تفاصيل الخبر

ملف ”معاهدة الاخوة“ بين لبنان وسوريا على الطاولة قريباً لتحديــد مستـقـبــل الاتفاقــات الـثـنائـيــة تعـديــلاً أو إلغــاءً!

22/03/2019
ملف ”معاهدة الاخوة“ بين لبنان وسوريا على الطاولة قريباً  لتحديــد مستـقـبــل الاتفاقــات الـثـنائـيــة تعـديــلاً أو إلغــاءً!

ملف ”معاهدة الاخوة“ بين لبنان وسوريا على الطاولة قريباً لتحديــد مستـقـبــل الاتفاقــات الـثـنائـيــة تعـديــلاً أو إلغــاءً!

 

طرحت الزيارة التي قام بها وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لسوريا بُعيد تشكيل الحكومة وما رافقها من ردود فعل تفاقمت على خلفية عدم اصطحاب رئيس الحكومة سعد الحريري الوزير الغريب في عداد الوفد اللبناني الى مؤتمر <بروكسل-3> للدول المانحة، ملف العلاقات اللبنانية - السورية ومستقبلها من جديد في ضوء تنامي التوجه الى ضرورة توضيح موقف الدولة اللبنانية وإمكانية تعاطيها مع الدولة السورية التي يرأسها بشار الأسد. وما ان عاد موضوع العلاقات بين لبنان وسوريا الى الواجهة، حتى عاد معه الحديث وبقوة حول دور المجلس الأعلى اللبناني - السوري الذي كان ثمرة <معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق> بين البلدين التي وقّعها الرئيس اللبناني الراحل الياس الهراوي والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والتي تفرّعت عنها اتفاقيات ثنائية تناولت مختلف القضايا التي تهم البلدين، وهي لا تزال قائمة على رغم المناخ السلبي الذي يسيطر على فريق من اللبنانيين حيال العلاقة مع سوريا. وفي كل مرة يعود الحديث الى العلاقة بين البلدين، تتعالى أصوات تطالب بإلغاء المجلس الأعلى اللبناني - السوري، وبعضها يسأل عن دوره ومصيره، فيما يتمسك ممثلو فريق الثامن من آذار بضرورة بقاء هذا المجلس وأمانته العامة التي يتولاها منذ إنشائه قبل 28 عاماً الدكتور نصري خوري الذي عاد ليظهر في لقاءات رسمية، تارة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وطوراً مع الرئيس نبيه بري أو عدد من الوزراء القريبين في خط <الممانعة> إضافة الى مسؤولين أمنيين، من دون أن يكون له أي <نشاط> مع وزراء ما كان يُعرف بـ14 آذار ولاسيما منهم وزراء تيار <المستقبل> والحلفاء.

 

ما هو <مصير> المجلس الأعلى اللبناني - السوري؟

وتقول مصادر متابعة ان عودة الحديث عن المجلس الاعلى اللبناني - السوري والدعوات المتجددة لتحديد <مصيره>، ستبقى مادة للاستهلاك الإعلامي والسياسي والمزايدة أحياناً إذ ان فكرة إلغائه لا تتوافر لها المناخات الملائمة سياسياً، فضلاً عن عدم توافر غالبية نيابية لأن ولادة هذا المجلس تمت بموجب قانون صوّت عليه مجلس النواب عندما صوّت على <معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق> بين لبنان وسوريا، بمعنى أن إلغاء المجلس لا يتم إلا من خلال إلغاء المعاهدة، وكلا الأمرين لا مناخ مؤاتياً لهما راهناً. وفي هذا السياق، تقول المصادر ان طرح فكرة إلغاء المجلس الأعلى يأتي في توقيت غير مناسب خصوصاً في ضوء التطورات الاقليمية المتسارعة التي تلت مستجدات امنية أعادت سيطرة الدولة السورية على القسم الأكبر من أراضيها ولم يبق سوى جيب صغير بدأ <تطهيره> من تنظيم <داعش> طوعاً خلال الأيام الماضية. وبالتالي فإن لبنان الساعي الى اعادة النازحين السوريين الى أراضيهم، سوف يكون مضطراً الى البحث مع المسؤولين السوريين في ترتيبات العودة، فكيف يتم ذلك إذا استمر التواصل مقطوعاً بين البلدين؟ وفي رأي المصادر نفسها أن الحاجة ستصبح أكثر إلحاحاً لعمل الأمانة العامة للمجلس الأعلى اللبناني - السوري ليكون صلة الوصل بين الدولة اللبنانية والمسؤولين في سوريا، خصوصاً إذا ما ظل الرئيس سعد الحريري على موقفه الرافض لأي حوار رسمي على مستوى رفيع بين البلدين.

