سواء أسفرت <هدنة> عيد الفطر المبارك عن اتفاق على <مقاربة> جديدة للعمل الحكومي في ظل استمرار الشغور الرئاسي، أم لم تسفر عن نتائج عملية واقعية تعيد الاستقرار الى <حكومة المصلحة الوطنية>، فإن الواقع الجديد الذي رسمت معالمه <موقعة السرايا> بين وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله من جهة، ورئيس الحكومة تمام سلام والكتل الوزارية الحليفة له من جهة ثانية يؤشر الى ان الحياة السياسية في لبنان بعد 9 تموز/ يوليو 2015 لن تكون كما كانت قبل هذا التاريخ، وان مرحلة جديدة من الأداء السياسي قد بدأت وعنوانها <اللااستقرار> على الصعيدين الحكومي والنيابي نتيجة استمرار المواجهات بين أفرقاء لم يتجاوبوا مع الدعوات الخارجية الدولية منها والإقليمية للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، فكيف سيتفقون على ممارسة صلاحياته، لاسيما وان مفهوم هذه الصلاحيات ليس واحداً، والتفسيرات الدستورية متناقضة... والنيات غير سليمة؟
وفي انتظار ان تتضح معالم المحاولات التي تُبذل على أكثر من محور لإعادة الهدوء الى أركان السلطة التنفيذية، وبدء حوار جدي في ما بينهم، فإن كل المعطيات تدل على أن ما حصل داخل قاعة مجلس الوزراء في 9 تموز/ يوليو الجاري من صدام غير مسبوق بشهادة المخضرمين في مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء وخارج القاعة من مواجهات كادت أن تكون دامية بين الجيش والقوى الأمنية من جهة، وأنصار التيار الوطني الحر من جهة ثانية يدل على أن لبنان متجه الى مزيد من التجاذبات التي بدأت سياسياً، لكنها ستصبح عاجلاً أم آجلاً في الشارع حيث نتائج اللعبة غير مضمونة خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية المقلقة على الحدود اللبنانية - السورية، وفي معظم دول الجوار. إلا أن هذه التجاذبات لن تصل الى حد سقوط حكومة الرئيس تمام سلام وإن كانت ستؤدي الى تعطيلها ووقف انتاجيتها واللجوء الى مخارج غير دستورية مثل بدعة <الموافقة الاستثنائية> التي اعتُمدت خلال فترة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في مرحلة تصريف الأعمال التي استمرت 11 شهراً.
<تعادل> في المواجهة داخل السرايا...
وتعتبر مصادر سياسية مطلعة ان ما يجعل المخاوف من التصعيد المتوقع مبررة ان المواجهات داخل مجلس الوزراء وخارجه بين وزراء العماد عون وأنصاره من جهة، ورئيس الحكومة ووزراء <المستقبل> وقوى 14 آذار ظهّرت تعادلاً بين الفـريقين إذ لم يتمكن أحدهما من <كسر> الآخر بشكلٍ كامل، فلا فريق الرئيس سلام تراجع أمام إصراره على تمرير بند وحيد في جدول الأعمال يتعلق بالاعتمادات المخصصة للمستشفيات الحكومية والخاصة، ولا فريق العماد عون تراجع عن إصراره على البحث في آلية نهائية لممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية في ضوء الشغور الرئاسي، بدليل أن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء بعد عطلة عيد الفطر المبارك ستبحث في عناصر هذه الآلية التي يسميها الرئيس سلام <مقاربة> حتى لا يتم تكريسها دستورياً بالممارسة في غياب رئيس الجمهورية، ولن يتم التطرق الى جدول الأعمال قبل بتها. صحيح أن الرئيس سلام قال لزواره يوم الأحد الماضي ان <المقاربة> الجديدة لعمل مجلس الوزراء ستكون مستوحاة من الدستور وما ينص عليه من آلية للتصويت في مجلس الوزراء، لكن الصحيح أيضاً ان النقاش الذي سيبدأ في الجلسة المقبلة لن ينتهي إذا لم يتم التوصل الى اتفاق تحضّر أسسه خارج قاعة مجلس الوزراء من خلال التجاوب مع الدعوات الى حوار بين المتخاصمين سياسياً حول هذه المسألة وغيرها من المواضيع الخلافية.
