تفاصيل الخبر

منفذ مجسم الثورة في ساحة الشهداء طارق شهاب: أضفنا كلمة ”للوطن“ بالأسود العريض على المجسم الجديد لأن الثورة هي لنا كلنا!

06/12/2019
منفذ مجسم الثورة في ساحة الشهداء طارق شهاب: أضفنا كلمة ”للوطن“ بالأسود العريض على المجسم الجديد لأن الثورة هي لنا كلنا!

منفذ مجسم الثورة في ساحة الشهداء طارق شهاب: أضفنا كلمة ”للوطن“ بالأسود العريض على المجسم الجديد لأن الثورة هي لنا كلنا!

بقلم عبير انطون

وسط العاصمة بيروت، وفي ساحة الشهداء ارتفع مجسم الثورة، وفي ارادة لثوار 17 تشرين على لا مركزيته، ولد له اخوة، وان باحجام مختلفة في العديد من المناطق اللبنانية. بغير عملية الحرق التي تعرض لها من قبل ملثّم مجهول قبل ان يعود وترتفع قبضته من جديد في مكانه على وقع هتافات <ثورة ثورة>، فقد تعرّض أيضا لتحميلات وتأويلات، من بين الثوار حتى، فمنهم من صفق له، ومن بينهم  من اعتبره <يساري الوجهة>، وبينهم حتى من اقحمه في حديث السفير الاميركي السابق في لبنان <جيفري فيلتمان> حول اذا ما كان يرمز الى اليد اليمنى بمن تمثل، او اليسرى والى من ترمز.

التأويلات والاجتهادات كما المقاصد والغايات رفعناها في <الأفكار> الى طارق شهاب صاحب الشركة التي نفذت المجسم، وأضأنا ايضا على <الفينيكس> الذي اطلقته الناشطة حياة ناظر خافقا بجناحيه امام المجسم  والذي له من جانبه قصة ايضا.

يقول طارق شهاب لـ<الأفكار> وهو صاحب شركة <ستيرو 3 د> (Styro 3D) ردا عن سؤالنا ان الشركة تأسست في العام 2015. اما دراسته فكانت الاعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، اعقبتها دراسة في مدريد الاسبانية حول التخصص في الشركات الناشئة وكيف يمكن <الاقلاع> بها من الصفر وبأفكار جديدة.

 وبما ان طارق <يعرف من اين تؤكل الكتف> نسبة لمجال دراسته وكيف يمكنه التسويق لفكرة جديدة، سألناه ان كان على معرفة مسبقة بأن المجسم الذي يصنعه للثورة سوف يجد كل هذا التأثير، وهنا يقول:

- للصراحة، أبدا، ونحن بدأنا المجسم بثلاث ارزات صغيرات، وبحكم ان اللوح جاء مترين بمتر واحد، بقيت لدينا مساحة فارغة، من هنا بحثنا عن اشارة تدل على الثورة فكانت القبضة التي أحبتها الناس، فجعلناها أكبر وتم تركيبها، وأجزم مؤكدا بأننا لم نتوقع، نحن الذين عملنا عليها، ان تحظى بهذا التأثير كله.

وعن ردة الفعل لما عرف ان المجسّم احترق حوالى السادسة صباحا من يوم الجمعة في الثاني والعشرين من تشرين الثاني في الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال وسط استعدادات  اللبنانيين لتقديم عرضهم المدني، والشعور الذي تملّكه قال طارق:

