تفاصيل الخبر

مواقــف ايجابيـــة ذللت العقبـــات ودوّرت الزوايـــا وجعلت ولادة الحكومــة ممكنة بأقــل خسائـر... للجميــع!

16/12/2016
مواقــف ايجابيـــة ذللت العقبـــات ودوّرت الزوايـــا  وجعلت ولادة الحكومــة ممكنة بأقــل خسائـر... للجميــع!

مواقــف ايجابيـــة ذللت العقبـــات ودوّرت الزوايـــا وجعلت ولادة الحكومــة ممكنة بأقــل خسائـر... للجميــع!

 

بري-و-فرنجية لن ينقضي هذا الأسبوع إلا وتكون الحكومة الثانية التي يشكلها الرئيس سعد الحريري قد أبصرت النور وفق صيغة تسووية يُفترض ان ترضي غالبية الكتل النيابية ولا تغضب إلا القليل منها. هي بالتأكيد لن تكون حكومة العهد الأولى، كما يقول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكنها حتماً الحكومة التي ستحضر للانتخابات النيابية التي ستجري مبدئياً في شهر أيار (مايو) المقبل بحيث تخلفها الحكومة التي ستكون سياسياً حكومة العهد الأولى، ولعل هذا السبب هو الذي دفع بالرئيس عون الى اظهار مرونة في التعاطي مع عملية التأليف التي تجاوزت الشهر، ما مكّن من توفير مناخات ملائمة ذللت العقد الواحدة تلو الأخرى بما فيها <عقدة> تمثيل تيار <المردة> الذي أصرّ رئيسه النائب سليمان فرنجية على نيل حقيبة الأشغال العامة والنقل، وكان له ما أراد بعد عملية <تنتيع> طويلة دخل على خط وقفها الرئيس نبيه بري الذي <تنازل> عن وزارة الأشغال ليقدمها الى حليفه الحقيقي ومرشحه الأول لرئاسة الجمهورية كي يبقى فرنجية رقماً صعباً في المعادلة الوطنية عموماً والتركيبة الحكومية خصوصاً.

وفيما أوحت الساعات القليلة الماضية ان تفاهمات حصلت على غير صعيد أدت الى تليين المواقف السياسية، فإن الأوساط التي تتابع عملية التأليف تحدثت عن <مرونة> ظهرت في مواقف قيادات أساسية في البلاد كثفت الاتصالات في ما بينها وأبرزت الايجابيات وعالجت السلبيات، فكانت ولادة الحكومة. ولعل أبرز مظاهر الليونة في مقاربة الملف الحكومي، ظهر من بعبدا نفسها حيث قالت المعلومات ان الرئيس عون أوصى معاونه السياسي الوزير جبران باسيل بتدوير الزوايا، وذلك نتيجة التواصل المستمر بين الرئيس عون وبين حزب الله سواء مباشرة أو مداورة من خلال لقاءات جمعت الوزير باسيل مع مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، وكانت المواقف تتحدث عن رغبة في وقف استمرار الأزمة الحكومية والخروج بتركيبة قبل حلول الأعياد سوف تترك انطباعات ايجابية يمكن استثمارها اقتصادياً واجتماعياً. وسُجل في هذا السياق اعلان الرئيس عون ان بناء الدولة العادلة والقوية ورشة وطنية تتسع للجميع ولا مجال لاستثناء أحد، وأقرن الرئيس عون موقفه المعلن بسلسلة مواقف ظلت بعيدة عن الإعلام ووصلت مشفّرة الى أصحابها الذين لم يستهلكوا وقتاً طويلاً في فك رموز هذه الشيفرة، فاعتبروا ان إشارة التسهيل من بعبدا انطلقت وبقوة هذه المرة.

بري يرضي فرنجية والحريري يتجاوب.

أما العامل الثاني الذي ترك مردوداً ايجابياً، فكان عودة الرئيس نبيه بري الى الأسلوب الهادئ بعدما أفرغ في وقت سابق ما في جعبته من مواقف لم تخلُ من السهام التي أصابت أكثر من عصفور بسهم واحد، لذلك كانت <بشارة> الرئيس بري بأن الأجواء <أكثر من ايجابية حيال تأليف الحكومة>، في وقت غصت فيه دار الرئاسة الثانية في عين التينة بوفود الزائرين والمستفسرين ووسطاء الخير، وأتت قمة الاشارات فرنجية-و-الراعيالايجابية، ما قاله <أبو مصطفى> بأن أحداً لن يُوقع بينه وبين الرئيس عون، وان لا رغبة لأحد بافتعال المشاكل لاسيما إذا كان طرفها بالفتنة مبلولاً!

والعامل الثالث كان عودة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مجدداً على خط الاستحقاق الرئاسي من خلال زيارته الرئيس عون في بعبدا واعلامه بالمساعي التي ستبذل مع الأطراف المعنيين ولاسيما النائب فرنجية لتوسيع دائرة المصالحة المارونية وكسر الجمود الذي اعترى العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية. وللتأكيد على <ايجابية> الرئيس، كان الموقف الذي أعلنه البطريرك من قصر بعبدا بالذات ودعوته الى التعاون مع رئيس الجمهورية الذي يعمل من أجل حكومة جامعة وتوحّد. ولم يمض <الويك اند> إلا وكان النائب فرنجية في بكركي يعلن تجاوبه مع مساعي البطريرك من دون أن يقرن هذا الموقف بأي لفتة ايجابية حيال الرئيس عون و<التيار الوطني الحر> ما عرقل ما كان يسعى البطريرك للقيام به، وهو التواصل هاتفياً بين الرئيس عون والنائب فرنجية ودعوته لزيارة قصر بعبدا لطي صفحة الخلافات نهائياً، لكن الاتصال لم يتم ولا الزيارة الى القصر تمت، واستمرت الرسائل المشفّرة تنطلق من هنا وهناك لتنتهي في عين التينة مع الاعلان عن <تنازل> الرئيس بري عن وزارة الأشغال واعطائها له.

