تفاصيل الخبر

مهرجان الفيلم الأوروبي 2016 /43 فـيـلـمــــاً أوروبـيـــــاً فــي بـيـــــروت والـمـنـاطـــــق، وتـحـيــــة لـ «شكـسـبـيــــر» وعـمــــر الـشـــريــف!

05/02/2016
مهرجان الفيلم الأوروبي 2016 /43 فـيـلـمــــاً أوروبـيـــــاً فــي بـيـــــروت والـمـنـاطـــــق، وتـحـيــــة لـ «شكـسـبـيــــر» وعـمــــر الـشـــريــف!

مهرجان الفيلم الأوروبي 2016 /43 فـيـلـمــــاً أوروبـيـــــاً فــي بـيـــــروت والـمـنـاطـــــق، وتـحـيــــة لـ «شكـسـبـيــــر» وعـمــــر الـشـــريــف!

 

بقلم عبير انطون

SAM_2597-1

<شكسبير> في لبنان مكرماً، بعد 400 مئة عام على وفاته. وهو ان حضر بقوة في برنامج مهرجان <البستان الموسيقي> لهذا العام، فإن حصته بقيت محفوظة ايضا من ضمن مهرجان السينما الاوروبية في بيروت. التحية الى <شاعر الوطنية> البريطاني الكبير تترافق مع لفتة خاصة بالاطفال اللاجئين او الذين يعانون من اوضاع اقتصادية صعبة عبر دعوتهم لمتابعة بعض عروض المهرجان علها تشكل بلسماً ولو مؤقتاً ونافذة هروب من واقع لا ينفك يقسو عليهم سياسة واجتماعاً وعوامل طبيعية.

ماذا حملت جعبة مهرجان الافلام الاوروبية لهذا العام، وقد باتت هذه المحطة السنوية اشبه بشاشة تعرض افضل ما يمكن ان يتابعه محبو الافلام السينمائية؟ ما جديده، وما هو دوره في مكافحة الارهاب؟ ماذا عن فيلم الختام <3000 ليلة> لمي المصري والذي يحصد الجوائز العالمية الواحدة تلو الاخرى؟

 

الثقافة.. والإرهاب!

 

برعاية وحضور رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان السفيرة <كريستينا لاسن>، ووزير الثقافة اللبناني روني عريجي أُطلقت الدورة الثانية والعشرون لمهرجان <السينما الاوروبية> الممتد من 25 كانون الثاني/ يناير حتى 6 شباط/ فبراير في سينما <متروبوليس> في الاشرفية. هذه المناسبة حملت السفيرة <لاسن> على التأكيد على اهمية المهرجان والهدف منه: <إننا نحتفل بغنى الثقافة وتنوعها هنا في لبنان الذي يجسد ربما أكثر من أي مكان آخر في هذه المنطقة التنوع والتعايش بين الثقافات. وفي زمن الإرهاب هذا أيضاً حيث يتعرض تراث المنطقة الثقافي لهجوم من المتطرفين الذين يرفضون جميع مظاهر الثقافة باستثناء ما لديهم، نفتخر بأننا نروج مرة جديدة أفلاماً مستفزة ومميزة وغريبة هنا في مهرجان السينما الأوروبية في بيروت>.

وقد بات معروفاً ان بعثة الاتحاد الاوروبي تتولى تنظيم المهرجان بالتعاون مع سفراء الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي ومراكزها الثقافية دأباً على عادة جرت منذ العام 1993، وقد عُقد لواء الافتتاح في هذه الدورة الى الفيلم الهولندي <بورغمان> لمخرجه <ألكس فان فارمردام> وكان قد رُشح لـ<السعفة الذهبية> في مهرجان <كان> السينمائي عام 2013.

 

الشباب.. والكوميديا!

