تفاصيل الخبر

مـــن ربـيــع الـمـوصـــــل ستـتـغـيـــــر خرائــــــط المنطقــــة ويـــــأتـي رئـيــــــس جـمـهـوريــــــة لـبـــــنـان

31/12/2015
مـــن ربـيــع الـمـوصـــــل ستـتـغـيـــــر خرائــــــط  المنطقــــة ويـــــأتـي رئـيــــــس جـمـهـوريــــــة لـبـــــنـان

مـــن ربـيــع الـمـوصـــــل ستـتـغـيـــــر خرائــــــط المنطقــــة ويـــــأتـي رئـيــــــس جـمـهـوريــــــة لـبـــــنـان

بقلم وليد عوض

albaghdadi-abu-baker_0

بعد مئة سنة من توقيع معاهدة <سايكس ــ بيكو> بين السفير البريطاني في لبنان <مارك ساكس> والسفير الفرنسي في لبنان <جورج بيكو> يعود شبح الاتفاقية من جديد، وخارج الحدود التي كانت مرسومة لها عند التوقيع. وقد سارعت سنة 2015 المنصرمة بما حفلت به من أحداث في نفخ الروح داخل هذه المعاهدة التي كان أغلب الظن انها من سكان القبور، وليست <لعازر> حتى تعود الى الحياة.

لكن لعازر <سايكس ــ بيكو> قرر أن يخرج من القبر بالعصا السحرية للدول الكبرى، وما الحضور الكبير للرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> في سوريا، إلا المؤشر على <سايكس ــ بيكو> جديدة، وهذه المرة برعاية روسية لا برعاية انكلو ــ فرنسية كما كانت الحال عام 1915.

لماذا دخلنا في هذه الاستنتاجات؟!

انظروا الى العراق حتى تحصلوا على الجواب. فمن العراق خرج <داعش> الى الحياة في شخص أبو بكر البغدادي ليعلن ولادة الدولة الاسلامية، دولة الاسلام للعراق والشام.. ويعود فضل ظهور <داعش> الى الرئيس الأميركي السابق <جورج دابليو بوش> عندما تدخل عسكرياً في العراق ضد الرئيس صدام حسين، وعندما استتب الأمر لجيشه الأميركي الجرار، ارتكب غلطته الأولى بحل الجيش العراقي على أساس انه جيش صدام حسين. وقد ذهب صدام حسين، فيجب أن يذهب الجيش.

كان ذلك خطأ في التقدير.

فالجيش في النهاية هو عبد المأمور، بل هو جيش البلاد، ولا يذهب بمجرد ذهاب شخص حاكم. وبعثرة الجيش العراقي كأيدي سبأ، حملت العديد من الضباط وصف الضباط على تشكيل قوة ممانعة بدعم من نائب الرئيس العراقي عزت الدوري ذي الشعر الأحمر، وفي هذه الممانعة أطل أبو بكر البغدادي برأسه وسلاحه ومنابع النفط التي وضع يده عليها، والدعم المالي الآتي إليه من دول بالجملة لم تكن راضية عن الغزوالأميركي للعراق، فكانت دولة <داعش> أو دولة الخلافة الاسلامية للعراق والشام.

وبدأ البغدادي يستولي تباعاً على مناطق من العراق تضم أهل السنة والأقليات، بدءاً من مدينة الموصل، ثاني مدن العراق. ومن الموصل القريبة من حدود سوريا وتركيا، نفد البغدادي الى الأراضي السورية، واتخذ من منطقة الرقة الشمالية مقراً لقيادته هناك، ثم ارتدّ من جديد على العراق من الحدود السورية وقاوم الجيش العراقي الذي لم يكن ساعده قد اشتد، واستولى على منطقة الأنبار وعاصمتها الرمادي. وحيث تكون البداية تكون كذلك النهاية. فقد أُعيد بناء الجيش العراقي مع وصول حيدر العبادي الى سدة رئاسة الحكومة بعد سنوات مترعة بالفساد لسلفه نوري المالكي، واستعان على إعادة بناء الجيش بالتقنيات الأميركية والمستشارين العسكريين الأميركيين، وبطائرات التحالف الدولي لفرض الحصار على <داعش> في منطقة الرمادي، وكسر شوكته في <الرمادي> بانتظار ان يلحق به الى الموصل، ويطرده منها ربما الى تركيا وسوريا، وإن كانت سوريا هذه المرة هي <روسيا 2>، بعدما وطد <فلاديمير بوتين> سلطته فيها.

