تفاصيل الخبر

مختارة زوق مكايل جوزيان فارس خليل: المختار يخلق شخصاً ويقتل شخصاً ويزوّج من ليس متزوجاً!

03/03/2017
مختارة زوق مكايل جوزيان فارس خليل:  المختار يخلق شخصاً ويقتل شخصاً ويزوّج من ليس متزوجاً!

مختارة زوق مكايل جوزيان فارس خليل: المختار يخلق شخصاً ويقتل شخصاً ويزوّج من ليس متزوجاً!

بقلم كوزيت كرم الأندري

1

هي مختارة <مودَرن>، متعلمة، تتقن أكثر من لغة، ناشطة إجتماعية على أكثر من صعيد، وثائرة لكن بابتسامة لا تفارق ثغرها. خاضت معارك عدة، منها لصق التاء المربوطة بكلمة <مختار> على الختم الذي تستعمله! مَكْننت كل بياناتها، وهي تعمل الآن على إطلاق تطبيق يسهّل على أهالي وسكان بلدة <زوق مكايل> إنجاز معاملاتهم. جوزيان خليل هي من القلائل جداً اللواتي كسرن العُرف، فالنساء اللاتي يشغلن منصب مختارة يشكّلن نسبة لا تتعدى الـ3 بالمئة من نسبة المخاتير في لبنان. بعد انتظار دام 35 دقيقة، ريثما يهدأ مكتبها من قاصديه لإنجاز معاملاتهم، كان السؤال المدخل الذي <لَخْبط> سياق كل الأسئلة التي كنت قد صغتها. فالحديث معها يفور في كل الاتجاهات، تماماً كحماستها وكمواهبها المتشعبة!

ـ ألا تملّين الناس؟ ألا ينفذ صبرك من الزحمة والضجة اليومية في مكتبك؟

- (تضحك) أحب الناس وأتمتع بالفعل ببال طويل لكن صبري ينفذ فجأة أحياناً.

ــ أنت مختارة من بين حوالى 10 مختارات على آلاف المخاتير في لبنان. كيف هو تعامل رجال البلدة معك؟

- هناك مرحلتان تطبعان عهدي في <مخترة> زوق مكايل: مرحلة <نأزة> الناس مني ومرحلة تحقيق الذات وكسب ثقتهم. أنا الآن في الدورة الثانية في <المخترة> إذ انتُخبت عام 2010، وهي بالطبع المرحلة الأسهل، لكن <أول ما طلعت مختارة كان الناس ينأزوا مني> عندما يدخلون المكتب. كانوا يلقون التحية عليّ ويسألون عن المختار فأجيبهم بابتسامة: <ما في مختار في مختارة>، فيعتقدون أنني زوجة المختار>، ثم يأتي جوابي الصدمة: <لأ أنا المختارة>.

ــ أنت مختارة شابة قريبة من القلب وبشوشة، في حين أن صورة المختار في مخيلتنا هي صورة رجل مسنّ، وقور، جادّ...

- صحيح، كان المختار يُعتبر قديماً <شيخ صلح> وكان وقوراً كما ذكرتِ، لكن مع مرور الزمن اختلفت هذه الصورة.

المختارة والثقة بها

ــ هل <المخترة> مهنة كسائر المهن؟

- لا، هي ليست مهنة. المختار لا يتقاضى راتباً من الدولة ولا مالاً من الشعب بحسب القانون، بالرغم من استيفاء بعض الرسوم لقاء إنجاز المعاملات.<المخترة> كناية عن <شرفيّة>.

ــ في حديثي مع والدك قبل المقابلة بانتظار انتهائك من إنجاز بعض المعاملات، صُدمت حين أخبرني أنك مصممة أزياء!

- هذا صحيح! دخلت منذ 7 سنوات إلى عالم <المخترة> البعيد جداً عن اختصاصي. فأنا مصممة أزياء وكنت المساعدة الأولى للمصمم اللبناني العالمي إيلي صعب، ولا أزال حتى اليوم أعمل في مجال تصميم الأزياء لاسيما العباءات منها، ولدي محترف خاص بي مجاور لمكتبي هذا. حين أدخله أنتقل بالكامل إلى عالمي الأساسي الذي أعشق، وفي مكتبي هنا أعطي ذاتي كلياً للـ<مخترة> التي أحببتها أيضا. لا أزال أعمل في مجال تصميم الأزياء وإن بوتيرة أقل، وكنت أول امرأة في الدول العربية تنجز عباءات طبيعية مئة بالمئة ومصنوعة من قطن <البامبو>...

