تفاصيل الخبر

مخاطر الافراط في استعمال  المضادات الحيوية عديدة قد تصل حد الوفاة!

27/09/2019
مخاطر الافراط في استعمال  المضادات الحيوية عديدة قد تصل حد الوفاة!

مخاطر الافراط في استعمال  المضادات الحيوية عديدة قد تصل حد الوفاة!

  1. بقلم وردية بطرس

تؤدي الأدوية المضادة للميكروبات دوراً حاسماً في علاج الأمراض، واستخدامها ضروري لحماية صحة الانسان والحيوان. ومع ذلك يُساء في كثير من الأحيان استعمالها في علاج الأمراض والوقاية منها في قطاع الانتاج الحيواني وفي تربية الأحياء المائية وانتاج المحاصيل. وترتبط هذه الأفعال في كثير من الأحيان باحتمالات ظهور وتفشي كائنات دقيقة مقاومة للأدوية المضادة للميكروبات. وتظهر مقاومة مضادات الميكروبات عندما تتبدل الكائنات المجهرية مثل الجراثيم والفطريات والفيروسات والطفيليات لدى تعرضها للأدوية المضادة للميكروبات مثل المضادات الحيوية، ومضادات الفطريات، ومضادات الفيروسات، ومضادات الملاريا، ومضادات الديدان. ويُشار الى الكائنات المجهرية التي تقاوم مضادات الميكروبات في بعض الأحيان على أنها الجراثيم الرئيسية. ونتيجة لذلك تصبح الأدوية غير ناجعة وتصمد حالات العدوى في الجسم بزيادة خطر انتقالها الى اشخاص آخرين... وتظهر آليات مقاومة جديدة وتنتشر على الصعيد العالمي بتهديد قدرتنا على علاج أمراض معدية شائعة مما يؤدي الى الاصابة بالمرض لفترة مطولة والعجز والوفاة، وتصبح الاجراءات الطبية على غرار زرع الأعضاء، والمعالجة الكيميائية للسرطان، والتدبير العلاجي للسكري، والعمليات الجراحية الرئيسية مثل الجراحة القيصرية او استبدال الورك شديدة الخطورة دون توافر مضادات حيوية ناجعة للوقاية من حالات العدوى وعلاجها. وترفع مقاومة مضادات الميكروبات تكاليف الرعاية الصحية باطالة فترات البقاء في المستشفيات وزيادة الحاجة الى العناية المركزة. وتعرض مقاومة مضادات الميكروبات مكاسب الأهداف الانمائية للألفية للخطر وتخاطر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

واذا تُركت لحالها دون رادع قد تصير مقاومة مضادات المكيروبات اشد فتكاً من داء السكري، والسل، وفيروس نقص المناعة البشري. حالياً يموت أكثر من 700 ألف شخص حول العالم سنوياً بالأمراض التي تسببها البكتيريا التي طورّت المقاومة لمضادات الميكروبات. وتقدر منظمة الصحة العالمية انه اذا استمرت التطورات الحالية قد يفنى بسببها 10 ملايين شخص كل عام بحلول العام 2050، ما يجعل مقاومة مضادات الميكروبات أكثر خطورة من داء السكري، والسل، وفيروس نقص المناعة البشري <الايدز> مجتمعة، وستضرب هذه المشكلة البلدان النامية بقوة أكثر من غيرها ففيها تُلتقط العدوى من اي شخص في اي مكان وتنتقل البكتيريا الخطرة لمجرد التعرض لها، عندئذ سيحمل العبء الأكبر للمشكلة أولئك الذين ليس لديهم سوى مياه هي الأشد تلوثاً، وصرف صحي هو الأدنى، وتدخلات طبية هي الأسوأ على بساطتها.