 43 فيلماً روائياً حديثاً بعضها نال الجوائز العالمية، وبينها افلام للاطفال تسنى للجمهور اللبناني متابعتها، وهي من احدث الانتاجات فضلاً عن انتاجات جديدة لمخرجين واعدين. اما ضيوف المهرجان فهم سويسرا، صربيا والنروج عبر افلام لا تصل عادة الى شاشاتنا.

العناوين اللافتة في المهرجان كثيرة، من <شكسبير> الى عمر الشريف..الاول بمناسبة مرور 400 عام على وفاته، والثاني تكريماً له هو الذي رحل عنا العام الماضي وسط بلبلة وتناقضات في مديح اعماله والتوقف عند آرائه وطريقة عيشه، فضلاً عن البلبلة التي اثارتها اعترافات حفيده <عمر الشريف جنيور> لمجلة <ADVOCATE> بالقول: <أنا نصف مصري ونصف يهودي ومثلي جنسياً>.

 لتحية <شكسبير> تمّ اختيار فيلم <ترويض الشرسة> لـ<زيفيريللي> المقتبس عن مسرحية تحمل العنوان نفسه، اما عمر الشريف فعُرض له  فيلم <لورانس العرب> للمخرج البريطاني العالمي <ديفيد لين> عام 1962، الفيلم الذي اعتبره المتخصصون وكثيرون من جمهور السينما بأنه الفيلم الأعظم في تاريخ السينما الأميركية، فضلاً عن استعادة مترافقة مع موسيقى حية لفيلم المخرج <الفرد هيتشكوك> <الابتزاز> <بلاك ميل> الذي أُنتج في العام 1929، وتم ترميمه بالتعاون مع جمعية <متروبوليس>.

 ووسط العواصف الامنية والسياسية المختلفة لم تغب الضحكة عن بال منظمي المهرجان الذين استعادوا اربعة افلام كوميدية من <كلاسيكيات> السينما الاوروبية، قديمة نسبياً تعود الى الفترة الممتدة ما بين 1963 و1981، كما انهم وجرياً على عادتهم، لم ينسوا عشاق السينما في مختلف المدن اللبنانية، فذهبوا اليهم بأفلامهم من صيدا الى النبطية وصور وجونية وطرابلس وزحلة ودير القمر.

 وكعادة المهرجان الاوروبي، للشباب حصة كبيرة، فقد أُفردت للشباب مروحة واسعة لتقديم اعمالهم الجديدة من خلال 12 فيلماً قصيراً من اخراج 12 معهد سينما في لبنان، ولتشجيع هذه الفئة يمنح المهرجان للسنة الخامسة عشرة على التوالي جائزتين للافلام اللبنانية القصيرة تُعلن في السادس من شباط/ فبراير بعد اختيارها من قبل لجنة تحكيم تتألف من مكلفين بشؤون الثقافة في سفارات الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ومراكزها الثقافية ومن نقاد سينمائيين لبنانيين، ما يتيح للفائزين حضور مهرجان دولي بأبرز الافلام القصيرة في اوروبا، وذلك بفضل معهد <غوتيه> و<المعهد الفرنسي> في لبنان.

النفايات.. والاتحاد الاوروبي!

 

يحاول المهرجان الذي تُباع بطاقاته بـ 5آلاف ليرة وألفي ليرة لافلام الطلاب ألا يقتصر على عرض الافلام، فهو بغير الرؤيا التي يفتحها للمختصصين والدارسين ومحترفي السينما، يفتح المجال ايضاً لنقاش موسع حول قضايا اجتماعية مختلفة، وقد اختير ملف النفايات في لبنان لهذا العام موضوعا لنقاش تلا عرض الفيلم الوثائقي <TRACHED> للمخرجة <كانديدا برادي> حول موضوع التلوث، ودار النقاش حول ادارة النفايات في لبنان وجهود الاتحاد الاوروبي لمساعدته في معالجتها، الامر الذي شرحت سفيرة الاتحاد الاوروبي <كريستينا لاسن> تفاصيله:

 - لقد واجه لبنان خلال الأعوام الماضية عدداً لا يُستهان به من الأزمات. وكشفت أزمة النفايات العديد من التحديات الصعبة التي كانت أقل أهمية قبلاً. واعتقدنا أن المهرجان من شأنه أن يوفر أرضية جيدة لمناقشة هذه المسألة غير الاعتيادية بعض الشيء والتي اتخذنا في شأنها آراء حاسمة العام الماضي. لذلك عرض المهرجان وثائقياً عن تلوث النفايات تليه حلقة نقاش عن المسألة، على أن يتم التطرق إلى جهود الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان في هذا المجال. لقد أثبت الاتحاد الأوروبي ولبنان مع مرور السنوات أن شراكتنا تستمر في المضي قدماً، ومهرجان السينما الأوروبية دليل على هذه الشراكة القوية وعلى قوة الثقافة التي تقربنا من بعضنا البعض أكثر.

فيلم <3000 ليلة>: اعتراف سينمائي.. وجوائز

 

مسك الختام للموعد السنوي والذي لا بد من التوقف عنده يبقى مع فيلم <3000 ليلة> لمي المصري والذي فاز مؤخراً بجائزة < jury thewifts -  2015- Los Angeles>، وقد فاق عدد الجوائز الممنوحة لمخرجته وكاتبته الفلسطينية الـ60 جائزة عن مختلف اعمالها والتي نذكر منها: <اطفال شاتيلا>، <أحلام المنفى>، <33 يوماً> وغيرها.

فمن مهرجان <تورنتو السينمائي الدولي>، الى مهرجان <بوسان السينمائي الدولي> في كوريا الجنوبية، ومهرجان <لندن السينمائي> التابع لـمعهد <السينما البريطاني>، و<لوس انجلوس> وغيرها يُختتم مهرجان <السينما الاوروبية> في لبنان بفيلم <3000 ليلة>، فيما يُفتتح مهرجان <الأُقصر للسينما العربية والاوروبية> الرابع، وهو من إنتاج فلسطيني، فرنسي، أردني، إماراتي، لبناني مشترك.

 الفيلم الذي تشارك في بطولته ميساء عبد الهادي ونادرة عمران، يروي قصة مدرّسة فلسطينية شابة يتم زجّها ظلماً في معتقل إسرائيلي للنساء حيث تضع مولودها الأول خلف القضبان وتواجه مع رفيقاتها كل أنواع القمع والمذلّة وتكافح من أجل حماية ابنها والحفاظ على بصيص من الأمل.

 كذلك، يتناول الفيلم قصصاً حقيقية لأسيرات فلسطينيات في سجون الاحتلال الاسرائيلي، بينهن روضة البصير وتيريز هلسة والمحامية <راشيل> التي تدافع عن الفلسطينيين وحقوقهم علماً انها كانت فقدت ابنها في الصراع ما بين الجانبين.

مي المصري مخرجة الفيلم الذي يُطلب للتوزيع في مختلف انحاء العالم والذي سينطلق الى صالات لبنان ودول الخليج وفرنسا والسويد قريباً تحدثت الى <الافكار> عن الفيلم وكواليسه، وسألناها اولاً عن أهمية آخر الجوائز التي حصدها الفيلم في <لوس انجلوس>، فأجابت:

 - الجائزة مهمة لأنها من اميركا ولانها تأتيه من مؤسسة عريقة، وهو اعتراف بالفيلم كنوعية ومضمون ومستوى. صحيح ان القبول الجماهيري للفيلم اساس مهم، الا ان اعترافاً بالنجاح يأتينا من الغرب مهم جداً ايضاً، وذلك كي نخرق الحصار المفروض على مواضيعنا وافلامنا وإنجازاتنا.

