بقلم طوني بشارة
[caption id="attachment_81753" align="alignleft" width="375"] الأدوية تختفي عن الرفوف وترتفع أسعارها حتى قبل البدء برفع الدعم عنها[/caption]القرار اتخذ والدعم سيلتغي خلال فترة قصيرة، فترة لن تتجاوز شهرين او ثلاثة، فما تداعيات هذا القرار وهل فعلاً نحن متجهون نحو مجاعة سترتد تداعياتها على اكثر من 70% من افراد المجتمع؟
بداية أفادنا رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان الاستاذ مارون الخولي قائلاً :
للأسف في بلد يعيش فيه العامل بدولارين يومياً هو واسرته، وفي وطن نسبة العاطلين عن العمل بلغت 50%، وفي دولة صنفتها منظمة الامم المتحدة بأن اكثر من نصف شعبها يعيش تحت خط الفقر، وفي كيان اقتصادي اغتصبت مصارفه اموال مودعينها، وفي مزرعة خسر مواطنيها 60 % من قدرتهم الشرائية وتم تفجير مدينتهم وقتل وتشريد اهلها وما انتجه هذا الانفجار من تداعيات وخسائر دراماتيكية هائلة اقتصادياً واجتماعياً وانسانياً، في ظل كل هذه المصائب يطل علينا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بكارثة جديدة يبشرنا فيها بأنه سيوقف الدعم عن الوقود والقمح والدواء متحججاً بتناقص احتياطيات العملات الأجنبية. يطل علينا ليعلمنا بأنه اكتشف العلاج والبديل لوقف الدعم بخطة اعدها بالاشتراك مع جهابذة وزارة الاقتصاد والتجارة وتقضي بتوفير بطاقات تموينية تؤمن للمواطنين الاكثر فقراً .
*- البعض شجع خطة البطاقة ولا سيما بعض القادة السياسيين فعلى ماذا ارتكزوا؟
- بدأ البعض من جماعات السلطة وحلفائها الترويج لخطة سلامة والسلطة البديلة على قاعدة تمرير وقف الدعم دون اعتراضات شعبية على شقين، الاول تنفيس الحالة عبر بيانات نقابية ترفض وتتوعد بعظائم الامور ثم تعود لتقبل بالحل القائم على اساس ان حاجة المواطن ستؤمن عبر توزيع هذه البطاقات ، ومن جهة ثانية بدأت عملية المحاصصة واحتكار تسليم البطاقة على المحسوبين عليهم حزبياً او طائفياً باعتبار ان هذه البطاقات التموينية التي لن يتعدى عددها 70 الف مستفيد لن توزع سوى للجماعات المحظوظة حزبياً اي الاكثر وفاء للزعيم، في وقت تناسى الحاكم واصدقاؤه من سلطة الفساد ان رفع الدعم سيطال حوالى مليوناً و400 ألف أسرة في لبنان سيتركون وحدهم ليواجهوا مصيرهم بالجوع والعوز في حال تحرير سعر المواد الاساسية المستوردة.
وتابع الخولي قائلاً: لا يعرف الحاكم ورفاقه في سلطة الفساد ما يعنيه هذا الملف المتفجر لمجتمع يقبع في غالبه ضمن التصنيف الدولي للفقر والذي أقر بأن اكثر من 60% من اللبنانيين تحت خط الفقر.
خلفية وأهداف رفع الدعم
*- ما تداعيات هذا القرار؟
- الاسراع في وقف الدعم من قبل سلطة الفساد هدفه مفضوح وتداعياته خطيرة، بحيث يكون لبنان البلد الاول في العالم الذي يرفع الدعم بهذا الشكل السريع وذلك دون ايجاد شبكة امان اجتماعية بديلة، بحيث ان المسؤولين في الصندوق النقد الدولي والذين يحثون على رفع الدعم ينتقدون السرعة في اتخاذ هكذا قرار، والذي يحتاج الى ما يقل عن سنتين الى ثلاث سنوات.
*- ولماذا يحتاج هكذا قرار الى سنتين او ثلاث؟
- هذه الفترة ضرورية لوضع خطة بديلة حقيقية تؤمن كل سلسلة الدعم ، من شبكة للنقل العام وخطة لتنظيم السير الى فتح معامل لانتاج الدواء والمستلزمات الطبية العادية ، الى تنشيط زراعة القمح الى اعادة تفعيل الصناعة الوطنية المرتبطة بالمواد الغذائية.