ــ هل يثق أهل بلدتك بمختارة امرأة؟

- في الفترة الأولى كما سبق وذكرت، كانوا يثقون بي من باب الحياء وليس من باب القناعة. كنت أشعر بعدم ارتياح البعض. أما البعض الآخر فكان يقولها صراحة لدى دخوله المكتب: <إنتِ رح تعملي الوراق؟ لأ بركي ما عرِفتي!> ويغادرون. كنت أبتسم لهم و<آخدا بمزح>. كنت أتصور ردة فعلهم تجاهي المتمثلة بعبارة <شو بفهّما هيدي>...

ــ ألم تكن ردة فعلهم هذه تزعجك؟

- في السابق لم أكن أنزعـــج لأنني كنت أعتقـــد - واعتقادي هذا كان خاطئاً! -  أننا لا نعيش في مجتمع ذكوري. لم أكن أرى مجتمعي هكذا لأنني ترعرعت في منزل تسوده المساواة بشكل تام. نحن شابان وفتاتان ووالدي لم يفرق ما بيننا يوماً. كان يستمع إلى رأي الكبير كما إلى رأيي أنا صغيرة البيت، وكان يشاركنا في كل القرارات. كذلك كبرت في <زوق مكايل> أي في جو يتميز بتكافؤ الفرص بين رجال البلدة ونسائها، ويوم ترشحت لمقعد مختار لم يأتِ ترشحي من منطلق كوني امرأة. لم أهدف إلى تحدي الرجل، بل كانت لدي ثورة على طريقة عمل المختار يوم كان شقيقي الياس، رحمه الله، مختار <زوق مكايل>. كنت أشجعه وأساعده على تحويل عمل المختار من عمل تقليدي إلى عمل مُمكنن.

ــ على أي أساس وضع الناس ثقتهم بك فانتحبوكِ؟

- لم أكن مجهولة تماماً من قبل سكان بلدتي، فيوم ترشحت للانتخابات الاختيارية كنت ناشطة في رعية البلدة وكنت أعمل أيضاً مع المجلس البلدي على مشاريع عدة، كذلك كنت في الكشافة وفي جوقة الكنيسة... لكن طبعاً لم أكن معروفة في <الزوق> بأكملها لأنها بلدة كبيرة جداً وفيها ثلاثة مخاتير. عندما ترشحت كنت أتنافس مع 17 رجلاً، وكوني كنت ألعب كرة السلة مع منتخب لبنان أخذت المسألة بروح رياضية معتبرة ترشحي كناية عن تسجيل موقف، بصرف النظر عن النتيجة.

ــ أفهم من كلامك أنك لم تتوقعي الفوز؟

- لا، لم أتوقع أن أفوز بصراحة! كيف لي أن أتوقع الفوز وفي <زوق مكايل> ثلاثة مخاتير أحدهم كان مختاراً فيها منذ 24 سنة والثاني منذ 18 سنة؟ المفاجأة الكبيرة كانت حين حصلت على أصوات أكثر منهم مع أنني كنت وقتذاك أترشح للمرة الأولى، علماً أنه تم انتخابي من قبل النساء والرجال على حدٍّ سواء، أي أنني لم أفز بأصوات النساء فقط.

رئاسة رابطة مخاتير كسروان

ــ ترأسين <رابطة مخاتير كسروان> التي بادرتِ إلى تأسيسها والتي تضم 99 مختاراً زائد مختارة واحدة هي أنتِ. كيف حدث ذلك؟

بعد انتخابي مختارة في <زوق مكايل> بحوالى الشهرين، كنت أشارك في مؤتمر من تنظيم الأمم المتحدة وكان الحديث عن مشاريع قامت بها المنظمة في بلدي، فوضع المتحدثون خارطة لبنان أمامنا وراحوا يشيرون إلى ما أُنجز من مشاريع في شماله وجنوبه والعاصمة... لم يكن هناك أي ذكر لقضاء كسروان، فانتفضت وسألت: <وين كسروان؟!> جاء الجواب من مسؤول أميركي، وكان كلامه مقنعاً فأثر فيّ و<سكّتني> حين قال: <ما حدا طالَب>. قلت في نفسي إنه على حق. من هنا جاءت فكرة تشكيل رابطة لأن صوتي بمفرده لن يصل لكن إذا شكلنا رابطة لمخاتير كسروان تتغير المعادلة. رحت أسأل المخاتير القدامى عن سبب عدم تأليف هكذا رابطة من قبل، واستخلصت من رواياتهم أنه كان هناك أكثر من مسعى في هذا الاتجاه وأن الأمر كان ينتهي دائماً عند إشكال متعلق إما برئاسة الرابطة أو بالسياسة.

