تفاصيل الخبر

من المنتصر ومن المهزوم في صفقة الزبداني؟

08/01/2016
من المنتصر ومن المهزوم في صفقة الزبداني؟

من المنتصر ومن المهزوم في صفقة الزبداني؟

بقلم علي الحسيني

الزبداني-اليومفي ما بدأ يُعرف بأطول رحلة برية لبنانية سورية، أُنجزت المرحلة الثانية من عملية التبادل بين حزب الله وفصائل المعارضة السورية، وذلك بعد محاولات عدة عجزت عنها الحلول العسكرية والدبلوماسية، فكان الحل أو الصفقة الأخيرة بخروج بعض مسلحي مدينة الزبداني المحاصرة منذ أكثر من ستة اشهر وعدد كبير من الاهالي في مقابل خروج بعض المدنيين والمسلحين من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين، وليُطرح السؤال الأهم: من هو المنتصر ومن هو المهزوم في هذه الصفقة؟

 

أهمية الزبداني

 

تتمتع منطقة الزبداني بموقع استراتيجي يجعلها تشكل اهمية عسكرية استراتيجية ضمن خريطة العمليات السورية باعتبارها مفتاحا ميدانيا لسلسلة مناطق تمتد على الطول الجغرافي السوري، وبالتحديد العاصمة دمشق وريفها الشمالي والغربي وصولا الى مناطق الجنوب السوري ومحافظة القنيطرة، كما وانها من الناحية الميدانية تُعتبر نقطة وصل تبدأ من الوسط السوري اي حمص وتمتد على طول شريط مناطق القلمون وصولا إلى الحدود اللبنانية غربا، وتشكل نقطة الربط بين المناطق الجغرافية السورية المتعلقة بالجولان وسلسلة جبال وتلال الحرمون ومناطق الحدود اللبنانية السورية من جهة القلمون الشمالي الغربي. وتكمن خطورة الزبداني من خلال امتدادها الجغرافي من جهة الجنوب السوري مع منطقة دير العشاير وريف القنيطرة، وبالتالي قدرة المسلحين على قطع طريق دمشق وتهديد العاصمة من الجهة الجنوبية، واتصالها بمدينة قطنا المعضمية، ومن الجهتين الغربية والشمالية باتصالها بمدينة التل.

من هي الجهة المنتصرة ومن المهزومة؟

 

في قراءة أولية لمشهد الصفقة بين حزب الله وفصائل المعارضة السورية، قد يبدو ان الطرفين انتصرا خصوصا وان لكل فريق رأيه في العملية ويقول انها جنبته اراقة مزيد من الدماء، ولكن المرحلة الثانية من الصفقة وهي التي أُنجزت منذ اسبوعين تقريباً، ما هي الا نوع من الاختبار للوصول الى الهدف الحقيقي وهو اخلاء مدينة الزبداني بالكامل من المسلحين الموجودين فيها والذين يهدد وجودهم العاصمة الدمشقية، خصوصاً وان المرحلة الاولى التي مهدت للصفقة الاخيرة كانت قد بدأت منذ شهرين تقريبا بوقف لاطلاق النار وضمنت يومئذٍ جملة بنود جرى التوافق عليها منها: خروج كامل المقاتلين من مدن الزبداني ومضايا وبقين وسرغايا مع كامل عائلاتهم باتجاه ادلب، على ان يقابلها خروج الراغبين من النساء والاطفال والجرحى الذين لا يمكن علاجهم في كفريا والفوعة الى حمص او دمشق شرط ألا يتجاوز عدد الخارجين الخمسمئة مواطن بحسب بنود الصفقة، وقد جرى الاتفاق على ان تنفذ الخطة في مهلة اقصاها ستة اشهر بدأت بتوقف العمليات العسكرية في مناطق التهدئة والتي شملت الزبداني ومحيطها والفوعة وكفريا ومحيطهما، بالإضافة الى وقف قصف النظام السوري بالطيران الحربي والمروحي مناطق خاضعة للمفاوضات، بالاضافة الى التوقف عن بناء الدشم والمواقع العسكرية خصوصا في خطوط المواجهة الامامية، مع وقف اي تقدم في المناطق الفاصلة وعلى خطوط التماس، وعدم اغلاق الطرق الانسانية، على ان ينفذ هذا الاتفاق بضمان واشراف وحضور من الامم المتحدة وبعض الالوية العسكرية التابعة للنظام.

