تفاصيل الخبر

من سيدات ”الفيوم“ الى واقع المرأة العربية ولوحة الـ”ستيريو“وسواها... ”غاليــري تــوت“ جســر تواصــل ما بيــن مصــر ولبــنان للفــن المعاصـــر!

10/08/2018
من سيدات ”الفيوم“ الى واقع المرأة العربية ولوحة الـ”ستيريو“وسواها...  ”غاليــري تــوت“ جســر تواصــل ما بيــن مصــر ولبــنان للفــن المعاصـــر!

من سيدات ”الفيوم“ الى واقع المرأة العربية ولوحة الـ”ستيريو“وسواها... ”غاليــري تــوت“ جســر تواصــل ما بيــن مصــر ولبــنان للفــن المعاصـــر!

بقلم عبير انطون

من ارض الكنانة الى بلد الارز يحمل ثمانية فنانين مصريين وفنانة لبنانية سلاما وكلاما ولوحات معبرة تنتمي الى مختلف انواع الفن الجميل لتعرض في <غاليري توت> الاولى من نوعها في لبنان عند منطقة فرن الشباك، بهدف تشكيل جسر تواصل ما بين البلدين العريقين وذلك في مختلف انواع الفن المعاصر ووسائله، فمن هم الفنانون العارضون، بم يتميزون واي لوحات حملها لنا المعرض حتى نتعرف عليها؟

<الافكار> التقت مؤسسة الـ<غاليري> باركت لها بالافتتاح وسألتها اولا بأن تعرفنا عن نفسها فقالت:

 - اسمي شيماء كامل درست في مصر العلوم السيكولوجية وتخرجت من <جامعة عين شمس> في عام 2001، امارس الفن التشكيلي كمحترفة منذ كنت في الجامعة وشاركت في العديد من المعارض الجماعية او المنفردة في سويسرا والمانيا وفرنسا وهولندا ومصر والبحرين. استقر الآن في لبنان الذي لم يسبق ان عرضت فيه منذ اقل ما يقارب السنوات الثلاث، وقد انتقلت اليه مع عائلتي لان زوجي لبناني وهو مصور محترف من دون ان يمارسه كفن.

 تنتمي رسوماتي ومشاريعي الفنية تضيف شيماء الى الفن المعاصر كما أنني اركز ايضا على رسم الـ<بورتريه> وغيره. ولدت فكرة الـ<غاليري> من خلفية الخلطة العائلية التي نشكلها زوجي وانا فهو لبناني وانا مصرية وكلانا فنان، فقررنا ان نخلق مساحة صغيرة في وسط بيروت هنا عند تقاطع عين الرمانة - فرن الشباك مخصصة لعرض الفن المعاصر تكون متاحة للفنون المختلفة وتشكل جسرا ما بين مصر ولبنان بحيث تتم استضافة اعمال لفنانين مصريين في لبنان كما قد يتم الامر في الاتجاه المعاكس أيضا...

 

<توت... توت>!

 هذه هي الخطوط الاولية لهوية الـ<غاليري> الذي افتتحناه في التاسع من تموز/ يوليو الماضي بحضور القنصل المصري في لبنان، تشرح شيماء اما اسمه <توت>، فيعود الى بنا الى مصر القديمة، اذ كان اسم اليوم الاول من الشهر الاول في السنة، والذي لا يوافق شهر كانون الثاني/ يناير في السنة الميلادية، انما يوافق تاريخ الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، بحسب الروزنامة الفرعونية القديمة التي كانت تعتمد على نهر النيل وفيضان مياهه وارتفاع منسوبها وتواريخ الزراعة والحصاد وهذا الأمر لا يعرفه الكثيرون.

وتضيـــف شيمــــاء الفخـــــورة بـ<غالـــــيري> هـــــو الاول مــــن نوعــــــه مــــــا بين مصر ولبنان الى المعنى الاول معاني عديدة اخرى جعلتها تختار الاسم:

التوت هو ايضا الفاكهة الشهية والطيبة، وهو ايضا الأغنية الشهيرة التي تربينا عليها ولا زلت ارددها وزوجي لولدي التوأم <توت توت ع بيروت يا بيي خدني مشوار>.

الى ذلك تسعد شيماء ايضا لما نزيد على معاني اسم الـ<غاليري> معنى كل شيء اذا ما لفظناه باللغة الفرنسية، ومن ثم نبدأ جولتنا على الاسماء المشاركة وهي ثمانية معروفة في الوسط المصري الفني ما عدا ميساء قصير الفنانة التشكيلية اللبنانية التي اختارتها شيماء <لأن عملها استوقفني علما بأنني تعرفت اليها بالصدفة وقد وجدت في ما قدمته تناغما مع بقية المعرض وان كان باللونين الابيض والاسود>.

<الفيوم>... 

