تفاصيل الخبر

ملتقـــــى لبـــــنان الاقتصـــــــادي يشــــــدد عـلـــــــى ضـــــرورة الـنـهــــــوض بالاقـتـصــــــــاد

24/03/2017
ملتقـــــى لبـــــنان الاقتصـــــــادي يشــــــدد عـلـــــــى  ضـــــرورة الـنـهــــــوض بالاقـتـصــــــــاد

ملتقـــــى لبـــــنان الاقتصـــــــادي يشــــــدد عـلـــــــى ضـــــرورة الـنـهــــــوض بالاقـتـصــــــــاد

 

بقلم طوني بشارة

1  

يحاول الاقتصاديون في لبنان التعلق بأي أمل يبقي الوضع الاقتصادي <مكانك راوح>، من دون أن يشهد المزيد من التدهور والركود.. أمل بات من المستحيل تحقيقه في ظل المؤشرات الاقتصادية التي بدأت تتخطّى الخطوط الحمر، فمنذ ثلاث سنوات تقريباً تراجعت الحركة الاقتصادية بشكلٍ ملحوظ لتنذر بأفق اقتصادي غير مستقر تزامناً مع أزمات امنية واجتماعية وحياتية بلغت ذروتها في الفترة الاخيرة مع أزمة الإضرابات كردة فعل على السلسلة والدرجات.

تراجع الاقتصاد بالأرقام

وإذا ألقينا نظرة سريعة على الوضع الاقتصادي اللبناني انطلاقاً من مؤشراته خلال السنوات الأخيرة، نرى سبب تخفيض هذه النظرة المستقبلية:

- قيمة المعاملات العقارية انخفضت بنسبة ٦٥,١٣ بالمئة مقارنةً مع الفترة نفسها من ٢٠١٤.

- على صعيد التبادل التجاري وبالعودة الى سجلات الثلاثة اشهر الماضية نلاحظ ان قيمة الاعتمادات المفتوحة للاستيراد تراجعت بنسبة ٨,١٧ بالمئة، أمّا قيمة الاعتمادات المفتوحة للتصدير فانخفضت بنسبة ١٢ بالمئة. وقد تُرجم هذا التراجع بتباطؤ في حركة مرفأ بيروت بنسبة 6,58 بالمئة ما يؤكّد عدم ثقة 3التجّار بالحركة التجارية اللبنانية على المدى المنظور.

- أمّا المشكلة الأكبر فهي الدين العامّ الذي وصل اجمالي قيمته إلى 69,2 مليار دولار أميركي مع نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر وبوتيرة ارتفاع أسرع من السنوات الماضية، هذا ولم نكن بعد قد اخذنا بعين الاعتبار سلسلة الرتب والرواتب ولا حتى إمكانية التصديق على خطّة حلّ النفايات اللذين سوف يكبّدان الدولة أموالاً طائلة، علماً أنّ التحويلات إلى شركة كهرباء لبنان انخفضت مع انخفاض أسعار النفط عالميّاً.

ومن جهة أخرى، نسبة البطالة في لبنان وصلت إلى٢٠ بالمئة وتخطّت نسبتها الـ٣٧ بالمئة بين الشباب، ما يُبشّر بزيادة نسبة الهجرة إلى الخارج. أضِف إلى ذلك أزمة النازحين السّوريّين حيث أصبح عددهم يوازي نصف عدد سكان لبنان مع ما يترتب على ذلك من أعباء اجتماعية واقتصادية وديموغرافية وعلى مقدرة البنى التّحتية على تحمّل ضعف مقدرتها.

هذا بالنسبة للغة الأرقام، فهل من مبادرات عملانية من قبل الجهات المسؤولة لايجاد حل للازمة؟ وهل هناك محاولة لاعادة العلاقات التجارية الجيدة مع الجوار من اجل تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان؟ وهل هناك إمكانية لاعادة الحياة للقطاع الاقتصادي الذي دخل وللأسف مرحلة الإنعاش؟

محاولات عديـــــدة يسعى الى اتباعهــــا القيمون على الامر ومن ضمنها <ملتقى لبنان الاقتصــــادي>، <الأفكار> جــــالت في ارجــــــاء المؤتمـــــر، التقت المعنيــــــين بالموضـــوع ونقلت آراءهم.

2شقير والتروي

 

رئيس <اتحاد غرف البحر المتوسط> محمد شقير اعلمنا انه وبعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، بات الجميع يتطلع بأمل وتفاؤل وثقة بمستقبل البلد، فيما الجهود باتت تتركز على إعادة لبنان الى طريق التعافي والنهوض، وأضاف شقير: أن الدولة تسير وتتقدم، وها هي الكثير من القرارات والاجراءات والتشريعات تقر، في حين ان الموازنة التي انتظرناها 11 عاماً وطالبنا بها كثيراً سيتم اقرارها قريبا، ونسجل أيضاً، الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالشق الاقتصادي، وكذلك الرئيس سعد الحريري الذي فتح ابواب السراي امام القطاع الخاص وقد التقيناه خلال الفترة القصيرة الماضية اكثر من عشر مرات وكان من نتائج ذلك اجراءات ايجابية على المستوى الاقتصادي العام.