الصفقة بين الاتفاق وحسن النوايا

تؤكد مصادر عسكرية معنية بالوضع القائم اليوم في الزبداني ان حزب الله سيمنع خروج المسلحين من الزبداني المحاصرة ما لم يتم الافراج عن المدنيين في بلدتي كفريا والفوعة في ريف ادلب، وهي تعتبر ان ما حصل ليس اكثر من مجرد اظهار حسن نوايا من الطرفين كمرحلة ثانية للوصول الى المرحلة النهائية، وهي الانسحاب من الزبداني ومن قرية مضايا الملاصقة لها والتي يوجد فيها اكثر من خمسمئة مقاتل من المعارضة السورية، مقابل الانتهاء من ملف الفوعا وكفريا المدينتين الشيعيتين والتي يعيش فيهما اكثر من خمسين الف مواطن جميعهم من المؤيدين لحزب الله والنظام. وتضيف المصادر ان الصفقة تضمنت خروج 336 جريحا مع عائلاتهم من مدينتي كفريا والفوعا مقابل 123 جريحا مع عائلاتهم من مدينة الزبداني بريف دمشق عبر الصليب الاحمر في لبنان وفي تركيا.

وتشير الى ان طريقاً آمناً من الفوعا وكفريا فُتح باتجاه تركيا حيث قامت طائرة تركية بنقل الجرحى الى مطار بيروت، ومن بيروت تم نقلهم عبر الصليب الأحمر نحو الحدود اللبنانية السورية لكي يدخلوا نحو ضواحي دمشق بحسب رغبة النظام السوري وحزب الله. وبالتزامن خرج مسلحو الزبداني الجرحى عبر نقطة المصنع في البقاع الى مطار بيروت حيث اقلتهم الطائرة التركية نفسها الى انقرة لتلقي العلاج والدخول إلى سوريا لاحقاً.

مسلحو-الزبداني-لحظة-مرورهم-على-طريق-المطار 

بين مجدل عنجر والضاحية الجنوبية

 

وفي وقت كانت تسير فيه عملية التبادل بحسب الخطة المتفق عليها، نظم المئات من اهالي بلدة مجدل عنجر اللبنانية استقبالا حاشدا لقافلة المقاتلين والمصابين الذين تم اجلاؤهم من الزبداني بعد عبورها الحدود بين البلدين، ناثرين عليها الورود والأرز على وقع صيحات <الله أكبر>، إلى جانب عدد من اهالي مقاتلي ومصابي الزبداني المقيمين في لبنان الذين لم يتمكنوا من ملاقاة ذويهم بسبب عدم توقف الموكب. وفي مقابل هذا المشهد، برزت صورة اخرى عند اطراف الضاحية الجنوبية وتحديدا في محيط مطار رفيق الحريري الدولي حيث تجمهر عدد من انصار حزب الله رافعين اعلام الحزب وصور امينه العام السيد حسن نصر الله معلنين ترحيبهم بالذين تم إجلاؤهم من الفوعة وكفريا، الا ان السيارات التي كانت تقل المسلحين باتجاه المطار لم تسلم من الاذى وتحطيم الزجاج بالإضافة الى توجيه عبارات نابية للمسلحين، خصوصاً وان من بين المحتشدين من اعتبر ان مجرد مرور هؤلاء من هذا المكان تحديدا هو تحد واضح لجمهور الحزب وبيئته خصوصاً، وان الحزب قد خسر في معركة الزبداني وحدها ما لا يقل عن ثلاثمئة عنصر خلال فترة لا تزيد عن اربعة اشهر.