*- لماذا السرعة من قبل الحاكم لاتخاذ هذا القرار؟
- إن هذه الممارسة المريبة تهدف الى تمرير قضية رفع الدعم في حالة الفراغ الحكومي والسياسي، لأن المسؤولين يعرفون حق المعرفة بأن مصير اي حكومة تقدم على رفع الدعم السقوط في الشارع ،وبالتالي يتم تحميل تداعياته الكارثية على حكومة مستقيلة وعلى حاكم سينهون ولايته في اول حكومة جديدة سيعملون على تأليفها لتحكم على اساس ادارة الواقع الراهن حينها .
رفع الدعم والانتقال الى مرحلة الفقر
*- بعض الخبراء يلمحون الى ان وقف الدعم سيؤدي حكماً الى زيادة الفقر والعوز، فهل تؤيد هذا الرأي؟
[caption id="attachment_81751" align="alignleft" width="333"] مارون الخولي يلقي خطابا في تظاهرة ساحة الشهداء.[/caption]- ان وقف دعم استيراد هذه المواد الاساسية، سيؤدي الى مضاعفة اسعار السلع بشكل جنوني ليفقد المواطن 90 في المئة من قدرته الشرائية ، مما سيؤدي إلى فقدان السيطرة على الاقتصاد وانتقاله إلى حالة التضخم الإنفجاري والسقوط شبه الحر لسعر الصرف في السوق الموازي، لأن رفع الدعم سيدفع بأسعار كل المنتجات السلعية والخدماتية نحو الارتفاع ليدور الاقتصاد حول حلقة تضخمية تصل إلى الأسوأ حيث ان كل اسعار السلع والخدمات ومنها المواد الأساسية الثلاثة التي يؤمّن مصرف لبنان 90% من كلفتها بالدولار من احتياطه على سعر صرف 1,500 ليرة، والاعتمادات الائتمانية التي يفتحها التجّار من أجل استيراد باقي السلع التي أُدرجت ضمن السلّة الغذائية، بدولار 3,900 ليرة، سترتفع بحدود الخمسة اضعاف حيث تبدأ أسعار السلع والخدمات بالارتفاع أكثر من 400 في المئة في غضون شهر واحد أي انه قد يرتفع سعر صفيحة البنزين من 25 الف ليرة إلى 100 ألف ليرة في أقل من 5 ايام ومن 100 ألف ليرة إلى اكثر في حال قفز الدولار الاميركي فوق سعر 8000 ل.ل.
وتابع الخولي قائلاً: ستتوقف تلقائياً خدمات وعطاءات جميع الصناديق الضامنة الصحية وستصبح اسعار السلة الغذائية الشهرية للاسرة الواحدة 4 مرات الحد الادنى للاجور ..نحن فعلاً في مرحلة ما قبل الجوع على اعتبار انه في حال رفع الدعم سيدخل اغلبية المجتمع اللبناني في حالة من الفقر المدقع والجوع والموت من تفشي الامراض وعدم قدرة اللبنانيين على الطبابة والاستشفاء والموت برداً من غلاء المازوت وسيضرب الركود وشلل اقتصادي من جراء فقدان القيمة الشرائية لاكثر من 80% من الشعب اللبناني وسيفقد نصف اللبنانيين وظائفهم.
في حقيقة الدعم وخلفياته
*-على أي أساس تم اصدار قرار الدعم ولما الإصرار حالياً على رفعه ؟
- ان قرار الدعم الذي اتخذه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل اشهر، لم يكن بصفته رئيس حكومة او وزيراً للشؤون الاجتماعية او للعمل او للطاقة او للاقتصاد، بل كان للتخفيف من هول واثار سقوط سعر صرف الليرة التي كان رياض يطمئننا عليها دائماً . كما ان قرار الدعم المعروف بشراء المواد الاستهلاكية بالدولار الاميركي جاء ايضاً على خلفية حجز اموال التجار والمستوردين في المصارف وعدم قدرة هؤلاء على الشراء بالعملة الصعبة. مما يعني أن الحاكم اراد الدعم ليس حباً بالشعب بل لتغطية انهيار الليرة وتجميد ودائع التجار في المصارف وتخفيف هول ما اقترفه هو ورفاقه في سلطة الفساد من سياسات مالية واقتصادية فاشلة اوصلتنا الى هذا الدعم الطارئ .
