدينا شيء نخسره، فقد خسرنا شركاتنا، وأولادنا وعائلاتنا، ويحاولون أن يُوصلونا الى خسارة كرامتنا وذكائنا، جرّاء ما يدور من تبادل للتهم وتصاريح سخيفة لا تُغني ولا تُثمن. نعم ليس لدينا ما نخسره، لكن لدينا الكثير لكي نربحه، وهو إعادة بناء بلدنا واقتصادنا.

 

الوصاية الدولية!

*- هل من إجراءات معينة يمكن من خلالها طلب الوصاية الدولية ؟

[caption id="attachment_80636" align="alignleft" width="250"] فؤاد زمكحل:الطبقة السياسية الحاكمة صنعت هذه القنبلة النووية وفجرتها في قلب بيروت.[/caption]

- أشرت بأننا كمجتمع أعمال لا نريد خوض ​الحروب​ الأهلية وتخريب البلاد  بل ننشد التغيير الديموقراطي في ​صلب​ المؤسسات. وهذا بحاجة إلى وصاية دولية من قبل ​الأمم المتحدة​، تحت حكم الفصل السابع وغيره، وهنا لا بد من التنويه بأنه توجد آليات ثلاث للوصاية الدولية نفسرها كالآتي:

أولاً: وهي تقنية، حيث تأتي الوصاية بناء لطلب رسمي من الدولة. وهذا مستحيل لأن من هم في السلطة لن يعملوا على مجيء من سيحاسبهم على ارتكباتهم ويدقق في حساباتهم المالية والمصرفية.

ثانياً: تأتي الوصاية الدولية تحت الفصل السابع الذي ينظم صلاحيات مجلس الأمن، كما حصل في ​كوسوفو​، وذلك بناء لطلب من مجلس الأمن. وهنا يكمن التخوّف في أن لا يصبّ التصويت المطلوب لصالح هذا الطلب داخل المجلس، في ظل الانقسام الحاصل بين أعضائه. ومن المعلوم، أن الطلب يمرّ عبر عريضة أم كتاب موقّع من أكثر من 500 ألف شخص.

ثالثاً: استغلال الضغط الدولي على لبنان، وهو ليس بقليل لطلب وصاية دولية تراقب الانتخابات النيابية. وتحدث الرئيس ماكرون عن هذا الإطار عندما ربط مسألة إرسال ​المساعدات​ إلى الجمعيات وليس إلى السلطة التي لا ثقة بأدائها.

وتابع الدكتور زمكحل قائلاً: "لا ننسى أن كل القطاعات الإنتاجية قد ضُربت في لبنان، بما فيها القطاع المصرفي مع تحفظنا على أدائه في بعض المراحل، فلا يمكن التنكّر بأنه الرافعة للاقتصاد والمموّل الأساسي، هذا إلى جانب فرملة التمويل الحزبي والسياسي وتوقّف المشاريع".

وختم الدكتور زمكحل قائلاً: "لقد خسرنا كل شيء ولم يبق لدينا أي شيء. واليوم نطالب وبإلحاح بالتحقيق الدولي من أجل أن نعرف الحقيقة، من أجل محاكمة الدولة الذي فجّرت أبناءها وشعبها بقنبلة نووية في مرفأ بيروت الذي هو أرض مملوكة للدولة اللبنانية، وتحت سلطتها ورقابتها، وأمام موظفيها، وأجهزتها الأمنية والعسكرية.

الأشقر وقرار مصرف لبنان!

وبدوره نقيب أصحاب الفنادق في لبنان، بيار أشقر، أفادنا بأن حجم الإنفجار طال القسم الأكبر من فنادق بيروت وضواحيها.91% من الفنادق في العاصمة اللبنانية بيروت أصيب بشكل مباشر، كما  خلّف الانفجار عشرات الإصابات من النزلاء وموظفي الفنادق.15% من الفنادق المحيطة بموقع الانفجار تهشمت بشكل شبه كامل، وأبرز الفنادق التي أصيبت بشكل كبير هي: لوغراي، وهيلتون، ورمادا، وهي أبرز الفنادق في وسط العاصمة بيروت

وبالنسبة لقرار مصرف لبنان المتعلق بالقروض قال الأشقر:

- لقد ذهلنا عند قراءتنا القرار الصادر عن مصرف لبنان تحت رقم 13254 موجه الى المصارف والمؤسسات المالية يقضي بمنح قروض إستثنائية للمتضررين من الإنفجار في مرفأ بيروت بعنوان "المساعدة".هذا التعميم مرفوض منا شكلاً ومضموناً، وبحال شمل الفنادق والمؤسسات الفندقية أم لا، إذ إننا أولاً نرفض ترميم مؤسساتنا على حسابنا، ولو كانت الفوائد صفراً! قبل أن يتبين التحقيق وتظهر مسؤولية الدولة بأكملها مجتمعة، حتى لو كانت مسؤولية موظف أو إدارة بالدولة، في كلتي الحالتين تقع المسؤولية على الدولة.

وتابع الأشقر قائلاً:

- ما هذه المهزلة، عندما ناشدنا وطالبنا الدولة إقراضنا بفائدة صفر بالمئة، كان لا حياة لمن تنادي، ولم يتجاوبوا وكيف استطاعوا الآن؟ وأين ستذهب أموال الدول المانحة التي أبدت إستعدادها للمساعدة؟ أم جاءوا يقرضوننا إياها؟ لا نستطيع الإستدانة بعد الآن، علماً أن المصارف كانت متعثرة، فكيف تستطيع إقراضنا الآن أم أنها تريد الإستيلاء على أملاكنا؟.