إلا ان <التعادل> بين فريقي رئيس الحكومة من جهة والعماد عون من جهة ثانية لا يلغي جملة حقائق كرستها أحداث الخميس 9 تموز/ يوليو، ومنها ان الرئيس سلام برز خلال الجلسة الحكومية في وجه جديد غير مألوف لم تقتصر ملامحه على الصوت العالي في مواجهة ارتفاع صوت الوزير باسيل وما حمله من عبارات غير لائقة في حق رئيس الحكومة، بل تعدته الى التمسك عملياً بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء ورفضه التنازل عنها أو السماح لوزير بتجاوزها، رغم انه بدا وحيداً بين الوزراء السنة الذين آثروا متابعة ما كان يجري من دون تدخل مباشر، ما جعل وزير الصحة وائل أبو فاعور ووزراء من <المستقلين> ومن مجموعة وزراء الرئيس ميشال سليمان يأخذون المبادرة في الرد على الوزير باسيل، والوزير الياس بوصعب والوزير حسين الحاج حسن من حزب الله. كذلك التزم وزيرا الرئيس نبيه بري الصمت طوال الجلسة مسايرة لرئيس الحكومة من جهة ولحليفهم حزب الله المتضامن مع العماد عون في كل شيء من جهة أخرى، ما عدا <العبارات الجارحة> التي قيلت بحق الرئيس سلام والتي تراجع عنها جزئياً الوزير باسيل بعد الخلوة التي ضمته مع الرئيس سلام والوزراء نهاد المشنوق ووائل أبو فاعور ومحمد فنيش والتي أسفرت عن التفاهم على المخرج الذي قضى بتمرير بند اعتمادات المستشفيات في مقابل الالتزام بمناقشة آلية عمل مجلس الوزراء في أول جلسة بعد عطلة عيد الفطر. وقد أثار هذا <المخرج> حفيظة وزير المال علي حسن خليل الذي احتج على <التشاور الجانبي> وكاد يطيح بـ<تفاهم الخلوة> لولا إصرار الوزراء على وقف الجدال.
... وعودة للعونيين الى الشارع!
أما في الشارع، فقد أظهر المشهد في شارع المصارف والطرق المؤدية الى السرايا الكبير ان <النار تحت الرماد> ولولا بعض التدابير التي ضبطت اندفاع القوى العسكرية والمتظاهرين العونيين على حدٍ سواء، لكانت المواجهة في الشارع قد أظهرت بُعداً آخر، لاسيما وان المتظاهرين وجدوا في وجههم الجيش الذي طالما دافعوا عنه وكانوا البيئة الحاضنة للعسكر على خلفية دور العماد عون في قيادة الجيش. ورغم الاتهامات المتبادلة والتي وصلت الى حد تحميل العماد عون قائد الجيش العماد جان قهوجي مسؤولية ما حصل من <اعتراض> لتحرّك أنصاره، فإن ثمة من يعمل داخل التيار الوطني الحر على ضبط اندفاعة المناصرين ضد قائد الجيش لأن رذاذ هذه الحملات يصيب الجيش في الصميم وهو ما لا يريده العماد عون الذي يميز بين عسكريي الجيش، ضباطاً ورتباء وأفراداً، وبين قيادة الجيش بشخص العماد قهوجي ومعاونيه. إلا ان هذه <الثغرات> لا تسقط في حساب تقييم الربح والخسارة، وان التيار الوطني الحر حافظ على سلمية تحرّكه وأعاد تثبيت دوره في الشارع كما كان يحصل سابقاً و<البروفة> التي حصلت حول السرايا يمكن ان تتكرر في أي لحظة، لاسيما بعدما أظهر العونيون قدرة على تحريك مناصريهم بشكل منظم، كما أظهروا جهوزية مستمرة عندما يدعوهم العماد عون الى التحرك مجدداً لاسيما وان <الجنرال> اكد انه لن يتراجع عن قرار النزول الى الشارع وانه سيكمل <معركته> حتى النهاية لاستعادة ما يسميه <الحقوق المسلوبة>، ولمنع استفراد التيار وعزله وصولاً الى تحقيق الشراكة الكاملة في إدارة شؤون البلاد، وكذلك، فإن عودة <العونيين> الى الشارع تسقط <حصرية> احتكار هذا الشارع مرة من قبل <المستقبل> وأنصاره، ومرة أخرى من قبل <الثنائية الشيعية> ما يحدث <شراكة> في استثمار الشارع بين المسيحيين والمسلمين على حدٍ سواء! وتفيد المعلومات ان <العونيين> أعادوا وضع مؤسساتهم التي تتولى عملياً تنظيم الاحتفالات والمسيرات في حالة قصوى من الجهوزية ولن يناموا <على حرير> كما حصل في مراحل سابقة، ولم يطلبوا من أي من الحلفاء المشاركة في التحرك الشعبي في الشارع لأنهم يعتبرون انهم يملكون القدرة على فعل ذلك من دون مساعدة من أحد.
