تفاصيل الخبر

من أعاجيب الزمان ”نتانياهو“ في سلطنة عمان!

02/11/2018
من أعاجيب الزمان ”نتانياهو“ في سلطنة عمان!

من أعاجيب الزمان ”نتانياهو“ في سلطنة عمان!

بقلم وليد عوض

خفية هي الأسباب والمبررات التي حكمت على السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان بأن يستقبل عدو العرب رئيس وزراء اسرائيل <بنيامين نتانياهو>، ولا أحب أن أدخل في تفسير هذا الحدث أو الحادث لا فرق.

وأنا أعرف السلطان قابوس منذ العام 1974 عندما زرته مع الصحافي الكبير الراحل سليم اللوزي في مسقط عند منطقة <البستان>، وسارع وزير الشؤون الإعلامية يوسف بن علوي الذي نعرفه كسفير سابق للسلطنة في بيروت الى الترحيب بنا وإحاطتنا بحفاوة خاصة، وقدمنا الى السلطان قابوس كصحافيين مهمين من سلطنة صاحب الجلالة الصحافة، ولهما وزنهما وحضورهما في لبنان ودنيا العرب.

لقد أراد سليم اللوزي من حادث بسيط أن يثير مشكلة مع السلطنة، بحيث يتحول الخصام الى وفاق، فادعى لوزير الخارجية أن سلطنة عمان قطعت الاشتراك السنوي عن <الحوادث> وهذا مؤسف. ومال يوسف بن علوي في الحديقة الواسعة على أذن السلطان وهمس له ببعض الكلمات فنظر السلطان قابوس الى سليم اللوزي قائلاً:

ــ قطع الاشتراكات مثل قطع الماء.. وقطع الماء هو قطع للحياة. فما وضع المصريين إذا انقطعت عنهم مياه النيل؟! وما حال العراقيين إذا انقطعت عنهم مياه دجلة والفرات؟!

وهكذا أصاب سليم اللوزي العصافير بحجر واحد.

ومن فرط اهتمام السلطان قابوس بسليم اللوزي ان أوعز الى الفريق الذي يعمل في توليد الدستور العماني الجديد بأن يكون لسليم اللوزي رأيه في هذا الدستور. وبالفعل عهد سليم اللوزي بمحام صديق بالانضمام الى لجنة الدستور. ولذلك في الدستور العماني شيء من النكهة اللبنانية وهذا ما يجعلنا نقف مشدوهين أمام زيارة <نتانياهو> للعاصمة العمانية مسقط، خصوصاً وأن في الدستور إشارة الى ان الخطر الاسرائيلي الجاثم فوق الحدود اللبنانية، واستعار سليم اللوزي لهذا الغرض قول أمير الشعراء أحمد شوقي: <تلك قبلة الذئب إذا الذئب على الشاة جثم>!

ولا ندري ما طبيعة الأسباب التي غيبت سلطنة عمان عن لبنان رغم كونها بلداً عربياً فاعلاً ومصدر رزق لجالية لبنانية واسعة الحضور.

أسئلة كثيرة تدور في الأذهان. وتستدعي شرحاً من السلطان قابوس قطب الخليج البعيد وجار إيران، وخصمها في معركة ظفار. وأغرب ما في الأمر ان لا بلد عربياً قد تصدى لزيارة <ناتانياهو>، وأغرب ما في الأمر أيضاً أن أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط لم يحرك ساكناً، ولم يصدر أي بيان ضد هذه الزيارة، ولم يدع أعضاء الجامعة العربية الى اجتماع عاجل لمواجهة الزيارة.

والمعلومات المتوافرة عندي ان <نتانياهو> لن يكتفي بزيارة سلطنة عمان، بل يتهيأ أيضاً لزيارة بلدان خليجية أخرى، مثل قطر، وهذا فقط على سبيل المثال، وليس في الأفق ما ينفي أو يؤكد.

كل هذه التحولات موصولة بما تسميه الولايات المتحدة <صفقة القرن> أي المفاوضات النهائية بين الفلسطينيين والاسرائيليين. واستخراج الصيغة الكفيلة باستقرار المنطقة وذلك بإيجاد دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، فيكون هناك مشروع الدولتين المجاورتين، ولو بسلطة فلسطينية بدون سلاح. ووزير الخارجية الأميركي <مايك بومبيو> شغال على هذا الخط والرسائل التي تخوض في هذا الموضوع محجوبة عنا، ولا ندري ماذا تحمل من مضامين.

وتشبه زيارة <نتانياهو> لسلطنة عمان، زيارة الرئيس أنور السادات لاسرائيل نهاية السبعينات، وكسر العداوة بين القاهرة وتل أبيب، وعدم استجابة الدول العربية لهذه الحركة المصرية استدعى نقل مقر الجامعة العربية الى تونس وتعيين الشاذلي القليبي أميناً عاماً لها..

ومطلوب الصوت العربي الذي يرفض الاستسلام ويجنح نحو السلام.. العادل!