وفي مبادرة منها لنشر الوعي حول مقاومة مضادات الميكروبات والحث على الاستخدام الحكيم لها تفادياً لمخاطرها، أقامت الجمعية اللبنانية للأمراض المعدية والجرثومية ــ التي تُعنى بتعزيز جودة رعاية المرضى من خلال المؤتمرات والأبحاث التي تقودها والمتعلقة بالأمراض المعدية بالتعاون مع <MSD> ــ حلقة نقاش للاعلاميين جمعت عدداً من الاختصاصيين في هذا المجال، اذ اعتبر السيد حسن بيبي ان هذه الشراكة مع الجمعية اللبنانية للأمراض المعدية والجرثومية ترتقي بالقطاع الصحي اللبناني الى أرقى مستويات الوعي، وأكد استعداد <ام اس دي> الدائم للتعاون الوثيق مع الجمعيات الطبية والسلطات الصحية اللبنانية ووزارة الصحة العامة بهدف تأمين أفضل خدمات للمريض اللبناني وللمجتمع اللبناني بشكل عام. ولا تزال الشركة اليوم في الطليعة في ما يتعلق باجراء الأبحاث وعلاج الأمراض التي تشكل تحدياً للأفراد والمجتمعات حول العالم منها أمراض السرطان، أمراض القلب ومتلازمة الأيض، الأمراض الحيوانية الناشئة، مرض الألزهايمر والأمراض المعدية بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية والايبولا.

وأجمعت كل من الرئيسة الحالية للمنظمة الدكتورة مادونا مطر والرئيس الأسبق الدكتور زاهي حلو، والاختصاصيين في الأمراض الجرثومية البروفيسور جاك مخباط، البروفيسور غسان مطر والبروفيسورة ريما مغنية على مدى خطورة مقاومة مضادات الميكروبات وضرورة الارشاد حول الاستعمال الحكيم لها لتفادي مخاطرها وتداعياتها على المرضى والقطاع الصحي بشكل عام في لبنان.

وعن آليات المقاومة الجديدة قال الرئيس الأسبق لمنظمة <LSIDCM> الدكتور زاهي حلو:

- ان المقاومة الجديدة الآخذة في الظهور والانتشار عالمياً تهدد قدرة الاختصاصيين على معالجة الأمراض المعدية الشائعة فيطول المرض او يؤدي الى عجز او وفاة اضافة الى ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية بسبب البقاء مطوّلاً في المستشفيات وزيادة الحاجة الى العناية المركزة. وان تأثيرات مقاومة مضادات الميكروبات غير آنية وهي تتحول الى تهديد صحي سيتزايد في المستقبل ويسبب في قتل 10 ملايين شخص سنوياً بحلول العام 2050 بحسب منظمة الصحة العالمية في حال لم تتخذ أية اجراءات للتصدي لها. ولقد استطاعت الجمعية اللبنانية للأمراض المعدية والجرثومية ان تحقق الانجازات، اذ ان مقاومة مضادات الميكروبات والاستخدام الحكيم لها من أهم المواضيع التي عملت المنظمة على نشر التوعية حولها سواء في الاجتماعات السنوية او التوعوية التي تقام بالتعاون مع نقابة الأطباء في مختلف المناطق او عبر الشراكة مع وزارة الصحة العامة أو عبر الحملات الاعلامية والمؤتمرات الدولية.

وبدورها أشارت البروفيسورة ريما مغنية الى عبء المرض في لبنان وحددت مصادر التقاط العدوى من المجتمع وفي المستشفيات حيث مقاومة مضادات الميكروبات منتشرة جداً من خلال البكتيريا التي تلتقط جراء عملية جراحية او الالتهاب الرئوي جراء عدوى من جهاز التنفس الصناعي او عدوى المسالك البولية او التهابات الدم، وأكدت على أهمية الاستخدام الحكيم لمضادات الميكروبات ودوره الفعال في حل المشكلة معرّفة طبياً بمصطلح الـ<Antimicrobial Stewardship> كالتالي: المضاد الحيوي المناسب للمريض المناسب في الوقت المناسب وبالجرعة والطريقة المناسبة لتقليص الضرر باقل نسبة ممكنة على المريض ومرضى المستقبل.

 

الدكتورة  مطر ومخاطر استعمال المضادات الحيوية!

