تفاصيل الخبر

مـخـــاوف مــن ربـــط حــل ”أزمــــة أمـــن الـدولـــــة“ بـإعــادة ”الـحـقـــوق الـمـسلـوبـــة“ للـشرطـــة الـقـضـائـيـــة!

28/04/2016
مـخـــاوف مــن ربـــط حــل ”أزمــــة أمـــن الـدولـــــة“  بـإعــادة ”الـحـقـــوق الـمـسلـوبـــة“ للـشرطـــة الـقـضـائـيـــة!

مـخـــاوف مــن ربـــط حــل ”أزمــــة أمـــن الـدولـــــة“ بـإعــادة ”الـحـقـــوق الـمـسلـوبـــة“ للـشرطـــة الـقـضـائـيـــة!

 

جورج-قرعةخلال العشاء السنوي الذي أقامه الأسبوع الماضي <المجلس الأعلى للروم الكاثوليك>، كان ملف أمن الدولة الطبق الرئيسي على طاولات المشاركين، ومعظمهم من أركان طائفة الروم الكاثوليك وضيوفهم. وكان الانطباع الغالب على الأحاديث والتعليقات أن هذا الملف سيبقى عالقاً الى أجل غير مسمى، وأن <تفويض> مجلس الوزراء لرئيسه الرئيس تمام سلام بإيجاد حل للأزمة المستفحلة منذ أشهر، لا يعني بالضرورة أن الحل بات قريباً، وذلك لقناعة لدى <وجوه> <المجلس الأعلى للروم الكاثوليك> بأن لا رغبة حقيقية بالحل، وان الاتجاه الى مزيد من التأجيل والتسويف...

ويُستدل من المعطيات المتوافرة حول هذا الملف، ان وزراء الروم الكاثوليك خصوصاً والمسيحيين عموماً <سلّموا> للرئيس سلام بـ<اجتراح> الحل المناسب لملف أمن الدولة بعدما <عجزوا> عن تحقيق أي تقدّم في هذا المجال بحيث لاحظوا أنه كلما طرقوا باباً يؤدي الى صيغة معينة للحل، سرعان ما يتمّ إقفاله تحت حجج مختلفة، ما جعل هؤلاء الوزراء يتركون الملف في يد الرئيس سلام، على رغم أن بعض المعنيين داخل الطائفة يعتقدون أن رئيس الحكومة غير متحمّس لإيجاد الحل، بدليل عدم تجاوبه مع مطلب الوزراء الداعمين لوجهة نظر المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة بـ<إطلاق سراح> المعاملات المجمّدة في السرايا الكبير التي تحتاج لتوقيع رئيس الحكومة، إضافة الى عدم دعوة اللواء قرعة للمرة الرابعة على التوالي، للمشاركة في الاجتماعات الأمنية التــــي يدعـــــو إليهــــا الرئيس سلام دورياً. وفي هذا السياق، يبدي الوزراء استغرابهم مـــن مـــــوقف رئيس الحكومـــــة وقد كرروا المرة الماضية على مسمعه بأن استمرار <تحجيم> أمـــــن الدولـــــة مــــادياً ومعنويــــــاً موجّه ليس فقط ضد المدير العام ونائبه العميد محمد الطفيلي، بل هو يؤدي الى شل عمل الجهاز كلياً ومحاصرته، ما يؤدي الى عجز مباشر في عمل الأجهزة الأمنية المتداخلة مع بعضها البعض، خصوصاً في مرحلة مواجهة الإرهاب وتنظيماته وخلاياه النائمة التي ثبُت تغلغلها في عدد من المناطق اللبنانية.

 

الـــــوزراء الكاثوليــــــك:

المهلة ليست مفتوحـــــة

ويؤكد وزراء الكاثوليك ومن يدعمهم، وفي مقدمهم البطريرك غريغوريوس الثالث لحام الذي قال: <كلنا مع جورج قرعة ومع أمن الدولة>، إنهم <لن يسكتوا> على عدم الإسراع في إيجاد حل للملف يعيد الحقوق الى أصحابها، وأن المهلة التي أُعطيت للرئيس سلام كي يجد الحل المناسب لن تكون مفتوحة الى ما شاء الله، لاسيما وأن الموافقة على الطلبات المالية التي تقدّمت بها الأجهزة الأمنية الأخرى مرتبطة كلياً بـ<تحرير> الاعتمادات الخاصة بأمن الدولة وباستعادة اللواء قرعة لصلاحياته كاملة. وفي رأي الوزراء الكاثوليك ومن يدعمهم في التيار الوطني الحر والكتائب والقوات اللبنانية أن الرهان هو على <تذويب> صلاحيات المدير العام، مع انتهاء ولاية نائبه في شهر حزيران/ يونيو المقبل عند إحالته على التقاعد، وبالتالي تجميد الجهاز كلياً، وهو رهان خاطئ لأن موقف الوزراء المسيحيين سيبقى واحداً داخل مجلس الوزراء، ما يعني عملياً تجميد كل الطلبات التي تتقدّم بها الأجهزة الأمنية الأخرى حاضراً ومستقبلاً، لأنه لن يكون من السهل على أحد داخل مجلس الوزراء <تمرير> أي معادلة لأي جهاز أمني قبل إعطاء جهاز أمن الدولة حقوقه، وكذلك أكّد الوزراء ومن يدعمهم أن استقالة اللواء قرعة <غير واردة نهائياً>، في حين أن تعيين نائب جديد له بعد تقاعد العميد طفيلي يحتاج الى غالبية الثلثين في مجلس الوزراء من جهة، وتواقيع الوزراء الـ23 مع رئيس الحكومة من جهة أخرى، ما يعني استطراداً أن المهمة لن تكون سهلة!