قرار الدعم والفساد!
*- وكأنك تلمح ان قرار الدعم اتخذ لتغطية فساد او سوء ادارة معينة؟
- ان حقيقة هذا الدعم بني على اساس تغطية جريمة العصر في تهريب اكثر من 30 مليار دولار الى الخارج بقيام زعماء السلطة وازلامها ومافياتها بتهريب اكثر من 30 مليار دولار الى الخارج. هذا التهريب الذي اسقط استقرار الليرة جرى تحت انف سلامة وبمعرفة الرؤساء الثلاثة ووزارة المالية وهذه الحقيقة اقر بها علناً مدير عام وزارة المالية السابق الان بيفاني . وبالتالي فإن قرار رفع الدعم يجب ان يرتبط بعودة هذه الاموال المهربة الى لبنان وبمعاقبة المقترفين المهربين وليس بمعاقبة اللبنانيين في الامعان في تجويعهم وافقارهم.
الحلول أو الخيارات.
*- هل من حلول معينة تجنبنا تداعيات الانفجار الاقتصادي الاجتماعي المحتمل؟
- الحلول التي يمكن التوجّه إليها لتفادي الانفجار الاجتماعي المنتظر بحال رفع الدعم تقضي وجوب تلازم مسارين في هذه الخصوص: أولاً: استعادة الاموال المهربة، اذ يفترض على مصرف لبنان تعديل تعميمه رقم 154 والذي طلب فيه من المصارف اللبنانيّة حثّ عملائها، الذين قاموا بتحويلات تفوق قيمتها الـ500 ألف دولار أو ما يوازيها بالعملات الأجنبيّة إلى الخارج منذ أوّل تموز 2017 حتى تاريخ صدور القرار، على إعادة 15% من القيم المحوّلة وإيداعها في “حساب خاص” بحيث تعدل صيغته لتصبح الزامية بدل الحث او التمني. كما يجب زيادة نسب الاسترداد من 15% الى 30% ومن 30%الى 60% بحيث يؤمن هذا التعميم ما يقدر بـ 10 مليارات دولار من السيولة في السوق اللبناني خلال شهرين علماً ان هذا التعميم قد اثمر عن عودة اكثر من 500 الف دولار من الاموال التي كانت حولت الى الخارج بحيث تصبح وديعة في مصرف لبنان من دون فائدة، أو بفائدة قليلة، وعودة هذه المليارات من الدولارات الى البلد هي بداية تحقيق الاستقرار النقدي من خلال تمكين مصرف لبنان من تعزيز احتياطاته، فيلجم التلاعب بالدولار ويعود الى سعر 3000 ل.ل
وتابع الخولي قائلاً : اما الامر الثاني فهو استرداد الاموال المنهوبة طوعياً او قانونياً،علماً ان استرداد الاموال المنهوبة التي تمّ استيلاؤها بواسطة الفساد من قبل رسميّين، والتي كانت ترحّل إلى الخارج طوال السنوات الماضية تصل إلى 100 مليار دولار سنوياً، وفي الداخل اكثر من 400 مليار، وعليه، يجب الركون إلى وسيلتين، الاولى طوعية، والثانية قانونية .
- في الوسيلة الطوعية : إنشاء حساب خاص في مصرف لبنان لاستعادة اموال عامة منهوبة من قبل اشخاص يقدر عددهم بـ 3000 شخص استلموا مواقع مسؤولية في الدولة اللبنانية، من موظفين كبار ومقاولين ومسؤولين واصحاب المصارف ، الذين اثروا بشكل غير مشروع. يجب التفاوض حبياً معهم من أجل ابرام اتفاق دفع ما يتوجب عليهم كتبرع لهذا الحساب بطريقة تلقائية طوعية، بمبالغ تعكس 60% من حجم أموالهم وثرواتهم التي جمعوها منذ دخولهم السلطة والإدارات الحكومية والعامة والخاصة . وهذه الوسيلة ممكن ان تؤمن ما لا يقل عن 20 مليار في غضون شهرين من بدء العمل باجراءات هذا الحساب.
