بقلم طوني بشارة
[caption id="attachment_85942" align="alignleft" width="246"] استغلال السلع الغذائية المدعومة..[/caption]
أصدرت الدولة قراراً جديداً معتبرة أنه الأفضل لمواجهة جائحة "كورونا" يقضي بمعاودة بعض القطاعات للعمل بشروط معينة وعلى مراحل. العديد من المعنيين عارضوا لا بل استنكروا إجراءات الدولة، مؤكدين أن ما يتم اتخاذه من استراتيجيات لا تنطبق إطلاقاً مع مواصفات المنهجية العلمية المفترض اتباعها للقضاء على هذا الوباء.
فهل من رؤى او خطط يدعو أصحاب المصالح ونقابات رجال الأعمال الى تطبيقها؟
نصراوي والآلية
نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي قال بداية إنه واستناداً الى التفشي السريع لوباء "كورونا" من جهة، وارتفاع نسبة الوفيات من جهة ثانية كان قرار الإقفال واجباً لا بل من الضروري اتخاذه، لذا كجمعية صناعيين أجرينا اتصالاتنا اللازمة مع دول عديدة لمعرفة كيفية تعاطي أهل الصناعة مع هذا الوباء، فجهزنا آلية وقدمناها لرئاسة مجلس الوزراء بواسطة وزير الصناعة.
*- ما هي مقومات هذه الآلية؟
- تقديم طلب أو إذن بشكل دوري من خلال المنصة.
- تحديد ساعات العمل.
- وجود عدد من العمال ادنى من العدد العادي.
- إجراء فحوصات "pcr" للعمال كل أربعة عشر يوماً.
[caption id="attachment_85944" align="alignleft" width="159"] جورج نصراوي: العديد من المصانع لم تتمكن من الإنتاج في فترة الإقفال.[/caption]وأضاف:
- من المؤكد أن إجراءات كهذه تكلفنا مبالغ مالية لا بأس بها ولكننا ملزمون باتخاذها وتطبيقها بحذافيرها للحد او لمنع تفشي الوباء، وحتى تاريخه اثبتت هذه الاجراءات مدى فعاليتها.
*- وماذا عن تكلفة قرار إعفاء من تخطى الستين من عمره من العمل حالياً في ظل انتشار هذا الوباء؟
- إن المصانع ملزمة بالتضحية وعليها واجب تجاه الأشخاص المعنيين من اجل استمراريتهم، وهذا القرار يعتبر من الإجراءات الوقائية واتخذ لكون هذه الفئة العمرية عرضة للإصابة اكثر من غيرها.
*-يبدو أن المصانع ستتكلف أعباء مالية كبيرة استناداً الى الإجراءات الوقائية المتخذة من قبلكم، فما الأثر المالي لهذه الإجراءات؟
- بالفعل لا بد من تحمل أعباء مالية تتوزع كالآتي:
- تكلفة "pcr" لموظفين كل أربعة عشر يوماً.
- تكلفة التباعد الاجتماعي والمراقبة الصحية.
- تدني بالإنتاج ناتج عن تخفيض عدد العمال بنسبة 30%، مما يؤدي حكماً الى تضرر العديد من الصناعات.
وتابع نصراوي قائلاً:
- وفي السياق ذاته لا بد من الإشارة الى أنه وبفترة الإقفال، العديد من المصانع لم تتمكن من الإنتاج، مما أثر على عملية تصدير سلعها، علماً أن هناك وقتاً محدداً لتسليم الطلبيات الخارجية وذلك وفقاً لقيود عقود التصدير، مما أدى الى خسارة بعض المصانع لهذه العقود، وأثر ذلك على صورة هذه المصانع ومصداقيتها لاسيما لجهة التعامل مع الزبائن الأجانب، على اعتبار أن هؤلاء عمدوا الى فسخ عقدوهم مع مصانعنا وتحولوا الى مصانع خارج لبنان لتلبية طلباتهم .