وتعتبر مصادر مطلعة على الملف اللبناني - السوري أن إصرار الرئيس عون على بناء أفضل العلاقات مع سوريا يشكّل خطوة مهمة على طريق تزخيم العلاقات بين البلدين من دون أن يضطر مجلس الوزراء الى اتخاذ قرار علني في هذا الشأن الى أن تعود الظروف وتسمح بذلك، ويمكن ترجمة الرغبة الرئاسية اللبنانية عبر خطين: الأول من خلال السفارة اللبنانية في دمشق وشقيقتها السورية في لبنان، أي من خلال رعاية وزارة الخارجية التي على رأسها الوزير جبران باسيل الذي نادى في القمة العربية التنموية الاقتصادية الاجتماعية التي عقدت في بيروت بضرورة إعادة سوريا الى الحضن العربي، لاسيما وان قرار إخراجها عندما اتُخذ لم يكن موفقاً، حسب الوزير باسيل، وقد عارضه لبنان يومئذٍ... أما الخط الثاني، فهو خط الأمانة العامة للمجلس الأعلى التي تستمر في عملها رغم الظروف المضطربة التي مرت بها العلاقات بين البلدين، وذلك نتيجة <تفهّم> الجانب السوري للوضع اللبناني كما يقول الأمين العام للمجلس الدكتور نصري خوري الذي يؤكد في لقاءاته أن العلاقة بين بيروت ودمشق عائدة الى طبيعتها لا محالة، من دون أن <يغامر> في تحديد موعد دقيق لها لأنه لا يرغب في أن يقوم بأي عمل خارج الصلاحيات المعطاة له!

المعاهدة... والاتفاقات الثنائية!

في موازاة <الرسائل> الإيجابية التي ترد من دمشق الى بيروت تباعاً والتي <تشجع> العاصمة اللبنانية على أن تخطو خطوة صوب العاصمة السورية كي تقابلها الشام بخطوات... ترى مصادر متابعة ان الحكومة اللبنانية ستجد نفسها، عاجلاً أم آجلاً، أمام حتمية تحديد خياراتها في ما خص مستقبل العلاقة مع سوريا من خلال مقاربة <معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق> بين البلدين من جهة، والاتفاقيات الثنائية من جهة ثانية، لاسيما مع وجود استحقاقات والتزامات مرتبطة بمهل زمنية لتجديد هذه الاتفاقيات أو تحديثها أو تطويرها أو... إلغائها، وبالتالي لا بد للبنان الرسمي أن يصل الى مرحلة القرار، من دون أن يعني ذلك توافر الإجماع داخل حكومة الرئيس الحريري لأن مثل هذا الإجماع يحتاج الى وقت كي يتحقق. وتلفت المصادر نفسها الى أن ملف النازحين السوريين يشكّل حاجة ماسة لبنانية أكثر مما هي حاجة ماسة سورية لأسباب كثيرة، وبالتالي فإن من مصلحة <المعترضين> على إعادة التواصل الرسمي مع سوريا أن يعيدوا النظر في موقفهم، خصوصاً أن سوريا مقبلة على ورشة إعمارية بعد انتهاء الحرب فيها ولا بد أن يكون لبنان الطريق الطبيعي للشركات والمؤسسات الكبرى التي سوف تستعمـــل المـــرافئ اللبنانيـــة لنقـــل البضائع، والأراضي اللبنانية لتقيم طواقم العمل وغيرها. وهذه الحقيقة أدركها الأردن الذي بدأ، رغم الضغوط الأميركية التي تمارس عليه، تواصلاً رسمياً لإعادة العلاقات الى طبيعتها قبل الحرب.إضافة الى ذلك فإن سوريا سوق اقتصادية واعدة، ومعبر لبنان الوحيد الى الدول العربية.

عودة العرب الى سوريا!

 

وإذا كانت المعطيات تتحدث عن خطوات مرتقبة بين سوريا والأردن في وقت قريب، فإن المصادر نفسها تتحدث عن ضرورة قراءة ما يجري من تطورات في العلاقات العربية - السورية التي لا يمكن للحكومة اللبنانية أن تستمر في تجاهلها، ذلك أنه من أصل 21 دولة عربية، فإن أربع دول عربية فقط لا تقيم علاقات بشكل أو بآخر مع سوريا، هي: السعودية وقطر والمغرب والكويت (علماً أن الكويت لديها مرونة في التعاطي مع هذا الملف). من هنا فإن الحديث عن إمكانية عودة سوريا الى الجامعة العربية يزداد يوماً بعد يوم، وإن كان هذا الملف لم يطرح رسمياً بعد على وزراء الخارجية العرب لإلغاء القرار الذي اتخذوه بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، لكن المصادر المطلعة على هذا الملف تشير بما يشبه التأكيد الى أن مؤتمر القمة في تونس المتوقع انعقاده في نهاية الشهر الجاري، سيتطرق الى ملف العلاقة العربية مع سوريا على نحو متقدم ما يترك انطباعات حول امكانية الوصول الى نتيجة عملية بُعيد القمة أو بعدها مباشرة. وتتوقف المصادر عند ردود فعل الدول الأوروبية حيال التواصل مع سوريا، فتشير الى أن ثمة دولاً أوروبية رأت ضرورة تفعيل حضورها على الساحة السورية بعدما لاحظت عودة عربية تمثلت من خلال تفعيل عمل البعثات الديبلوماسية العربية، الأمر الذي فرض على هذه الدول معاودة التعاون بنسب متفاوتة، بعضه أمني والبعض الآخر اجتماعي، فيما يرتقب ان يكون للبعض السياسي حصة في الآتي من الأيام.

في أي حال، ملف العلاقات اللبنانية - السورية بأبعاده كافة لن يتأخر في الحضور على طاولة مجلس الوزراء وفي مداولات مجلس النواب من زاوية <معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق> بين البلدين، والاتفاقيات المعقودة التي يحتاج بعضها الى تعديل والبعض الآخر الى تفعيل... وعندما يصل الملف الى مجلس الوزراء ستصبح المواقف مفروزة والخيارات محددة، وما يقال في السر سوف يقال في العلن، والعكس صحيح!