تفاصيل الخبر

مواقف متناقضة لـ8 و14 آذار حول النتائج المرتقبة والقاسم المشترك بقاء الاستحقاق الرئاسي خارج الأولويات الدولية!  

09/10/2015
مواقف متناقضة لـ8 و14 آذار حول النتائج المرتقبة والقاسم المشترك بقاء الاستحقاق الرئاسي خارج الأولويات الدولية!   

مواقف متناقضة لـ8 و14 آذار حول النتائج المرتقبة والقاسم المشترك بقاء الاستحقاق الرئاسي خارج الأولويات الدولية!  

assad-putin إذا كانت الأوساط السياسية اللبنانية تلتقي على اعتبار أن التدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية يغيّر قواعد اللعبة في المنطقة ويخلط الأوراق على نحو غير معروف النتائج، فإن هذه الأوساط تختلف حول تقييم ما بعد هذا التدخّل وإن كانت تجزم بأن مرحلة ما بعد 30 أيلول/ سبتمبر 2015 ستكون حتماً مختلفة عما كانت عليه قبل هذا التاريخ في مسار الحرب السورية. وفي الوقت الذي انصرفت فيه هذه الأوساط الى تحليل ما يمكن أن تتركه هذه التطورات من انعكاسات سياسية وميدانية على الوضع في لبنان، سجلت مصادر متابعة قراءات لبنانية متناقضة حيال المشاركة الروسية المستجدة لم تخلُ من بعض <التمنيات> والمخاوف في آن، وذلك تبعاً لكل طرف، لاسيما وأن دخول روسيا مباشرة في الحرب السورية يحصل في وقت يغرق لبنان في متاهات تعطيل مؤسساته الدستورية وتحرك هيئات المجتمع الأهلي فيه من دون أي أفق واضح، فيما الوضع الأمني يحافظ على استقرار هش عرضة في أي لحظة للتراجع لأن عوامل <التوتير> قائمة في أكثر من اتجاه.

14 آذار: <بوتين> تورّط

المصادر نفسها اعتبرت أن اختلاف وجهات نظر المرجعيات السياسية حيال ما استجد في سوريا يبدو أمراً طبيعياً طالما أن نقاط الالتقاء بين هذه المرجعيات تتراجع باستمرار وفي أكثر من مجال، إلا ان اللافت هو اعتبار فريق من السياسيين اللبنانيين المؤيدين للمعارضة السورية والمنضوين تحت راية قوى 14 آذار (التي لا تملك رؤية موحدة حيال ما يجري) ان <التورّط> الروسي في الحرب السورية ستكون له نتائج سلبية على الرئيس <فلاديمير بوتين> الذي <سيستعدي> العالم الإسلامي السني الذي يدعم إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسيجعله في خصومة مع الدول الإسلامية التي سبق أن أعلنت دعمها للمعارضة السورية وإن كانت تميّز بينها وبين التنظيمات الإرهابية وأبرزها <داعش> و<جبهة النصرة>، ومثل هذه الخصومة من شأنها أن تقيم تكتلاً إقليمياً ودولياً يُصبح على تجاذب دائم مع الروس الذين يخسرون بذلك أصدقاء من دون أن يربحوا حلفاء. ويضيف هؤلاء ان الدخول الروسي قد يؤدي الى منع سقوط نظام الرئيس الأسد تحت وطأة الضربات العسكرية المتتالية، لكن <تورّط> الروس في المستنقع السوري سوف يرهقهم ويدفعهم تالياً الى القبول بالتسوية التي يعمل عليها الغرب والتي سوف تكون حتماً على حساب استمرار الأسد في الرئاسة السورية، وبذلك تشترك موسكو - من حيث تدري أو لا تدري - في إخراج <حليفها> من اللعبة وقيام سلطة سورية ائتلافية تُراعى فيها مصالح الجميع، وبذلك تكون <حصتها> من التسوية مختلفة عن حصتها فيما لو نجحت في المحافظة على النظام السوري بكل أركانه. أما على الصعيد اللبناني، ففي رأي هؤلاء أن حل الأزمة في لبنان سوف يتأخر نتيجة المضاعفات في الجوار السوري، إلا أنه لن يكون في النهاية لصالح قوى 8 آذار، ولاسيما حزب الله الذي سيخرج من معادلة الحل الإقليمي والدولي، لأن من سيفاوض الفريق الآخر سيكون الروس أنفسهم بالتشاور المحدود مع إيران، أي ان لا مكان لحزب الله في <حوار الكبار>. واستطراداً فإن الشق الرئاسي من الاستحقاقات اللبنانية بعد مرحلة التسوية في سوريا سيكون لصالح الخيار التوافقي الإلزامي لهوية الرئيس العتيد لأنه لن يكون في مقدور حزب الله والحلفاء أن يفرضوا شروطهم على طاولة الرئاسة الأولى بل سيقبلون بما يتفق عليه <الكبار> طالما أن الحل سيكون شاملاً.