جنبلاط و.. الزلزال

وبسقوط <داعش> في الموصل مع الربيع المقبل، كما تقول التقارير، تسقط كل المخاوف من الأخطار التي رافقت ظهوره، ومنها الذبح بالسكاكين وإنشاء جيل من الانتحاريين بالحزام الناسف. ولكن أي عراق وأي سوريا بعد <داعش>. لقد ظهرت المناطق المقسمة، حسب الطوائف، والمذاهب، ولم تعد أوطان الماضي على الخريطة كما كانت من ذي قبل. أي ان الخريطة المستقبلية للمنطقة أو <سايكس ــ بيكو 2> جاهزة لفرض التقسيم بالرضاء والطواعية لأن المقاومة بالسلاح لم تعد في المستطاع، وإذا كان لا بد من مقاومة مشروع <سايكس ــ بيكو 2> فليكن ذلك في الخطب والمنابر.

ولعل الزعيم وليد جنبلاط المتميز ببُعد الرؤية قد أصاب المرمى عندما كتب في موقع <تويتر> يوم الاثنين الماضي: <يبدو ان المنطقة العربية تتجه الى تغيير جذري جديد، إن لم نقل الى زلزال كبير ما زلنا في بداياته. فمنذ مئة عام كانت الحرب بين الجيوش البريطانية من جهة، والجيوش العثمانية من جهة ثانية. وبعد رسم الكيانات الحالية، أو معظمها على الأقل، يجري اليوم تغيير تلك الكيانات من الداخل بعملية إبادة وتهجير جماعية إن في العراق أو في سوريا بمشاركة أنظمة محلية ودول اقليمية ومحاور دولية متخاصمة في الشكل ومتفقة في المضمون>.

obama-putinانتهى كلام جنبلاط.

لقد خلقوا <داعش> حتى يصلوا الى هذه النتيجة المرسومة، وسكتت الولايات المتحدة عن التدخل الروسي في سوريا، بما فيه من عزلة لها، لبلوغ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي روّجت له وزيرة الخارجية الأميركية السابقة <كوندوليسا رايس>، وكأن قلب الرئيس اللبناني الأسبق اميل لحود قد حدثه عن خطرها، فأقفل سماعة التليفون في وجهها، وعندما عاودت الاتصال، قال لمدير عام القصر الجمهوري العميد المتقاعد سالم بوضاهر، <قل لها ان الرئيس ذهب الى الفراش لينام>!

 

الربيع.. الساخن!

 

هو <داعش> إذن أول الملفات في هذا المخطط، خلقوه، ثم قرروا تدميره عندما لم تعد هناك حاجة إليه. وهكذا هو المشهد في السنة الجديدة 2016. فمن سقوط <داعش> في الموصل مع الربيع المقبل ومسحه من الوجود تبدأ عمليات التخطيط المطلوب للمنطقة، ويجري تجييش كل وسائل الاتصال والاعلام المرئي والمكتوب والمسموع للانخراط في هذا المخطط، على أساس انه مخطط انقاذي من الجرائم الدموية والذبح، والتهجير، وانه ليس بالإمكان أحسن مما كان!

الموعد إذن هو الربيع الآتي..

ففي هذا الربيع تكون الطبخة المعدة لسوريا، عبر مجلس الأمن، بين واشنطن وموسكو، قد نضجت، وانطفأت النيران في سوريا، وصار لزاماً على السلطة الانتقالية في سوريا أن تتحرك، وعلى واشنطن وموسكو وبعض الدول الاقليمية، أن ترعى انتخابات رئاسية جديدة ربما كان من نتيجتها اختيار نائب الرئيس السوري السابق السياسي السني فاروق الشرع رئيساً للبلاد بدعم من روسيا، أو من ترى المعارضة ومعها بقايا النظام انه الأسلم لقيادة المرحلة. وعندما يستتب الوضع في سوريا يمكن أن يستتب الوضع في لبنان  ويكون لهذا الوطن رئيس جمهورية جديد لا يسقط من حضن اتفاق الطائف.

