تفاصيل الخبر

من حقنا ميثاقياً اختيار رئيس الجمهورية كما يختار السنّة والشيعة والدروز ممثليهم!

18/06/2015
من حقنا ميثاقياً اختيار رئيس الجمهورية  كما يختار السنّة والشيعة والدروز ممثليهم!

من حقنا ميثاقياً اختيار رئيس الجمهورية كما يختار السنّة والشيعة والدروز ممثليهم!

SAM_0191التعطيل أصبح سمة العمل السياسي اللبناني بعدما انسحب على كل المؤسسات بدءاً من الرئاسة الى المجلس الى الحكومة، الأمر الذي يهدد بالفراغ الشامل، في وقت يتقاذف فيه المسؤولون المسؤولية، وكل فريق يتهم الآخر بأنه مساهم بشكل أو بآخر في هذا التعطيل الذي يضرّ بالجميع أساساً ويصيب البلاد بالشلل وينعكس سلباً على حياة المواطنين. فماذا يقول المعنيون وكيف ينظرون الى ما يحصل على هذا الصعيد؟

<الأفكار> استضافت في مكاتبها عضو تكتل التغيير والإصلاح الدكتور ناجي غاريوس وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي وما يحصل في المنطقة وانعكاس ذلك على الداخل اللبناني بدءاً من السؤال:

ــ كيف تقارب ما يحصل من أحداث في المنطقة، وهل أصبح لبنان مرتبطاً بها حتى يقال إن الرئاسة باتت أسيرة هذا الوضع ويتهم البعض التيار الوطني الحر بأنه يضعها في سجن؟

- من السهل توجيه الاتهامات جزافاً، فهم يتهموننا بتعطيل رئاسة الجمهورية وتعطيل أعمال مجلس النواب وكذلك أعمال مجلس الوزراء مؤخراً... فهل نحن قوة عظمى كي نعطل كل هذه المؤسسات، علماً ان فريق 14 آذار سبق وعطل المجلس النيابي؟ فالأمر أبعد من ذلك ونحن في المنطقة نعيش نتائج معاهدة <سايكس - بيكو> عندما وضع الانتدابان الفرنسي والبريطاني في كل بقعة جغرافية بين 10 و15 طائفة ومذهباً وعِرقاً، بغية أن تنفجر الأوضاع فيما بينهم في مرحلة لاحقة، وهذا ما يحصل اليوم، علماً ان هناك دولاً إقليمية فاعلة تتدخل هنا وهناك بدءاً من تركيا التي يرفض الاتحاد الاوروبي حتى الآن ان تكون جزءاً منه، وهناك إيران التي كانت تضم سادس أقوى جيش في العالم، لكن الولايات المتحدة انقلبت على الشاه محمد رضا بهلوي بعدما كانت تستعمله فزاعة لدول الخليج بهدف التحاقها بالأميركيين، ناهيك عن اسرائيل التي خاضت حروباً ضد العرب حتى الآن، الى ان واجهها حزب الله، فيما وضعوا حكاماً على البلاد العربية من ملك الى أمير الى رئيس، ولذلك بعد خسارة اسرائيل وجد المشروع البديل للحروب العربية - الاسرائيلية، وهو الاقتتال الداخلي في كل دولة عربية، فعمدت اسرائيل الى الاتفاق مع الأميركيين لتمرير هذا المشروع بعدما سبق أن أنجزت اسرائيل معاهدات صلح مع بعض العرب بدءاً من معاهدة <كامب دايفيد> مع مصر، و<وادي عربة> مع الأردن، و<أوسلو> مع الفلسطينيين وتفرّق العرب أيدي سبأ، وكلنا نعرف الشعار الذي يقول: <فرّق تسد> حتى وصلنا الى مرحلة كان الخيار فيها التفتيت من الداخل عبر الحروب الداخلية وكانت <سايكس - بيكو> هي الأساس كلغم زرع في منطقتنا حتى ينفجر فيما بعد، علماً ان اسرائيل تعاني من هاجس الديموغرافيا وتعتقد ان العرب الفلسطينيين سيصبحون بعد 50 سنة اكثر من اليهود بكثير، فعمدت اسرائيل الى تنفيذ مشروع التفتيت في البلاد العربية بالتنسيق مع الأميركيين خاصة وان اسرائيل مدعومة منهم لأنها تتحكم بالسياسة الأميركية وتمسك بمفاصل الإدارة الأميركية عبر المال والإعلام، والشعب الأميركي غارق في حياته العادية ولا تعنيه السياسة الخارجية في أي شيء، ولذلك شهدنا الحروب في بلادنا فقط. وقد حاولت اسرائيل ترجمة الحروب ضد العرب الى مكاسب سياسية، فلم تستطع سوى عقد معاهدات صلح مع كل الدول العربية ووصلت اسرائيل الى مرحلة لم تعد تستطيع معها ان تكمل في حروبها، خاصة بعد مواجهتها في لبنان وغزة.