8 آذار: الأسد لم يعد وحده

 

أما على خط قوى 8 آذار، فإن المشاركة الروسية المباشرة في الحرب السورية تشكّل في نظر هذه القوى، تطوّراً مهماً لصالح النظام السوري الذي لم يعد وحيداً مع حزب الله وإيران في الدفاع عن نفسه، بل أصبحت روسيا بقواها البحرية والجوية (وربما البرية قريباً) في الساحة لمواجهة الإرهابيين بنسبة كبيرة، و<المعارضة> بنسبة أقل، خصوصاً ان القصف الجوي الروسي لم يركز فقط على مواقع <داعش> و<جبهة النصرة>، بل شمل أيضاً مواقع لـ<المعارضة المعتدلة> التي يعمل المجتمع الدولي على تهيئتها لتكون شريكة أساسية في المفاوضات مع النظام بإشراف المجتمع الدولي كمقدمة لإسقاط الرئيس الأسد سياسياً و<تسووياً> بعد تعذّر إسقاطه عسكرياً فقط. وفي اعتقاد مصادر في 8 آذار أن <التوازن> الذي سيحققه الحضور العسكري الروسي الميداني يتجاوز <الإنجازات> العسكرية ليفرض ثقلاً معنوياً لا يمكن تجاهله، لأن الرئيس الأسد لم يعد وحده في المواجهة، ولأن موسكو تفرض نفسها طرفاً أساسياً في الحل الذي يتم تركيبه. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة أن الرئيس <بوتين> ما كان ليتحرّك بقوة في سوريا ويكثف ضرباته ضد الجماعات المسلحة لولا أنه شعر بأن ثمة صيغة حل يجري التحضير لها للأزمة السورية من دون أن تكون موسكو شريكة فيها، وهذا ما دفعه الى الإسراع في التدخّل العسكري ليقول للآخرين بأنه موجود على الساحة ولا بد من الحديث معه ومشاركته في أي صيغة يجري العمل لها مع الأمم المتحدة عبر المندوب الدولي <ستيفان دي ميستورا> أو مباشرة من دون وساطة أُممية.

وإذ أكدت المصادر نفسها أن الدخول الروسي على خط الحرب السورية سيترك أثراً كبيراً على مسار الأحداث وسيشكل نقطة تحوّل استراتيجية في موازين القوى الميدانية والسياسية، دعت الى عدم التسرّع في إطلاق الاستنتاجات والترويج لمخارج أو نتائج محتملة، لأن الغارات الروسية لن تتوقف في مدى قريب، وهي مختلفة نوعاً وأهدافاً عن غارات قوى التحالف التي لم تؤثر كثيراً على تمدّد <داعش> و<جبهة النصرة>، في حين أن العمليات العسكرية الروسية ستنطوي خلال الأيام الآتية على فعالية كبرى، وأن ما تم حتى الآن ما هو إلا دفعة على الحساب! واستغربت المصادر نفسها <تخوّف> بعض السياسيين اللبنانيين <المتأثرين> بمواقف الخارج، على مصير <المعارضة المعتدلة>، وتساءلت: أين هي هذه المعارضة مع استمرار تقدّم التنظيمات الإرهابية التي لا تحسب لها أي حساب في المعادلات الميدانية؟ داعيةً الأطراف اللبنانيين في <الفريق الآخر> الى التسليم بأن ما بعد التدخل الروسي ليس كما قبله، وان قواعد اللعبة تغيّرت في سوريا، بل في المنطقة.