 ايصال الفكرة الى الفنانين المصريين لم يكن صعبا في مهمة شيماء: تناقشنا في فكرة المعرض اولاً وما يمكن ان يقدمه فيه كل فنان بشكل تعبّر فيه اللوحة عنه وعن ريشته، على ان تكون المجموعة متناسقة في ما بينها وقد اخترنا ان تعبّر عن حالة اجتماعية معينة اليوم في مصر. المعرض فيه روح واحدة، ويضم وجوها مصرية مختلفة اكان في اللوحات او في راسميها الثمانية وهم أشرف رسلان، ووئام المصري، وعمر الفيومي، وأحمد طلال، وإيمان أسامة، وحمدي رضا، وتسنيم المشد، ومحمود حمدي، ومن لبنان تحضر أعمال للفنانة ميساء قصير.

وفي الجولة على لوحات تدور بغالبيتها حول فن الـ<بورتريه> تعلق منظمة المعرض:

- هذه للفنانة وئام المصري تعمل على احساسها ومعاناتها كامراة وتعبّر عن ذاتها وهي استاذة جامعية وخريجة فنون، أما عمر الفيومي فقد درس في الثمانينات في روسيا وهو فنان مميز في عمله، يتميز برسم الكثير من <بورتريهات> <الفيوم> التي يجمع فيها ما بين الوجوه القديمة التي هي <الفيومية> والوجوه المصرية الحالية للسيدات المصريات فنراه يجمع القديم والحديث معاً، وتميل رسوماته إلى الوجوه الواقعية المصرية لأصدقائه أو لأشخاص صادفهم في المقاهي والشوارع، لكنه يقدّم أيضاً استعادات وتنويعات على لوحات <وجوه الفيوم الموميائية الشهيرة>.

وتتابع:

- محمود حمدي يعمل على التفاصيل الصغيرة التي تحمل معاني علمية احيانا، اما فنان الفوتوغراف والتجهيز حمدي رضا فيعمل على منطقة مختلفة عن باقي المجموعة تركز على <بورتريهات> يفككها ويركبها على شكل مكعبات. من ناحيته اشرف رسلان هو فنان اكاديمي معروف في مصر يدوّن مشاهداته اليومية للحياة والناس من حوله، وتختلط الحميمية بالغرابة، والقداسة بالعادية في لوحاته.

وتضيف شيماء وهي تدل على احدى اللوحات:

 - الرسامة إيمان أسامة تحضر من خلال لوحة <السيدة> التي تشبه الايقونة والتي تمزج فيها الرسامة بين ملامح من الفنانة المكسيكية <فريدا> كالحاجبين وإكسسوارات الشعر والألوان وبين ملامح امرأة أخرى قد تكون هي الفنانة نفسها، فيما اشتغل وئام المصري على الوجوه والتفاصيل الانسانية وفق رؤية خاصة به.

 وتكمل قائلة:

 - كل الفنانين الذين يحضن المعرض لوحاتهم هم فنانون اكاديميون تخرجوا اما من كلية الفنون الجميلة في مصر واما من تربية فنية. اعمارهم تتراوح ما بين الثلاثينات حتى أواخر الستينات. بينهم من عمل على الوسائل السمعية القديمة كرسم <الستيريو> وهو في طريقه الى الاندثار بحيث تحول <الستيريو> الى لوحة ويمكن للناس الا تعرف ما هو هذا الجهاز بعد عشر سنوات من الآن.

 وتأخذنا شيماء الى لوحة جميلة فتقول:

 - هنا حالة رومانسية تذكر ببعض الفنانين في العصر الكلاسيكي تشبه كلينت مثلا من حيث الخلفية التي تعمل عليها.

ولما نسألها عن لوحاتها الخاصة بها في المعرض تجيبنا الفنانة التشكيلية:

 - أرى بأنه من المفروض ألا اشارك اذ انني افصل بين عملي كرسامة وفنانة وعملي كمنظمة للمعرض... سأبحث لي عن فرصة ثانية، تقول شيماء مبتسمة.

 وتكمل ردا عن سؤالنا حول التواصل مع الفنانين وارسالهم اللوحات وان كان تمّ بناء على معرفة شخصية ام لانها سمعت عن اعمالهم وما يقدمونه...

- انا كفنانة في الوسط اعرفهم ويعرفونني. كان التواصل سهلا جدا وهم اعجبوا بالفكرة وتناقلوا ان شيماء افتتحت <غاليري> في بيروت، وارادوا التشجيع ولا زلت حتى الآن اتلقى طلبات للمشاركة.

 

اسعار...!

 

 اسعار اللوحات المعروضة للبيع مقبولة جدا مقارنة مع معارض اخرى خاصة ان جميعها اصلية والاسماء معروفة. هذه لائحة بالاسعار للأعمال الفنية المعروضة تتراوح في اعلاها الى ما دون الثلاثة آلاف دولار وصولا الى 250 دولاراً،  تقول لنا شيماء.