عون: الفيدرالية مجرد طرح
ولم تصبح قراراً
ولعل ما يجعل <جهوزية> العونيين مستمرة ودائمة تصميم العماد عون على المضي في معركته حتى النهاية، وهو ما يبلغه تباعاً الى الحشود الشعبية التي تؤم دارته في الرابية للتعبير عن تضامنها معه، منتقلاً بذلك الى الخطة الأخيرة وهو الذي وضع ملف الرئاسة الأولى جانباً مطالباً بانتخابات نيابية تسبق انتخابات الرئيس، إذا تعذر الوصول الى اتفاق حول شخصه لدخول قصر بعبدا مجدداً رئيساً للجمهورية هذه المرة. وبدا واضحاً ان <الجنرال> انصرف، بعد إيضاح موقفه من مسألة الفيدرالية معتبراً أنها مجرد فكرة وردت في معرض إجابته عن سؤال صحافي وليست هدفاً يسعى الى تحقيقه الى رمي الكثير من الإرباكات أمام خصومه من طي صفحة الاستحقاق الرئاسي، وتقديم مطالبته بـ<وصفة جديدة> للمستقبل السياسي ولو رافقتها رافعة انقلابية، مع العلم أنه كرر مراراً ان المجلس النيابي بات <غير شرعي> نتيجة التمديد له مرتين.
ويسمع زوار الرابية هذه الأيام ان <المنازلة الكبرى> لم تقع بعد، لكن احتمال وقوعها يبقى وارداً إذا رفض الفريق الآخر إقرار آلية نهائية للعمل الحكومي طالما ان الشغور استمر لأن ما حصل يوم الخميس الماضي حال عملياً دون استكمال فصول <المؤامرة> على التيار الوطني الحر من خلال التحالف الذي قام بين <المستقبل> والرئيس سلام و14 آذار والرئيس نبيه بري لإضعاف عون وتهميشه، ولو لم <يصرخ> الوزير باسيل في وجه رئيس الحكومة وغيره من الوزراء، لكانت سقطت <الشراكة الوطنية> ونشأ فريق متحكّم في مجلس الوزراء على حساب فريق آخر، وما الأصوات التي ارتفعت قبل الجلسة وخلالها بضرورة السير بجدول الأعمال وعدم الرد على <صراخ> الوزير باسيل إلا الدليل على النية المبيتة التي تم التخطيط لها لإخراج الحضور العوني والحلفاء من المعادلة الحكومية وجعل وزراء التيار وحزب الله على هامش مجلس الوزراء قولاً وفعلاً. إن ما حصل باختصار - يضيف العماد عون أمام زواره - هو رد محاولات الإلغاء المنهجي لـ<تكتل التغيير والإصلاح> ولرئيسه العماد عون، وهذا ما جعل استخدام الشارع <خياراً إلزامياً> بالنسبة الى <الجنرال>.
وعندما يطرح أمام العماد عون ان التحرك العوني في الشارع كان <يتيماً> إذ غاب عنه الحلفاء، يُسارع الى القول انه لم يطلب من أحد المشاركة لأن أنصاره <بيكفّوا وبوفّوا>. وإذا أراد الحلفاء المشاركة، فإن الترحيب بهم أمر بديهي، لاسيما وان حلفاء <التيار البرتقالي> على بيّنة كاملة بما يجري من خلال مشاركتهم في اجتماعات <التكتل> والبيانات التي تصدر عنه ومواقف <الجنرال> شخصياً. وهنا يحرص العماد عون على نفي أي تباعد بينه وبين الحلفاء ويفضّل عدم الخوض في جدال مع أحد لاسيما رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية.