قصعة والاستراتيجية الأفضل
وبدوره كشف رئيس جمعية تراخيص الامتياز يحيى قصعة بأنه متشائم من الأوضاع الحالية ويحمل المسؤولية للادارة غير الذكية التي تغطي فشلها صحياً بالضغط اقتصادياً بينما المفروض أن يكون هناك شراكة بين القطاعين العام والخاص، وقال: طالبنا كقطاع خاص ان نشارك بتأمين اللقاحات لتسريع عملية إعادة العافية الى البلد، لأننا لمسنا أن أفضل استراتيجية هي تأمين اللقاح مع الإقفال وذلك
[caption id="attachment_85943" align="alignleft" width="376"] يحيى قصعة: على الدولة وضع معايير واضحة وعادلة للمراحل الوبائية التي يمر بها البلد.[/caption]للخروج من الدوامة العبثية.
وأضاف: بدلاً من أن تواكب التدابير الصحية الانفتاح على القطاعات الاقتصادية نرى إمعاناً في التضييق على هذه القطاعات خصوصاً بالنسبة للتصدير، وبدأنا نفكر في كيفية الانتقال الى أمكنة أخرى من اجل تأمين الاستمرارية او حتى في تخفيض عدد عمالنا وموظفينا فإذا تمكنا من دفع رواتب شهر كانون الثاني خلال الاقفال فلا يمكننا أن نستمر بدفع الرواتب في ظل اقفال البلد للشهر الثاني.
*- تعتبر أن الإجراءات المتخذة غير كفيلة بإيجاد حل، فهل من اقتراحات معينة تقدمونها؟
- إنطلاقاً من هذا الواقع قدمنا كجمعية تراخيص الامتياز حلاً يقوم على أسسس علمية. حيث لا يتوجب على الدولة في كل مرة تزداد فيها أعداد الأصابات بشكل كبير البدء بالاجراءات من نقطة الصفر، واللجوء إلى الإقفال بشكل كامل كحل وحيد. بل عليها وضع معايير واضحة وعادلة للمراحل الوبائية التي يمر بها البلد. ومن الممكن تقسيم هذه المراحل إلى ثلاث:
- حمراء، تمثل الخطر الشديد. وفي هذه الحالة تستمر الشركات والمصانع التي تمثل حاجة ملحة للداخل والخارج فقط بالعمل، وبنسبة إشغال محددة تتراوح بين 15 و20 في المئة. وذلك من أجل تأمين ديمومة العمل واستمرار التواصل مع الخارج وتلبية الطلبيات وتنفيذ العقود المحددة بفترات زمنية. وتُقفل أقسام التسويق بالتجزئة، وكل ما لا يتعلق بالحاجات الملحة والضرورية. أمّا التمييز بين الشركات فيتم من خلال جدول يوضع لمرة واحدة، مبني على معلومات الضمان الاجتماعي وطبيعة الرخص. كما ان هذه الآلية تساعد على "فلترة" الاقتصاد الشرعي عن غير الشرعي. - برتقالية، تمثل خطراً متوسطاً. يعاد فيها السماح لقطاعات التجزئة والمطاعم والمصانع بالعمل، وترفع نسب العمال المداومين في المؤسسات، مع التركيز الدائم على اتباع إجراءات الوقاية والسلامة العامة. - خضراء، تمثل خطراً منخفضاً. حيث يسمح في هذه المرحلة بالعودة إلى ممارسة الاعمال ومختلف الانشطة الاقتصادية بشكل شبه طبيعي. وهكذا يجري الاعلان كل 15 يوماً عن الحالة الوبائية وينتقل الاقتصاد من مرحلة إلى مرحلة بهدوء وبرؤية واضحة ومن دون تعطيل الإنتاج. فنحن لسنا دعاة فوضى بل همّنا حماية البلد بكل قطاعاته وأطيافه.
بحصلي والتحديات
[caption id="attachment_85946" align="alignleft" width="354"] هاني بحصلي: لا بد من آليات لدعم الأسر الأكثر حاجة ومنها البطاقات التمويلية.[/caption]
أما نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، فاعتبر أن ما يمر به لبنان من ظروف صعبة بدءاً من الأزمة المالية والاقتصادية والشحّ في العملات الأجنبية، وصولاً إلى الإقفال العام، وما يرافقه من إجراءات تحدّ من انسيابية الإمدادات الغذائية من المخازن إلى المستهلك، أرخى بثقله على القطاع، وزاد من التحديات والصعوبات التي تواجهها الشركات المستوردة، وقال: لا بد من التنويه هنا بأن الأمن الغذائي للبنانيين لا يقل شأناً وأهميةً من الأمن الصحي، ولا حتى عن الأمن بمعناه الأمني، لذلك المطلوب التعاطي مع هذا الملف بأهمية قصوى من خلال استراتيجية وطنية ورؤية متكاملة للحافظ على الأمن الغذائي للبنانيين.
