تفاصيل الخبر

مهرجــان «فوتوميـــد» الثــالث للتصويـــر الفوتوغرافـــي بوابـــة عبـــور مصـــوري لبــنان الــى العالميـــة!

05/02/2016
مهرجــان «فوتوميـــد» الثــالث للتصويـــر الفوتوغرافـــي  بوابـــة عبـــور مصـــوري لبــنان الــى العالميـــة!

مهرجــان «فوتوميـــد» الثــالث للتصويـــر الفوتوغرافـــي بوابـــة عبـــور مصـــوري لبــنان الــى العالميـــة!

 

بقلم عبير انطون

180116-leila-alaoui-m

هو حوار ثقافي عبر الصورة يهدف الى الانفتاح على الضفة الاخرى، ينثر لوحاته في أماكن متنوعة في العاصمة اللبنانية، وذلك بغية خلق حركة ثقافية حقيقية. من هنا يكتسب مهرجان <فوتوميد> الثالث للتصوير الفوتوغرافي في منطقة البحر الابيض المتوسط اهمية واتساعاً عاماً بعد عام، وهو وضع في اول اهدافه مذ تأسس، بان يكون جسر تبادل ثقافي بين عالمين شرقي وغربي عبر البحر الابيض المتوسط حتى يشكل نقطة التقاء للقيم المشتركة في مواجهة اعداء الحضارة والفكر.

 حتى العاشر من شباط/ فبراير يستمر مهرجان> <فوتوميد>> بإدهاشنا في صور مبدعة، خلاقة، تتكلم من دون ان تنطق، فتنقل جمالاً ومعاناة وآلاما في ابلغ تعبير، ما يجعل المصورين، وهم عين الحدث، يوثّقون ما يرونه عن الحقبة التي يعيشونها في يومياتها وتفاصيلها، في الاحياء والشوارع والوجوه، ويتنافس الهواة في ما بينهم على اجمل ما التقطته عدساتهم وافضل ما رصدت. ألسنا اليوم، واكثر من اي وقت مضى في عصر الصورة؟.

 صورة إيجابية..

تنظم وزارة السياحة اللبنانية عبر نائب رئيس <فوتوميد> سيرج عقل وهو رئيس مكتب وزارة السياحة اللبناني في باريس وبالشراكة مع المعهد الثقافي الفرنسي في لبنان عبر <فيليب هولان> رئيس <فوتوميد>، و<بنك بيبلوس>، مهرجان <فوتوميد> للسنة الثالثة على التوالي. بالنسبة لهولان تكمن اهمية المهرجان في خلقه ايجابية ما، اذ <نعمل مع المصورين لايجاد صورة وحوار ايجابيين في منطقة البحر المتوسط. فالحوار بين الثقافات، من خلال التصوير، يحافظ بالتأكيد على القيم المشتركة ضد التعصب>.اما سيرج عقل فيعتز ببناء المهرجان لهويته سنة بعد سنة. فالحماس من الشركاء من جهة، والمصورين من جهة اخرى ينمو تدريجياً. وهذا يساعد على انعكاس صورة ايجابية عن لبنان في وجهه الثقافي والفني، مؤكداً ان تكريم صالات العرض اللبنانية هذا العام سيساهم في زيادة اهتمام الجمهور في التصوير الفوتوغرافي.

 المشاركة في <فوتوميد>، يشرحها سيرج عقل: <يجب أن ينتمي المصوّر الى منطقة البحر الأبيض المتوسط مهما كان موضوع صوره، أو أن يكون موضوع معرضه عن هذه المنطقة إن لم يكن هو ينتمي إليها>. كذلك، يسعى المهرجان في كل عام الى تنظيم مسابقة موجهة لهواة المصورين الفوتوغرافيين اللبنانيين، كما يؤمّن مساحة لعرض اعمال المواهب اللبنانية والمحترفة. وزير الثقافة روني عريجي الراعي للحدث ايضاً، ربط ما يجري امنيا على الساحتين اللبنانية والعربية بالمهرجان عبر تشكيله درعاً مضادا للارهاب والتحجر الفكري والثقافي: <ففي حين تتربص خلف حدودنا قوى العنف ورفض الآخر محاولة تدمير المواقع الاثرية والتاريخية والاثرية واتباع عملية تطهير غير مسبوقة للثقافة، من الضروري اكثر من اي وقت مضى ان نكرر التزامنا بثقافة السلام والانفتاح، وهذا الملتقى الثقافي الدولي يشكل واحة للتأمل والتفكير والتبادل الثقافي>.