 

الدولة اللبنانية آخر من يعلم

 

وفي وقت كانت فيه الانقسامات السياسية في البلد تأخذ منحى تصاعدياً بين من هو داعم لترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ومن هو رافض للفكرة من اساسها، مرت الحافلات التي تقل مدنيي الفوعا وكفريا ومقاتلي الزبداني على طول خط المصنع بيروت من دون علم الدولة اللبنانية، الامر الذي شكل فضيحة من العيار الثقيل بعدما ظهرت الدولة في موقع المتفرج بحيث رسمت الصفقة هذه انتهاكا آخر لمبدأ الحياد اللبناني وفق فريق كبير من اللبنانيين رأى في نأي السلطة بنفسها عن هذا الامر لهو خير دليل على عجزها وعدم قدرتها على الوقوف في وجه المشاريع الخارجية التي تقوض من صلاحياتها، وبانها تسعى الى اتباع سياسة النعامة خصوصا عندما يتعلق الامر بالسيادة.

تغيير ديموغرافي يلوح في الافق

 

بعد انتهاء المرحلة الاولى من الاتفاق بين حزب الله والفصائل السورية المسلحة، ودخول المرحلة الثانية حيز التنفيذ، تؤكد معلومات لـ<الافكار> ان المرحلة الآتية والتي ستترجم خلال الاسابيع المقبلة، سوف تشمل اطلاق سراح 500 معتقلة ومعتقل بينهم اطفال من سجون النظام السوري، وهو اتفاق لا شك بانه سيخفف من معاناة المدنيين في مناطق ملتهبة، لكنه في المقابل يؤشر الى انطلاق رسمي للتغيير الديموغرافي في بعض المناطق وتحديداً في الزبداني التي يبدو انها ستخلو من المدنيين كما من العسكريين، وسوف تُعتبر منطقة امنية خاضعة لسيطرة الحزب على غرار مدينة القصير السورية التي كانت سقطت منذ عامين بيده. كما سيؤدي هذا الامر الى فقدان النظام السوري للسيادة على اراضيه لصالح حلفائه، وعلى رأسهم حليفه الايراني. والامر نفسه سوف يجري على بلدتي الفوعا وكفريا اللتين سينسحب منهما المواطنون الشيعة لصالح نازحي الزبداني لكن مع فارق واضح وهو ان البلدتين ستبقيان ضمن السيادة السورية ولو تحت امرة المسلحين، على عكس الزبداني التي ستُعتبر بلدة جديدة تُضاف الى جغرافية الحزب والنظام الايراني، وذلك على حد بيان تابع للـ<إئتلاف السوري المعارض>.

من-اعتداء-طريق-المطار

يوم رسمت ايران الخطة <ب>

 

يوم استعصت منطقة الزبداني على مقاتلي حزب الله بعد معارك طويلة وحرب اشبه بالاستنزاف، وضعت القيادة الايرانية حلفاءها يومئذٍ في اجواء استحالة السيطرة على الوضع الميداني السوري برمته او حتى استرجاع مناطق وبلدات كانت قد سقطت بأيدي الثوار، ودعتهم وقتئذٍ الى التحضر لتطبيق (الخطة ب)، وهي الاستماتة في الدفاع عن البلدات الواقعة على الحدود اللبنانية من القصير الى القلمون فالزبداني والتي تُعتبر اول خطوة في آخر مرحلة ستنتهي في الغوطة الشرقية لتفريغ دمشق ومحيطها من الوجود السني، وبهذا يمكنها فرض واقع ديموغرافي جديد على حدود حليفها حزب الله يمكن ان يستوعب لاحقا اهالي بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب وغيرهم من اهالي القرى والبلدات الشيعية التي تقع ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، وذلك كعملية استباقية لاي مخطط غربي يمكن ان يضع في الحسبان نهائية تقسيم سوريا.

