تفاصيل الخبر

من سائق سيارة أجرة استقيت أغنية «لعيونك » ومن والدتي استقيت أغنية «ددم دم دم »!

25/07/2014
من سائق سيارة أجرة استقيت أغنية «لعيونك » ومن والدتي استقيت أغنية «ددم دم دم »!

من سائق سيارة أجرة استقيت أغنية «لعيونك » ومن والدتي استقيت أغنية «ددم دم دم »!

 Pic-4هو احمد قعبور المميز الدائم في كل ما يبدعه. <طرابيشه> هي ماركته المسجلة، ومنها ولدت فرقة <الطرابيش> اول التسعينيات، وكان استوحاها من صورة عتيقة لوالده المعروف بأمين محمود الرشيدي اول عازف كمان في بيروت واصغر عازف في الاذاعة اللبنانية والذي كان مسؤولاً عن اولاده الستة وثلاثة ايتام هم اولاد شقيقه الذي توفي باكراً. <لعيونك>، و<بتمون> و<عن اذنك> كلمات لا تعبر الا عن اهل البلد الطيبين والتي نقلها قعبور الى اغنيات وكليبات لـ<تلفزيون المستقبل> صنعت صورته منذ تأسيسه مطلع التسعينيات. على الشاشة ذاتها اليوم يعرض كليب اغنيته الجديدة <تنين تنين> وابطالها فرقة الطرابيش ومقدمو ومقدمات التلفزيون. الكليب الذي صور في <اسواق بيروت> جميل ويأتي بالامل من سابع سماء ملبدة الا انه لاقى أيضاً نصيبه من الانتقادات، سياسية بمجملها، كون الكليب يعرض على تلفزيون التيار الازرق.. فماذا يقول قعبور عن هذه الانتقادات؟ من اين اتى بنغمة <ددم.. دم > ولماذا يبقى للعيد والطربوش الأحمر لديه ذكرى خاصة؟

مع احمد قعبور ومخرج الكليب وليد ناصيف كانت لـ<الافكار> اسئلة واجوبة. وبدأنا مع ملحن أغنية <اناديكم> ( قصيدة الشاعر الفلسطيني توفيق زياد) الذي اسس فرقة السنابل للاطفال وانجز لهم ما يفوق الثلاثماية أغنية آخرها <بكرا العيد> لدار الايتام اللبنانية من كتابته وألحانه، فضلاً عن برامج اذاعية وموسيقى تصويرية كثيرة.

وسألناه بداية:

 ــ البعض اعتبر أغنية <تنين تنين> <فك حداد> لتلفزيون <المستقبل> الذي رسخّت انت صورته الترويجية مذ بدأ مطلع التسعينات. هل هذا صحيح وماذا تقول للذين ربطوا الأغنية بالسياسة؟

أي انتقاد لاي نتاج فني مشروع ومقبول لكن ليس بالضرورة ان يكون ما كتب يوافق فحوى رسالتي من العمل. هذه الأغنية لم تطلب مني، فأنا كالعادة اعمل بمزاجي الخاص كما أنني من يقرر ماذا ومتى انتج. عندي عمل كثير يمنعني من أن ادير اذني للقيل والقال. الأغنية ليست سياسية وليست رسالة من احد الى أحد، هي أغنية لكل الناس وليست موجهة لفئة معينة.

ددم دم.. وأمي.

احمد-قعبور

ــ ماذا عن نغمة <دددمم دم دم>؟ ما هي بالاصل حتى اخترتها وانت المعروف بالنبش في كنز التراث معتبراً ان الذاكرة الشعبية خزان هائل؟

- نغمة <دددم دم دم دم> الأساسية سألت عنها، وكانت والدتي، (ابنة آخر راعي غنم في بيروت والتي كنت أدرس لاجلها - يقول قعبور) تروي لي ان النساء كن يتمايلن عليها بخفر في سهرات خاصة بهن. هذه الدمدمة حفظناها ونحن صغار، وكم من حفيد سمعها من جدّته، ولما صارت امي تدندنها لاحفادي قررت ان اغنيها في كلمات. هذه النغمة تشبه الحياة، تعكس ايقاعها النابض الراقص في مواجهة الموت المجاني. لقد البست هذه النغمة رداء شعرياً يؤكد على قيمة الحياة تحت هذه السحابة السوداء حتى لا نتوقف عن الأمل.. هذه ليست المرة الاولى التي ادعو فيها للنظر الى الامام. قبلها سمعتم: « عالماضي لا تنوح / روح شوف مستقبلك. في الأغنية الجديدة <الدنيا تنين تنين> أتخايل أناساً عاديين يشربون القهوة ويفكرون بأوطانهم، يريدون العيش والعمل والعلم ولا شيء آخر. في الأغنية ما من ثقافة واحدة ولا من خطاب واحد على منوال ما هو سائد اليوم: <أنا أو لا أحد>. هناك احتكاك الثقافات والخطابات بعضها ببعض والنبض الذي تولده ولا أجمل. فيها اقول:

- هالدنيا تنين تنين، مثلاً شوفوا الايدين، وحدة ما فيها تزقف، منزقف بالاتنين

هالدني حب بحب، قلب بيخفق لقلب.

