تفاصيل الخبر

من التبرع بالدم الى التبرع بالمنقوشة وعلبة العصير...

27/12/2019
من التبرع بالدم الى التبرع بالمنقوشة وعلبة العصير...

من التبرع بالدم الى التبرع بالمنقوشة وعلبة العصير...

 

بقلم عبير انطون

 

مبادرة لافتة في هذا الوقت العصيب من عمر اللبنانيين:”Solid’ ART- ité“  لقاء بين المبدعين الشباب والجمعيات الاهلية لخدمة الانسان وصون كرامته!

 

إن التصويب على بعض الجمعيات ووضع العديد منها في دائرة الشكوك حول الدوافع والنوايا لا يلغي بأن الكثير منها، خاصة تلك المتعلّقة بالشؤون الانسانية والحياتية اليومية، هي حاجة ملحة وأكثر من ضرورية في هذه الاوقات العصيبة التي يمر بها لبنان، والتي لولاها لكان الصوت عاليا أكثر والصرخة جارحة وعواقبها أشدّ ضراوة على الافراد والجماعات وعلى الوطن كله. فالعديد من هذه الجمعيات التي لا تتوخى سوى المساعدة ومد يد العون لها لتساعد بدورها، وبينها ما سيتم ذكره في هاتين الصفحتين، تشكل خشبة الخلاص لعجزة او أطفال، أو حتى لارباب عائلات فتك بهم الدهر وشاء القدر أن يكونوا في بلد مثل لبنان أهملهم فيه مسؤولوه وأصموا آذانهم عن سماع صوت استغاثتهم، حتى انقلبت الطاولة فوق رؤوس الجميع..

ولأن في البلد أشخاصا وجمعيات ومؤسسات ما زالوا يرون في الانسان وحياته وكرامته القيمة الاولى، كانت مبادرة <سوليد آر يته> التي تجمع الفنانين الشباب بجمعيات لا تتوخى الربح، في زواج جميل وعلاقة متبادلة ما بين الانسانية والفن، ما يسلط الضوء بشكل اكبر على عمل هذه الجمعيات ونشاطاتها، والاهم حاجاتها في هذه الظروف، من خلال نشر <البوستر> الذي يصممه وينفذه الفنان للجمعية معرفا عنها ومطلقا نداء دعمها، وذلك على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي العائدة للجمعية وللفنان ولـ<الاجندة الثقافية> مطلقة المبادرة.

 فكيف ولدت فكرة <سوليد آر يته>؟ من هم الفنانون وأية جمعيات يعرفون عنها وعن حاجاتها بريشتهم، وهل من ردة فعل ملموسة تجلت بارتفاع في نسب المساعدة بعد اطلاق الحملة؟

ما بين السيدة نادين مقدسي والسيدة ميريام نصر شومان، وبالتعاون مع كل من كالين جلوان، كارلا خاطر، ماريا فياني، وجيجي مسعد، انطلقت <سوليد آر يته> التي تحدثت عنها لـ<الأفكار> بلسان الجميع السيدة ميريام نصر شومان شارحة المبادرة والأهداف:

- مع انطلاق الثورة، تقول ميريام، توجهنا من <الأجندة الثقافية> عبر الإنستغرام الى الفنانين والرسامين ندعوهم الى مشاركتنا اعمالهم المستوحاة منها، فوصلنا حوالى ثلاثمئة لوحة ورسمة ولقينا تجاوبا كبيرا. ولما كنت منذ فترة طويلة في <الأجندة الثقافية> أفكر بالجمعيات الاهلية والانسانية وكيفية مساعدتها على أن تكون حاضرة بشكل دائم عبر موقعنا، وجدتها فكرة جميلة ومثمرة في الوقت عينه ان نجمع الفنانين بهذه الجمعيات التي لا تتوخى الربح، فيكون لكل جمعية <عرابها> الفني الذي يصمم لها <البوستر> الخاص بها ويعيد عبره التعريف بها وبأهدافها وحاجاتها. وكان عنصرا اساسيا ايضا ان الفنانين الذين لقينا منهم تجاوبا كبيرا هم في غالبيتهم من العنصر الشاب وهذا ما اعطى للفكرة حيوية ودفعا كبيرين.