 

فما هي مخاطر استعمال المضادات الحيوية بشكل مفرط؟ وكيف السبيل للاستخدام الحكيم لها؟

عن مخاطر الافراط في استعمال المضادات الحيوية تقول الرئيسة الحالية للجمعية اللبنانية للأمراض المعدية والجرثومية الدكتورة مادونا مطر:

- هناك مخاطر في استعمال المضادات الحيوية بشكل مفرط وسوء استخدامها وبالتالي نحث على أهمية الاستخدام الحكيم لها. ونشيد بالمبادرة التي تُعرف بـ<Antimicrobial stewardship> والتي ستطبق على مستوى المستشفيات وتشكل خطوة أولى في فصل جد مهم نريد العمل عليه مع جميع أعضاء المنظمة لاطلاق برنامج الاستخدام الحكيم لمضادات الميكروبات في جميع مستشفيات لبنان. وهناك أهمية للنشاطات التثقيفية والأبحاث التي ستقوم بها المنظمة في السنتين المقبلتين والتي ستساعد في تطبيق برنامج الاستخدام الحكيم لمضادات الميكروبات بالتعاون مع وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية لاحراز خطوات متقدمة في هذا المجال.

الحالات التي تستوجب استعمال المضادات الحيوية!

 

ــ بأي الحالات يتوجب على المريض ان يتناول المضادات الحيوية وبأي الحالات لا يحتاج اليها؟

- أهم ما في الأمر ان يقدر المريض ان يفرّق متى عليه ان يتناول المضادات الحيوية، ومتى عليه ان ينتظر. كل الالتهابات مثل الرشح و<Flu> اي الفيروس فلا تعمل عليها المضادات الحيوية وبالتالي لا داع لتناولها في هذه الحالة، فيما عند كل حالة لها علاقة بالتهاب جرثومة على المريض ان يتناول المضادات الحيوية. ولكن طبعاً لا يقدر المريض ان يقرر لوحده بل عليه ان يستشير الطبيب، وعندها ينصحه عما اذا عليه ان يتناول المضادات الحيوية ام لا، واي نوع من المضادات الحيوية، والكمية الى ما هنالك... وليس ان يسمع ماذا تناولت الجارة او سمع احدهم قد تناول المضادات الحيوية من تلقاء نفسه. اذ في يومنا هذا وللأسف يلجأ الناس الى استعمال المضادات الحيوية من تلقاء أنفسهم وكأنهم يتناولون حبة سكاكر او باندول. ومن خلال عملنا في المستشفى نرى العديد من الحالات بسبب مشاكل الجراثيم، اذ لا يعود المريض يقاوم، وعندما يحتاج للمضادات الحيوية بشكل ضروري فلا يعود الدواء يفيده مما يؤدي الى ادخال المريض الى المستشفى، وقد يموت الشخص بسبب التقاط الجرثومة اذا لم يقض عليها اي نوع من المضادات الحيوية.

ــ وبأي حالة قد يودي الأمر بالشخص الى الوفاة؟

- كلما تناول الشخص المضادات الحيوية، فالمصران مليء بالجراثيم بالملايين، وبالتالي عندما يأخذ المضادات الحيوية بكميات أصغر وأصغر عندها البكتيريا في المصران لا تقاوم، وبالتالي اذا كان هناك مثلاً التهاب بالبول أحياناً يدخل من المصران الى المبولة من داخل الجسم اي تعيش بداخل الجسم فتنتقل الى المبولة اي الى مكان لا يجب ان تدخله فعندها تسبب للشخص التهاباً في البول، فاذا كان الشخص قد أخذ الكثير من المضادات الحيوية فعندها تتكاثر الجراثيم في الجسم، وحتى لو كانت مناعة الشخص قوية فلا يقدر ان يقاوم. قديماً كنا نعتقد ان الشخص الذي لديه جرثومة لا تقاوم يكون قد حدث معه ذلك عندما أدخل الى المستشفى او ما شابه، ولكن اليوم نصف الحالات التي نعاينها لأشخاص يعانون من التهاب في البول حتى لو لم يدخلوا الى المستشفى وهم غير مصابين بأي مشكلة ولكن يتبين بعد معاينتهم ان لديهم جراثيم لا تُقاوم.