ورداً عن سؤال اعتبر شقير ان الأزمة الاقتصادية لا تزال تضغط أكثر فأكثر على قطاع الاعمال، لذلك نرى ان ما يحصل الآن من فرض المزيد من الضرائب والتوسع في الانفاق العام لا يصب ابداً في مصلحة البلد واقتصاده، مشيراً إلى أن الوضع دقيق، لذلك وقبل اللجوء الى أي من الخيارات نتمنى على جميع الاطراف التروي وافساح المجال أمام اللجنة الاقتصادية الوزارية برئاسة الرئيس الحريري، وإذا اقتضى الامر اشراك ممثلي أصحاب العمل والعمال في اجتماعاتها، لاعداد رؤية متكاملة حول الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وكيفية النهوض بهما.

 

حاصباني والاقتصاد الرقمي

 

بدوره نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني اعتبر انه ولمعالجة الوضع يحتاج لبنان إلى رؤية شاملة على مستوى الدولة تتضمّن سياسة للاقتصاد الرقمي وأطـــــراً تشريعيــــة وتنظيمية تسمح بتبني الثورة الصناعية الرابعـــــة، ولا يجب أن يكون لدينـــــا الانطبـــــاع بأنــــــه علينا حل المشاكل الأساسية والوجدانية قبل تبني التطور الحاصل، بل على العكس، إذ إنّ هذا التطور هو مدخل الحل، وأضاف حاصباني: إذا أردنا استئناف الحضارة والتطور، فلنبدأ بتعزيز دور القطاع الخاص في كافة المجالات وفتح باب الاستثمار والمنافسة وتحفيز الاستثمارات الريادية.

4 خــوري والإسراع في اتخاذ الخطوات

اما وزير الاقتصاد رائد خوري فأفادنا انه في ظل الاجواء الايجابيّة السائدة، من الضروريّ الإسراع في اتّخاذِ خطواتٍ آنيّةٍ لتنشيطِ الدورةِ الاقتصاديّةِ، بهدفِ زيادةِ النموِّ الاقتصاديِّ وزيادةِ الوظائف وتحقيقِ الأهداف الاقتصاديّة الأساسيّة للبلاد.

وقال خوري: إن لبنان يمر منذُ بدءِ المِحنةِ السوريّة قبلَ ست سنوات في مرحلةٍ اقتصاديّة صعبة نتج عنها تباطؤ مقلق في نِسَبِ النمو حيث شَهَدت القطاعات التي تمثلُ أهمَّ مقوّماتِ الاقتصاد اللبناني تراجعاً بحسب ما تظهره أبرز المؤشّرات.

القصّار... والتفاؤل

 

ونلتقي الوزير السابق عدنان القصار الذي اعتبر أنه من أولى الإيجابيات لخطوة الحكومة اللبنانية هو إقرار موازنة جديدة للعام 2017 وذلك للمرة الأولى منذ العام 2005، وهذا مؤشر إيجابي يؤكد عزم العهد الجديد والحكومة على إقفال ملف قطع الحسابات المتراكم وعلى تصحيح أوضاع المالية العامة للدولة، وجباية أموالها المستحقة، وأيضاً ضبط الهدر والفساد والتهريب من اجل التقليل من عجز الموازنة والاستدانة.

وأشاد القصّار بانصراف الحكومة فور نيلها الثقة الى البحث بجدية وحزم في ملفات حيوية مثل النفط والغاز والطاقة والكهرباء، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص من اجل إطلاق الاستثمارات والتمويلات لقطاعات البنى التحتية المتنوعة، هذا إلى جانب قانون الانتخاب الضروري لتعزيز ثقة اللبنانيين والخارج بقدرة لبنان على إنجاز الاستحقاقات الوطنية الكبرى، وكذلك ملف النزوح السوري إلى لبنان الذي يتطلب إدارة دقيقة ومتوازنة بين الحاجات الإنسانية والاجتماعية للنازحين، وإمكانات البلد الاقتصادية والمالية. كما وأثنى القصار على جهود السلطات السياسية المسؤولة بإتجاه إعادة ترتيب وتطوير علاقات لبنان بمحيطه الخليجي.

سلامة وإمكانات المصارف المتينة

 

اما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فأشار إلى أن «لبنان يتمتع بإمكانات تمويلية وبمصارف متينة، وهذا ما يؤكد ان بلدنا، وفي ظل اجواء مؤاتية، يستطيع تحقيق نسب نمو افضل من النسب المحققة في العام الماضي».