من وحي عمر الزعني

Pic-7

ويكمل قعبور:

- هذه الأغنية للجميع حتى انني لا أحبذ تصنيف الأغنية سياسية أو غيرها. هكذا كانت <اناديكم>، و<صوتك والصدى> لاذاعة <الشعب>. <الدنيي تنين تنين> دعوة الى الحب والحوار والتلاقي في ارض <بتساع الكل> فلا ابطال منفردين ولا زعماء أحاديين ولا خطاب أو منقذ واحد أحد من هنا اقول:

- <طول عمرك تاكل فول/ وعاملي فيها كول/ وان كلنا بالمكيول / ما بتساوي قرشين>، حتى ان فيها أيضاً دعوة لقبول تمازج الثقافات وتحية الى عمر الزعني، <موليير> الشرق (أعاد قعبور تقديم أغانيه في اسطوانة أحمد قعبور يغني عمر الزعني ) حين اقول:

- هالدنيا نور بنور/ اصح فتاح الاباجور/فيها هاي وفيها اهلين.. بس الاحلى أهلين.

ويزيد صاحب أغنية <بدي غني للناس>:

- يضحكني استبداد الايديولوجيا ببعض العقول، وتضحكني الاحكام الجاهزة المسبقة في الادراج. وصلنا لوقت لا يأكل برتقالة من لا يحب تياراً معيناً ولا ينظر الى السماء الزرقاء من لا يعجبه تيار آخر. العقول <ادلج> عملها، وجعل هزال الحياة السياسية من بعض الناس كائنات سياسية للأسف.

الطربوش والعيد

وعن اختيار منطقة الوسط التجاري تحديداً لتصوير <كليب> انتجه تلفزيون <المستقبل> المنطقة التي ترتبط باسم الشهيد رفيق الحريري وهو الانتقاد الاول الذي جوبه فيه الكليب، اكد قعبور ان هذا الكلام سياسي لا دخل للأغنية به. ففيروز غنت في <سوليدير> وزياد الرحباني عزف فيها وغنت فيها وردة أيضاً ومن المسيء تحويل الكلام لمنصة سياسية الا انه بالنهاية حتى حرية الانتقاد مرحب بها عندي.

و<الطربوش> الحاضر الدائم مع قعبور في <كليبات  المستقبل> وفرقة <الطرابيش> فله عند أحمد ذكرى خاصة وحميمة جداً. فصورة الرشيدي - والده- بالطربوش المائل تزين البيت وأراد استعادتها على رأس سامي حمدان أحد ابطال كليباته:

- الطربوش محفور في ذاكرتي الخاصة المتعلقة ببيروت. فالطرابيش كانت جزءاً من هوية هذه المدينة وهذا ما عبرنا عنه في الكليب الذي يحمل جانب الحداثة أيضاً.

وعن العيد في بيروت يزيد:

- الاصول برجاوية تعود لجد الجد، إلا انني ولدت في بيروت واعرف حرشها وصنوبرها وارض جلول خلف تعاونية صبرا وحي السبيل والجامعة العربية والبسطا والبحر.. لكل هذه الأمكنة مطار

Pic-3

ح خاصة في قلبي. والبحر، هذا الساكت العظيم، يئن متسائلاً حتى متى يقضمونه وينهشون فيه لصالح أوتيلات وناطحات سحاب ومجمعات تكاد تبتلعه وكأنه يقول <خلص! اتركوني بحالي>. كم كان جميلاً العيد في بيروت وهو لا يزال حتى اليوم يعني لي الكثير، الا انه كان ولا يزال انتظار العيد هو الاجمل.

نعم <بوسطجي>..

وعن تسمية نفسه بـ<البوسطجي> يشرح قعبور:

- نعم <انا بوسطجي> وأكره فعل التفضيل التي لا يعرف اللبنانيون سواها: افضل مطرب، افضل راقصة افضل اذاعة افضل تلفزيون وتلك الطرق الاستعراضية في كل شيء. شخصياً اخترت المرتبة الثانية والثالثة تلك التي تعيش بين الناس وتخرج من رحم شارعهم ولغتهم ويومياتهم. أوصل رسائل لاحبائي ولنفسي احياناً. في ما أقدمه، اعبر وعن وجعي وعن غضبي وعن فرحي المفقود واحلامي المبتورة. في الأغنية رسالة فرح ودعوة للحياة انا بحاجة لها كما اولادي واحفادي. لا نريد ان يغلبنا اليأس وكأننا نقوم بانتحار جماعي: <الدني نور> يقول <الكليب> وأعتقد ان الغناء للفرح هو المطلوب.. قبلاً أيضاً حملت احدى أغنياتي الامل في عز اليأس أيضاً ( الأغنية بعد اغتيال الرئيس الحريري) وقلت: <اصل الرمانة زهرة والفرس ال كانت مهرة حرة ورح تبقى حر>. المفروض ان نغني للحياة وسط ما وصلنا اليه في هذا الشرق بعد اربعين عاماً من الاحكام الاستبدادية. مهمتي في كل عمل هي ان انسج خطاباً ودياً مع المشاهدين والمستمعين.