وتضيف ميريام:

- فيما كنت افكر بالمشروع وطريقة انجازه، أخبرتني الصديقة نادين مقدسي ان مؤسسة <ايراب> بحاجة الى مساعدة، وسألتني كيف يمكننا مد يد العون لها عبر <الاجندة الثقافية>؟ اطلعتها على فكرتي، وتعرفون ان لنادين باعا طويلا في العمل المساعد للجمعيات، فهي تنظم اعمالا مسرحية منذ حوالى الخمسة وعشرين عاما يعود ريع كل واحدة منها الى واحدة من الجمعيات الاهلية، ولا يتقاضى الممثلون او المشتركون فيها بدلا عن عملهم. هكذا وضعنا فكرة <سوليد آر يته> قيد التنفيذ فأنشأنا نادين وانا مع كل من كالين جلوان، كارلا خاطر، ماريا فياني وجيجي مسعد مجموعات للتواصل، وبدأنا اولا بالجمعيات التي نعرفها حتى نرصد ردود الفعل ولان التواصل وشرح الفكرة معها يكون أسهل. بهذا الشكل انطلقنا بالجمعيات الثماني الاولى، وها نحن نعمل على اطلاق المجموعة الثانية، وهدفنا ان نصل الى أكبر عدد ممكن من الجمعيات والمؤسسات التي لا تتوخى الربح، وفي اولوياتنا الا يقتصر الأمر على فترة الاعياد حيث تكون المساعدة بمستويات أعلى لأن السنة ستكون صعبة على الجميع.

ولما نسأل ميريام عن الجمعيات التي تعتبر <الأكثر حاجة> تجيبنا للتو:

- جميعها تندرج تحت اطار <الاكثر حاجة> فالأزمة الاقتصادية لم توفر أيا منها. خذوا كمثال <ريستو دو كور> <مطاعم القلب> التي تؤمن الطعام لما يفوق الخمسمئة شخص يوميا، هي بحاجة للمساعدة اليوم حتى تكمل مهمتها، وكذلك <بنك الغذاء اللبناني> والجمعيات التي تعنى بالاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها..

تسليط الضوء..!

مع هذا الجمع ما بين الجمعيات والفنانين، تصبح الأولى أكثر بروزا بمعنى انها تصبح متاحة تحت عيون الناس أكثر لان الـ<بوستر> عنها ينشر عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي العائدة للجمعيات وللفنانين ولـ<لاجندة الثقافية>. وبما ان الفنانين شباب في غالبيتهم فهم ناشطون جدا على هذه المواقع ما يحث الناس على المساعدة والتبرع، وقد لمسنا ردة فعل ايجابية تجلت عبر نسبة المساعدات تقول ميريام.

أما عن اختيار الفنان المناسب للجمعية المناسبة، فتشير الى ان الاختيار تم من قبلها من خلال اللوحات التي ارسلها لها الفنانون في بداية الثورة، وهي دخلت الى مواقعهم عبر <الانستغرام> وغيره من المواقع فتعرفت على نماذج أعمالهم وتم الاختيار وفقا لما وجدته متلائما: <كم كنت فخورة بتجاوبهم الرائع جميعا وهم وضعوا انفسهم فنيا بتصرف جمعيات اخرى بعد. كانت تجربة رائعة بكل المقاييس في رسالة تضامن بين الجميع والتي نحن بأمس الحاجة اليها اليوم>.

 

الحبل عالجرار..!

 

النماذج الثمانية الأولى من الأفيشات أُطلقت بانتظار ان تولد اخوات لها قريبا، من بينها مثلا <بنك الغذاء اللبناني> (الذي كنا فردنا صفحتين حوله في <الافكار> الاسبوع الماضي) او <مطاعم القلب> (ريستو دو كور) التي سبق وأشارت اليها

ميريام في حديثها الينا.

انطلقت جمعية <ريستو دو كور>، وعرابتها الحالية من خلال الافيش الفنانة عليا مزنر، في العام 1983 وذلك بعد النزوح الجماعي للبنانيين من الجبال ومن شرق صيدا الذين لجأوا إلى المناطق المسيحية بحيث قامت مجموعة من الأشخاص ذوي النوايا الحسنة، ولاسيما بعض السيدات من سن الفيل، بفتح مطعم مجاني سمونه <أهلا وسهلا> لاستيعاب أكبر عدد ممكن منهم، وتم تخصيص غرفة مدرسية لهذا المطعم. وتمكن <أهلا وسهلا> من تقديم 4 وجبات في الأسبوع إلى 500 من كبار السن ووجبة يوم السبت لحوالى 800 طفل. وفي العام 1988 تأسست <جمعية أصدقاء المطاعم>، والتي تم الاعتراف بها في عام 2014 باعتبارها جمعية للمرافق العامة.

وافتتحت العديد من المطاعم في جميع أنحاء لبنان لخدمة الفئات المحرومة وكل المجتمعات، وتساعد الجمعية اليوم أكثر من 16 مجموعة متطوعة في المهمة نفسها كل شهر.

