مليون ونصف مليون من ضحايا المجازر العثمانية بحق الأرمن مرشحون الآن لرتبة قديس. هكذا أفتى رئيس كنيسة أرمينيا ورئيس جمهوريتها <سيرج سركيسيان> في الذكرى المئوية لمذابح 1915. وتوجه الى العاصمة الأرمينية <ياريفان> لهذه المناسبة عدد من قادة العالم ورؤساء الحكومات والوزراء، وتمثل لبنان أولاً بالبطريرك بشارة الراعي وكذلك بالوزيرين جبران باسيل (الخارجية) والياس بو صعب (التربية والتعليم العالي)، والاثنان أدانا مذابح 1915. وكانت المفاجأة من الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> حين أعلن اعتذاره عن الحضور الى تركيا، وأصدر بياناً أكد فيه اعترافه <بأن ما حدث للأرمن هو عملية تطهير عرقي، وان حجج الحكومة التركية غير مقبولة في حادث لا يمكن تبريره>.
إلا ان تركيا عدلت موقفها من هذه المذابح، وقال رئيس الوزراء التركي الاسلامي المحافظ <رجب طيب أردوغان> انه <يقدر معاناة المتحدرين من الأرمن الذين قتلوا بين عامي 1915 و1917، وقدم تعازيه دون الإقرار بأن تلك المجازر هي إبادة جماعية>.
وانضمت النمسا الى إدانة هذه المجازر الجماعية، وأعدت الكتل النيابية الست في البرلمان النمساوي اعلاناً مشتركاًيعترف بإبادة الأرمن، ووقف أعضاؤها دقيقة صمت حداداً. وهذا الموقف دفع الحكومة التركية الى التحذير من خطوات النمسا التي ستلحق ضرراً دائماً بالعلاقات بين البلدين، وقالت في بيان رسمي: <نرفض هذا النهج المنحاز من البرلمان النمساوي الذي يحاول اعطاء الآخرين دروساً في التاريخ وهو أمر لا مكان له في عالم اليوم>.
وخلافاً لبعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية التي نسبت هذه المجازر الى السلطان عبد الحميد الثاني، فإن ارتكاب هذه المجازر جرى عام 1915 أي في عهد السلطان محمد رشاد، ولأنه كان سلطاناً ضعيفاً فقد استقوى عليه الثالوث الرهيب أنور وطلعت وجمال الملقب بجمال السفاح، أقطاب حزب <الاتحاد والترقي>، وكانوا ثلاثتهم وراء ارتكاب هذه المجازر.
وقد اتكل الرئيس الأرميني <سيرج سركيسيان> على الرئيس الأميركي <باراك أوباما> لينطق كلمة <إبادة جماعية> بحق الأتراك، ولكنه لم يفعل، ولم يلفظ هذه العبارة، أي <إبادة جماعية>، ولم يراع شعور الأرمن الذين يشكلون جالية ذات تأثير في الولايات المتحدة، وهو الموقف الذي باعه <أوباما> للرئيس التركي <رجب طيب أردوغان> بعد زيارة الأخير لواشنطن، واكتفى الرئيس الأميركي بالاعتراف الكامل والصريح والعادل بهذه المجازر!
وأغرب المفارقات التاريخية في هذا المجال ان عشاء طلعت باشا وزير الداخلية العثماني، مع الزعيم الأرميني <خشادور مالوميان> الشهير باسم <أغنوتي> كان مقدمة لهذه... المذابح.