تفاصيل الخبر

مناصرو ”الكتائب“ و”القوات اللبنانية“ جمعتهم الساحات فهل يشكل تلاقيهم مقدمة لترميم الجسور بين الحزبين؟

06/12/2019
مناصرو ”الكتائب“ و”القوات اللبنانية“ جمعتهم الساحات فهل يشكل تلاقيهم مقدمة لترميم الجسور بين الحزبين؟

مناصرو ”الكتائب“ و”القوات اللبنانية“ جمعتهم الساحات فهل يشكل تلاقيهم مقدمة لترميم الجسور بين الحزبين؟

 

باعدت في ما بينهم السياسة والحزبية... وقربت في ما بينهم ساحات الاعتصام والتظاهر و<الثورة>، فهل تلتقي القيادتان بالتقاء القاعدتين؟

انهم شباب حزب <القوات اللبنانية> وحزب الكتائب اللبنانية الذين تنافسوا في ما مضى في المدارس ثم الجامعات والنقابات، لكنهم التقوا منذ بداية التظاهرات والاعتصامات، سواء في جل الديب أو في زوق مصبح، من دون أن يشاركوا معاً أو منفردين باعتصامات ساحتي الشهداء ورياض الصلح. وقد توزع وجود الكتائبيين و<القواتيين> على عدد من أقضية جبل لبنان لاسيما في المتن وكسروان وجبيل، فرفعوا الشعارات ذاتها ورددوا الهتافات الموحدة وحجبوا أعلامهم الحزبية ليحل محلها العلم اللبناني دون شعارات حزبية بل هتافات <الثورة> ومطالبها، ما يجعل من الصعب معرفة من هو الكتائبي ومن هو <القواتي>. وعندما اعتقلت الأجهزة الأمنية مجموعات منهم لأنهم قاوموا الجيش عند فتحه الطرق، ترافع المحامون أنفسهم عن المعتقلين كافة سواء كانوا من الكتائبيين أو من <القواتيين>، في لفتة قرّبت المسافات بين القيادتين الكتائبية و<القواتية>.

والسؤال الذي طرحته الأوساط السياسية تركز على التساؤل عما إذا كانت <الانتفاضة> سترمم الجسور بين الحزبين المسيحيين الكبيرين بعد تباعد يلقي كل طرف مسؤولية حصوله على الطرف الآخر، مصادر متابعة تؤكد ان <التعاطف> الذي ظهر بين الحزبيين من كلا الطرفين ستكون له بصمات على القيادتين، من دون أن يعني ذلك عودة المياه الى مجاريها بين الصيفي ومعراب لأسباب عدة وإن تبادل الحزبان <الورود> الكلامية، لكن ذلك لا يمحو سنوات من الخلافات في المناطق الشرقية حيث نفوذ الحزبين يتفاوت بين منطقة وأخرى. وفي هذا السياق يستذكر مسؤول كتائبي كيف تنافس الحزبان في الانتخابات النيابية الأخيرة ولم يحصل أي توافق في الدوائر كان يمكن أن يساعد في تأمين حضور كتائبي أكثر في مجلس النواب من الحضور الراهن، وكيف ان ماكينة <القوات اللبنانية> عملت ضد المرشحين الكتائبيين في مناطق عدة لضمان فوز مرشحي <القوات> لاسيما وان القانون الانتخابي على أساس النسبية والصوت التفضيلي فرز الأصوات وكشف قدرة كل طرف على استقطاب ناخبين ذلك ان امكانية التجيير لم تكن متوافرة. ويضيف المسؤول الكتائبي ان امكانية التلاقي مجدداً مع <القوات> تبقى واردة لاسيما وان الاتصالات بين الفريقين يمكن أن تتجدد في أي لحظة شرط توافر الرغبة المشتركة في إعادة وصل ما انقطع نتيجة مرحلة ما قبل الانتخابات والتي استمرت بعدها. وأكد المسؤول الكتائبي ان دفاع المحامين الكتائبيين عن الشبان <القواتيين> الذين اعتقلوا على هامش التحركات الشعبية هو دفاع طبيعي، ذلك ان المحامين يدافعون عن موقوفين بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية. وفي تقدير المسؤول الكتائبي نفسه ان حزب الكتائب يعتبر نفسه في خندق واحد مع كل المجموعات التي تحركت في <الثورة> بحيث كان التحالف <موضوعياً وغير إرادي> بسبب الواقع الحالي ما يجعل اللقاء غير منسق  لكن مرحباً به.

