بقلم وردية بطرس

كيف يمكن الالتزام بصيام رمضان بطريقة صحية من خلال القيام بالتمرينات الرياضية والركض وتحضير الأطباق الصحية وتقديمها؟ ففي يومنا هذا أصبح اتباع نظام غذائي سليم من الأمور الأساسية لتجنب الاصابة بأمراض ومشاكل صحية، فيما الصائم يحتاج لنصائح تساعده طيلة شهر رمضان للحفاظ على صحته. كل ذلك وغيرها من الأمور أجابت عنها اختصاصية التغذية الدكتورة رندا فهد في حديثها مع <الأفكار> حول كيفية اتباع نظام صحي طيلة شهر رمضان، ونسألها عن أهمية الصيام وفوائده فتقول:

- كل الأبحاث الجديدة تتحدث عن الـ<Intermittent Fasting> او الصيام المتقطع اي صيام لوقت معين 12 ساعة او 18 ساعة، وقد تبين استناداً الى الأبحاث ان الشخص عندما يصوم لا يضّر جسمه بل على العكس ان الصيام يفيد جسمه، ولكن عند الافطار على الصائم ان يتناول الطعام الصحي. لذا يجب ان يدرك الناس ان الصيام لا يضر بصحة الانسان، وطبعاً نستثني الحالات المرضية، ولكن حتى لو كان الشخص يعاني من مشكلة صحية فيمكنه أن يستشير الطبيب لينصحه كيف يقدر ان يصوم بدون اي ضرر، وعلى الصائم ان يعرف جيداً انه من وقت الافطار ولحين وقت السحور عليه ان يتناول الطعام الصحي والمفيد.

أهمية شرب الماء قبل وجبة الإفطار

ــ تنصحين بثلاثة أمور أساسية خلال شهر رمضان الا وهي شرب كمية كافية من الماء وتناول الطعام الصحي والقيام بالتمارين الرياضية، فلنبدأ بأهمية شرب الماء ولماذا تنصحين بذلك؟

- صحيح إذ قبل ان نتحدث عن أهمية تناول الطعام الصحي، علينا ان نهتم بشرب كمية كافية من الماء لأن ترطيب الجسم أمر مهم جداً ومن الأمور الأساسية التي يحتاجها جسم الانسان، فعندما يجف ريق الشخص في النهار ذلك يعني أن هناك 1 بالمئة <Hydration> او الجفاف، وعندما يكون هناك 2 بالمئة جفاف يكون الشخص قد أصبح في المرحلة الثانية والسريعة بحيث لا يعود لديه التركيز الكافي ليقوم بأعماله او مزاولة الرياضة او الجهود التي كان يقوم بها قبل صيام رمضان، وبالتالي عليه ان يشرب الماء لكي لا يصل الى هذه المرحلة. وعادة لا اعطي رقماً او كمية مياه محددة يتوجب على الشخص ان يشربها لكن لنقل ان ليترين هو الرقم الاجمالي، ولكن كلما كان الطقس حاراً يتوجب عليه ان يشرب كمية مياه أكثر، او اذا كان يرتدي ثياباً سميكة مثلاً او انه يقوم بحركة أكثر خلال النهار او انه ضخم البنية اذ كلما كان الانسان ضخم البنية او أطول عليه ان يشرب كمية كبيرة من الماء. ودائماً أذكر الناس ان الماء من أهم السوائل، كما انصح الصائم عند وقت الافطار الا يشرب مياه مثلجة لأن ذلك سيؤدي الى عسر الهضم فيما الصائم يعاني في الغالب من  مشاكل عسر الهضم، لذا يجب ان تكون درجة الماء معتدلة لكي لا تسبب عسر الهضم، ولكن خلال الليل لا مشكلة بشرب المياه المثلجة، وبعد شرب الماء انصح بتناول حبة تمر نظراً لفوائدها.