وفيما توقّع الوزراء أن تشهد قضية أمن الدولة <تعقيداً> متعدّد الوجوه، قالت مصادر حكومية معنية أن الرئيس سلام <سيأخذ وقته> لمعالجة هذا الملف ولن يتصرف <تحت الضغط> خصوصاً أن هذا الجهاز تابع لرئيس الحكومة الذي سيجري الاتصالات اللازمة ووفقاً للقانون للوصول الى النتيجة المرجوة، علماً أن التباين البارز في وسيلة المعالجة المتعلقة بتعديل نظام جهاز أمن الدولة وإنشاء مجلس قيادة فيه أسوة بما هو معمول به في الأمن العام وقوى الأمن الداخلي، يحتاج الى مرجعية قانونية للحسم بين خيارين: الأول أن يكون صدور التعديل بمرسوم عادي (كما أفتى مجلس شورى الدولة) أو من خلال قانون يقرّه مجلس النواب (كما جاء في مطالعة المستشار في رئاسة الحكومة القاضي سهيل بوجي). غير أن هذا التباين يعتبره الوزراء الكاثوليك <حجة> و<ذريعة> لاستمرار تعطيل الجهاز، بدليل أنه سبق أن أُدخلت تعديلات على تنظيم المديرية العامة لأمن الدولة في حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 1994 بموجب مرسوم اتُخذ في مجلس الوزراء بعد استشارة مجلس شورى الدولة، أي وفق الآلية نفسها التي اقترحها اللواء قرعة ووافق عليها مجلس الشورى، ما يعني استطراداً أن لا حاجة لإقرار قانون لتعديل ملاك أمن الدولة واستحداث مجلس قيادة فيه.

<الغبن> في الشرطة القضائية

وسط هذه الأجواء الضاغطة والتي لا تؤشر لحل قريب لما بات يُعرف بـ<أزمة أمن الدولة>، تخوّفت مصادر مطلعة من أن يتمّ ربط مطالبة الوزراء المسيحيين بتفعيل جهاز أمن الدولة وتحرير مخصصاته المالية، بالمطلب المستجد والمتعلق بتفعيل الشرطة القضائية وإعادة صلاحياتها إليها وعدم تمكين فرع المعلومات من تجاوزها، خصوصاً أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أثار هذا الملف في سياق <تبرير> الحملة التي شنّها على وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لاعتبارات متعدّدة تناولها جنبلاط في إطلالته عبر <المؤسسة اللبنانية للإرسال>، في وقت بدا فيه واضحاً أن <القطبة> التي لم تعد مخفية، تكمن في دور الشرطة القضائية التي يرئسها ضابط درزي هو العميد ناجي المصري الذي سبق له أن زار جنبلاط ناقلاً إليه <احتجاجاً> على <تحجيم> دور الشرطة القضائية لمصلحة فرع المعلومات... وفي رأي المصادر نفسها أن إقامة ربط بين حل <أزمة أمن الدولة> ووضع الشرطة القضائية، سيؤدي حتماً الى تجميد الحلول المقترحة بالنسبة الى خلاف قرعة - طفيلي، والاستمرار في إبقاء الشرطة القضائية على حالها، على رغم بداية حملة اعلامية مبرمجة لإبراز أهمية الشرطة القضائية وصلاحياتها الواسعة وواقع الحد من قدرتها على العمل. وفي هذا الإطار يورد أكثر من مصدر أن <الإفراج> عن طلبات أمن الدولة ستقابله طلبات مماثلة للشرطة القضائية، لاسيما في ما يتعلق بـ<المخصصات السرية> والآليات والسيارات والعناصر وغيرها من المطالب التي ظهرت فجأة الى العلن مع ظهور أزمة أمن الدولة.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه قريبون من النائب جنبلاط والوزير وائل أبو فاعور عن ضرورة إقامة <توازن ما> بين المؤسسات الأمنية المتنوعة، وأن ملف أمن الدولة بات جزءاً لا يتجزأ من ملف الشرطة القضائية، لأن مصيرهما واحد، يرسم كثيرون علامات استفهام حول غياب أي دور للشرطة القضائية في متابعة ملف الإتجار بالبشر والدعارة في المعاملتين، على رغم أن هذا الأمر هو جزء من عمل الشرطة القضائية، ما دفع بالنائب جنبلاط الى الإعلان عن رفع أي غطاء عن <المتورطين> في ملف <شي موريس> في المعاملتين، سواء كانوا من ضباط الشرطة القضائية أو من عناصرها من أعلى الهرم حتى قاعدته، لاسيما وأن أروقة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي <تضج> بالروايات المتعددة والأرقام عن رشى دُفعت هنا وهناك وهنالك... وفي كل مرة كان يتمّ وقف دعم <أوكار الدعارة> في منطقة المعاملتين وختمها بالشمع الأحمر، كان يُصار بعد أيام الى إعادة فتحها وعودة <النشاط> اليها بحماية... أمنية!

في أي حال، بين جهاز أمن الدولة الذي يشكو <حصاراً> متنوّع الأشكال، والشرطة القضائية التي استفاقت متأخرة على المطالبة بـ<حقوقها>، ثمة حقيقة إضافية تؤكد ان هيبة الدولة وأجهزتها الأمنية باتت على المحك!