أما العامل الرابع الذي عجّل بالوصول الى مخارج ايجابية برسم الحكومة، فكان موقف الرئيس المكلف سعد الحريري الذي تابع بخفر موضوع التشكيل، وتوافق مع <حليفه> الرئيس بري على سلسلة نقاط ايجابية لأنه سبق للرئيس بري وان مرّر بهدوء اعتراضات أتت من هنا وهناك، وكان الرئيس الحريري واضحاً لجهة ضرورة انجاز التأليف كي لا تحل الأعياد والبلاد من دون حكومة جديدة مع العهد الجديد! وفُهم ان التوجهات التي أدلى بها الرئيس الحريري أمام زواره جعلتهم يتأكدون من أن الحكومة باتت قريبة بعد تذليل الكثير من العقبات من أمامها، وبدا الحريري مستعداً لتقديم <تنازلات> إذا لزم الأمر، وكان سقفها عدم التخلي عن وزارة الاتصالات، وكل الباقي قابل للنقاش، ومنها الفكرة التي اعتُمدت جزئياً في نهاية المطاف، أي إعادة توزيع لعدد محدود من الحقائب لم يتجاوز فعلياً الحقائب الثلاث التي دارت حولها علامات الاستفهام، وهي الأشغال، والطاقة والمياه، والتربية!

مواقف نصر الله خارطة طريق

وبقي العامل الخامس، وهو الأهم، والذي تمثل بما أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في لحظات دقيقة من عمر الوطن من <تطمينات>الى جميع الأطراف، القلقين منهم وغير القلقين، بأن الحكومة العتيدة هي حكومة انتقالية مهمتها محدودة و<صلاحيتها> محددة أصلاً بأسابيع قليلة بعد الانتخابات النيابية. وأتى كلام <السيد> الذي وصف بـ<الموضوعي> عن <القوات اللبنانية> ليرسم خارطة الطريق التي اعتمدت لاحقاً للوصول الى خواتيم سعيدة للأزمة الحكومية التي أراد السيد نصر الله فصلها عن تطورات الخارج وحصرها بالشأن الداخلي. وهكذا لم تكن دعوات السيد نصر الله صرخة في وادٍ بل تردد صداها عملياً بعد ساعات قليلة من اطلاقها، خصوصاً لدى <القوات اللبنانية> التي تجاوبت مع الرغبات الكثيرة في إزالة العقبات أمام ولادة الحكومة، لاسيما لجهة القبول بإحــــداث تبديل في الحقائب أسفر انتقالاً لوزارة الأشغال من عين التينة الى بنشعي، واحلالاً لـ<القوات> في وزارة الصحة التي تعتبر وزارة أساسية أيضاً، وادخال وزارة العدل ضمن الحقائب المستبدلة بعدما كانت ستذهب الى الحزب التقدمي الاشتراكي عبر الوزير مروان سعد-حريري-و-عونحمادة، على أن ينال بري العمل والزراعة.

وتقول مصادر متابعة ان هذه المواقف الايجابية صبت كلها في مصلحة انجاز الاستحقاق الحكومي على قاعدة <لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم> ما جعل ولادة الحكومة ممكنة بعد عملية <رتوش> على الحقائب والأشخاص كي تكون متناسقة، إضافة الى اعتماد مبدأ <التعويض> على الذين قبلوا بالتبديل في الحقائب سواء عن طريق زيادة حصصهم أو حقائبهم <كي لا يخرج أحد من المولد بلا حمص>!

وتؤكد المصادر المتابعة لعملية التأليف ان التجاوب الداخلي مع سلسلة الايجابيات التي برزت من خلال الاتصالات التي تكثفت مع بداية الأسبوع، توافرت له مواكبة خارجية تمثلت بالمتابعة الدقيقة لعدد من الديبلوماسيين العرب والأجانب الذين <تمنوا> على أفرقاء سياسيين تسهيل ولادة الحكومة العتيــــدة قبل حلـــــول الأعياد، ليتمكن اللبنانيون من استقبال الأعياد والعــــام الجديـــــد في منــــاخ ايجــــــابي ستكـــون له أصداء طيبة في الخارج، لاسيما لدى الدول التي تحضّر مؤتمر دعم لبنان مع مطلع السنة الجديدة، خصوصاً ان المواعيد المقترحة لذلك المؤتمر تتراوح بين منتصف كانون الثاني (يناير)المقبل وأوائل شباط (فبراير) المقبل، علماً ان هذه المهلة مقبولة لاعداد البيان الوزاري ومثول الحكومة أمام مجلس النواب ونيلها الثقة، لتبدأ بالعمل وفق <الأجندة> التي تعطي الأولوية لإقرار قانون انتخابي جديد بالتزامن مع تحصين الجبهة الداخلية وحماية الاستقرار الذي يعد ــ ان هو استمر ــ بتحسن تدريجي في الأوضاع الاقتصاديـــــة التي من مؤشراتهـــــا المشجعــــة تزايد الحجوزات في الفنادق اللبنانية خلال فترة الأعياد، وتعبئة الرحلات الجوية الى بيروت باعــــداد مـن الــــزوار والسياح العــــــرب والأجانب.