ونسأل مي:

ــ هل قطف الجوائز للفيلم من عواصم غربية يغير في اذهان المتلقين ونظرتهم للقضية الفلسطينية، ام ان السينما سينما والسياسة سياسة؟

- من خلال تجربتي، أجد ان للسينما والصورة تأثيراً كبيراً على الجمهور ويمكن ان تحركه وتنبهه الى امور ومواضيع لا يعرفها اصلاً فيستعلم عنها، ما يستفز فيه النواحي الإنسانية، فما هو انساني يأتي في سلم الاولويات قبل ما هو سياسي، وفيلم <3000 ليلة> يحمل هماً انسانياً بالدرجة الاولى. كذلك فإن للصورة وخاصة في عصرنا الحالي تأثيراً اكبر من الكلمة، وقد باتت واحدة من اهم وسائل التعبير. السينما لن تغير العالم الا انها قد تغير بعض الناس وتحفزهم على التفكير والتحرك. ومن خلال تجربتي بتّ اعرف ان بعض الاشخاص قاموا بمبادرات جميلة جداً، وبينهم من قال لي انه تحمس وأتى الى المنطقة للتعرف اليها عن كثب والوقوف على حقيقة الامور. اؤمن بالدور السينمائي مع يقيني بان السينما لن تغير العالم انما قد يؤدي تراكم التجارب الى حدوث تغيير ما.

صورة-مي-المصري2ــ وماذا عن الجمهور؟

 - في المهرجانات الغربية التي عُرض فيها الفيلم، كان الجمهور بغالبيته اجنبيا وليس عربيا او من الجاليات العربية، فعروض فيلم <3000 ليلة> في <تورنتو> و<ستوكهولم> وكوريا ولندن كانت بغالبيتها للجمهور الغربي، ومن المهم ان تصل افلامنا اليه.

أما عروض الفيلم في فلسطين، رام الله ونابلس وغيرها فقد شكلت فرحة كبيرة لمي اذ شاركت بها ايضا الاسرى الفلسطينيات المحررات، والتي استلهمت مي حكاية الفيلم من قصة واقعية لاحداهن وتُدعى <ماجدة السلايني> أو <ام فلسطين>، فهذه السيدة أخبرتها قصتها، كيف اعتُقلت وربّت ابنها في السجن وسمته <فلسطين>، فصارت تُكنّى بهذا الاسم، وكان من اوائل الاطفال الذين ولدوا في السجن. هذه القصة التي حدثت في الثمانينات بقيت عالقة في ذهن المخرجة التي استعلمت عنها وغاصت في الابحاث والقراءات والمقابلات حولها، وكانت لها لقاءات ايضا مع بقية الاسيرات اللواتي اخبرنها قصصهن، فكانت وهي كاتبة الفيلم، تأخذ البعض من كل قصة لتجمعها في فيلم روائي وثائقي تطلب منها وقتاً وجهداً.

وتقول مي المصري في ذلك:

 - لم اسمح لنفسي بالعمل السريع، كما انني استخدمت لقطات وثائقية كنت قد صورتها مع تحرير الاسرى في الثمانينات في نهاية الفيلم الذي استغرق تصويره تسعة اسابيع في سجن حقيقي في منطقة الزرقا في الاردن، وهو سجن عسكري قديم، وقد كان عاملاً مهماً في نقل الصورة والاحاسيس المطلوبة وأضفى صدقية اضافية على التمثيل فكان له تأثيره الكبير، ولا يمكنني الا ان اشكر الممثلات المشاركات وبعضهن اسيرات محررات وقد اتين بافضل ما يمتلكن من اداء واحساس.

 وتنهي مي بالقول:

- هذه العروض في مختلف انحاء فلسطين وقّعت على صدقية الفيلم وشكلت تفاعلاً رائعاً، كذلك الامر في عمان. لقد اعتبروها قصتهم، فما من عائلة فلسطينية لم تعرف الاستشهاد او الاسر او السجن او الاعتقال او الحصار بطريقة او بأخرى، حتى ولو عاشوا خارج الاراضي المحتلة.