وتابع الخولي قائلاً: اما في الوسيلة القانونية ففي حال عدم الوصول الى تسوية أو اتفاق، يتم الحجز على جميع ممتلكاتهم وأموالهم داخل وخارج لبنان، ووضع منع سفر عليهم وعائلاتهم ،وتتم محاكمتهم وفقاً للقوانين المحلية والدولية وفي طليعتها قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44/2015 الذي يعتبر ركيزة قانونية أساسية يؤدي تدعيمها الى استعادة جميع الأموال المتأتية عن جرائم فساد، كما والى التثبت من صحة الايداعات والتحاويل من الحسابات المصرفية اللبنانية وإليها، عبر تفعيل عمل هيئة التحقيق الخاصة التي نص القانون رقم 44/2015 على انشائها ومنحها الدعم والصلاحيات الكاملة للقيام بواجباتها وعلى الحكومة تطبيق اتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي دخلت حيّز التنفيذ في 14/12/2005 خصوصاً وأنّ لبنان هو دولة طرف منذ 22 إبريل 2009 فيها وأنّ هذه الاتفاقيّة تنصّ على "إرجاع الموجودات والتصرف فيها" وفقاً لآلية تعاون ملزمة للدول الأطراف وهذا ما يؤمن وبشكل سريع ما لايقل عن عشرة مليارات دولار من الاموال المنهوبة في المرحلة الاولى مما يعيد التوازن المالي والثقة بالنظام النقدي والقضائي .
الخولي والثورة!
*- ولكن حالياً ما الخطوات المفترض اتباعها من قبل الشعب ومن قبلكم لمنع تداعيات هكذا قرار؟
- ان مواجهة طغمة الفساد وقراراتها المدمرة وسياساتها الفاشلة وميليشياتها القاتلة لن يكون الا بالعودة الى روح ثورة 17 تشرين ورجالها ونسائها وطلابها وعمالها وشعبها. نعم اننا سنواجه هذه المافيا المتشعبة بكل مفاصل الدولة بتحذيرنا لهذه السلطة الغاشمة بكل مكوناتها وهيئاتها الدستورية بأنه في حال اعلان رفع الدعم جزئياً او كلياً او مواربة دون تنفيذ الاليات والقوانين المطلوبة لاستعادة الاموال المهربة والمنهوبة والتي من شأنها وحدها اعادة التوازن المالي وعودة الليرة الى عافيتها، وفي حال عدم تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة مستقلين حقيقيين جديدة قادرة على وضع وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة خلال اسابيع فإننا ذاهبون الى إعلان الاضراب العام المفتوح والعصيان المدني وستتدحرج خطواتنا التصعيدية الشعبية الديمقراطية وصولاً الى الانقلاب على هذه المنظومة الفاسدة دون تردد ومهما كانت التضحيات لًأن الجوع كافر للغاية .
وتابع الخولي قائلاً:
- اعلن للشعب اللبناني المقهور بأننا نحن واخوتنا الثوار في كل لبنان سندافع عن حقه في العيش بكرامة وعن حقه في الطبابة والاستشفاء وفي السكن وفي تأمين وصول خدماته الاساسية من كهرباء ومياه وانترنت واتصالات وحقه بمعاقبة الفاسدين ومحاكمتهم وفي حكومة مستقلين تتولى ادارة البلد بموجب مراسيم دستورية وتشريعية وتعد قانون انتخابي يحقق صحة التمثيل وتحررالقضاء من الولاءات السياسية وتستعيد الاموال المنهوبة وتضع القرارات والخطط والقوانين لاعادة اطلاق الاقتصاد واعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتحريرها من الاستزلام وتأمين العدالة الاجتماعية.
الدكتور زمكحل والأسس الثلاثة!
