تفاصيل الخبر

مواطنو البقاعين الشمالي والجنوبي نزعوا عنهم مناخ الخوف من الإرهابيين بعد تحرير بلدة القلمون وتلالها!

05/06/2015
مواطنو البقاعين الشمالي والجنوبي نزعوا عنهم مناخ  الخوف من الإرهابيين بعد تحرير بلدة القلمون وتلالها!

مواطنو البقاعين الشمالي والجنوبي نزعوا عنهم مناخ الخوف من الإرهابيين بعد تحرير بلدة القلمون وتلالها!

بقلم جورج بشير 

الجيش-عرسال قبل أن يدخل الجيش اللبناني بضباطه وجنوده وآلياته ودورياته بمبادرة من قيادته البعيدة النظر، بهدوء وصمت الى بلدة عرسال اللبنانية الواقعة على الحدود المشتركة مع سوريا، كان الجيش قد أحسّ بالخطر الداهم وهو يطبق على التلال المحيطة ببلدة عرسال على الداخل اللبناني من كل جانب، خصوصاً الخطاب الناري العاصف للسيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله لمناسبة ذكرى تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي <بأن الحزب الذي انتصر في معارك تحرير جبال القلمون والسلسلة الشرقية الفاصلة بين حدود لبنان وسوريا على المنظمات الإرهابية التي كانت تحتل تلك التلال وتهدّد أمن وسلامة وسيادة لبنان وأهالي القرى والمدن الواقعة في مناطق البقاعين الشمالي والجنوبي الى درجة أن السكان المسيحيين في تلك المدن والقرى حملوا السلاح وتأهبوا مع الحزب للدفاع عنها وعن مواطنيهم وعيالهم ضد الإرهابيين>.

نقطة متقدّمة سجلها اللبنانيون وإن لم يعترف بها السياسيون للجيش اللبناني ولقيادته وخاصة لقائده الجنرال جان قهوجي، عندما دخلت قوى الجيش اللبناني على النقاط الأساسية والاستراتيجية الواقعة على طول حدود لبنان وسوريا واحتلّت التلال الواقعة فيها وطردت الإرهابيين منها وأمّنت الحماية اللازمة لكل المدن والقرى الواقعة على امتداد مناطق الهرمل وبعلبك والبقاعين الشمالي والجنوبي، فيما انصرفت القوات السورية من جانبها للعمل في الأراضي التي كان الإرهابيون يحتلونها والقوات التابعة لحزب الله على تحرير جبال القلمون من هؤلاء الإرهابيين في مناطق واقعة خارج حدود لبنان لكنها متاخمة لها بشكل كبير، مما دفع بأهاليها الى العيش لشهور بخوف وقلق دائمين أنهاهما الجيش اللبناني في الداخل، وقوة حزب الله خارج الحدود اللبنانية...

طبعاً، إن ما قام به حزب الله من قتال للإرهابيين ولقوى تنظيمات <داعش> و<جبهة النصرة> خارج الحدود اللبنانية، وتسجيله الانتصار عليهم يبقيان نقطة خلافية وموضوعاً سياسياً غير متفق عليه بين القوى السياسية اللبنانية. هذا أمر مختلف لا علاقة له بالواقع المتمثل في التهديد المباشر الذي كان يمثله وجود القوى الإرهابية على اختلافها وانتشار مقاتليها على طول الحدود اللبنانية - السورية، وحال الخوف والرعب التي كان يعيشها أبناء القرى والمدن الواقعة في الداخل اللبناني من بعلبك الى الهرمل الى البقاعين الشمالي والجنوبي. وكما يقول المثل <ان الجمرة لا تحرق إلا موضعها>، فإن أهالي تلك المناطق ذاقوا الأمرّين من صواريخ الإرهابيين الذين كانوا يتمركزون في التلال الواقعة على حدود السلسلة الشرقية في جبال القلمون ومعظمهم كاد يفتش عن مواطئ قدم لعياله في مناطق أخرى غير مهدّدة بهطول الصواريخ والخطر الإرهابي، وكانوا جميعاً يتطلعون الى من يحرّرهم من هذا الخطر، فتحرروا عن طريق الجيش اللبناني في تلال السلسلة الشرقية على الحدود، وفي جبال وأراضي القلمون في الداخل السوري عن طريق مقاتلي حزب الله، بصرف النظر عن موضوع الخلاف السياسي الداخلي القائم حول مبدأ مشاركة هذا الحزب اللبناني في حرب أو في قتال خارج لبنان، وبالتحديد في الأراضي السورية. وطبعاً، ان الحزب المشار إليه يبرر هذه المشاركة عبر القول انها لا بد منها <دفاعاً عن نفسه وعن المقاومة، وعن وجوده ودوره في المناطق اللبنانية الواقعة على طول الحدود الفاصلة مع سوريا...>.

 

اهالي-المخطوفينعرسال والسياسة

بعد الكلام الذي قاله السيد حسن نصر الله في خطابه لمناسبة يوم التحرير، سادت أجواء في مختلف الأوساط السياسية اللبنانية مفادها ان الحزب ربما فكّر في شن هجوم مباغت على هذه البلدة اللبنانية العريقة التي عانى سكانها اللبنانيون الأمرّين إبان الوجود الفلسطيني والهيمنة الفلسطينية حيث كان مطلوبون، كما يقال، يعبرون الحدود خلسة، وإبان الوجود العسكري السوري حيث كانت معظم عمليات تهريب البضائع والممنوعات تأخذ طرقها السالكة عن طريق عرسال وجرودها وتلالها من والى سوريا، الى حين تحوّلت عشوائياً كما معظم  القرى والمدن اللبنانية الى ملاذٍ لأفواج النازحين السوريين الى درجة أن بعض الإرهابيين الذين كانوا متمترسين في جبال القلمون أرسلوا عيالهم مع النازحين الى عرسال وكانوا يتردّدون عليها لزيارة عائلاتهم في أوقات معينة..