*- يبدو وكأنك تلمح الى مخاوف معينة، فهل من الممكن التطرق لها؟ - لدينا مخاوف مما يحصل على هذا المستوى، والذي سيكون له انعكاسات سلبية في المدى المنظور على القطاع الغذائي، و أبرز هذه المخاوف تتمثّل بالآتي:
1- التعقيد الحاصل في دورة الأموال في لبنان، لاسيما صعوبة الحصول على السيولة بالليرة والدولار، وصعوبة الحصول على الدعم، فضلاً عن إقفال المصارف في ظل الإقفال العام، مع تحديد يوم واحد في الأسبوع لعمليات المقاصة.
2- انخفاض وتيرة الطلبيات مع إقفال السوبرماركت في الفترة السابقة، ما يعني انخفاض وتيرة حصول الشركات المستوردة على الأموال، التي تشكل الوسيلة الوحيدة لإجراء عقود جديدة لشراء المواد الغذائية من الخارج.
3- الخوف من حصول تهافت كبير على السوبرماركت ونقاط البيع، بعد انتهاء فترة الاقفال. مما سيخلق ضغطاً كبيراً على المخزون، خصوصاً أن التجارب السابقة تظهر أن عمليات الشراء التي تتم في أسبوع توازي ما يتم استهلاكه في أكثر من شهر، فضلاً عن المخاطر من حصول تفشي جديد للوباء. لذا نحن كنقابة نحذر من أن هذه العوامل مجتمعة ستؤدّي إلى النقص في المخزون الغذائي إلى نحو النصف، أو أكثر، خصوصاً أن الفترة المطلوبة لإجراء الطلبيات الجديدة لشراء المواد الغذائية، ووصول هذه السلع من مصدرها إلى لبنان، تتطلب حوالى ثلاثة أشهر. وبالتالي نناشد المعنيين التنبّه إلى هذه المخاطر، مطالبين بوضع خطة طارئة بالتعاون معنا لتدارك هذا الوضع، والحفاظ على أمن اللبنانيين الغذائي، أي استمرار وجود مخزون غذائي يكفي اللبنانيين لأكثر من ثلاثة أشهر.
*-وماذا عن عملية التلاعب بالمواد الغذائية المدعومة وما موقف النقابة من ذلك؟
- إن نقابة مستوردي المواد الغذائية تستنكر استخدام السلع الغذائية المدعومة من قبل البعض بشكل غير مشروع، ان كان عبر اعادة بيعها في الاسواق اللبنانية بعد تفريغها من عبواتها الأساسية او تصديرها الى الخارج، ونؤكد ان هذه الممارسات البغيضة لا دخل لأي مستورد بها، ونعتبر ان هذه التجاوزات تستغل الدعم وتحرم العائلات اللبنانية المحتاجة من هذه المواد الاساسية والتي تدخل في صلب حاجاتها الحياتية اليومية.
وتابع بحصلي قائلاً:
- هذه الممارسات غير المسؤولة والمعيبة تطال بشكل مباشر ما تبقى من احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية والذي يعد بمثابة ثروة لكل اللبنانيين، ونطالب المسؤولين والمعنيين والأجهزة الامنية والقضائية بملاحقة جميع المرتكبين وانزال اشد العقوبات المنصوص عليها في القوانين المرعية الإجراء بهم. ونذكر بأن نقابة مستوردي المواد الغذائية كانت على الدوام تؤكد تحفظها على دعم السلع الغذائية بشكل مباشر، وهي طالبت بأن تكون هناك آليات لدعم الأسر الأكثر حاجة عبر آليات مختلفة، ومنها البطاقات التمويلية. كما حذرنا مراراً وتكراراً من استغلال هذا الدعم في أطر غير سوية لاسيما التهريب والتجارة غير الشرعية بما يستنزف الاحتياطات ويبعد هذه العملية عن تحقيق أهدافها المرجوة في إعانة الأسر الأكثر عوزاً.