وفي السياق تؤكد مصادر خاصة في حزب الله عبر <الافكار> ان الحزب اصبح يتحكم بمفاصل القوة في مدينة الزبداني التي باتت تنحسر فيها عمليات الرصد فقط داخل اقل من كيلومتر مربع، وان ما تبقى من مساحات لم يدخلها الحزب لغاية اليوم ما هي الا مساحات سكانية وزراعية لا تشكل اهمية بالنسبة له، وذلك تمهيدا لاتمام الصفقة بشكل كامل. وعن اعداد الاصابات المرتفعة في صفوف عناصر الحزب والتي بلغت بحسب آخر الاحصاءات ما يقارب 300 عنصر واكثر من 500 جريح، تشير المصادر نفسها الى ان هذه الارقام مبالغ فيها وبأن الحزب كان يعلن عن عدد عناصره الذين يسقطون تباعاً، وبالتالي لا مجال لاخفاء هذه الامور لا عن اهالي العناصر ولا عن القاعدة الجماهيرية. وتضيف: كان بامكان الحزب كما قال سماحة السيد حسن نصر الله ان يحسم الامور باقل فترة ممكنة في الزبداني، لكن القيادة العسكرية كانت تضع على الدوام في الحسبان منطقتي الفوعة وكفريا وبلدتي نبل والزهراء، اذ انه في كل مرة كان يشتد فيها الخناق على المسلحين في الزبداني كان يسقط مقابلها العشرات من المدنيين في البلدات المذكورة.

 

من يرسم مستقبل الزبداني؟

لا ينفي عناصر حزب الله في الزبداني صعوبة وشراسة المواجهات التي كانوا يخوضونها مع المسلحين المحاصرين ولا ينكرون صمودهم، لكنهم في المقابل يرون ان الحرب التي يخوضونها في هذه البقعة الجغرافية لا بد ان تنتهي لصالحهم. وفي المقابل يؤكد الثوار انهم ما يزالون يتمركزون في الجزء الأوسط في المدينة بقطر يبلغ من 1 إلى 1.2 كلم مربع وبأنهم يعملون على الصمود امام قوة الجيش السوري وحزب الله التي تتمدد بشكل بطيء، مع تأكيد اضافي انهم هم من سيرسمون ملامح الزبداني المقبلة ومصيرها العسكري، لكنهم في الوقت عينه يؤكدون ان الحرب طويلة ولن تنتهي بمجرد خروجهم من البلدة، وهم يؤكدون انهم سيعودون الى بلدتهم عاجلا ام اجلا، فهم اصحاب ارض وحق ولديهم منازل واراض لا يمكن ان يتركوها للغزاة مهما طال الزمن، ولدى سؤال احدهم عن مجموعات من المرتزقة بينهم، يهب الجميع بلسان واحد ان الغريب بينهم هو ابن القلمون التي لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن الزبداني، تماماً كما هو الحال بالنسبة الى بلدة مضايا التي ينتظرها ربما مصير صعب قد يشبه في بعض جوانبه مصير الزبداني التي ابت الا ان تخرج منتصرة من سوريا الى المصنع ومن المصنع الى مطار بيروت ومنه الى تركيا، وفي البال العودة لاحقاً الى حضن الوطن سوريا.