الى <ريستو دو كور>، ننتقل في سبحة الجمعيات الى عائلة الـ<افيل> التي جسدت افيشها بجمالية وفرح كبيرين الفنانة كريستيل صانع، والتي تعنى منذ تأسيسها في العام 1976 بأكثر من 5000 طفل، من خلال توفير الرعاية والحماية للأطفال المحتاجين الذين يواجهون صعوبات من حيث الاساءة والتعلم والاتصال، وذلك عن طريق الاهتمام بتطورهم التعليمي وتدريبهم المهني وتزويدهم بالأدوات اللازمة لحماية أنفسهم والاستقلال وبناء القدرة على التكيف، وبالتالي تسهيل إدراجهم في المجتمع.

ومع الاطفال أيضا، وتحديدا اليتامى منهم، كانت جمعية <المياتم> <Les orphelinats>  (بيت الفتاة - البطحاء، شارع لا ميزون جوزيف - عجلتون، لا ميزون سانت فنسنت دي بول - برمانا، وكذلك نوتردام دو روزاير - عشقوت) وهي أربعة منازل تعتني بـ 316 يتيماً، وأطفال محرومين تتراوح أعمارهم بين 4 و16 سنة يحتاجون إلى الطعام والملبس <ليكونوا دافئين ويعيشوا في ظروف صحية سليمة>. مع القيمين عليها، تدعونا الفنانة غيدا يونس عبر الافيش الذي صممته ونفذته الى دعمهم <لان التبرعات لهم ستحدث فرقا كبيرا>..!

بالدم.. والروح..!

وللتبرع بالدم حصته ايضا في لائحة الجمعيات، وقد <يكون الهدية الافضل لمحتاج له في هذا العيد>. التبرع بالدم يأتي من خلال جمعية < DONNER SANG COMPTER> التي جسدتها الفنانة ايليان باسيل بأفضل ما يكون جاعلة كيس الدم الاحمر في قالب لدب صغير محبوب. والجمعية التي توصلت حتى الآن لجمع التبرع بالدم الى 37,212 محتاجا تضع في صلب مهمتها تعزيز ورفع مستوى الوعي حول التبرع بالدم الطوعي، وتشكل الرابط بين المرضى الذين يحتاجون إلى الدم والمتبرعين المحتملين، كما وتجري حملات منتظمة لتأمين الدم والتبرع به بالشراكة مع المستشفيات، مع اعلاء هدف القضاء على النقص في بنوك الدم اللبنانية.

بعيون القلب..!

 

والى التبرع بالدم، يدعونا الفنان نجيب كسرواني ابن التاسعة والعشرين عاما لدعم جمعية <ايراب> التي رسم افيشها. كسرواني هوى الفنون البصرية والرسم منذ صغره خاصة وانه وجد فيه منفذا لتجاوز صعوبات حالة <الديسليكسيا> التي عانى منها، وشكل بالنسبة له وسيلة للتعبير لا يخضع فيها <للاحكام> عليه. من خلال افيشه الموحي يدعونا الى الدعم والتبرع المستحَقين لجمعية <ايراب> <Institut de Rééducation Audio Phonétique> التي انطلقت فكرتها من خلال موسم الحج الذي قامت به مجموعة من المعوقين من لبنان إلى لورد في عام 1960وتعاهدت فيه فتاتان صغيرتان على عيش تجربة أخوة حقيقية متحدة تحت سقف واحد تحت عين العذراء مريم، حيث تكون حياة المشاركة في كل شيء. وبعد افتتاح اول معهد متخصص للصم فيها في العام 1963، وبعد ان كانت بيتا مستأجرا في سن الفيل، انتقلت الى مركز مخصص لها في منطقة بكفيا في تشرين من العام 1968. وعلى الرغم من كل ما عصف بالبلد من حروب وأزمات لا تزال <ايراب> هذه <المدرسة المنزلية> صامدة من أجل أن تظل وفية لإلهامها الأول وأنفاسها الأولى: أن تكون وتظل ملاذاً للسلام والحياة المشتركة.

وأخيرا وليس آخرا، وبانتظار المجموعة الجديدة من الجمعيات والفنانين التي تطلقها مبادرة <سوليد آر يته> نختم مع جمعيتي <أسامي> او <بيرث اند بيوند> التي جسدها افيش الفنان المولود في ابيدجان ايفان دبس بافضل صورة، وهي تعنى بتقديم العلاج بالمجان للأطفال المحتاجين للرعاية فيما امكانيات ذويهم لا تسمح بذلك خصوصاً ذوي الحالات الخطرة، وجمعية <اونس> التي عبّرت عنها في افيشها المميز ياسمينا سلامة تحت شعار <الجوع يقاتل الابطال> والتي في استجابة عاجلة للأزمة الاقتصادية الكبيرة تقوم وبالتعاون مع جمعيات معروفة بينها <مار منصور> ببرنامج مساعدات غذائية لدعم أكبر عدد ممكن من العائلات المحتاجة، وتحرص على ان يتلقى أسبوعياً العديد من الاطفال <8 مناقيش و8 عصائر> لضمان حمل الطعام معهم الى المدرسة.