وتتابع:

- بالنسبة للعصائر فكل الدراسات الحديثة تجعلنا نخاف قليلاً من السكاكر، والواقع أن كل ما يحتوي على الكثير من السكر ليس مغذياً بل يأخذ من غذائنا، طبعاً لست ضد أي منتج بالمطلق خصوصاً اذا كان لذيذاً، ولكن من المهم ان يكون ما نتناوله مفيداً للجسم، فالعصير يحتوي على كمية سكر كبيرة، صحيح ان جسم الانسان يحتاج للسكر خلال فترة الصيام ولكنه بحاجة للسكر البطيء الذي نأخذه من خلال الطعام الذي يحتوي على النشويات بدل أن نأخذه من العصير... فبدل العصير أنصح بتناول الشوربة سواء كانت الشوربة تحتوي على العدس او الشعيرية، فصحيح ان العدس هو مصدران بروتين ولكنه يحتوي أيضاً على النشويات، وكذلك الشعيرية والأرز مصدر للنشويات أيضاً، وهنا عندما نتناول هذه النشويات يدخل السكر البطيء الى جسمنا، كما ان الشوربة تحتوي على كمية قليلة من الملح لأن الجسم خلال الصيام يخسر كمية من الملح وبالتالي من الجيد ان يحصل على الملح من خلال هذه السوائل، ولا ننسى أهمية الطعام الذي يمنحنا الماء على سبيل المثال الخضار ذو اللون الأخضر مثل السبانخ والخس اذ يعطينا 92 بالمئة من الماء، واذا تحدثنا عن الفاكهة ففي كثير من الأحيان لا يتناول الصائم الفاكهة وهنا اتحدث عن البطيخ الذي يحتوي من 96 الى 98 بالمئة من الماء، وأيضاً الفريز الذي يحتوي على 96 بالمئة من الماء، فاذاً هذه المأكولات التي نتناولها تزود جسمنا بالماء الذي يحتاجه.

أهمية تناول البروتينات والنشويات والدهنيات الجيدة خلال شهر رمضان

ــ وكيف تقسمّين الطعام خلال وجبة الافطار من حيث الأهمية والفوائد الصحية لجسم الانسان؟

- من المهم تقسيم الطعام، وتناول الطعام على مهل، ولهذا أحبّذ فكرة ان يفطر الصائم من ثم يتناول العشاء، اذ يهمني ان يفطر الصائم على حبة من التمر لأنها تمنح الجسم السكر السريع والصحي، وعادة كل ثلاث حبات من التمر تعادل حصتين من الفاكهة، وبالتالي يقدر ان يحسب الشخص الكمية التي يريد ان يتناولها، ولهذا اقول ان يفطر على حبة واحدة من التمر، من ثم يتناول الطعام ولاحقاً يتناول الفاكهة. وهنا اعني بحديثي الأشخاص الذين يريدون ان يحافظوا على صحتهم، انما يقدر الشخص ان يتناول أكثر من حبة واحدة من التمر إذا لم تكن لديه مشكلة في الوزن، ولكن لمن يريد الحفاظ على الصحة والوزن فيقدر ان يتناول حبة واحدة من التمر.

وتتابع:

- من هنا سأنطلق من نقطة مهمة أنه يجب ان نمزج في مأكولاتنا ثلاثة عناصر الا وهي النشويات والبروتينات والدهنيات الجيدة اذ لا يقدر الشخص ان ينقص واحدة من هذه العناصر الغذائية. أولاً ان الدهنيات الجيدة بالطعام ضرورية لأنها تمنحنا الطاقة خلال النهار. ثانياً النشويات تمنحنا الطاقة لمدة ليست طويلة فالجسم يخزنها ومن ثم يعاود استعمالها، اذاً عندما نتناول النشويات يقوم الجسم بتخزينها في العضل والكبد، ومن الضروري ان نتناول كمية نشا معينة التي تتحول الى دهنيات. كذلك من الضروري ان نتناول الدهون الجيدة، خصوصاً اذا كان الصائم يزاول الرياضة، فالجسم يستعمل الدهون كمصدر طاقة بعدما يكون قد انتهى من النشا، وبما يتعلق بالدهنيات فانني اتحدث دائماً عن زيت الزيتون لانه صحي والافوكادو الذي نضيفه الى السلطة والذي يحتوي على الدهون الجيدة. أما بالنسبة الى المكسرات فليس خطأ ان يتناول الشخص كمية صغيرة من المكسرات يومياً، ويُستحسن الا تكون مكسرات مالحة، ونصيحتي في هذه الخصوص أنه عندما نتناول المكسرات يجب ان نتناولها بكمية محددة... فهناك أشخاص يتناولون المكسرات مع الطعام لذا فإنهم يشبعون بسرعة، وهناك أشخاص يحبون كما نقول باللهجة اللبنانية <يلقمشوا> خلال الليل، فأقول لهم تناولوا المكسرات غير المملحة خلال السهرة. كذلك يجب أن نتناول طعاماً يحتوي على البروتينات لكي يظل العضل قوياً وهي مهمة أيضاً بالنسبة للنمو ولكل الخلايا التي تموت اذا يقوم البروتين بتجديد تلك الخلايا، لذا من الجيد ان يكون هناك في الطعام مصدر حيواني من اجل البروتين مثل السمك ودهون أوميغا 3 والدجاج واللحوم، وان يكون فيه أيضاً مصدر نباتي الذي هو البقوليات مثل العدس والفول والفاصوليا والحمص. وأود ان أقول هنا ان هناك نشويات ضرورية، وعلينا ان نعرف ان الارز من النشويات وايضاً الخبز والمعكرونة، وصحيح ان <الكينوا> من النشويات ولكنها تحتوي أيضاً على بروتين كامل، وأيضاً اود ان يعلم الناس ان البقوليات تحتوي على البروتينات ولكنها تحتوي أيضاً على النشا، وعندما نتناول هذه الأكلات نمزجها مع بعضها البعض وطعامنا اللبناني يمزج هذه العناصر الغذائية معاً.

وأضافت:

- اذاً الطعام الصحي في رمضان يبدأ بتناول صحن من الشوربة او الفتوش او السلطة لان السلطة تحتوي على الألياف والغذاء بالفيتامين وتمنح الجسم الماء لترطيبه. والآن لم يعد الناس يقيمون الولائم بشكل كبير اذ انه خلال الافطار ربما يُعّد الأرز والصيادية التي تحتوي على النشويات والبروتينات والدهنيات، وربما يُقدّم صحن من المغربية او الملوخية، فاذا لم تكن لدى الشخص مشكلة في السكر او في الوزن ربما يقدر ان يتناول حمصاً بالطحينة او المعجنات ولكن اذا كان الشخص يعاني من مشكلة زيادة الوزن خصوصاً في منطقة البطن او مشكلة السكر فعليه ان ينتبه من النشا، ونصيحتي للناس ان يحصلوا على النشا من مصدر واحد مثلاً يقدر الشخص ان يتناول الملوخية ولكن بدون الارز، أو ان يستبدل الارز بثلاث فطائر، او ان يتناول فقط الأرز مع الملوخية.

وعن أهمية الفاكهة تشرح:

- إن الفاكهة مصدر مهم للغذاء، فمثلاً عندما أقول البطيخ اي اذكر <السيترولين> الذي يمنع التأكسد، وأيضاً الفريز يمنع التأكسد، وهذه الفواكهة تمنح كمية من الماء لجسم الانسان، ولهذا ننصح بتناول الفواكهة خلال الافطار بدل الحلويات. واذا كان لا بد من تناول الحلويات فيُفضل ان يتناول الشخص الحلويات خلال الافطار وليس خلال السحور، ويجب تحديد الكمية التي نتناولها فالمشكلة ليست بالطعام الذي نتناوله بل بالكمية، إضافة الى أنه وكما تعلمين الحلويات ليست صحية والأبحاث تبين ان تناول السكاكر يزيد من تفاعل الخلايا السرطانية، انما طبعاً الحلويات لذيذة والناس يحبون تناول الحلويات، لهذا أنصح بألا يتناولوا أنواعاً مختلفة من الحلويات، مثلاً اذا كان هناك أربعة أنواع من الحلويات علينا أن نتناول نوعاً واحداً فقط.

