تفاصيل الخبر

من ”تولوز لوتريك“ الى مي شدياق!

03/11/2017
من ”تولوز لوتريك“ الى مي شدياق!

من ”تولوز لوتريك“ الى مي شدياق!

 

بقلم وليد عوض

may-chidiac

أخطر تجربة لاعلامي من لبنان هي مي شدياق الآتية من رحاب التلفزيون وحاملة الهموم السياسية دون خوف أو وجل مما جعلها عرضة لانفجار سيارتها وفقدانها ذراعاً وساقاً. وكان في الحسبان لحالة نادرة كهذه أن تعلن مي شدياق انسحابها من العمل الاعلامي والتفرغ للعناية بصحتها، والصحة تاج الانسان المكافح.

لكن مي شدياق عكست كل الحسابات، سافرت الى باريس، وخضعت لسلسلة من المعالجات الصحية، متسلحة بالصبر وطول الأناة، والقرار بمتابعة التحدي. وكان في متناول مي شدياق أن تتحول الى أميرة انتقام مستوحية من رواية <أمير الانتقام> للروائي الفرنسي الكبير <الكسندر دوماس> ولكنها أغلقت الباب وراء الماضي لتبحث عن المستقبل.

وقادتها شعلة البحث عن المستقبل الى انشاء <مؤسسة مي شدياق> مدعومة بالصداقات من كل حدب وصوب.وطبيعة الأنثى أن تهتم بجمالها وبهاء طلعتها، لكن مي شدياق التي هي بلا قدم ولا ذراع، أنطلقت من حادث السيارة لتنشئ لنفسها حياة ثقافية اجتماعية تستقطب الصبايا والفتيان المتشوقين الى أيام أفضل.

ولو كانت مي شدياق في أية عاصمة أوروبية، مثل لندن أو باريس أو روما أو برلين، لكانت محمولة على الراحات، ولها جوائز باسمها، وأفلام وثائقية عن حياتها الاعلامية ودورها التاريخي، ولكان لها تمثال نصفي تخليداً لكفاحها المرير.

أنثى آتية من الموت أطلقت روحها وراء آمال وتمنيات تكون درساً لكل من واجه قدراً مثل قدرها، وأياماً صعبة مثل أيامها، لكن الوقت لم يفت لمثل هذه المبادرات.

إن أهم رواية تلك التي بطلها الرسام الفرنسي <تولوز لوتريك> وعنوانها اسم لوحته <الطاحونة الحمراء> فنان شبه معاق، قصير القامة، مشهور بقبعته وقلمه الذي يشبه السيف المسلول. ومي شدياق تسير على خطى <تولوز لوتريك> فتنتصر على كل الصعوبات والتحديات وتجعل من حكايتها مع حادث السيارة الارهابي درساً لكل فتاة تخوض غمار الإعلام وتمتهن صناعة الكلمة.

حفلات مؤسسة مي شدياق، واطلالات مي شدياق، جعلت من هذه المرأة أيقونة اعلامية يشار إليها بالبنان، وفي رأيي ان مي شدياق هي التعبير اللبناني عن قدرة المواجهة وقوة الصمود.

وراءها عهد الوصاية السورية، ووراءها كل عمل ارهابي يعجز عن اسكات صوتها أو خنق حنجرتها.

ويا بنت الجبل كوني، كما تبغين ولكن لن تكوني إلا مي شدياق.