[caption id="attachment_81752" align="alignleft" width="376"] فؤاد زمكحل: اذا توقف دعم الأسعار سترتفع بين 3 و4 أضعاف.[/caption]وبدوره حدثنا رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل عن «تداعيات وقف الدعم عن السلع الاساسية المتوقعة قريباً»، وقال: «يعيش اللبنانيون منذ أشهر عدة تدهوراً كبيراً في نسب العيش في لبنان، جرّاء التضخم الذي وصلت إليه البلاد بنسب كارثية، فضلاً عن زيادة الاسعار إلى ما فوق الـ 300%، وأيضاً زيادة في الكلفة الثابتة والتشغيلية والمعيشية الموجودة في لبنان، وفي الوقت عينه فإن القيمة الشرائية في لبنان تدهورت بنسبة 70% - 80%، بمعنى أن مداخيل الأفراد (في ما تبقى من مداخيل)، خسرت بنسبة كبيرة من قيمتها. إذاً، عندنا تضخم يزيد ثلاثة أضعاف، فيما المدخول انخفض بنسبة الثلثين، فهذا يعني أننا نشهد أزمة إقتصادية - إجتماعية - مالية - نقدية خانقة وكارثية، تكاد لا تُحتمل.
*- البعض يشير الى أسس ثلاثة لم تتأثر حتى الآن بالتضخم فما هي هذه الأسس وهل هي قادرة على الصمود؟
- الأسس الثلاثة التي لم تتأثر مباشرة جرّاء التضخم حتى الآن هي: المحروقات (البنزين بشكل خاص) التي تُستورد من الخارج، ولا يزال مدعوماً حتى تاريخه من مصرف لبنان، والدواء المدعوم بنسبة 85% من الدولار الذي لا يزال متوافراً في مصرف لبنان أيضاً، وبنسبة 15% من المستوردين، والقمح أي الخبز. فالكلفة المباشرة على المواطنين لم ترتفع كثيراً حتى تاريخه حيال هذه المواد الأساسية.
وتابع زمكحل قائلاً:
- لكن إذا توقف الدعم كما سبقت الإشارة، فإن الكلفة المتوقعة على المواطنين حيال الأسس الثلاثة الأساسية المعيشية، وهي: البنزين (المحروقات)، والخبز والدواء، ستزداد 3 مرات على الأقل، 300%، أي أن الأسعار سترتفع على هذه المواد بين 3 أضعاف و4 أضعاف.
*- نسمع أن الدعم يُمكن أن يتوقف خلال أشهر عدة (شهرين، أو ثلاثة أشهر أو خمسة أشهر). فما سبب ذلك؟
- إن الدعم سيتوقف في نهاية المطاف. والسبب يعود إلى أن السيولة المتوافرة لدينا بالدولار لن تبقى إلى الأبد، كي يستطيع «المركزي» أن يدعم المواد الأساسية الآنفة الذكر، وفي الوقت عينه، فإن قسماً من السيولة المتبقية للدعم حتى تاريخه، نلاحظ أنها تذهب هدراً، نتيجة تهريب كميات كبيرة من المحروقات والقمح وحتى الدواء إلى خارج الحدود اللبنانية.
وهذا يعني، إذا تابع مصرف لبنان دعمه للمواد الأولية المشار إليها، ستزداد المشكلة جرّاء تبخر الدولارات المتوافرة في «المركزي»، وفي الوقت عينه في حال توقف الدعم، فإن المشكلة ستكون أكثر تفاقماً، باعتبار أن الكلفة ستزداد على المواطنين، بنسب عالية جداً، وهذا يعني أنه لم يعد في مقدورنا كمواطنين أن نتابع حياتنا اليومية.
والحل؟
*- ما هو الحل؟
- نعرف جيداً، أن لبنان لا يطبع العملة الصعبة أي الدولار الأميركي، إنما يطبع الليرة اللبنانية (العملة الوطنية)، فإذا أردنا أن نُحدّ من الأزمة الراهنة من خلال طباعة الليرة اللبنانية، فهذا يعني أن المشكلة ستبقى قائمة، وأن التضخم سيتفاقم على نحو قد نفقد معه قيمة الليرة اللبنانية على نحو أكبر مما سبق، ولن نستطيع أن نستورد المواد الأولية أبداً. الحل الوحيد الذي يُمكن أن يكون متوافراً في الوقت الراهن، هو من خلال الدعم الدولي، إما بالسيولة النقدية (بالدولار أو بالأورو)، أو دعم المواد الثلاث، او الدعم المباشر للمواد الثلاث. وقد لاحظنا مؤخراً زيارات مباشرة للبنان من قبل رؤساء دول أجنبية ولا سيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعدد من المسؤولين الأميركيين وغيرهم، لكن لم يصدر عن هؤلاء أي تصريح رسمي بإمكانية دعم هذه المواد الأساسية في لبنان حتى تاريخه.