ــ أغنية <بتمون> التي سمعناها على تلفزيون <المستقبل> أيضاً استقيتها من سائق أجرة. صحيح؟

- نعم. كانت سيارتي معطلة فركبت سيارة أجرة ولما دفعت الاجرة قلت له <ممنونك» فاجابني>: <لعيونك> ومنها استوحيت الأغنية.

وجوه أعرفها..

ــ تعمل اليوم في الميدان الثقافي من خلال وظيفتك أيضاً. كيف تجد هذه اليوم؟

- أنا موظف في قصر الاونيسكو ناشط في المجال الثقافي. في يقيني ان المجتمعات التي لا تنتج ثقافة هي مجتمعات غير قابلة للحياة وان أي مشروع سياسي أو ايديولوجي لا يمكن ان تكون له اية قيمة حقيقية بغير الثقافة التي يولدها. مواجهة التخلف لا يمكن ان تكون الا بالثقافة والفن والفكر. للاسف احياناً كثيرة تحولنا في الكثير من اعمالنا الى ثقافة استهلاكية يتحكم بها المعلن أو رأس المال. من المفيد ان نروج لثقافة تشبه الناس. منذ سنتين تقريباً صدر لي أغنية مع <كليب تفرج بكرا> لم يسترع الانتباه للاسف، علماً انه يستحق. بطله اسماعيل حلونجي بياع <ابو رخوصة> من طرابلس، يشبه الناس كمورق الجدران والميكانيكي وبائع الخضار. هو يشبه الناس ويعيش بينهم. الوجوه في اغانيّ ليست وجوها مبهمة، عامة، هي وجوه اعرفها واسلم عليها والتقي بها.

وبالعودة الى كليب <تنين تنين> ورضاه عن العمل المنجز الذي وزع موسيقاه مازن سبليني واخرجه وليد ناصيف قال قعبور:

Pic-5

- راضٍ بما تيسر من وقت ومن امكانيات. انا ناقد قاسٍ جداً بحق نفسي وكل عمل أسمعه أو أشاهده لي تراني أكيل فيه الشتائم لنفسي. بالنسبة للاخراج، وبما ان هناك مــن تولى مسؤولية تصوير العمل فمن المفترض ان تحترم ارادته وبالطبع لكل مخرج رؤيته وناصيف استطاع ان يظهّر ويعطي الفرح والقيمة المطلوبة في <الكليب>. اما بالنسبة الى التوزيع مع مازن فلقد عجنّا الأغنية عجناً، مثـــل <المنقوشة> لاكثر من مرة لهذا النغم الشعبي الجميل.

ناصيف: صورة شاشة ونجوم

 من ناحيته، شرح المخرج وليد ناصيف عن عمله الاخراجي للأغنية التي أرادها كما مؤلفها دعوة للفرح:

- صورنا في أسواق بيروت لثلاثة ايام فضلاً عن منطقة المنارة. الفكرة كانت صورة <تلفزيون المستقبل> من خلال <ولاد البلد> بالطرابيش ومنهم على مر الزمان من لا زال يلبس الطربوش كـ<ستايل> خاص به حتى ولو كان شاباً، للدلالة على تعلقه بثقافة البلد وهويته. لم نصوره بشكل كاريكاتوري كوميدي بل في <كاراكتير> حقيقي أداه سامي حمدان. نراه في أول <الكليب> جالساً مهموماً الطربوش الأحمر على رأسه، يتخيل من خلال صورة فيها ضحكة ان الفرج آت والفرح ممكن والتلاقي أيضاً، فنرى الكنائس والجوامع والطرابيش والرقص والحجاب والهواتف الذكية والتنانير القصيرة والبحر في مهرجان حب وفرح. أما اختيار مقدمي ومقدمات <تلفزيون المستقبل> من نجوم (منير الحافي وزافين ونديم قطيش وميشال قزي وريما كركي وكارين سلامة وكل المقدمات والمقدمين في عالم الصباح وبرامج اخرى)، فلأن لهذه الوجوه علاقة عبر الشاشة مع مشاهديها وهم يتمتعون بصدقية لديهم فيصدقون ضحكتهم الايجابية في وضع غير ايجابي أبداً، فضلاً عن أن مضمون الأغنية جمعهم على اختلاف اهتمامتهم وتوجهاتهم.

اما عن اختيار وسط البلد للتصوير والربط دائماً ما بين <سوليدير> و<تلفزيون المستقبل> فسأل ناصيف: نحن كمخرجين عندما نفكر بتصوير معين في لبنان فأول ما يخطر ببالنا العاصمة بيروت فضلاً عن أماكن في الجنوب والبقاع، وبالنسبة لي ايضاً، الارز مكان مهم جداً. اخترنا اسواق بيروت لانه مكان يحمل ايجابية معينة، نبضاً معيناً تنبعث منه البسمة والفرحة من قلب القلب الى كامل اوصال الوطن.