- لا أخفي بأننا كنا مستعدين لسماع خبر احتراقه، خاصة وان محاولة سبق وتمّت، او انه قد يكون عرضة للتكسير تماما كما تم تكسير الخيم في بيروت وكانوا يستطيعون بكل بساطة وسهولة ان يصلوا الى القبضة ويشعلوا النار فيها. لكن أن يتزامن ذلك وذكرى عيد الاستقلال فهذا ما لم نتوقعه صراحة. وردة الفعل من جانبنا كانت عفوية، لا بل لم نأخذ الوقت الكافي للسؤال عمن يمكن ان يكون قد أضرم النار فيها، وحتى لم نأخذ وقتنا لنحزن، اذ انصبّ إصرارنا على ضرورة تخطي ما حصل من خلال بناء مجسم جديد يكون جاهزا في بضع ساعات لاعادته الى الساحة. ركضنا الى الشركة وبدأنا بالعمل حتى يكون حاضرا لرفعه بعد الظهر من اليوم نفسه وقد استغرق العمل عليه من الساعة 08,55 صباحا لينتهي في الساعة 16,30 من بعد الظهر. وفي هذا المجال نحن محترفون جدا ومعروف عن شركتنا انجاز العمل السريع، ومعداتنا متطورة، ذلك ان مجال عمل شركتنا في ديكور الاعراس وديكور المولات وتصوير الاعلانات، فضلا عن انها تضم 25 عاملا ما يجعلنا نصمم، ننتج، ونركب بسرعة فائقة.

وعما اذا كان بين مساعداته صبايا عملـــــــــن على المجسم ايضا، نفى شهاب الامر، مؤكدا في الوقت عينه ان كما هائلا من الرسائل وصلهم من صبايا أبدين استعدادهن للمساعدة والبعـــــــــــــض منهن واكبن العمل على المجسم الجديد في الشركة

ومن ثم لدى تركيبه ورفعه في الساحة.

اما ابقاء مواده على الخشب وليس الحديد الاكثر امانا في حال الحريق، فقد يكون مرده الى الوقت الضاغط طبعا كما يقول طارق، الا ان السبب الرئيس هو الهدف منه اي الرمزية التي يحملها وليس التحدي في ابقائه، و<كلما احترق مرة سنعيد صنعه من جديد>.. القصة ليست <كم لوح خشب>.

 وعن نسخ المجسم التي انتشرت في العديد من المناطق اللبنانية حيث الساحات تشهد التجمعات واذا ما كانت من تنفيذ شركته ايضا، يجيبنا شهاب:

- رفعنا المجسم في ساحة الشهداء التي هي ساحة لكل لبنان، وطلب منا ان ننفذه ايضا ليكون في زحلة، طرابلس، سعدنايل، الذوق وفي جل الديب. لم نرد يوما ان يكون المجسم الا جامعا للمناطق، ولم نرد للحظة ان يشكل المجسم او القبضة عامل استفزاز للاشخاص غير المؤيدين للثورة، ومنهم من لا يزالون ينشدون الغطاء سياسي او يتبعون سياسيين لسبب او لآخر لأنهم اعتادوا لسنوات طوال على ذلك، وقد يتطلب الأمر وقتا حتى يتيقّنوا انها ليست ثورة ضدهم انما هي ثورة لكل لبنان، ولاجل ذلك كتبنا عليها <للوطن> بالأسود العريض اي للوطن كله. فقد اردناه رمزا جامعا وغير مفرّق..

 

عتب.. تهديد؟

 

وعما اذا وصلته والفريق المساعد رسائل <عتب> او تهديد لا سمح الله، يقول طارق:

ــ بكل صراحة، وما استغربه فعلا، هو انه لم يصلنا اي اتصال او رسالة سلبية حتى. لقد وصلتنا رسائل بالالاف جميعها ايجابية ومشجعة وتعبر عن امتنان الناس وشكرهم وفخرهم بنا وكأنهم مدينون لنا بما يرمز اليه هذا المجسم، وكأنها كانت <حرقة> في قلبهم، او صرخة مخنوقة الى ان اتت الثورة، وكأننا اعدنا لهم الثقة بالثورة التي في داخلهم وكانت بمثابة الحلم لهم.

وعما اذا كان شخصيا متفائلا بنتائج الثورة التي دخلت شهرها الثاني بايقاعات تختلف بحسب الايام والمسائل المطروحة، اوجز شهاب قوله بعبارة واحدة: لست متفائلا ولا متشائما... جل ما اقوله هو انني مؤمن ومتأمل.