أهمية السحور

ــ تنصحين بأهمية السحور؟

- هذا صحيح لأن للسحور أهمية كبيرة، فليس من الصعب ان يستيقظ الصائم عند وقت السحور ليشرب كوباً من الماء او ليتسحر على شي بسيط ربما كوب من الحليب لأنه وقت الافطار ليس هناك مجال لشرب الحليب او مشتقات الحليب، وبالتالي بامكان الصائم ان يتناول 2 <توست> مع قطعة جبنة او حليباً مع حبوب الترويقة، وبالتالي انصح بتناول السحور ليقدر الصائم ان يكمل نهاره وهو مرتاح أكثر خصوصاً اذا لم يكن قد تناول أطعمة مالحة ولم يشرب كمية كافية من الماء، فبدون السحور تزول الطاقة منه وسيحتاج للراحة او النوم ليمر الوقت بشكل أسرع بالنسبة اليه، وبالتالي ليظل نشيطاً عليه ان يتناول السحور ولكن شرط ان يكون قد تناول خلال الافطار مأكولات تحتوي على البروتينات والنشويات والدهنيات ليقدر ان يستمر طيلة اليوم بدون طعام.

ضرورة القيام بالتمارين الرياضية خلال رمضان

ــ وماذا عن أهمية القيام بالتمارين الرياضية خلال شهر رمضان؟

- أولاً يجب التنويه أنه اذا كان الشخص بالأساس لا يقوم بالتمارين الرياضية، فانه ليس الوقت المناسب للقيام بذلك وهو صائم، فيما ان الشخص المعتاد على مزاولة الرياضة يقدر ان يواصل ذلك خلال صيام رمضان ايضاً، ولكن الأهم الا يقوم بمزاولة الرياضة بعد الافطار بل عليه ان يقوم بذلك قبل وجبة الافطار. اما الرياضة التي يقدر الصائم ان يزاولها خلال شهر رمضان فهي الهرولة الخفيفة او حتى حمل الأثقال ولكن عليه ان يتنبه لأمر فمثلاً اذا كان معتاداً على حمل 10 كيلو فعليه ان يحمل 3 او 4 كيلو خلال فترة الصيام، وان يستمع لجسمه اذا كان متعباً، فإذا اعطى الجسم اشارة بأنه متعب فعلى الشخص ان يتوقف عن القيام بالرياضة، وهناك أشخاص يزاولون رياضة صفوف وبالنسبة الي فأنصح بمزاولة الـ<Pilates> لأنها تشد الجسم، فهذه الرياضة ليست بحاجة لبذل طاقة كبيرة وبالتالي يقدر الصائم ان يقوم برياضة الصفوف او الـ<بيلاتس>، ولا شك ان الرياضة تساعد الصائم خصوصاً اذا كان معتاداً على مزاولتها فلا انصح بايقافها خلال فترة الصيام.

ــ والى أي مدى تساعد حملات التوعية الناس خلال فترة الصيام في شهر رمضان؟

- لا شك ان حملات التوعية مهمة وضرورية في هذا المجال، فالناس أصبحوا أكثر وعياً بما يتعلق بوجبات الافطارات فمثلاً في السابق كانوا يعدون الولائم اما اليوم فإنهم يتنبهون لهذه الأمور. وما قمنا به على صعيد التوعية مع <اديداس> كان مفيداً خصوصاً عندما يُطلب منا القيام بهذه الخطوات خلال صوم رمضان فيكون ذلك مبنياً على الأبحاث، وبالتالي <اديداس> معنية بتشجيع الرياضة بطريقة صحية ومفيدة الى جانب تناول الطعام الصحي.