*- لماذا لم يصدر أي تصريح رسمي من قبل هؤلاء الرؤساء؟
- ان ذلك عائد لسببين: الأول: زيادة الضغط على لبنان وخصوصاً على السياسيين فيه، وهذا أمر نستطيع أن نتفهمه، والثاني: لم يعد المجتمع الدولي يثق بالمسؤولين اللبنانيين، باعتبار أنه في حال قدّمت الدول الأجنبية دعماً للمواد الأولية في لبنان، فإن مبالغ الدعم ستذهب هدراً مرة أخرى، لأن السلطة الحاكمة والسياسيين الفاسدين وحدهم مَن سيستفيد من هذا الدعم، وليس المواطنين، أسوة بالمساعدات الدولية الأخرى التي دخلت لبنان قبلاً.
وتابع الدكتور زمكحل قائلا:
- بناء عليه، من غير الممكن طبع الليرة، ولا إمكانية للمساعدات الدولية للبنان، في الوقت الذي نتجه فيه يوماً بعد يوم نحو رفع الدعم نتيجة فقدان السيولة في «المركزي». هذا يعني مرة أخرى، أن الشعب اللبناني، والأُسر اللبنانية، والشركات اللبنانية، وكل شخص في لبنان، هو رهينة، فيما المجتمع الدولي فقد الثقة بالسياسيين في لبنان. إن الثقة بلبنان الوطن، لا تزال موجودة، كذلك الثقة بالشعب اللبناني لا تزال موجودة أيضاً على نحو أكثر، من قبل المجتمع الدولي، ومن الضروري أن يستعيد اللبنانيون ثقة المجتمع الدولي كي يستحق دعمه، فنستطيع عندها أن نتابع حياتنا الإعتيادية ونعيش في وطن قابل للعيش.
*- ماذا سيحدث حين يتوقف الدعم؟
- لنكن واقعيين، إذ نعلم يقيناً أن هناك معركة في ما بين الدول العظمى، ومعركة إقليمية، ومعركة داخلية نعيشها اليوم، لذا نحن رهينة، وأقول بصوت عال جداً، إن هذا الدعم (من قبل مصرف لبنان المركزي) لن يستطيع أن يكمل مع الشعب اللبناني، إذ سيأتي وقت وينتهي مفعوله. وإذا إنتهى الدعم من «المركزي» ولم نوفق بالدعم الدولي، بغية دعم الليرة اللبنانية، أو دعمنا بالدولار، فإنه لم يعد في مقدورنا أن نتابع دعم المواد الأساسية المشار إليها (المحروقات، الدواء والقمح).
وختم زمكحل حديثه قائلا: من الواضح إننا نشهد ضغوطات دولية كبيرة جداً ولا سيما على السياسيين اللبنانيين، وفي الوقت عينه، يقوم هؤلاء السياسيون برمي الضغوط على الشعب اللبناني. كما أن الدول الكبرى تضغط على اللبنانيين، إذ بحسب رأي بعض الدول الكبرى، إذا وقع الضغط على الشعب، فإن الأخير سينتفض على السياسيين. بناء عليه، أطالب الدول الخارجية والمجتمع الدولي، دعم الشعب اللبناني، والأسر اللبنانية، والشركات اللبنانية، إذ تستطيع هذه الدول أن تفصل بين دعم الشعب اللبناني من جهة، ودعم السياسيين من جهة أخرى، هذا الشعب الذي بات رهينة، حيث لا يُفترض أن يدفع ثمن الفشل والهدر والفساد من قبل السياسيين.وعلى دول الخارج أن تفرض عقوبات مباشرة على كل السياسيين، وليس على الشعب الذي لا يحتمل عقوبات ولا يستحقها أصلاً. لماذا أطالب بفرض العقوبات المباشرة على كل السياسيين؟ لأنهم شرّعوا الفساد، وموّلوا تبييض الأموال وغير ذلك، عدا أنهم تسبّبوا بإفقار الشعب.