وإذا استطاع لبنان أن يحفظ جانبه وينأى بنفسه عن تفاعلات المنطقة، فسوف يكون البلد النموذج للحكم المستقبلي، إلا إذا شاء مخطط التقسيم الدولي، لا سمح الله، أن يقضم بعض مناطقه الحدودية.

هل معنى ذلك ان البلاد ستبقى بدون رئيس جمهورية، أي جسداً بلا رأس، كما التعبير للبطريرك بشارة الراعي، وتظل المؤسسات الدستورية تعاني من الشغور والتعطيل؟!

نرجو أن يكون الجواب بالنفي، ولا ينتظر اللبنانيون ألا يأتي الفرج إلا بعد ثلاثة أو أربعة أشهر. لكن كل الدلائل تشير الى ان اللبنانيين سيقضون هذه الأشهر الثلاثة أو الأربعة من عمرهم، دون أن يكون لهم رئيس.

اليسر الآتي بعد.. عسر!

walid

وفي تاريخ لبنان الحديث ان الفرج لا يأتي إلا بعد محنة دموية، تماماً كما جاء العماد ميشال سليمان الى الرئاسة بعد أحداث 7 أيار في بيروت، وكما جاء الشيخ أمين الجميّل رئيساً للبلاد بعد اغتيال شقيقه الرئيس بشير الجميّل، ومذابح صبرا وشاتيلا. والحدث المتوقع هو أن تشن اسرائيل حرباً بلا هوادة على لبنان، إذا نفذ حزب الله وعده بالثأر لعميد الأسرى سمير القنطار الذي قتلته اسرائيل فيما كان يتحضر لهجوم فدائي على الأراضي السورية المحتلة أي الجولان بعد حرب 1967. ولا يهم عند اسرائيل في هذا الهجوم مكان وزمان الثأر الذي يتوعد به حزب الله، بل سيوظف هذا الثأر في مخطط معد سلفاً لاجتياز الحدود الجنوبية والقرار 1701، ومطاردة حزب الله من مكان الى مكان..

لكن العقل الاسرائيلي لا يجيد التقدير. فمقابل الهجوم الاسرائيلي على القرى الأمامية في لبنان، ستكون قرى فلسطين المحتلة، تحت وابل صواريخ حزب الله. وقد درس حزب الله طبيعة عمل الصواريخ والأسلحة الروسية الجديدة التي وفرها الروس لاسرائيل، وأصبحت طوع بنان حزب الله بكل تقنياتها..

هو إذن الربيع الساخن الذي سينتج رئيساً للجمهورية جديداً في لبنان. ولكن أين ستكون دائرة المعارك؟! وما هي الأضرار التي ستلحق بالبنى التحتية في لبنان؟ وبغض النظر عن مواقف بعض الأحزاب والتيارات اللبنانية من سياسة حزب الله، فإن رد حزب الله على أي اعتداء اسرائيلي على الأرض اللبنانية، سيجعل كل اللبنانيين صفاً واحداً الى جانب حزب الله، حتى أولئك الذين يعترضون على مشاركته في حرب سوريا الى جانب النظام. فلبنان هنا يتقدم على جميع الاعتبارات، وعندما تهدأ المعارك وتنطفئ النيران يكون لكل شيء حساب.

والمخاوف قائمة، والسعودية وإيران اللتان هما على نقيض في سياسة الشرق الأوسط، سيوحدهما العدوان الاسرائيلي على لبنان، ويجعل كلمتهما واحدة في اختيار الرئيس اللبناني العتيد..

والخوف كل الخوف أن لا يكون هناك رئيس جمهورية إلا بعد زلزال دموي، كذلك الذي تحدث عنه وليد جنبلاط في تغريدته على <تويتر>.

ويا محوّل الأحوال حوّل حالنا الى أحسن.. حال!