تفاصيل الخبر

من منكم لم يقع في الحب فَلْيرمِ نفسَه بحجر!

18/09/2019
من منكم لم يقع في الحب فَلْيرمِ نفسَه بحجر!

من منكم لم يقع في الحب فَلْيرمِ نفسَه بحجر!

بقلم كوزيت كرم الأندري

سيّدتان (يبدو أنهما صديقتان) تقفان خلفي في الصف في أحد المتاجر الكبيرة، تنتظران دورهما للوصول إلى الصندوق ودفع الفاتورة:

ــ شو عِدتي سمِعتي عن غِمار وربيع؟ عِدتي شِفتي أهلا؟؟

ــ إمّا طاير عقلا يا حرام، قليلة يلاقوهن ملقوحين هي ويّاه؟ هيك ضْرَبتني قْتلتني!

ــ دخلِك أنا سمعت إنو كانوا بشقّة مفروشة، مظبوط أو حكي؟؟

ــ إي إي، بمشروع سياحي، شي صوب بيروت شو بعرّفني وين.

ــ طيب بس ما فهمت شو صار؟! مظبوط متل ما قالوا إنو كانوا محشِّشين؟؟

ــ شي صار يقول محشِّشين، شي صار يقول منتِحرين... لا لا ما في شي مِنّو. القصّة وما فِيا يا أختي إنو هودي كانوا بالجاكوزي هي ويّاه، وتْسَرّب الغاز فاختنقوا وماتوا. هيدي كل القصة.

ــ يا تعتيري مَلاّ جُرصة! يعني لاقوها مَيّتة <بْظُلط رَبّا>؟!

ــ إي بس قال الطبيب الشرعي أكّدلن بعد التشريح إنو بَعدا بِنت...

ــ يعني أشطف زوم وكَميمو! الله يساعد أهلا!!!

ــ يلا.. هيدي الدني شو بْتَعملي. بالنهاية ربنا بقول <من منكم بلا خطيئة>...

انتهى الحوار.

أو ربما لم ينتهِ.

لكنني شردت في أفكاري، ولم أعد ألتقط ما يدور بينهما من حديث.

لا أعرف غِمار (مع إعجابي الشديد باسمها).

ولا أعرف ربيع. لا من قريب ولا من بعيد.

أتحدث هنا عن مطلق <غِمار>. ومطلق <ربيع>.

أتحدث باسمي الشخصي، وآرائي هذه لا تلزم أحداً سواي.

كُفّوا عن التدخل في مؤخّرات الناس. <شرف> المرأة يقع بين كتفَيها لا بين ساقَيها.

كُفّوا عن التلصّص على حياة الآخرين من ثقب باب غرفتهم.

كُفّوا عن اختراع سيناريوهات تشوّه حباً متوهّجاً، مَن مِنّا لم يختبره؟

كُفّوا عن التملّص من شهوتكم، فهي تجري في عروقكم.

كفّوا عن تحويل أجسادكم إلى قنبلة موقوتة.

كُفّوا عن الزحف كالدّود على الأرض، خوفاً من التحليق.

لو كنا نملك أنفاً كأنف بينوكيو، لتبيّن لنا جميعاً أننا متساوون.

متساوون في الحب. والعشق. والشغف. واللهفة. واللذة. والرغبات.

إلا أن بعضنا اختاروا العَيش عاطلين عن... الصّدق.

هؤلاء ورود جفّت ويَبست، قبل أن تعطي عبيرها (يا للفاجعة!)

هؤلاء يمارسون الاعتقال العاطفي بشبهة... الحب.

هؤلاء لم يكتشفوا، يوماً، أبعاد أنوثتهم ورجولتهم.

هؤلاء صفّحوا أنفسهم ضد المشاعر النقيّة، فنبت في أجسادهم الشَّوك.

هؤلاء لم يعلّمهم أحدٌ ثقافة الحب في زمن الوَحشة.

هؤلاء يفضّلون احتضان الغربة والصقيع، على احتضان رجلٍ أو أنثى.

هؤلاء تروّضوا على عدم المصالحة مع الذات، فعاشوا في الزَّيف.

كفى تَرداد العبارة المستفِزّة: <من كان منكم بلا خطيئة فليرمِها بحجر>.

سأستعيض عنها بـ<تذكّر يا إنسان أنك من الحب... وإلى الحب تعود>.

فيا رب، إستجب لما كتبته الرائعة غادة السمّان <واعطنا حبَّنا كفاف يومنا>.

أما أولئك الذين لم يقعوا في الحب يوماً

فليرموا أنفسهم بحجر!!