وتابع يقول:

- من هنا كانت فكرة الحروب الدينية بين السنّة والشيعة عبر نبش التاريخ الذي يعود الى أكثر من 1450 سنة وعمدت الى تغذية الخلافات السنية - الشيعية التي طالت كل البلاد الإسلامية بحيث تهدر الطاقات في صراع داخلي والجيوش تتقاتل والشعوب تدخل في عداء قد يستمر لأربعين سنة، وكانت الأحداث تتوالى بدءاً من ليبيا التي أصبحنا معها نترحم على ايام معمر القذافي، الى مصر، ولا أحد يعلم ما سيحدث فيها أكثر، رغم ان مصر هي أكبر بلد منتج للغاز الذي تستورده اسرائيل بأرخص الأثمان، بالإضافة الى القطن، والشعب المصري منقسم فيما بينه والتنظيمات المتطرفة تحارب النظام، الى سوريا وحدّث ولا حرج، والأحداث مستمرة بحجة تغيير النظام رغم ان الأميركيين هم الذين تعاملوا معه سابقاً وأمّنوا له الغطاء الدولي للدخول الى لبنان، فيما أوعزوا الى اسرائيل بدخول لبنان أيضاً لضرب هذا البلد، رغم ذلك فقد صمد اللبناني وأثبت انه متعلق بوطنه ولا يتركه ولا تصل العلاقة بينه وبين أخيه اللبناني الآخر الى درجة العداء ويرفض الانفصال عنه، وبالتالي ما يحصل في المنطقة هو مخطط اسرائيلي أميركي لتفتيت المنطقة بأيدٍ عربية، وللأسف فالجميع دخلوا في هذا المشروع من حيث يدرون أو لا يدرون. وهنا يخطر في البال شعار <الفوضى الخلاقة> كتوصيف لما يحدث.

 

داعش ومناطق النفوذ

ــ أين المكون المسيحي من خلال هذه الفوضى والصراع السني - الشيعي كما تقول؟

- المسيحي انقسم بين المعسكرين، ولم يكن الهدف إقامة التوازن بينهما، إنما دخل في هذه اللعبة السياسية كجزء من الصراع القائم، والأمور وفق المخطط الذي سبق وتحدثت عنه تصبح خطيرة، خاصة إن تمّ تمرير مشروع تقسيم المنطقة وإعادة خلط الأوراق فيها من خلال مناطق نفوذ جديدة.

ــ وموقع <داعش> الذي ألغى الحدود، أين هو من هذا المشهد؟

- هذا التنظيم مكوّن من شعوب المنطقة المضطهدة سواء في العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن أو تونس أو مصر، وهذه المجموعات شعرت بالقهر والثورة على الأوضاع، وما حصل ان دولاً كبرى كانت تنتظر هذه المجموعات وبادرت الى تمويلها وتسليحها للقيام بالثورة، حتى ان <داعش> لم تحتل قسماً من العراق من الخارج، إنما عبر المجموعات المتطرفة والناقمة الموجودة أصلاً في محافظات العراق بالتعاون والتنسيق مع بقايا النظام السابق من حزب البعث، واستولى على الأسلحة الموجودة منذ أيام صدام حسين بإيعاز أميركي بعد دخول العراق عام 2003 وقيام أميركا بحل الجيش العراقي، وكذلك الحال في باقي البلدان العربية، وبالتالي فإذا لم يحصل تقسيم جديد للدول العربية فالأكيد أن هناك نفوذاً جديداً هنا وهناك لفلان وعلان، وستكون الدول الإقليمية هي الراعية، لا بل يتحدث البعض عن ان الفوضى لن تقتصر على الدول العربية التي تشهد أحداثاً وثورات، إنما ستصل الى دول الخليج وتركيا.

سياسة العزل

ــ شرحت كل هذه الصورة، لكن أين الرئاسة في كل ما يحدث، ولماذا اتهامكم بتعطيل الانتخابات الرئاسية؟

