تفاصيل الخبر

مخاوف مبررة من عودة الاعتداءات الارهابية تدفع الأجهزة الأمنية الى التنسيق أكثر لمواجهتها!

13/01/2017
مخاوف مبررة من عودة الاعتداءات الارهابية  تدفع الأجهزة الأمنية الى التنسيق أكثر لمواجهتها!

مخاوف مبررة من عودة الاعتداءات الارهابية تدفع الأجهزة الأمنية الى التنسيق أكثر لمواجهتها!

 

 

المجلس-الاعلى-للدفاعإذا كانت الأنظار قد اتجهت الأسبوع الماضي الى الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للدفاع برئاسة الرئيس ميشال عون، لأنه الأول في العهد الرئاسي الجديد، فإن ما دار فيه من مداولات وما اتخذ فيه من قرارات، يجعل الاهتمام باجتماع المجلس مبرراً خلافاً لما كان يحصل في السابق حين كانت مثل هذه الاجتماعات <روتينية> أو هي تكرار لمداولات جلسات مجلس الوزراء أو للاجتماعات الأمنية التي كانت تعقد بالمفرق بين رئيس الجمهورية وقادة الأجهزة الأمنية. وبرزت أهمية هذا الاجتماع كونه تزامن مع مخاوف ارتفع منسوبها خلال الأيام الماضية من احتمال عودة الأعمال الارهابية على اختلاف أنواعها الى الساحة اللبنانية، ما دفع بالمجتمعين الى اتخاذ سلسلة خطوات للمحافظة على الاستقرار الأمني ولو في حده الأدنى كان أبرزها إعادة التنسيق الفعلي بين الأجهزة الأمنية على اختلافها بعدما اتضح للرئيس عون ان هذا الأمر لا يتم بشكل نظامي ودوري، بل يكون حسب <مزاج> المسؤول الأعلى عن هذا الجهاز أو ذاك، إضافة الى <المنافسة> بين الأجهزة التي قال عنها رئيس الجمهورية انها وإن كانت تبدو موقفاً سلبياً للوهلة الأولى الا انها في المقابل تعزز العمل الأمني الاستباقي وتدفع بكل جهاز الى العمل بصرف النظر عن الضغوط التي يمكن أن تحصل في هذا الاتجاه أو ذاك.

وكشفت مصادر أمنية لـ<الأفكار> ان ما جعل الهواجس من تجدد الأعمال الارهابية مبرراً، الاعترافات التي أدلى بها الموقوفون لدى مخابرات الجيش وفرع المعلومات الذين شكلوا مجموعة من 11 شخصاً على صلة بالشخصية الارهابية الطرابلسية شادي المولوي المتواري منذ زمن في مخيم عين الحلوة قرب صيدا وتعذر اعتقاله بعد، إضافة الى اعتقال شاب سوري أتى الى لبنان وتواصل مع أفراد خلايا نائمة بهدف تنفيذ أعمال ارهابية فور صدور الأمر من قيادته في سوريا بذلك. وأظهر النقاش داخل المجلس الأعلى للدفاع ان الأجهزة الأمنية تملك معلومات غير مكتملة حول استمرار تسلل الارهابيين بالتقسيط وتوزعهم في أماكن يتمكنون من الانطلاق منها لتنفيذ اعتداءاتهم، على رغم الضربات المتتالية التي استهدفت الكثير من الخلايا والمجموعات الارهابية، فضلاً عن عمليات أمنية نوعية مكنت من اعتقال مسلحين محترفين ومجموعات في جرود عرسال وغيرها من الأماكن المتاخمة للقاع ورأس بعلبك. وعلى رغم ان اعترافات بعض الموقوفين أظهرت ان أدوارهم اقتصرت على الرصد والمراقبة وانه لا يعرفون بعضهم البعض لاسيما أولئك التي كانت تناط بهم المهمات الارهابية المباشرة، إلا ان ذلك لم يُسقط من حساب القادة الأمنيين احتمال لجوء هؤلاء الى الخدع وتضليل التحقيق، خصوصاً ان من بين الموقوفين من هم من المحترفين وليسوا من <الهواة>.