ــ اذاً عند الحاجة القصوى لا بد من تناول المضادات الحيوية؟

- كما ذكرت ان هناك حالات يجب ان يأخذ الشخص فيها المضادات الحيوية ولكن ليس من تلقاء نفسه بل عليه ان يستشير الطبيب. وكل الجراثيم التي تسبب التهاب الرئة او التهاب الجيوب الأنفية أو التهاب البلعوم، فكلها تتطلب تناول المضادات الحيوية. وكما ذكرت هناك توصية بهذا الخصوص ولهذا على المريض ان يستشير الطبيب لأن هناك أنواعاً من المضادات الحيوية ووقتاً معيناً لتناولها.

ــ وبأي حالة لا يكون المريض مضطراً ان يتناول المضادات الحيوية؟

- اذا أصيب برشح عادي فليس بالضرورة ان يتناول المضادات الحيوية. وفي فصل الشتاء يُصاب الانسان بالرشح وبالتالي أهم ما في الأمر ان يأخذ لقاح الكريب. وفي حال الاصابة بالكريب وتلك الفيروسات هي مثل الكريب اي لا تؤدي الى المشاكل ولكن أخطر شيء هو الكريب وبالتالي اذا أخذ لقاح الكريب فلن يُصاب به، وبالتالي لن يمرض كثيراً ليدفعه ذلك لتناول المضادات الحيوية، وبهذه الحالة يخفف من استعمال المضادات الحيوية. والضرر يلحق بالجميع كباراً وصغاراً عند تناول المضادات الحيوية بشكل مفرط وبدون استشارة الطبيب وطبعاً تعود كل حالة بحسب كل شخص ومناعته.

تكاثر الجراثيم التي لا تتجاوب مع المضادات الحيوية!

ــ والى اي مدى المشكلة تتفاقم في لبنان بسبب استهلاك اللبنانيين للمضادات الحيوية بشكل كبير وبدون استشارة الطبيب؟

- المشكلة كبيرة ونحن نرى في المستشفيات خلال فحص الزرع علام تتجاوب البكتيريا وبأي حالة لا تتجاوب، اذ لدينا نسبة كبيرة من الجراثيم التي تتجاوب مع المضادات الحيوية، مثلاً بكتيريا الايكولاي (وهي بكتيريا تعيش في بيئات تحتوي على هواء او بيئات لا تحتوي على هواء، وهي تعيش بشكل طبيعي في أمعاء الانسان ولكن توجد منها أنواع تسبب التهاباً في المجاري البولية، ويوجد العديد من أنواع البكتيريا التي تسبب التهاب المجاري البولية ولكن تسبب بكتيريا <الايكولاي> أكثر من 85 بالمئة من حالات التهاب المجاري البولية كما تسبب التهابات في كل أعضاء الجهاز البولي) فيما هناك 30 بالمئة منها لا تتجاوب مع عدد من المضادات الحيوية، وهناك العديد من الجراثيم التي لا تتجاوب مع المضادات الحيوية.

ــ وماذا ستفعل الجمعية اللبنانية للأمراض المعدية والجرثومية بهذا الخصوص؟

- أولاً ننصح دائماً بأن يستشير المريض طبيبه وألا يسأل جاره او قريبه قبل استخدام المضادات الحيوية. ونحن كجمعية سنحاول ان نعمل ضمن هذا البرنامج، والأهم توعية الناس بهذا الخصوص وبمساعدة الاعلام لانجاز هذا العمل، وان نحاول القيام بذلك ليس فقط في المستشفيات ووزارة الصحة بل أيضاً في كل العيادات اي على كل الأصعدة، وان نضع الارشادات: متى يستوجب تناول المضادات الحيوية ومتى لا يستوجب تناولها وبالتالي التوعية أمر أساسي، وأيضاً يجب ان تكون هناك توعية من قبل وزارة الزراعة والحقل البيطري اي كل من يستعمل المضادات الحيوية يجب ان يتقيد بالارشادات، مثلاً عند الحيوانات هناك بعض أنواع المضادات الحيوية التي يجب ان تُستخدم وليس كل الأنواع، اي يجب ان يكون كل شيء تحت السيطرة، والعمل والتعاون مع الدولة سوياً لنصل الى النتيجة المرجوة حفاظاً على صحة وسلامة الناس.