- لسنا نحن من يعطل هذا الاستحقاق، وتكتل التغيير والإصلاح خاض انتخابات 2008 وحصل على 17 نائباً رغم الحرب الشعواء التي شنّت ضده، وجرت الانتخابات وفق قانون غازي كنعان، وصرفت أموال كثيرة واستجلب الناخبون من الخارج بالطائرات بغية اقصائنا، حتى اننا في قضاء بعبدا - عاليه وهو يضم 11 نائباً لم نحصل على نائب واحد، ناهيك  عن ان التحالف الرباعي آنئذٍ ساهم في هذه النتيجة الى ان جاءت انتخابات 2009 فحصلنا على 27 نائباً، حتى ان قريبي إدمون غاريوس ترشح ضدي ودفع 8 ملايين دولار لإسقاطي لكنني فزت عليه بأكثر من 9 آلاف صوت رغم انني لا أملك المال لأدفع ألف دولار، وكان المفروض ان نتمثل حسب حجمنا، لكن للأسف أقصينا  عام 2005 عن الحكومة ولم نتمثل فيها. وإذا كان البعض يتحدث عن التمثيل السني والشيعي والدرزي، فإننا نجد ان هذا التمثيل يترجم على الأرض من خلال اختيار الممثل الأكبر لهذه المذاهب سواء آل الحريري عند السنّة أو نبيه بري عند الشيعة بالتوافق مع حزب الله، أو وليد جنبلاط عند الدروز، لكن عند الحديث عن التمثيل المسيحي والحفاظ على الميثاقية لا يلتزم أحد بهذا التمثيل وتصبح الميثاقية أمراً مشكوكاً به ولا يتم الإقرار بنتائج الانتخابات...

واستطرد قائلاً:

- الرئيس رفيق الحريري فاز في الانتخابات وأصبح رئيساً للحكومة وابنه سعد جاء من بعده بعد فوزه في الانتخابات، ونبيه بري لا يتغير لأن المكوّن الشيعي يريده وهو من يمثل الشيعة، ووليد جنبلاط أيضاً، لكن يتم قطع الطريق على العماد ميشال عون عندما يكون الممثل المسيحي الأول للقاعدة الشعبية، حتى ان وزير العدل أشرف ريفي وهو صديقي وأنا من أشرفت على توليد زوجته السيدة سليمى منذ سنوات بتوأم كشف الأمر وقال بصراحة انه لا يريد العماد عون رئيساً بحجة ارتباطه بحزب الله وإيران. ونحن نقول ان العماد عون إذا كان مع حزب الله، فهذا لا يعني انه ضد الآخرين، فالعماد عون بدأ بتنسيقه السياسي مع تيار <المستقبل> عام 2005 اثر مجيئه من فرنسا وتفاهم مع سعد الحريري على كل شيء من خلال جلسة عقدت في قصر قريطم آنئذٍ، لكن للأسف صدر بيان من الحريري لاحقاً بأن الاتفاق لا يمكن السير به، وبالتالي جاءت كلمة السر الخارجية بعدم التعاون مع العماد عون الذي لم يكن حينئذٍ مع حزب الله، لا بل كان المؤسس لقوى 14 آذار وساهم بشكل أساسي في ما يسمى ثورة الأرز بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حتى ان أول خيمة نصبت له في ساحة الشهداء كانت لشباب التيار الوطني الحر وقد دفعت ثمن الخيمة آنئذٍ 1200 دولار أميركي، ومن بعدها كرّت سبحة نصب الخيم من باقي القوى السياسية، لكن للأسف كان هناك الحلف الرباعي وتحالف <المستقبل> مع حزب الله ضدنا في الانتخابات وشكلت حكومة أبعدنا عنها وحدنا بحجة اختيار الوزير الأرمني حيث أصرّ الحريري على ان يسمي هو بنفسه هذا الوزير، فيما رفض العماد عون، وبالتالي منذ البداية بدأت سياسة العزل تجاه التيار الوطني الحر رغم انه الممثل الأول للمسيحيين، الى ان تطورت الامور نحو الأسوأ وحصلت أحداث أيار/ مايو 2008 وكان اتفاق الدوحة والتنازل لميشال سليمان عن الرئاسة، حتى انني فاتحت العماد عون بهذا الشأن وقلت له كيف يقبل ان يدفع ثمن الخلاف السني - الشيعي من جيبه؟ لكن جوابه كان بأنه يريد إنقاذ البلد وانتشاله من الفتنة، وفضل أن يضحي بنفسه في سبيل ذلك، فيما الآخرون لم يفعلوا، وهم لا يزالون حتى اليوم يتمسكون بالأحادية ويرفضون مشاركة الآخرين، بينما العماد عون طرح اعتماد النظام النسبي لكي يتمثل الجميع، علماً ان هذا الطرح يضر التيار على صعيد النواب، إنما هو يفكر على صعيد الوطن وليس انطلاقاً من مصلحة خاصة أو فئوية.