ــ تشكيل رابطة من مئة شخص، على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم، إنجاز لافت! كيف نجحت في ذلك؟

- إنه بالفعل مشروع كبير وقد انكببت عليه بكل ما أوتيت من طاقة ووقت. فقد زرت كل مختار من المخاتير الـ 99 في قضاء كسروان. <زرتن ببيتن واحد واحد> وسألت في وزارة الداخلية والبلديات، بموازاة ذلك، عن كيفية تأليف رابطة. بعد تأليفها <ضجت الدني> وكتبوا في الجريدة الرسمية <أصبح لكسروان رابطة>، فراح المسؤولون يتصلون بي تباعاً...

ــ وكيف رأستِ هذه الرابطة؟

- حين فكرت بتأليف رابطة وعملت على إنجاز المشروع لم أكن أنوي أن أرأسها. حين جمعت المخاتير لتشكيل لجنة وللترشح، ترشح لرئاستها أكثر من مختار، لكن سائر المخاتير قالوا للمرشحين: <هالبنت ركضت وتعبت وأسّست، لنشكرا لازم هي تطلع الرئيسة>. هكذا تم انتخابي بالتزكية على رأس <رابطة مخاتير كسروان> عام 2011، وأصبحت بذلك أول امرأة تحمل لقب رئيسة رابطة مخاتير في لبنان.

ــ كيف تدربت على عمل المختار وأنت مصممة أزياء كما ذكرتِ؟

- دعيني أشير أولاً إلى أن الدولة اللبنانية <بتعطيكي الختم وبتدفشك. ما حدا بقلك مرحبا>! والقانون في هذا المجال قديم جداً إذ يعود إلى عام 1947 وينص على أمور بعضها مضحك كأن يقول، مثلاً <إذا واحد بالضيعة شجرتو عاملة مَنّ لازم المختار يروح يقلّو رِشّا>. تصوري كم هو بالِ هذا القانون! المختار في نظري هو الشخص الأهم في الدولة بعد رئيس الجمهورية. لماذا؟ لأنه يستطيع أن يخلق شخصاً غير موجود من خلال وثيقة ولادة، وأن يقتل شخصاً لا يزال على قيد الحياة من خلال وثيقة وفاة كما يستطيع أن يزوّج شخصَين غير متزوّجَين! المختار يحمل ختماً جمهورياً، وهو يؤدي قسم اليمين كرئيس البلاد.

ــ هل يقدّم منصب المختار فرصة لكسب المال غير المُحق؟

- طبعاً، للأسف!

ــ لمَ لا تحدد الدولة تسعيرة موحدة يتقاضاها المختار مقابل كل معاملة ينجزها؟

- لأن القانون المتعلق بعمل المختار قديم جداً كما ذكرت يعود إلى زمن كان يتم فيه انتقاء المختار من وجهاء البلدة المتعلمين والميسورين. المختار لا يتقاضى أجراً وفق القانون، مع أنه منتخب من الشعب تماماً كالنائب.

ــ لكنه بات ينتسب إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أليس كذلك؟

- لقد حاربت لهذه الغاية وحرّضت المخاتير عليها ونجحنا، لكننا نستفيد من الضمان في فترة <المخترة> فقط وعند انتهاء مهامنا كمخاتير لا نعود مضمونين.

ــ بالعودة إلى استيفاء الحقوق، غياب التسعيرة الموحدة يجعل كل مختار <فاتح عحسابو>؟

- تماماً! هناك مخاتير يتقاضون مثلاً سبعة أضعاف تكلفة إنجاز وثيقة الزواج إذ يعتبرونها وثيقة <لوكس>. فمن ينفق برأيهم آلاف الدولارات على عرس لا <يغصّ> بها.