 وتضيف:

- ان لوحات عمر الفيومي هي الاغلى وهو اكبرهم سنا وخبرة. لا يفترض بالفن ان يكون مرتفع الثمن بل ان يكون متاحا. هذه النسخ الاصلية ترافقها <سيرتيفيكا> للمشتري تؤكد ذلك، مع اسم الفنان الذي يمكن التواصل معه ومناقشته في اللوحة وظروفها في اي وقت.

وجود الـ<غاليري> في مكان شعبي نوعا ما اعطى طابعاً جميلاً للمنطقة بكاملها وولد انطباعا عظيما جدا لدى الناس هنا تقول شيماء. الى جانبنا كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، نحن كفنانين تشكيليين بعيدون نوعا ما عن الناس والجمهور والحل الوحيد لتقليص المسافة ان نكون في الاحياء الشعبية حتى لا يستغربوننا. الناس ترى في الفنان التشكيلي <مجنونا> يعيش في كوكب آخر بعيد جدا عن عالمهم على الرغم من ان الفن غير بعيد عن ثقافتنا، فنحن المصريين كما اللبنانيين اهل حضارة وتراث لذلك فإن الفن ليس غريبا علينا.

ميساء وأفريقيا... !

 عن موقع الـ<غاليري> المصري - اللبناني بدأت الفنانة اللبنانية الوحيدة في المعرض ميساء قصير حديثها لـ<الأفكار> قائلة:

- ان <غاليري توت> عمل <تاتش> في المنطقة بطريقة فنية شعبية قريبة من الناس.

وعن بداياتها الفنية رجعت اعواما الى الخلف:

 - بدايتي الفنية جاءت متأخرة نوعا ما. دخلت كلية الفنون بعمر الرابعة والثلاثين بعد ان تخصصت في الهندسة الداخلية، وبعد الزواج والعائلة وتربية الاولاد رحت ابحث عن متنفس لي، عن امر يغذيني ويرضيني داخليا، ومن جميل الصدف انني اسكن في هذه البناية حيث الـ<غاليري>، ولما عرفت بهذه المساحة الفنية نزلت للمعرض للتو وتعرفت بشيماء وهي رائعة فعلا. جمعتنا صداقة وعرضت علي المشاركة بلوحات متناغمة مع جو المعرض فاخترت لوحات بتقنيات مختلفة منها ما رسمته بالحبر الاسود والفحم واخرى بـ<الاكواريل>. ابدأ لوحتي من اللاوعي لدي، لا انقل، انما اطلع من داخلي على الورقة.

 عرضت ميساء قصير لوحاتها في تورنتو كندا من ضمن معرض جماعي كما تستقر لوحاتها في <الاونيسكو> مع جمعية الفنانين، وهي عضو في نقابة الفنانين التشكيليين. حاليا تدرس <الماسترز> في الفنون التي تسعى ان تجد طريقها الفني فيها بشكل مميز يشبهها.

التجربة الافريقية التي عاشتها ميساء اذ انها امضت 18 عاما في نيجيريا شكلت بصمة خاصة في حياتها الشخصية والفنية طبعا وعن ذلك تقول:

 - الفن الأفريقي منبع مهم جدا، وفنانون كثيرون من حول العالم تأثروا به. قبلا كنت احب الفن، اليوم بعد دراسته والتعمق به بت <استلذه> بشكل اكبر وافهمه اكثر. تشربت الفن الافريقي، فهناك تجدون اللوحات وغيرها منتشرة على الطرقات او على البسطات، وبغض النظر عن قيمتها المادية فهي في مختلفها تصب لتبرز الفن والتراث الافريقي والحضارة بدءا من شخصية الفنان الى الموضوع الذي يختاره والمواد التي يستخدمها والخامة او القماشة الافريقية التي يرسم عليها، والتي هي في الكثير منها بدائية، ما يولد ابداعا أكبر. الافارقة مثلا، والكثيرون منهم لا يزالون بعيدين عن التكنولوجيا، يرسمون مجتمعهم ولا يشترون الخامات للرسم عليها كتلك التي نشتريها نحن مثلا من المكتبات بحيث تكون معدة للرسم. الفنان الشعبي يبدع باقل ما يتوافر له وهذا جميل لانه مميز ويعطي نتيجة مختلفة.

وتختم ميساء قائلة:

- التأثر الشخصي بالفن الافريقي عند الرسم يبدو جليا في الكثير من لوحاتي، إذ ان مخيلتي تعيدني دائما الى افريقيا، وفي لوحات عديدة أرسم ملامح افريقية من دون ان اتقصد ذلك ولا حتى ان افكر به... أنا سعيدة بريشتي التي تأخذني الى ذاك المكان الجميل، كما أنني أسعى ان اقدم ما هو مختلف ايضا عن بيئتي اللبنانية والعربية ومن رؤيتي الخاصة بحيث تملأ لوحاتي مشاعر الناظر اليها ويجد نفسه فيها...