5 وتابع سلامة:

- ان المصارف عزّزت أموالها الخاصة لكي تستمر بمهامها التسليفية، فقد بات لديها ما يكفي من الأموال الخاصة لتحقيق المعايير المحاسبية الدولية ولرفع ملاءتها إلى 15 بالمئة تبعا لمقررات <بازل 3>، ما يمكنها من التوسع بالتسليف وقد تخطت نسبة نمو التسليفات في القطاع المصرفي الـ5 بالمئة في العام 2016، ونحن نتطلع إلى معدلات فائدة مستقرة بالرغم من الاتجاه التصاعدي للفوائد في الأسواق العالمية.

ورداً عن سؤال قال سلامة:

- إن هدفنا هو أن نحافظ على الاستقرار النقدي لكي نؤمن ثبات العملة ومعدلات الفائدة. ومن المعروف بأن الـ1 بالمئة كارتفاع بمعدل الفائدة يخلق كلفة اضافية على لبنان بمليار وثلاثمئة مليون دولار لأن قيمة الدين العام تبلغ 75 مليار دولار وفي القطاع الخاص الدين هو بحدود الـ 52 مليار دولار.

واستطرد سلامة قائلاً:

- ان اقتصاد لبنان يرتكز على التحاويل، والاستثمارات مصدرها اللبنانيون، ومصرف لبنان يسعى من خلال محافظته على سلامة القطاع المصرفي ومن خلال المبادرات الشبيهة بإطلاق اقتصاد المعرفة الرقمي الى المحافظة على اهتمام اللبنانيين غير المقيمين في الاقتصاد اللبناني وعلى استمرارية التحاويل من قبلهم. ويسعى مصرف لبنان ايضاً الى المحافظة على النمو بالاقتصاد من خلال <الرزم التحفيزية> للقطاعات المنتجة وللسكن، وقد بلغت التسليفات المدعومة من مصرف لبنان قيمة تراكمية قدرها 11 مليار دولار اميركي خلال الخمسة أعوام الماضية، وإذا اضفنا الى ذلك التسليفات المدعومة من قبل الدولة فيصبح مجمل الأموال التي خصصت لتطوير القطاعات المنتجة والاسكان بحدود الـ 14 مليار دولار اميركي، 60 بالمئة للسكن و40 بالمئة للقطاعات المنتجة، ونحن نقدر تجاوب المصارف بخفض الفائدة على القروض السكنية.

 

أبـــو زكي والتحديات

الأمنية والسياسية

6 

اما رئيس مجلس إدارة <مجموعة الاقتصاد والاعمال> رؤوف أبو زكي فأبلغنـــــا بأن لبـــــنان يواجه تحدّيات كثيرة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، ولعلّ أولى هذه التحدّيات استمرار الحرب السورية وتداعياتها وتزايد أعباء النزوح السوري، والخطر الإسرائيلي الدائم، إضافةً إلى تراجع حركة الأعمال والنمو الاقتصادي في المنطقة عامة ودول الخليج خاصة وكذلك في أفريقيا، وبدء تراجع حركة التحويلات الخارجية، وكلّ هذه العوامل تدعونا جميعاً إلى التعاون من اجل إدارة هذه المرحلة واجتيازها بأقل الأضرار الممكنة.

ورداً عن سؤال شدّد أبو زكي على أهمية إعطاء دفعة قوية للعلاقات اللبنانية - الخليجية، إذ لا يخفى أنها تمرّ في حال فتور ما يؤثر على حركة السياحة والاستثمار والتبادل التجاري، ونحن نعلم أن جهوداً تُبذل لتحسين هذه العلاقات، ونأمل أن يكون مؤتمر القمة العربية المقبل في 27 الجاري في الأردن، مناسبة للقاءات مُفيدة ومثمرة تكفل بإزالة ما هو عالق من شوائب ومعوقات.

وأكّد الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاقتصاد والأعمال> سعي المجموعة الدائم لتعزيز العلاقات اللبنانية - العربية والعربية - العربية من خلال ملتقيات عربية وخارجية في 16 بلداً.

وأشار أبو زكي إلى إن لبنان الذي استعاد وضعه السياسي والمؤسساتي الطبيعي، يعول كثيراً في هذه المرحلة على قطاعه المصرفي العريق القادر على لعب دور حيوي حيث يتمتع برأسمال عالٍ وبسيولة فائضة تمكّنه من تمويل الاقتصاد في مناخ من الثقة، وهنا لا بد من التنويه بالدور الكبير الذي يلعبه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لضمان الاستقرار النقدي والاقتصادي، والذي كان موضع تقدير الأوساط الدولية. وعليه، لا يجوز أن يبقى هذا المركز موضع تكهنات وتوقعات في ظرف محلّي وإقليمي ودولي دقيق كالذي نمرّ به، إذ أن الاستقرار السياسي والأمني الذي ننعم به لا يكتمل إلا باستمرار الاستقرار النقدي والاقتصادي.