تفاصيل الخبر

من أوصل فكر الإرهاب إلى الشباب العربي؟  

18/12/2015
من أوصل فكر الإرهاب إلى الشباب العربي؟   

من أوصل فكر الإرهاب إلى الشباب العربي؟  

بقلم خالد عوض

 

tamam-salam التحالف الإسلامي ضد الإرهاب كان مطلباً عالمياً وليس فقط إقليمياً أو عربياً. الغرب وصل إلى استنتاج شبه نهائي بأن الضربات العسكرية التي يقوم بها لن تنهي التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا. بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، إنهاء التنظيم الإرهابي يجب أن يشمل عملا جديا وعلى مختلف الأصعدة من <الأمة السنية> في العالم. كما أن تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية <دونالد ترامب> ضد المسلمين، لاقت مع الأسف ترحيباً عند كثير من الأميركيين وحتى الأوروبيين الذين سئموا من هذه الظاهرة الإرهابية المريضة التي تتفشى حتى على أراضيهم. ولذلك أصبح من المهم خلق إطار إسلامي يغير الصورة التي رسمها الغرب والعالم عن الدين الحنيف، ويقول لهؤلاء الشبان المغررين والباحثين، عبر القتل، عن عالم آخر ينتقم لهم من يأسهم من الحصول على حياة راغدة أو فرصة عمل مستدامة، أن هناك أملاً في مكان آخر غير مجاهل <أفغانستان> أو ملاجئ <الرقة>.

من المفهوم إذاً أن يحمل اسم التحالف كلمة <إسلامي> لأنه رسالة مزدوجة إلى العالم وإلى الشباب العربي والمسلم. كما أنه من المفهوم أن يُحرج لبنان عبر مسيحييه وحتى مسلميه بانضمامه إلى تحالف <ديني> لأنه يفقد بذلك خصوصيته التي تميزه في المنطقة بل في العالم. وطالما أنه من الصعب أن يشمل اسم هذا التحالف كلمة <عربي> لأنه لا يريد استثناء تركيا أو دول آسيوية، فكيف يوازن لبنان بين نظامه التعددي وبين ضرورة انضوائه في تحالف مهمته محاربة الإرهاب؟

من جهة يمكن أخذ العبرة من نيجيريا التي يوجد فيها حوالى ٥٠ مليون مسيحي، أو مصر التي فيها أكثر من عشرة ملايين قبطي، وغيرها من الدول التي فيها تعدد للطوائف ولكنها انضمت إلى التحالف. ومن جهة أخرى يجب الحفاظ على الشكل غير الديني للبنان ونظامه حتى لا يفقد البلد الفرادة التي تحمي كيانه.

من المفيد للبنان أن ينضم الى هذا التحالف وأن يشدد على خصوصيته في الوقت نفسه. وهذا الأمر يتطلب جهداً ديبلوماسياً دؤوباً من وزارة الخارجية وسفارات لبنان في العالم لشرح أسباب وجود لبنان في التحالف، محمد-بن-سلمان-3والتأكيد من جديد على التعددية وعدم إسلامية النظام اللبناني. ويمكن لهذا الانضمام أن يصبح بذلك فرصة ديبلوماسية دعائية للبنان بدلاً من أن يكون مصدر حرج له.

الملفت في كل الحروب والتحالفات التي تُقام لمحاربة الإرهاب أن الكلفة المترتبة على كل ذلك ستفوق عشرات وربما مئات مليارات الدولارات، ولو أُنفق جزء مما يُنفق اليوم لمحاربة الشباب <المتأرهب> على رخائه، لكانت المنطقة والعالم بأسره في مكان آخر اليوم.

وهنا لا بدّ من مقارنة ما يحصل ضد الإرهاب بما يحصل في مسألة التغيير المناخي. فأحد أهم مقررات مؤتمر المناخ في باريس هو تخصيص مئة مليار دولار سنوياً من قبل الدول المتطورة بدءاً من عام ٢٠٢٠ لمساعدة الدول النامية في سعيها لخفض الانبعاثات الكربونية. وهو إقرار من الدول الصناعية بأنها أسست للتغيير المناخي عندما دخلت في مرحلة النمو ولم يحاسبها أحد حينذاك. فوصلنا الى ما وصلنا إليه من مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بلغ <٤٠٠ ppm>. وبالتالي لا يمكن مساعدة الدول النامية اليوم للحدّ من الإنبعاثات فيها من دون مساعدتها مالياً.

المنطق نفسه ينطبق على سعي العالم العربي والإسلامي إلى دحر الفكر الإرهابي. الدول الغربية وروسيا كانت تساعد الأنظمة الديكتاتورية والتوتاليتارية في المنطقة، وساعدت بطريقة غير مباشرة  على تفشي الفساد والبطالة وآفات كثيرة أوصلت مجموعة كبيرة من الشباب العربي إلى حالة يأس التقطها فكر الإرهاب. هذا يفسر الوجود الكبير لتنظيم <الدولة الإرهابية> في العراق وسوريا وليبيا، وهي الدول التي عانت خلال عقود من الظلم والبطش والسلطة الأحادية المدعومة من معظم قوى العالم. هناك واجب أخلاقي، وبالتالي اقتصادي على هذه الدول أن تخصص صندوقاً مالياً لدعم نمو الدول العربية وطرد الجنوح إلى العنف من خلال خلق الأمل، عبر التنمية أولاً.

ويجب أن تكون المهمة الأولى لـ<التحالف الإسلامي> وضع خطة اقتصادية، هدفها الوصول إلى نسبة بطالة في المنطقة العربية أقل من ٥ بالمئة خلال العشر السنوات المقبلة.

وكما أن معدل الكربون وارتفاع حرارة الأرض هما المقياس العالمي لوقف التغيير المناخي، فيجب أن يكون مستوى البطالة في العالم العربي والإسلامي مؤشر نجاح الحرب ضد الإرهاب.