 

مزحة توافق المسيحيين

ــ يقول الفريق الآخر ان الكرة في الملعب المسيحي... فلماذا لا يتفقون على مرشح واحد ويحرجون به الفريق الآخر؟

- هذه مزحة لا أكثر... فنحن اعترفنا بالزعامات الأخرى وبأحقية تمثيلها، لكن الفريق الآخر لا يعترف بأحقية تمثيلنا، وإذا كنا تنازلنا في الدوحة فلن يتكرر الأمر اليوم، ولن نقبل إلا ان نختار رئيس الجمهورية كما الحال عند الطوائف والمذاهب الأخرى، علماً ان رئيس الجمهورية ليس فريقاً مع وضد، إنما هو لكل اللبنانيين، والعماد عون منفتح على الجميع ولا يمارس السياسة من منظور طائفي وهو يعمل لكل اللبنانيين.

ــ والحل؟

- اقترح العماد عون أربعة حلول لأزمة الرئاسة، بما فيها انتخاب الرئيس من الشعب ولم يرد أحد على اقتراحاته، رغم اننا زرنا كل الكتل وعرضنا للمقترحات ولم نلقَ أي ردود إيجابية من الفريق الآخر.

ــ التعطيل اليوم شامل وأنتم تساهمون في تعطيل المجلس والحكومة كما يتهمونكم. فماذا تقول؟

- نحن مع تشريع الضرورة شرط ان يشمل ذلك كل المقترحات المطروحة. وأنا زرت الرئيس نبيه بري وقلت له ان هيئة مكتب المجلس لا تضم كل الأطراف والتيار غير ممثل بها، رغم ان الزميل آلان عون ترشح ولم يفز والقوات اللبنانية لديها 5 نواب وتمثلت في الهيئة و<المستقبل> تمثل بثلاثة أعضاء وحركة <أمل> بعضوين ونحن 27 نائباً ولسنا ممثلين في هيئة المجلس.

ــ بِمَ ردّ عليك؟

- لم أطلب الجواب وأجبته اننا نعتبر هيئة مكتب المجلس تمثل الكل والا يجب ألا تسمى كذلك وإنما هيئة مكتب 14 آذار بالإضافة الى الرئيس بري. وقلت له اننا قدمنا اقتراحات ومشاريع قوانين ولم يدرج أي بند منها في جدول تشريع الضرورة ومنها قانون الانتخاب والجنسية. لكن رغم ذلك انسحب ممثل القوات أنطوان زهرا من جلسة الهيئة عندما لم توافق على إدراج قانون الانتخاب في جدول الأعمال، وتمّ التصويت في غيابه، وبالتالي كان من الطبيعي ان نعارض ونمتنع عن حضور الجلسات لأن رأينا لم يحترم وما طرحناه لم يقبل منه أي شيء.

ــ يقال إن قانون الانتخاب يجب ان يطلع عليه رئيس الجمهورية ليعطي رأيه فيه. فما تعليقكم هنا؟

- <شو هالحكي؟!> هم يلبسون الرئيس ما لم يكن يلبسه... فقد <زلّطوا> الرئيس من كل شيء ولم يتركوا له شيئاً، وانتقلت الصلاحيات بعد اتفاق الطائف الى مجلس الوزراء مجتمعاً وأصبح رئيس الحكومة بالعرف أشبه برئيس الجمهورية وبرئيس المجلس أيضاً، والأمر لا يزال سارياً حتى اليوم. وإذا طالبنا بإعادة النظر بالصلاحيات يأتي الرد بأن الوقت غير ملائم... فمتى يكون الوقت ملائماً أكثر مما نعيشه اليوم؟

ــ وبالنسبة للتعطيل الحكومي، هل يصل الأمر بكم الى حد الاستقالة؟

- طبعاً لا... وهناك قرارات لا بد ان تتخذها الحكومة وإلا فإذا كانت مخصصة فقط للتمديد فلا تعود حكومة آنذاك... فوظيفة الحكومة هي إجراء التعيينات اللازمة بما فيها التعيينات الأمنية، وسبق أن مدد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بواسطة وزير الدفاع سمير مقبل لمدة سنتين، واليوم يطرحون التمديد له لمدة سنتين، وبالتالي كل العمداء الذين يحق لهم ان يسموا للقيادة سيطيرون، فيما يطرح البعض التمديد للعشرة الكبار من كل الطوائف، لكن التعيين أفضل من هذا الحل، وأعضاء الحكومة ملزمون بالاتفاق على التعيين واختيار الأوفر حظاً، علماً ان كل الأطراف تعترف بكفاءة وجدارة وأحقية العميد شامل روكز بغض النظر عما إذا كان صهر العماد عون أم لا، ولا نعرف هنا لماذا غيّر النائب وليد جنبلاط رأيه بعدما كان موافقاً على العميد روكز.

ــ وإذا دعا الرئيس سلام لجلسة وتقرر التمديد، ماذا سيكون موقفكم؟

- آنذاك سيكون لكل حادثٍ حديث.