تفاصيل الخبر

ملــف الانقـــاذ المـالـــي فـي يـــدي حاكــم مـصــــرف لبــنان ريـــاض سـلامـــة ووزيـــر الـمـــال عـلـــي حـســن خلـيـــل!

03/01/2019
ملــف الانقـــاذ المـالـــي فـي يـــدي حاكــم مـصــــرف لبــنان ريـــاض سـلامـــة ووزيـــر الـمـــال عـلـــي حـســن خلـيـــل!

ملــف الانقـــاذ المـالـــي فـي يـــدي حاكــم مـصــــرف لبــنان ريـــاض سـلامـــة ووزيـــر الـمـــال عـلـــي حـســن خلـيـــل!

بقلم وليد عوض

حملة جائزة <نوبل> من <أوسلو> ليسوا حالة فولكلورية ومجرد صور تستمر في الصحف لمدة أسبوعين، بل قيمتهم جميعاً هي في ما يعرضونه من أفكار، مثل حامل جائزة <نوبل> للسلام الدكتور <دينيس موكويجي> الحائز على جائزة <نوبل> للسلام الذي أرسل تحذيراً الى الدول المدمنة على الاستقراض، لأنه ربما جاءها يوم ندمت فيه على أن تعلق بالاستدانة!

وحول هذه الاستدانة أو الاستقراض جعل الدكتور <موكويجي> من جمهورية تونس المثل والمثال، إذ أعلن ان دينها تجاوز المئة بالمئة من مستوى الدخل القومي!

وأكثر من ذلك. فقد ذكرت صحيفة <الشرق الأوسط> في صفحتها الأولى يوم الجمعة الماضي أن هناك وثائق سرية بريطانية بتاريخ 1994 تتوقع سقوط الحكم الجزائري في أيدي المسلمين، وان الفرنسيين أعدوا خططاً لاستقبال 500 ألف لاجئ جزائري في الشواطئ الجنوبية.

قد يكون الأمر من باب المبالغة، ولكن الحيطة ضرورية لمواجهة مجهول المستقبل، ولاسيما موضوع القروض المدعومة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي تتولاه الوزيرة الفرنسية السابقة <كريستيان لاغارد>. والخطر من الاستدانة يشمل كذلك لبنان. والاتكال في هذا الباب هو على حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة الذي حفظ شرف الليرة اللبنانية منذ تسلمه حاكمية مصرف لبنان في مطلع التسعينات. فهو موضع ثقة صناديق العالم، بدءاً من منطقة <وول ستريت> النيويوركية.

ولكن في الأرقام خفايا وظواهر تنبئ بأن الآتي أسوأ. فقد ارتفع العجز الاجمالي للموازنة الى ستة مليارات دولار مقابل 3,7 مليارات دولار في العام الماضي، والدين العام تجاوز الثلاثة وثمانين مليار و800 مليون دولار، وليس في مقدور الحكومة المقبلة ــ إذا تألفت ــ أن تسد هذا العجز بسياسة التقشف، لأن ذلك سينعكس على رواتب الموظفين والمستخدمين، وهنا تكمن المشكلة، لأن لبنان سيمد يديه الى المؤسسات المالية الدولية، ويوقع المزيد من القروض، والقرض عبء اقتصادي لا بد أن ينعكس على المستقبل الاقتصادي بالرغم من عدم القدرة على تفاديه!

إذن.. نحن أمام لبنان مديون، والقضية هي التشمير عن السواعد لتغطية ما تيسر من هذا الدين، والرهان هنا قائم على حكمة رياض سلامة ووزير المال علي حسن خليل.

إذن... فالرجلان المطلوبان لمواجهة الأزمة هما الدكتور رياض سلامة ووزير المال علي حسن خليل.. الأول يمسك بسلامة الليرة اللبنانية، والثاني يمسك بالموازنة التي لا تزال تعتمد على القاعدة الاثني عشرية، ونهاية هذا الاعتماد تكون بتشكيل الحكومة الموعودة. وليس من الخطأ إعادة تكليف علي حسن خليل بحقيبة وزارة المال. فرب البيت أدرى بالذي فيه. ووزير المال بسياسة ادارة النفقات وضبط أحكام الموازنة هو الشخص المرتجى في الحكومة الجديدة التي سيعود الرئيس الحريري الى تشكيلها من جديد.

وقد توقف مدار الأزمة حول إعراض اللقاء التشاوري عن تسمية مدير عام شركة الدولية للمعلومات جواد عدرا كوزير سني ممثل عنهم في التشكيلة الحكومية.

سلامة الليرة اللبنانية

منذ عهد الرئيس ميشال سليمان، وتبعاً لاتفاق الدوحة عاصمة قطر، يملك رئيس الجمهورية مفتاح المظلة بتسمية ثلاثة وزراء يكونون بمثابة الجزء المعطل للحكومة إذا استقال أحدهم، وهذا ما حصل مع الرئيس سعد الحريري وهو يدخل البيت الأبيض لمقابلة الرئيس <باراك أوباما>، وفي أذنه نبأ استقالة الوزير عدنان السيد حسين، فلم تتجاوز مقابلة البيت الأبيض الحدود البروتوكولية وتذهب الحكومة مع الريح.