وعن مجسمات او رموز جدية للثورة قد تأخذ أشكالا مختلفة في الآتي من الايام في مصنعه يقول شهاب:

ــ لا اعتقد، فما قدمناه اضحى رمزا للثورة، من دون ان نستثني التفكير بأمور اخرى، سلمية ايضا، ان سنحت لنا الفرصة.. ربما نعمل على شيء خاص بالميلاد حتى نوصل رسالة سلام ووحدة. لا زلنا في طور التفكير. لا شيء مخططاً له او منجزاً بعد.

لا يمين ولا يسار.. !

 نذكر هنا ان القبضة كانت قد اتخذت العديد من التأويلات، حتى ان منشورا وزع كتب فيه ان قبضة الثورة الجديدة التي رفعت في ساحة الشهداء طاولها تغيير لتمثل <يدا يمنى بدلا من يسرى>، بعد ان أبدى السفير الاميركي السابق في لبنان <جيفري فيلتمان> ملاحظة بان <اليد المرفوعة هي اليد اليسرى والتي تعني اليسار الشيوعي الذي كان يكن العداء لاميركا> الا ان ذلك كله ليس سوى نسج من الخيال، الأمر الذي يؤكد عليه شهاب تماما فنحن <اصلا لم نفكر في انجاز قبضة تمثل يدا يسرى او يمنى. ما تعنيه لنا القبضة هو الثورة، فقط لا غير. وعندما أضفنا تعبير <للوطن> الى القبضة الجديدة، فذلك انطلاقا من رغبتنا في توحيد الساحات، ومد اليد الى الجميع، الى كل الطامحين للتغيير وتحقيق مطالبهم>.

 والفينيق ينتفض..!

 

أمام مجسم الثورة، وفي ردة فعل على احراق قبضة الثورة، ارتفع نابضا وفي يوم الاستقلال نفسه طائر الفينيق منبعثا من رماده، كما لو انه من رماد المجسم نفسه الذي ضربته النيران، وتمّ تصنيعه من بقايا حديد الخيم التي قد سبق وتمّ تكسيرها في

الساحة، في رمزية لتحويل الدمار والتخريب الى فن وابداع وتذكير للبنانيين بعدم فقدان الامل والقيامة مجددا.

وعلى وقع النشيد الوطني اللبناني، وبمساعدة أياد كثيرة من الثوار الحاضرين من مختلف الانتماءات والطبقات والمناطق، كان الطائر ينتفض، يرتفع. اصرت حياة ناظر الناشطة الاجتماعية والفنانة الطرابلسية الاصل، اللبنانية الانتماء، على رفعه في صرخة اطلقتها بانه ان لا يمكن  <ان يحرق احد ثورتنا>. اطلقت فكرته، بعد ان كانت قد رسمته ايضا باسلوب الغرافيتي على <جدار الثورة> كما اطلق عليه. وعلى الجدار ترتفع خلف الفينيق السنة اللهب من غابة تحترق تيمنا بالحرائق التي

التهمت احراجنا اللبنانية قبل ايام على اندلاع شرارة الثورة.

 بالعودة الى الفينيق امام المجسم، فبعد ان هالها مشهد تهديم الخيم راحت ناظر تجمع بقايا الحديد ليلتف من حولها ممن كانوا في الساحة اذ هبوا للمساعدة من دون اي تلكؤ. نصبوه وربطوا اجزاءه بالاسلاك الحديدية الرفيعة وبعض اعمال التلحيم قبل الطلاء والاضاءة، ووضعت تحته بعض الاواني التي استخدمها المتظاهرون من ملاعق وطناجر وغيرها استخدمت في الثورة، حتى ان فرقة في العرض المدني حملت اسم <فرقة الطناجر>..

 أصرت حياة ان يأخذ مجسم <الفينيكس> رقما فيكون النسخة رقم 1 حتى اذا تم احراقه او التعدي عليه ترتفع نسخة اخرى ثانية او ثالثة او حتى عاشرة منه، فالثورة لا تموت، وكما طائر الفينيق ينبعث من رماده هكذا الثورة تنبعث من رمادها ايضا... ومع تأكيد ناظر على ان المجسم الجديد ليس موجها ضد أحد، اكدت مجددا ان الثورة للجميع.