ــ هل ارتكبت خطأً ما أو أخطاء خلال عملك كمختارة؟

 - كلا، لأنني كنت أسأل وأقرأ كثيراً...

ــ ماذا لو أخطأ المختار؟

- <بتعرفي قديش في مخاتير عاملين أخطاء؟>. لذا أنا أقول لا بد من أن يكون المختار متعلماً. أتعلمين ما هو في لبنان عدد الأشخاص الذين اسمهم <سوريا> بدلاً من ثريا؟ وما هو عدد الأشخاص الذين اسمهم <طاني> بدلاً من <طوني>؟ و«صُوصُن> بدلاً من <سوسن>؟ إنها أخطاء غير مسموح بها!

ــ وكيف يتم تصحيح هكذا خطأ؟

- لا نستطيع أن نصححه، لذا نقول إن عمل المختار مهم جداً. فإن سجّلك المختار <سوريا> بدلاً من <ثريا> لا بد من اللجوء إلى المحكمة لتصحيح التسمية والمسألة مكلفة جداً. وبالرغم من ذلك لن يتغير اسمك بالكامل، بل ستُضاف إلى الاسم الصحيح عبارة <المعروفة بسوريا>.

ــ أتزعجك تسمية <المختارة>؟ هل تبدو لك <دقّة قديمة>؟

- في البداية، عندما كانوا ينادونني بالـ<مختارة> لم أكن أجيب، لم أكن أنتبه أنني أنا المقصودة. صحيح أن صورة المختار أو المختارة مرتبطة في رؤوس الناس بشخص متقدم في العمر. فحين أخرج مثلاً مع أصدقائي ويعرّفون أشخاصاً عليّ بالقول: <منعرّفكن عالمختارة>، يضحك هؤلاء معتقدين أنه لقب أطلقه أصدقائي عليّ من باب المزاح. لا يصدقون أنني مختارة <عن جد!>.

ــ هل يشكل دخول المرأة في الشأن العام مغناطيساً للرجل أو العكس؟

- لا بل يهابونها حين تعمل في هكذا مجال. الرجل عامة يفضل المرأة التي يستطيع أن <يسيطر> عليها، فعندما يرى أنها نجحت في <المخترة> بانتخابات ترشحت إليها منفردة ومن دون أي دعم، <بينأز إنو قديش قوية هيدي>!

ــ مختارة جوزيان، هل تتصورين نفسك رئيسة بلدية <زوق مكايل> في المستقبل؟

- لا بل رئيسة جمهورية! لمَ لا؟ (وتضحك)

ــ نائبة كمرحلة أولى؟

- <مش غلط>، لكن أرى نفسي وزيرة أكثر.

ــ أي وزارة تختارين؟

- وزارة الداخلية والبلديات. الأكيد هو أنني لا أختار وزارة شؤون المرأة وما شابهها لأنني أردد دائماً أن المرأة ليست بحاجة إلى دعم. المرأة تدعم نفسها بنفسها، وإن أُسندت إليها مهمة لا تتراجع <ولَو بدا تفوت بالحيط>. أما الرجل اللبناني فهو برأيي الأمثل من حيث احترام المرأة حين تكون هذه الأخيرة والدته أو زوجته أو حبيبته أو صديقته، لكن يتغير الوضع حين تكون منافسته في العمل، <بِغَرمشا بهالحالة>. يحاربها في الشخصي لأنه لا يستطيع أن يحاربها في عملها كونها دقيقة وتدخل في تفاصيل لا يدخل فيها هو. بعد دخولي الشأن العام أدركت ما معنى عبارة <مجتمع ذكوري> وأيقنت أنها واقع، لذا أدعم اليوم كل إمرأة تترشح لمقعد نيابي وإن كانت لا تمثلني بأفكارها وانتماءاتها وتطلعاتها، فهي تمثلني لمجرد أنها امرأة. لو فكّرَت كل ناخبة بهذه الطريقة لفازت كل المرشحات إلى البرلمان لأن النساء في لبنان يفقن الرجال عدداً، <يعني نحن منطلّعن نواب>!