وعندما يُسأل المسؤول الكتائبي الرفيع عن امكانية عودة التحالف السياسي الارادي، يجيب بأنه من المبكر الحديث عن مثل هذا التحالف مع أي من القوى السياسية لئلا تسيّس الانتفاضة، ولا بد من انتظار انقشاع الرؤية وسط خلط الأوراق الحاصل في البلاد، وعند ذلك تكون كل الاحتمالات مفتوحة أمام خيارات متعددة.

أما في مقلب <القوات اللبنانية> فإن النظرة الى التناغم الكتائبي ــ <القواتي> الذي برز في التحركات الشعبية انه ابن ساعته، مع العلم، وفق مصدر <قواتي> بأنه لم تكن هناك خلافات عميقة بين الطرفين، لاسيما في ما خص الخيارات الكبرى التي يقول إنها كانت دائماً متطابقة. قد تحصل خلافات تكتيكية ــ يضيف المسؤول <القواتي> ــ إلا انه عندما تتحول القضية الى معيشية فلا بد أن يلتقي الطرفان في الساحات ويعتمدا الخطاب نفسه على أسس منطقية بحيث يصبح التقاء الشارعين طبيعياً جداً فيما عدم الالتقاء هو غير طبيعي. أما عن المستقبل، فيفضل المسؤول <القواتي> عدم استباق الأحداث والتحدث عن تحالفات لأن مثل هذا الأمر يتقرر من خلال الحسابات التي تفرضها طبيعة الانتخابات وعمل الماكينات الانتخابية والاحصاءات التي ترجح امكانية الفوز في هذه الدائرة أو تلك تبعاً للقاعدة الشعبية من جهة، وللحسابات التحالفية مع الأطراف الآخرين من جهة ثانية. ومع تأكيد المسؤول <القواتي> عدم وجود <تصفية حسابات> بين الحزبين خصوصاً في هذه الفترة، يشير الى انه في الحالات الصعبة والمصيرية لا بد أن يلتقي الحزبان ويؤسسا لنضال مشترك، فكيف إذا كانت الظروف الاقتصادية والمطلبية تفرض توحيد الجهود ؟

وفي هذا السياق، يقول المسؤول <القواتي> ان الحرب لم تكن يوماً ضد مشاركة حزب الكتائب في أي من الحكومات التي شكلت في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، كما انه لم يكن لـ<القوات> أي رأي في توزير كتائبي في حكومتي الرئيس سعد الحريري في عهد الرئيس ميشال عون، لأن من استبعد الكتائب عن التشكيلة الحكومية كان الوزير جبران باسيل الذي <طبخ> الحكومتين مع الرئيس بري من دون أن تُسأل <القوات> عن رأيها، علماً انها كانت ترغب في أن تمثل هي الكتائب في الحكومة وتنسق المواقف مع الحزب نفسه، لكن القيمين على حزب الكتائب رفضوا مثل هذا التنسيق وآثروا البقاء في المعارضة إلا ان اليوم ــ يضيف المسؤول <القواتي> ــ فان الصورة تختلف مع وجود الكثير من القواسم المشتركة، ومنها فكرة إحياء جبهة <14 آذار> في مقابل فريق الممانعة أو جبهة <8 آذار> وإن كان الظرف لم يسمح بعد بإعادة إحياء هاتين المجموعتين بسبب الاصطفافات التي لم تتضح معالمها بعد. لكن المسؤول <القواتي> لا يرى ان فكرة إحياء <14 آذار> لها صداها في المرحلة الراهنة، لأن أركان <الثورة> لا يريدون تجيير انتفاضتهم الى أحزاب أو كتل حزبية ويفضلون أن تبقى على طابعها الشعبي البعيد عن اي تسييس، لاسيما وان الشعارات التي رفعت والتي تستهدف اداء وممارسات الأحزاب التي توالت على السلطة، تصيب في مكان ما <القوات اللبنانية> التي شاركت في كل الحكومات بعد العفو عن رئيسها الدكتور سمير جعجع في عهد الرئيس سليمان وفي النصف الأول من عهد الرئيس عون.

في أي حال، ليس من الأولويات في المرحلة الحالية، لكل من حزبي الكتائب و<القوات اللبنانية> الذهاب بعيداً في إحياء التحالف بينهما، لكن الالتقاء على قواسم مشتركة يخفف الضغط الذي كان حاصلاً على مستوى القاعدتين الكتائبية و<القواتية>، ويحد من المواجهات الكلامية، ويفتح الباب أمام احتمالات الالتقاء السياسي والتحالفي من جديد، ولكن هذا الأمر لا يمكن ان يتم بالسرعة التي يراها البعض، لأن الماضي لا يمكن نسيانه بسهولة و<الكوتا> بين الحزبين كبيرة تحتاج وقتاً لتصبح من التاريخ!