أما في ما خص الاستحقاق الرئاسي، فإن مصادر 8 آذار تلتقي مع 14 آذار على اعتبار أن التطورات المستجدة في سوريا <ستعلّق> البحث في الملف الرئاسي اللبناني على المستوى الإقليمي والدولي، وهو معلّق أصلاً على الصعيد الداخلي، وبالتالي فلا انتخابات رئاسية في المدى المنظور، علماً أن الحضور الروسي العسكري والضربات المتتالية ستُحدث واقعاً ميدانياً جديداً في سوريا، له امتداداته السياسية التي تطاول <شظاياها> الشق الرئاسي من الاستحقاقات اللبنانية المتنوعة، لاسيما لجهة <تقوية> خط الممانعة ومن يمثله في معركة الرئاسة اللبنانية.

stephan-di-misturaانعكاسات ايجابية على لبنان؟

في غضون ذلك، تبدي مصادر <محايدة> اعتقادها بأن التدخل العسكري الروسي في سوريا سيُبقي الوضع العسكري متفجراً ويزيد من مخاطر النزوح السوري في اتجاه الأراضي اللبنانية، إلا أنه في المقابل قد يدفع بالمسلحين الإرهابيين تحت وطأة الغارات الجوية المتتالية والمتشعّبة الاتجاهات الى إخلاء مناطق سبق  أن انتشروا فيها، ما سيفسح في المجال أمام تقدّم قوات النظام لإعادة السيطرة عليها، ما قد يسمح في المستقبل بعودة ولو جزئية لسكان هذه المناطق، والأفضلية ستكون للنازحين الى لبنان، نظراً الى القرب الجغرافي من جهة، ولاستمرار الحدود اللبنانية - السورية مفتوحة في وجه حركة التنقّل خلافاً لما هو عليه الوضع بالنسبة الى الحدود مع تركيا والأردن والعراق. إلا أن المصادر <المحايدة> أبدت خشية من أن يكون هدف المشاركة الروسية المحافظة على المناطق التي لا يزال فيها النظام سواء في دمشق أو اللاذقية والخط الساحلي لتأمين مساحة جغرافية متصلة بعضها مع البعض الآخر، مقابل المناطق التي سيطر عليها الإرهابيون وأقاموا فيها <دولتهم> وقوانينهم وأنظمتهم وعاداتهم... لافتة الى أن مثل هذا الأمر يخلق أمراً واقعاً يجعل من التقسيم في حال حصوله أكثر سهولة، أو على الأقل تتكرر تجربة الحكم الذاتي في سوريا كما في دول أخرى من بينها العراق.

وتلتقي هذه المصادر مع القائلين بأن التطورات الميدانية المستجدة ستجمد كل مسعى دولي أو إقليمي لإيجاد حل للأزمة اللبنانية المستعصية بكل وجوهها، وأنه لا بدّ من انتظار ما سيستجد من تطورات قبل الجزم بما سيكون عليه مسار الحرب في سوريا من جهة، ومسار <التسوية> في لبنان من جهة ثانية. لكن هذه المصادر رأت أن ثمة إيجابية يمكن أن تصبّ في مصلحة تعزيز الاستقرار في لبنان، وتتعلق بخطوط التماس في جرود البقاع، لاسيما في عرسال وضواحيها حيث تعتقد المصادر بأن اشتداد الضغط على الإرهابيين المنتشرين في الأراضي السورية قد يدفع بالتنظيمات الإرهابية الى سحب عناصرهم من محور عرسال وجرودها وخطوط البقاع الشرقي، الأمر الذي <سيريح> الجبهة اللبنانية ويخفف الوطأة على الجيش اللبناني الذي يواجه رجاله ببسالة الإرهابيين الذين يتحينون الفرص للانقضاض على الجيش والقرى اللبنانية المتاخمة للحدود. وفي هذا السياق، تقول مصادر عسكرية لبنانية إن الضربات الجوية الروسية وما يمكن أن يليها من عمليات عسكرية نوعية ضد <داعش> و<جبهة النصرة> ومن يتفرع عنهما من تنظيمات شقيقة، تُحدث إرباكاً في صفوف الإرهابيين وضياعاً ميدانياً يجعلهم هدفاً مباشراً وسهلاً للجيش، إذا ما أرادوا التحرّك في اتجاه مواقعه أو المناطق اللبنانية المتاخمة. وتوقعت المصادر أن تحمل التطورات الميدانية المتسارعة بعد الدخول الروسي المباشر، معطيات ميدانية جديدة، يُؤمل أن تساعد على ترسيخ الاستقرار الأمني في لبنان وتزيل خطر تقدّم الإرهابيين على خط حمص - شمال لبنان الذي يبقى الحلقة الأضعف في الخاصرة اللبنانية.

وتختصر المصادر نفسها الوضع بالقول إن أمام لبنان مرحلة إضافية من الانتظار وسط الفراغ الذي يعيشه، وهذه المرحلة لا توقيت لها ولا حدود... وهذا ما يزيد الإرهاق اللبناني ويعمّم الفراغ، لكنه لن يمس الاستقرار الأمني الذي لا يزال محور عناية الكبار من أصحاب القرار!