عالميون.. عندنا !

 

من مختلف انحاء العالم وصلت الى < سوليدير>، في مركز بيروت للمعارض تحديداً، اعمال لاكثر من سبعة مصورين عالميين. وتحل اسبانيا ضيفة مميّزة من خلال المصورين الفوتوغرافيين <طوني كاتاني>، و<الفارو سانشيز مونتاس>، و<لويس فيوك>، وايضاً من خلال تقديم المجموعة الخاصة بالممثل الاسباني <غابينو دييغو> عبر <النساء والاطفال أولاً>. كذلك، يخصص المهرجان عرضاً استعادياً للمصور <ذات الرؤية الانسانية> <ادوارد بوبا> الذي توفي منذ ستة عشر عاماً وعُرضت اعماله في جميع انحاء العالم، فالعالمي <بوبا> الذي يُعتبر واحداً من اهم المصورين الفرنسيين الفنيين في عصره، حضر الى بيروت عبر ابنه بمناسبة المهرجان، وهو ينوي اقامة معرض خاص بصور ابيه الراحل، في بلدنا. وقد اكد <برنارد> ان والده اختار الانسان موضوعه الرئيسي مصوراً طيبته وجماله، مع تركيزه على الحلم في صور شعرية تأخذنا الى البعيد، مثل صورة المرأة التي تنظر إلى البحر.

 وقد عُرضت اعمال لمصورين فرنسيين آخرين منهم <انطوان داغاتا> الى <ايما غروبوا> و<ارنو برينيون>. اما ايطاليا فهي حاضرة من خلال اعمال <الساندرو بوتشيلليني> و<انجلو انتولينو>، كذلك فإن للصالات اللبنانية التي لطالما استقبلت اعمال مصورين عالميين ولبنانيين وناشئين تحية من المهرجان، وذلك لاسهامها في تعزيز فن التصوير الفوتوغرافي والاهتمام به.

 والى جانب عروض المصورين اللبنانيين ينظم المهرجان جلسات دراسة مفتوحة امام هواة التصوير الفوتوغرافي ليومين، تشمل تصوير <البورتريه>، و<الذاكرة الحضرية> و<هندسة المدن>، كما انه يمنح للراغبين في الحصول على تقييم لاعمالهم من قبل لجنة الحكم والاستفادة من نصائحها فرصة لذلك. ولم يغب عن المهرجان ان يفرد لفن تصوير <الفيديو> حصة مع معرض <الفنون التعبيرية المتوسطية، من الشعر الى الالتزام> الذي يقدم اعمال <فيديو> لفنانين من منطقة البحر الابيض المتوسط.

صورة-8-فوتوميد-سيرج-عقل 

ليلى العلاوي.. 

 

 محطة تكريم مهمة استوقفت الجميع، كانت للمصورة الفوتوغرافية المغربية الراحلة ليلى العلاوي التي وقعت ضحية هجوم ارهابي في <بوركينا فاسو>، فهي من <عائلة المهرجان> وكانت اختارت العيش في بيروت لفترات وشاركت في مهرجان <فوتوميد> العام الماضي في عاصمتنا اللبنانية من خلال مجموعة صور اعطتها عنوان <المغاربة>، وهي مستوحاة من <الأميريكيين> لـ<روبرت فرانك>، وتجمع <بورتريهات> حية من المغرب موطنها الاصلي قبل ان تسافر الى فرنسا وتنشـــأ فيهـــــا. ليلـــى العلاوي كانت قد سافــــرت الى <اوغادوغـــــو> لالتقــــــاط صور فوتوغرافية لصالح منظمـــــة العــــفو الدوليــــة <Amnesty International> فكانت الضحية رقم 3 لهجوم ارهابي سافر، وكانت وقت الهجوم في مقهى ومطعم يحمل اسم <كابوتشينو> في <بوركينا فاسو>، وأُصيبت برصاصتين واحدة على مستوى الذراع وأخرى في الساق، وقد تم نقلها بعد ذلك إلى إحدى العيادات حيث أُجريت لها عملية جراحية، إلا انها توفيت جراء مضاعفات..