وإذا ما أضيفت هذه الوقائع الى ما رافق أحداث عرسال في مرحلة النزوح السوري الأولى والى تردّد بعض مسلحي <داعش> و<النصرة> وخصوم النظام السوري على عرسال، والى محاولة بعضهم التسلل عبرها وعبر تلالها الى داخل البقاعين الشمالي والجنوبي وتهديد أمن وسلامة أمن القاطنين داخل الأراضي اللبنانية، يمكن عندها فهم التداعيات الناشئة عن هذه الوقائع على صعيد التشنّج في الوسط السياسي، بحيث تحوّلت قضية أمن عرسال والعرساليين ووجود النازحين السوريين في تلك البلدة مع ما رافقها من وجود غير السوريين من المقاتلين ضد النظام السوري من بعض البلدان العربية خاصة الخليجية الى قضية وطنية، لا بل الى قضية خلافية، وتحوّل وجود الجيش اللبناني ودوره الأمني فيها وحواليها الى قضية خلافية، خصوصاً بعدما تمّ إجلاء المقاتلين - المجاهدين فيها ومعهم من وراء ظهر الجيش اللبناني وقوى الأمن اللبنانية مجموعة ضباط وجنود لبنانيون تحوّلوا الى رهائن في أيدي المنظمات الإرهابية وحيل بين الجيش اللبناني وقوى الأمن اللبنانية لأسباب سياسية باتت معروفة، وبين أي منهما (الجيش وقوى الأمن اللبنانية) لاستعادة الجنود والضباط والرهائن عبر استخدام القوة، مما ترك ردود فعل في جميع الأوساط اللبنانية على اختلافها، منها السلبي ومنها الإيجابي، فيما الرهائن لم تعد الى أحضان الجيش وقوى الأمن، وخضعت قضيتهم الى المساومات والمزايدات السياسية من هنا وهناك، والى مفاوضات شاقة خاض غمارها بجدارة ومسؤولية ومواجهة المخاطر ضابط لبناني قائد عريق ذو أعصاب فولاذية اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام. وبصرف النظر عما توصّل إليه اللواء إبراهيم في مفاوضاته مع الخاطفين ومع ممثلي المنظمات الإرهابية عبر الجهات التي توجههم سياسياً أو تدعمهم مالياً ولوجستياً، فإن المعلومات المبدئية تشير الى ان اللواء إبراهيم توصّل الى نتيجة إيجابية، لكن لبنان سيدفع بالنتيجة ثمنها...

الحكومة والجيش

نازحون-سوريون

لقد أصبحت قضية عرسال قضية وطنية بعد أن حوّلها البعض في السياسة الى قضية خلافية وهي كذلك. وكاد البحث في هذه القضية من ناحية المبدأ يطيّـر الحكومة الواقفة على كف عفريت، لولا حكمة وبُعد نظر رئيسها تمام سلام الذي وجّه نداء حاراً الى اللبنانيين في خطابه أثناء احتفال <الميدل إيست> مساء يوم السبت الماضي لمناسبة اليوبيل السبعيني لهذه المؤسسة اللبنانية العريقة التي يعتبر نجاحها وتطورها في ظروف لبنان الصعبة عنواناً للنجاح المطلوب للوطن. هذا النجاح الذي سجّله المسؤولون عنها من رئيسها محمد الحوت، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمطلوب أن يسجّله المسؤولون السياسيون والقادة - حسب الرئيس سلام - في إنقاذ لبنان من الأزمة الخانقة التي تقضّ مضاجع شعبه وتنتهك قواه وتشلّه، على أن يكلّل النجاح المطلوب بانتخاب رئيس جديد للبلاد...

حكومة الرئيس سلام انتهت الأسبوع الماضي وهي واقفة على شوار الأزمة إن لم نقل على كف عفريت بفعل الصراع السياسي على منصب قيادة الجيش ومخاطر تحويل التنافس على احتلال المناصب الأمنية الى نقل هذا الصراع السياسي بين 8 و14 آذار الى القوى الامنية وفي طليعتها الجيش وقيادته.

لقد سجلت قيادة الجيش نقلة نوعية لم تكن منتظرة وليست مرتجلة عبر قرارها إدخال الجيش اللبناني الى داخـــل بــــلدة عرسال وإنهاء <التراجيديا> الأمنية حولها، وبقيت <التراجيديا> السياسية. وفي هذا المجال، فإن مبادرة إدخال الجيش اللبناني الى عرسال تسجّل كنقلة نوعية واعية وحكمة وجرأة للقائد العماد جان قهوجي، وإن كان ذلك قد تمّ برعاية ومواكبة حكومية عبّرت عن حرص إقليمي ودولي على دوام الأمن في لبنان وعدم تفجير حكومة الرئيس سلام من الداخل وإدخال البلد في دوامة خطرة عبّر عنها قرار الخارجية الأميركية الأخير بتجديد نداء حظر سفر الأميركيين الى لبنان.