<رسائل> نصر الله
وسط هذه المعطيات التصعيدية التي تؤشر الى ان <الآتي أعظم> - على حد تعبير أحد كبار المسؤولين اللبنانيين - برزت الرسائل التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد ساعات قليلة من انتهاء <موقعة السرايا> و<حرب الشوارع> بين الجيش وأنصار عون، والتي ضمّنها جرعة دعم كبيرة للعماد عون من خلال إعلانه عدم التخلي عنه وان <الخيارات للحفاظ على هذا التحالف مفتوحة> وان <كل شيء ممكن أن يحصل>.
ولعل أبرز هذه الرسائل اعتباره ان الرهان على الوقت او على عزل التيار الوطني الحر هو رهان <خاطئ وبائس>، رافضاً في المقابل محاولة استفراده ملقياً بالمسؤولية على تيار <المستقبل> ومشدداً في الوقت نفسه على وجوب التفاهم على آلية عمل مجلس الوزراء وحسم النقاش بشأنها. وإذا كان السيد نصر الله قد <غطّى> التحرّك الاجتماعي العوني، فهو أيضاً برر عدم مشاركة الحزب في هذا التحرك بقوله انه <ليس من الحكمة أو المصلحة ان نشارك في تظاهرات شعبية ... والعماد عون لم يطلب منا ذلك كما انه يتفهّم وضعنا وحجم المهام التي يتصدى لها حزب الله في هذه المرحلة>.
غير ان السيد قدم بالتوازي جرعة مماثلة الى الحكومة التي قال ان لا أحد يريد إسقاطها <لا عون ولا أحد من حلفائه، مطالباً بتوقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية وإعادة فتح أبواب مجلس النواب وعودة الحوار بين اللبنانيين، داعياً الى ان يبدأ هذا الحوار ثنائياً بين تيار <المستقبل> والتيار الوطني الحر ومن ثمّ ينضم إليه الجميع>.
واعتبرت مصادر متابعة ان السيد نصر الله رسم في كلمته <خارطة طريق> لإعادة الحياة الطبيعية الى العمل السياسي في البلاد، مقدماً الحوار على انه أولوية لاسيما بين العماد عون والرئيس سعد الحريري، مستبعداً كل السيناريوات الأخرى التي تروّج لها مصادر في 14 آذار تحاول تحميل العماد عون وحزب الله مسؤولية تعطيل المؤسسات الدستورية كافة في البلاد.
الحريري لا يغلق الأبواب...
وفي الوقت الذي رصدت فيه الأوساط السياسية ردة فعل الرئيس الحريري وتيار <المستقبل> على دعوة السيد نصر الله لكسر الجمود الحاصل في الحياة السياسية واستباق أي تصعيد سياسي وميداني، أتى الخطاب الذي ألقاه الرئيس الحريري من دارته في جدة أمام المشاركين في الإفطار المركزي لتيار <المستقبل> في عدد من المناطق اللبنانية تأكيداً على سلسلة مواقف سابقة للرئيس الحريري أطلقها في مناسبات مختلفة، لاسيما بالنسبة الى الملف الرئاسي حيث كرر القول ان <الأبواب ليست مغلقة في وجه اي مخرج واقعي وأن لا <فيتو> على أي اسم ودائماً تحت سقف التوافق الوطني>، مشدداً على ان الرهان على متغيرات في سوريا <لن يصنع رئيساً للجمهورية، وانتظار نتائج المفاوضات النووية لن يصنع رئيساً أيضاً>. لكن الرئيس الحريري لم يغلق الأبواب أمام الحلول في مسألة الرئاسة، إذ اعتبر ان <لا خيار أمامنا جميعاً سوى التقيد بالدستور والعودة الى التواصل السياسي للاتفاق على مخرج عملي لمأزق الرئاسة>، داعياً الى الهدوء والتوقف عن سياسات التعبئة <ونعطي أنفسنا وبلدنا فرصة لالتقاط الأنفاس وإيجاد المخارج>. إلا ان الرئيس الحريري لم يحدد السبل الآيلة الى إحياء التواصل المباشر بينه وبين التيار الحر كما كان قد دعاه الى ذلك السيد نصر الله، بحيث أبقى موقفه عرضة لتفسيرات متعددة تحتاج الى متابعة لمعرفة ما إذا كانت ستؤدي فعلاً الى إطلاق الحوار المنشود. واعتبرت المصادر المتابعة ان الرئيس الحريري بإعلانه عدم وضع <فيتو> على أي من المرشحين الرئاسيين المعلنين وغير المعلنين، لم يشر بوضوح الى العماد ميشال عون وإن كانت الانطباعات الأولى قد قادت بالمتابعين الى القول ان استعمال زعيم تيار <المستقبل> عبارة <المخرج الواقعي> يدل على ان العماد عون ليس في عداد المرشحين المقبولين <مستقبلياً> لأن ثمة من يرى داخل <المستقبل> في ترشيح العماد عون والدعوة الى دعمه وتأييده <تعاطياً غير واقعي> نظراً الى مواقف العماد عون وخياراته التي لا تتناغم مع تلك التي يتصرف تيار <المستقبل> بهدي منها.