حزب-الله-عند-اطراف-الزبداني 

قراءة في الصفقة

 

تعكس الصفقات المتسارعة في سوريا تطابقا في المصالح بين النظام السوري وكل من <داعش> و<جبهة النصرة>، في وقت يبدو ان الهدف المشترك لهذه القوى يتمثل في امتلاك مجموعة اوراق مؤثرة عشية توجه اللاعبين الاقليميين والدوليين للجلوس الى طاولة المفاوضات في جنيف يوم 25 كانون الثاني/ يناير الجاري. وقد تزامنت صفقة تبادل المسلحين والجرحى عبر لبنان وتركيا مع تعثر صفقة اخلاء احياء دمشق الجنوبية من مقاتلي <داعش> وعددهم يقارب الالفين، ونقلهم الى الرقة وذلك على خلفية اغتيال قائد <جيش الاسلام> زهران علوش. كما وان اتمام الصفقة يتواكب مع وصول عشرات العناصر من <جبهة النصرة> الى مناطق يسيطر عليها النظام السوري في درعا بهدف توفير ممر امن لعناصر الجبهة من ريف درعا الى محافظة ادلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، وذلك مقابل اطلاق اسرى ايرانيين جنوبا.

وفي مراجعة للتطورات الاخيرة تتوقف مصادر ديبلوماسية غربية عند سعي النظام السوري الى تحقيق هدفين: الاول ويقضي بالشروع في مفاوضات سريعة لوقف العمليات القتالية في دمشق والمحيط، وذلك بهدف ارساء وقف لاطلاق النار قبيل مفاوضات <جنيف>، فضلاً عن اظهار نفسه وكأنه يتنفس وللمرة الاولى خارج الرئة الايرانية، وبانه قادر على مواصلة القتال. والهدف الثاني يتمثل في ترسيخ مقولة ان الاقسام المتبقية من سوريا شمالا وفي الجهة الشمالية الشرقية، تبقى خاضعة للمجموعات الارهابية. واستكمالا للمنطق نفسه تطرح المصادر نفسها سلسلة تساؤلات في مقدمها: هل يترافق اجتماع <جنيف3> مع ترسيم غير رسمي لمناطق النفوذ في سوريا بحيث يرتبط البحث في مصير الرئيس السوري بشار الاسد بإنهاء <داعش> شمالاً وشرقاً؟ وهل يشكل انتصار الجيش العراقي في الرمادي، مقدمة لانحسار تمدد <داعش> في المناطق السنية غرب العراق ويمثل تاليا قطعا لخطوط امداد التنظيم مع سوريا؟.

اين اصبحت عرسال في قاموس حزب الله العسكري؟

يعتقد حزب الله ان بلدة عرسال البقاعية الحدودية الى جانب بعض مخيمات النزوح التي تقع بجوارها وخلفها لجهة الشرق على مقربة من خطوط انتشار الجيش اللبناني هي العقدة المقبلة بعد الزبداني، اذ ان كل المعطيات الميدانية والاستخباراتية التي يجمعها تؤكد وجود امير <جبهة النصرة> ابو مالك التلي في منطقة قريبة نوعا ما من الحدود. وهنا تكشف معلومات مهمة لـ<الافكار> عن تعقب مجموعة من وحدة الرصد في الحزب لاحداثيات المسلحين حيث تمكنت من تحديد ثلاث نقاط يمكن ان يكون التلي موجودا في احداها، وقد تكون منطقة ما يُعرف بوادي الخيل النقطة المرجحة بأن يكون امير النصرة فيها. وهنا يقول مسؤول عسكري في الحزب يقع نطاق عمله ضمن منطقة القلمون، ان مخيمات النزوح القريبة من عرسال والقلمون هي نقطة امتداد عسكري للمسلحين وان قطع التواصل بين هذه المخيمات ومحيطها سوف يؤدي الى استسلام مسلحي <النصرة> و<داعش> في غضون اسبوعين على ابعد تقدير، ويؤكد ان نسبة عالية جدا من المساعدات الانسانية التي تصل على الدوام الى هذه المخيمات تتسرب الى المسلحين الذين يلجأون الى الجرود في بعض الاحيان إما بهدف الإيواء، وإما لرؤية عائلاتهم داخل الخيم.