ــ تتحدثين عن الدقة في العمل. إذاً ترَين أن هناك فرقاً ما بين المختار الرجل والمختارة المرأة؟

- نعم! المرأة كما قلت تدخل في تفاصيل لا يدخل فيها الرجل مع احترامي له. الرجل يهمه الصندوق أما هي فيهمها عملها لأن الأنظار كلها عليها و<ناطرينا عغلطة>. مَكننت كل عملي منذ اليوم الأول في <المخترة>. ما من أوراق في المكتب، <بتفرجيني هويتك مرة وحدة بعدين كلو بصير عالتلفون. بحط اسمك عالشاشة وبينزلوا كل معلوماتك>.وهنا أوجه تحية لوالدي (مكتبه ملاصق لمكتبها) الذي يدعمني كثيراً لأنني وحدي ولأنني امرأة ولأنه اختبر معي ما اختبرته من محاربات...

ــ أشعر رغم ابتسامتك الدائمة أنك ناقمة على الكثير من الشواذات!

- لدي نقمة على كيفية تعاطي الدولة مع بعض قضايا المرأة. تصوري مثلاً أن المرأة اللبنانية، كما نعلم جميعنا، لا تستطيع أن تطلب إخراج قيد لابنها! أنا كسرت القاعدة وفي مكتبي هنا الأم تتقدم بطلب إخراج قيد والأم توقع. هناك أيضاً موضوع الجنسية. فهي لا تعطي الجنسية اللبنانية لولدها الشرعي في حين أنه باستطاعتها منح هذه الجنسية لابنها غير الشرعي، أي أنه بإمكانها أن تسجله على اسمها في حال رفض والده الاعتراف به! أين المنطق في ذلك؟ الأسوأ، وهو ما يستفزني كثيراً، هو التالي: في حال زواج الرجل اللبناني من أجنبية يعطيها الجنسية اللبنانية لها ولأولادها القصّر. <بيطلعلن الجنسية اللبنانية من الإم لأن أخدتا من ذكر!>. وفي حال وفاة زوجها اللبناني وزواج هذه الأجنبية من آخر أجنبي باستطاعتها أن تمنحه الجنسية اللبنانية <كمان لأن آخدتا من ذكر!>. في أي عالم نحن نعيش؟! كان لبنان أول بلد عربي صادق على اتفاقيات حقوق المرأة وهو من أواخر البلدان من حيث <الكوتا> النسائية!

وتستطرد قائلة:

- في كل مرة أريد أن أملأ فيها وثيقة زواج وأصل إلى المرأة (دون الرجل) عليّ أن أحدد ما إذا كانت عزباء أو متأهلة أو... <يا خيي شو بدّكن فيا بركي مطلقة وعم تتزوج. إنو ليه ما بتسألوا الرجل؟ يمكن يكون مطلق تلات مرات!>.

ــ جوزيان، صارعتِ للحصول على <التاء المربوطة>!

- <قصتي قصة> مع التاء المربوطة! فعندما قصدت وزارة الداخلية والبلديات لاستلام الختم الخشبي الذي نختم السجلات بواسطته، لاحظت أنه يطبع العبارة التالية: <المختار جوزيان خليل>، فنظرت بكل براءة إلى من سلمني إياه وقلت له إن في الختم خطأ بسبب غياب التاء المربوطة، فنظر الرجل إلي وقال: <نعم؟ مْضي يا بنتي مْضي خلّصينا عِنا شغل>، فقلت له مكررة: <يا عزيزي أنا متأكدة من أن هناك خطأ في الختم، ما في تي قصيرة>، فأجابني متهكّماً: <أيّا تي قصيرة يا بنتي ليه بالدولة في تي قصيرة؟ ما بقولوا مختارة>، أجبته: <مبلى بقولوا مختارة!>، فأراد إنهاء الجدل قائلاً: <يا بنتي هلأ مْضي وروحي بَلّشي بشغلك وبعدين طالبيلي بحقوق المرأة>، فكان أن تشبثت بموقفي قائلة: <لا لا، خَلّي هالختم عندك وبرجعلك مع التي القصيرة>. وهكذا حصل إذ تقدمت باعتراض لوزير الداخلية والبلديات حينها زياد بارود مطالبة بالتاء المربوطة، وبعد شهرين جاءتني موافقة الوزير. هكذا أصبحت أول امرأة في الدولة اللبنانية تأخذ <التاء المربوطة>، وبعد ذلك باتوا يستخدمون عبارة <رئيسة نفوس> بدلاً من <رئيس نفوس> للنساء وعبارة <لا حكم عليها> بدلا من <لا حكم عليه> للإناث.