 

بيروت.. والطاقة الغريبة!

التحية الى ليلى العلاوي لم تؤخر جائزة التصوير الفوتوغرافي للهواة حيث يفوز صاحب افضل ملف بـ<جائزة الاتحاد الاوروبي>، فضلاً عن نشر صوره في كتاب، وتُتاح له فرصة المشاركة في مهرجان <فوتوميد> في ايار/ مايو المقبل في فرنسا. نتائج مسابقة < <فوتوميد> < للهواة أُعلنت في <المعهد الفرنسي> بحضور <دوني لوش> مستشار<التعاون والعمل الثقافي> في السفارة الفرنسية ومدير <المعهد الثقافي الفرنسي>، و<اريك لوبا> الملحق الثقافي في السفارة الفرنسية الذي اثنى على اهمية التنافس قائلاً: <تأتي هذه المسابقة فرصة لإبراز المواهب الشابة بين المصورين ومنحهم رؤية واضحة على الصعيدين المحلي والعالمي، وقد لاحظنا بان عدد المشتركين تضاعف عن العام الماضي ما يظهر اهتماماً متزايداً في هذه المسابقة وتقديراً خاصاً للمصورين الشباب>.

 النتيجة حُسمت لصالح كل من بلال طربية للجائزة الاولى ولمى مطر للجائزة الثانية.

فمن هما الرابحان، أية ابواب نحو اوروبا وحتى ابعد منها ستُفتح لهما؟ وما الذي سيحصدانه من خلال تتويجهما باول وثاني جائزة؟

بلال طربيه، سعيد جداً بالجائزة التي كان حملها المصور كريم صقر في العام الماضي. فالمرتبة الاولى ستتيح له فرصة عرض اعماله في النسخة المقبلة من المهرجان التي ستُقام في شهر ايار/ مايو المقبل في <ساناري> في فرنسا، اما لمى مطر فسوف تعرض اعمالها المصورة خلال الفصل الثاني من هذا العام في صالة العرض الخاصة بـ<المعهد الثقافي الفرنسي> في لبنان. لمى، اعتبرت فوزها <فرصة جميلة لعرض اعمالي أنطلق من خلالها الى مغامرتي الفنية، وأشكر منظمي المهرجان لانهم آمنوا بمشروعي>.

 من ناحيته، الفائز الاول بلال طربيه هو متعدد المواهب. فهو مصور، موسيقي وعازف على آلة <السكسيفون> كما انه كاتب وصحافي ايضاً. حبه للتصوير وخاصة تصوير الشارع شكل بداية خطواته في عالمه مع التصوير، وتأثره بالفوز جاء لعدم توقعه اياه: <لقد حملت سلسلة الاعمال التي قدمتها نفحة شخصية جدا ولم اتوقع ابدا الفوز. وأشعر بفخر كبير لانني سأمثل لبنان في فرنسا ضمن مهرجان <فوتوميد>>.