ميزان السلاح بين حزب الله والفصائل

 

استعمل حزب الله في حربه في الزبداني اكثر من عشرين راجمة صواريخ من عيار 106 و122 ملم بالاضافة الى اكثر من ثماني عشرة منصة صواريخ من نوع <بركان> و<فيل> و<كورنيت>، وقد حشد لها اكثر من الف عنصر استقدم معظمهم من جبهات القلمون ومن عناصره الموجودة في جرود نحلة والقاع، وأحيط هؤلاء العناصر بمئتين من الاحتياط ينتمون الى التعبئة العامة وسرايا المقاومة التابعة له. هذا في وقت يجمع فيه اهالي ريف دمشق على ان معظم سلاح الثوار في مناطقهم وتحديداً الأسلحة الثقيلة، هي اسلحة مصنوعة يدويا كالمدافع التي تطلق قاروات الغاز والعبوات والمقالع التي يستعلمونها لارسال قنابلهم لمسافات بعيدة، لكن مقابل هذا كله لا بد من الاشارة الى ان لدى بعض الفصائل اسلحة غربية لا تقل شأنا عن تلك التي يستخدمها الحزب وجيش النظام السوري مثل صاروخ <الكونكورس> الذي استُخدم لاول مرة ضد تجمع لعناصر من الحزب في القلمون منذ ثلاثة اشهر تقريباً، وسقط يومئذٍ للحزب ما يقارب اثني عشر عنصراً. وكان مجموع العناصر التي كانت تقاتل داخل البلدة قد بلغ ما يقارب الخمسمئة عنصر كانوا يتوزعون على اربع فصائل هي: <جبهة النصرة> و<جيش الفتح> و<احرار الزبداني> اضافة الى اعداد قليلة من تنظيم <داعش> لجأوا الى البلدة مؤخرا بعد فرارهم من القلمون ثم ما لبثوا ان هربوا باتجاه الرقة تحت اعين جيش النظام.

الزبداني-بعدما-سويت-باالرض 

مكاسب حزب الله

كل ما حصل او يحصل على صعيد الصفقات الحاصلة سواء تلك العلنية او الجانبية، لا بد ان يأخذ الى مكان يتم فيه السؤال عن المكتسبات التي حققها حزب الله اللاعب الابرز في الحرب السورية. وتقول المعلومات العسكرية والميدانية ان الحزب استفاد من الصفقة لجهة حماية الاوتوستراد الدولي بين بيروت ودمشق وتأمين الجبهة لناحية العاصمة اضافة الى حماية حدوده خصوصاً وان الزبداني هي النقطة الأخيرة على الحدود.

 والجدير ذكره بعد اغتيال قائد <جيش الإسلام> زهران علوش واخلاء الجرحى من الزبداني وافراغها، أن حماية العاصمة دمشق والاوتوستراد ومعسكرات الحزب الحدودية ستتمّ من محور غرب الزبداني والجبل الغربي. لكن هذا الانجاز الذي تمّ بين النظام وحزب الله من جهة وبين الفصائل المسلحة من جهة اخرى لم يتحقق بين ليلة وضحاها او الى مائدة عشاء ضمت الجميع على اطباق شهية المذاق، بل تحقق على اشلاء ودماء اكثر من الف شاب سقطوا خلال اقل من اربعة اشهر، كان للحزب نصيب وافر منهم.

 

.. وللبنانيين رأي واحد

في لبنان سواء كنت تنتمي إلى معسكر الثامن من آذار او الرابع عشر منه، لا بد ان يستوقفك وجع اللبنانيين عموما من جراء انزلاق فريق لبناني اساسي في حرب اخذت منه ما عجزت اسرائيل عن اخذه في احلك الظروف. وإن سألت عن خيرة رجال قارعوا ذات يوم العدو الاسرائيلي في الدبشة وعلي الطاهر ومليتا وجبل الريحان فسوف تأتيك إجابة واحدة: هؤلاء أبناؤنا ونريد استعادتهم احياء لا أمواتاً.