في كل المناسبات لا ينسى الرئيس الحريري هذا الموقف الحرج على باب البيت الأبيض، وحين كلفه الرئيس ميشال عون منذ سبعة أشهر بتأليف الحكومة وضع نصب عينيه حكاية الثلث المعطل، والوزير الذي يستقيل عندما تقتضي الضرورة، وهذا، على ما يظن الكثيرون، ما تحكم في سلوكه السياسي عندما أحيط علماً باللقاء التشاوري المؤلف من ستة وزراء سنة، فكان يرى فيه شبح المأزق الذي واجهه على باب البيت الأبيض، وهذا ما جعله يعتذر عن استقبال النواب الستة مجتمعين، أو اختيار واحد منهم لمنصب في الحكومة.

ومدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم لم يقطع أملاً في الوصول الى حل مع اللقاء التشاوري، ويرى ان الذي حصل هو خطأ في التطبيق وعدم التزام بروح المبادرة.

فكيف سيدير محاولته الثانية؟ من حيث الشكل لاسيما في تبني أحد الأسماء الأربعة التي قدمها الى رئيس الجمهورية باسم اللقاء التشاوري، أي ما زال هناك أمل بتوزير طه ناجي رئيس المشاريع الاسلامية في طرابلس، أو عثمان مجذوب، أو حسن عبد الرحيم مراد، إذا كان الرئيس عون يرضى بعدم التعامل مع المرشح الذي تبناه اللقاء التشاوري، خارج حصته الوزارية، أي على الوزير الجديد أن يعلن انتماءه الى اللقاء التشاوري في كل السلوك السياسي.

وقد يرفض الرئيس الحريري هذا الحل، فتكون هناك محاولة أخرى لتوزير نائب سني من خارج اللقاء التشاوري، مقابل أن تعتبر اللجنة هذا الاسم محسوباً عليها، وليس خارجاً على مبادئها.

على باب القمة!

وقد أخطأ اللقاء التشاوري في التعامل مع الأزمة الحكومية فبدا وكأن المرفوض ليس الحقيبة الوزارية بل الرئيس الحريري شخصياً. وظروف المنطقة اقليمياً ودولياً تسير كما الصورة في رأس الرئيس الحريري. فإعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق، وارسال رئيس المخابرات السوري اللواء علي المملوك الى القاهرة، واعلان الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> قرار واشنطن بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا من خلال لجنة عربية آتية من كل مفاصل الجامعة العربية واعلان البيت الأبيض سحب جنوده من الأراضي السورية، كل ذلك ينبه الرئيس الحريري انه إذا استلم السلطة فلن يكون بعيداً عن الاتجاه العربي الى تقديم الغطاء الى سوريا، فتشارك في منتصف هذا الشهر في القمة العربية الاقتصادية التي ستعقد في بيروت، وعلى هذه القمة العربية يتوقف مصير قرارات <سيدر> الباريسية من اجل لبنان، ولا يمكن للرئيس الحريري أن يسير عكس هذا الاتجاه.

معنى ذلك كله ان الرئيس الحريري، إذا عاد الى رئاسة الحكومة، لن يمانع في ذهاب وزير الخارجية جبران باسيل الى دمشق ومقابلة الرئيس بشار الأسد، كما لا يمانع إذا تعاطى الوزير باسيل بايجابية مع الوفد السوري، إذا شارك هذا الوفد في القمة العربية الاقتصادية، والتنسيق مع المسؤولين السوريين في تمرير المنتوجات اللبنانية الى دول الخليج من الباب الدمشقي.

والقمة العربية الاقتصادية هي أول قمة عربية تنعقد في بيروت مع عهد الرئيس ميشال عون، ولذلك فإن كل الامكانات يجب أن تتوفر لتفرض هذه القمة حضورها التاريخي، وتكون لها مقررات على غرار القمة العربية التي انعقدت على أرض العاصمة بيروت صيف عام 2002، وكان في مقدمة حضورها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية، والأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض.

وأغلب الظن ان هذه القمة ستنعقد في مجمع <البيال>، حيث تحاط بتدابير واجراءات أمنية تكفل أمن وسلامة الضيوف. وليس معروفاً حتى الآن إذا كان الحضور سيكون على مستوى الملوك والرؤساء، أو على مستوى أولياء العهد ورؤساء الحكومات مثل وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كرئيس للوفد السعودي بدلاً من الملك سلمان بن عبد العزيز، ورئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي، ورئيس وزراء الأردن عمر الرزاز، ورئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي، وقد تحصل المفاجأة في آخر لحظة، إذا أعلنت السفارة السعودية في بيروت حضور الملك سلمان بن عبد العزيز، وإذ ذاك يصبح الحضور على مستوى الملوك والرؤساء، وإلا فإن القمة الاقتصادية العربية مهددة بالتأجيل!

ويبقى لكل بلد ظروفه حيال القمة العربية الاقتصادية منتصف الشهر الجاري، وإن كان متفقاً عليه لبنانياً وعربياً ان حكومة لبنانية جديدة ستبصر النور لتمثل لبنان في هذه القمة الى جانب الرئيس ميشال عون!