اعترافات موقوفين

وإذا كان النقاش داخل المجلس الأعلى للدفاع قد ذهب بعيداً في مسألة <وثائق الاتصال> التي لم يطبق قرار مجلس الوزراء بإلغائها بالكامل والمتخذ قبل أكثر من ثلاث سنوات، إلا ان الاهتمام بتبديد المخاوف من عودة الارهاب طغى على ما عداه من بحث لاسيما وان الكشف عن المجموعات الارهابية المضبوطة حديثاً تزامن مع تفجيرات وقعت في بغداد، والجريمة الارهابية التي استهدفت المقهى الليلي في اسطنبول <رينا> والتي أوقعت نحو 40 قتيلاً بينهم ثلاثة ضحايا من لبنان، إضافة الى عدد من الجرحى. وقد تركت هذه الجريمة الارهابية تداعيات بالغة السلبية على لبنان الى حد نسي فيه اللبنانيون ان ليلة رأس السنة في وطنهم مرت على خير ما يرام ولم تسجل حوادث أمنية خطيرة كالتي كانت تحصل من حين الى آخر. إلا ان طبيعة الاعترافات التي أدلى بها الموقوفون تبقى الأكثر خطورة وأهمية لاسيما لجهة اقرارهم بأن قيادات في التنظيمات الارهابية كانت أصدرت أمراً الى أفراد الخلايا النائمة خصوصاً في الأماكن القريبة من المؤسسات والادارات الكبرى ودور العبادة، بالاستعداد لتنفيذ عمليات ارهابية متنوعة من بينها اغتيال ضباط وعسكريين وتفخيخ سيارات وقتل أكبر عدد من المواطنين وإلحاق الأذى بالممتلكات ما يحدث هزة أمنية تسقط مقولة <الأمن الممسوك> من جهة، وتُرعب اللبنانيين وضيوفهم العرب والأجانب الذين وفدوا الى بيروت لتمضية الأعياد فيه.

ولعل أخطر ما كشفته المصادر الأمنية يعود الى اعترافات خلاصتها ان المطلوب القيام بضربات عشوائية في أي مكان يمكن الوصول إليه واستهداف أكبر عدد من الأشخاص بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والحزبية والمذهبية، من أجل زرع الرعب والخوف وتبديد كل ما قيل مع بداية عهد الرئيس عون، من ان الاستقرار ترسخ ولا مجال للعودة الى الوراء. وتحدث الموقوفون عن تحضير سلسلة عمليات تسلل من الداخل السوري في اتجاه لبنان بحجة الهرب من الضربات المتتالية للجيش السوري والحلفاء من حزب الله وإيران وروسيا. وعلى رغم عدم توافر معطيات تؤكد هذه المعلومات، فإن القيادات الأمنية تصرفت على أساس المعطيات المتوافرة لأن عنصر المفاجـأة يفقدها صدقيتها ويحد من دورها.

من هنا، بدا ان قرارات المجلس الأعلى للدفاع باعتماد أقصى درجات التنسيق بين الأجهزة الأمنية هدفت الى ان تصب المعلومات المتوافرة من المهمات الاستخباراتية في مكان واحد للاستفادة منها بعد اجراء تقاطع في ما بينها. وما القرار المتخذ بعقد اجتماعات دورية للأجهزة بشقيها الأمني والاستخباراتي ورفع نوعية الحضور الى المستوى الوزاري، إلا ترجمة واضحة للقلق الذي ينتاب المسؤولين من عودة الارهاب ليضرب في لبنان، على أمل أن تكون مقاربة الأجهزة الأمنية بعد اليوم مقاربة موضوعية وواقعية، وخصوصاً مراقبة صادقة وفعالة.

ويبقى ان الحذر واجب، ومسؤولية كل مواطن أن يكون <خفيراً> وعيونه ساهرة لأن يداً واحدة لا تصفق، فكيف إذا كان بعض من هم في موقع المسؤولية يبحث عن <أدوار> لا تأتلف مع حقيقة المهام المطلوبة من هذا البعض، خصوصاً إذا ما استمر عدم التنسيق سيد الموقف!