وفي تعريفه عن نفسه يقول بلال : منذ بداية تصويري احببت ان اصور الشارع والناس العاديين في حياتهم اليومية. ولما وصلت الى بيروت تواصلت مع <المركز الثقافي الفرنسي>، وكنت على دراية بتنظيمه للمهرجان، وعرضت عليهم مجموعاتي فاحبوها. البداية، كانت في العام 2007 وكانت انطلاقة الهواتف الذكية في بداياتها، الا انها لم تجذبني لتعلقي بالكاميرا التي اعتدنا على التصوير بها. احب الكاميرا القديمة، والبكرات والافلام، اما اختياري للونين الابيض والاسود فلانهما صادقان ينقلان المشاعرالحقيقية. فالاحاسيس، ان لم تنتقل الى المشاهد عبر هذين اللونين فقط، فهذا يعني ان الصورة تفتقد اهم عنصر فيها، وبالتالي صورو-1-فوتوميدفهي ناقصة ومن دون جدوى، فالتأثير المباشر يأتي عبر هذين اللونين.. انا انظر حتى الى الناس بالابيض والاسود!.

بلال الذي جاب العالم كله عاش في <مدغشقر> لاربع سنوات يعمل لإذاعة فرنسا الدولية. يقول عن اقامته هناك: <احببت قناة <الجزيرة> جداً وبقيت فيها وبدأت التصوير والعمل لـ<وكالة فرانس برس>، كما أصدرت كتاباً بعنوان <سارقو المواشي>. اما بيروت ففيها سحر لا يُقاوم وطاقة لم أجدها في اية بقعة من العالم الذي جبته طولاً وعرضاً. بيروت لا تموت لكنها تتغير، الطاقة التي فيها غير موجودة في اية زاوية من الكرة الارضية. انا عشت في <مكسيكو> وتركيا وغيرهما لكن في بيروت، غواية مختلفة..  كل يوم يعيش فيها اللبنانيون وكأنه اليوم الاخير..  الاخير قبل ماذا؟ لا احد يعرف..ما من جواب..  الناس فيها منوعون جداً وهذا رائع. لكن اكثر ما يحز في نفسي هي تلك الابنية القديمة التي تُهدم لترتفع مكانها الابراج والمكاتب. يثيرني هذا الامر جداً. انا اعيش في مار مخايل عند منطقة الجميزة، وسمعت كثيراً عن بيروت التي كانت حديقة كبيرة تتوسطها البيوت الرائعة.. لا أفهم هذا النهم لحب المال على حساب التاريخ والتراث>!.

 

 <بوغوتا> برلين.. في <لو غراي>!

 

وبين المعارض التي اكتسبت اهمية خاصة في هذه الاحتفالية بالنسبة للبنانيين، معرض <محطة> لرندا ميرزا في رحلة الى < بيروتوبيا> وهو عبارة عن صورة لمدينة بيروت في المستقبل، معرض كريم صقر الذي يسلط الضوء على التصوير الفوتوغرافي في شوارع بيروت في تأكيد على توثيق الذاكرة، ومعرض <بوغوتا> للمصورة اللبنانية السي حداد. و<بوغوتا>، الفندق القائم في برلين عاصمة ألمانيا تحول إلى مكاتب بعدما عجز القيّم عليه من أن يحافظ عليه.

 عن تجربتها الفريدة مع هذا الفندق تقول السي حداد: <لم تكن لي ذكريات خاصة مع هذا الفندق قبل ان أصوّره.. كنت موجودة في برلين من أجل ورشة عمل، وعلمتُ بقصة هذا الفندق التاريخي ما أثار فضولي لانقل قصته عبر عدستي. لم اكن اعرف عنه شيئاً، لذلك رحت اتخيل ما يجري فيه، انسج قصصه وأتخيلها، ما جعلني أعيش فعلاً في أجوائه قبل ان يتم هدمه للاسف لتحتل مساحته المكاتب التجارية. لقد تم بناء فندق «بوغوتا» في برلين عام 1911، وقد أمضى عدد من الفنانين داخله إقامات طويلة، وارتبط اسمه بالكثير من الأحداث التاريخية السياسية مثل الاحتفالات <النازية> وغيرها. في العام 2013، وقبل المباشرة بتنفيذ القرار بتحويله مقراً لمكاتب تجارية، قمت بالتقاط الصور في مجموعة بالابيض والاسود اتخذت عنوان <الفندق في تحية وداعية> لما شهده وعاشه هذا المعلم الالماني التاريخي!