وتضيف الأوساط المتابعة ان مواقف الرئيس الحريري من حزب الله ومن مشاركته في الحرب السورية لم تتبدل عما كانت عليه في الماضي، بل زادت سلبية رغم جلسات الحوار المتتالية التي تعقد في عين التينة بين ممثلين عن حزب الله و<التيار الأزرق>، ما يجعل فكرة الحوار الموسع التي طرحها السيد نصر الله بعد الحوار الثنائي <المستقبلي> و<العوني> واردة في الحسابات القريبة المدى لرئيس تيار <المستقبل> خصوصاً وان الخطاب الرمضاني للرئيس الحريري تضمن ردوداً مباشرة على ما أعلنه السيد نصر الله في <يوم القدس>. كذلك انتقد الرئيس الحريري <استبدال رايات الإجماع الوطني ضد الإرهاب برايات الفتنة والحروب المذهبية>، مكرراً التمسك <بحصرية استخدام السلاح في يد الدولة سبيلاً وحيداً لمحاربة الإرهاب. وقد حرص الحريري على التمييز بين مواقف حزب الله ومواقف الرئيس نبيه بري الذي قال ان رأيه <راجح> في موضوع التعيينات الأمنية.
وفي رأي الأوساط نفسها ان اي حوار متجدد بين <المستقبل> والعماد عون ليس بالأمر السهل بعد تجربة الحوار الأولى في روما و<بيت الوسط> في بيروت والتي يقول العماد عون ان الرئيس الحريري لم يلتزم بما تم الاتفاق عليه فيها.
امتحان 7 آب...
في أي حال، ترى مصادر مطلعة ان الاستفادة من <هدنة> عيد الفطر لتحقيق أي تقدم على صعيد إعادة أجواء الوئام الى مجلس الوزراء سيضع المساعي التوفيقية أمام امتحان قبل السابع من شهر آب/ أغسطس المقبل، عندما يحين موعد انتهاء ولاية رئيس الأركان العامة في الجيش اللواء وليد سلمان الممددة، فهل سينسحب التوافق من أي نوع كان، على تعيين خلف للواء سلمان، أم سيلجأ وزير الدفاع سمير مقبل الى تمديد تأجيل تسريحه مرة جديدة مقدمة لتمديد مماثل لقائد الجيش العماد جان قهوجي؟ وماذا ستكون ردة فعل العماد عون عند ذاك؟ أسئلة لا أجوبة راهناً عنها، لكن الأكيد في كل هذه <المعمعة> ان عدم الاتفاق على آلية جديدة للعمل الحكومي (أو مقاربة كما يسميها الرئيس سلام) سيؤدي الى تعطيل جلسات مجلس الوزراء، ما يحوّل <حكومة الوحدة الوطنية> الى حكومة غير منتجة تكتفي بتصريف الأعمال لأن سقوطها <ممنوع> والتحرك في الشارع لن يتجاوز السقف المسموح به لضمان الاستقرار الأمني في البلاد...