تفاصيل الخبر

مهمة حتي في روما والفاتيكان: تحرك بابوي قريب ودعم إيطالي عبر "سيدر"

15/07/2020
مهمة حتي في روما والفاتيكان: تحرك بابوي قريب ودعم إيطالي عبر "سيدر"

مهمة حتي في روما والفاتيكان: تحرك بابوي قريب ودعم إيطالي عبر "سيدر"

 

[caption id="attachment_79573" align="alignleft" width="333"] الوزير ناصيف حتي خلال لقائه مع أمين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيتور بارولين.[/caption]

 الاطلالة الدولية الأولى لحكومة الرئيس حسان دياب كانت في زيارة وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي الى روما والفاتيكان في محاولة لتظهير الموقف اللبناني امام مرجعيتين، الأولى اوروبية تربطها بلبنان علاقات اقتصادية وتجارية مهمة، والثانية مرجعية روحية لها وزنها المعنوي في العالم ولدى دول القرار وتجمعها بلبنان علاقات وثيقة ضاربة في التاريخ حيث كان الكرسي الرسولي الى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي مر بها، والدليل هو في الزيارتين البابويتين للبابا القديس "يوحنا بولس" الثاني، والبابا "بنديكتوس" الذي حل في الربوع اللبنانية قبل عامين من تنحيه عن السدة البابوية لأسباب صحية.

 القاسم المشترك في الزيارتين الى روما والفاتيكان كانت الدعوة التي وجهها الوزير حتي الى المسؤولين في كل من ايطاليا والكرسي الرسولي للوقوف الى جانب لبنان من اجل رفده بمساعدات دولية ودعمه في ازمته الاقتصادية والضغط على المجتمع الدولي لتوفير المزيد من المساعدات لتمكينه من الاستمرار في تحمل وزر ازمة النازحين السوريين وتداعياتها التي كبدت الخزينة اللبنانية اكثر من 48 مليار دولار منذ بدء الاحداث في سوريا وحتى نهاية 2019، وفي الايام الاتية ستكون الخسائر الى ازدياد...

 وتقول مصادر ديبلوماسية، إن الوزير حتي، المعروف بخبرته العتيقة واسلوبه الديبلوماسي المميز، قال الامور بصراحة متناهية، ولم يشأ ان يرتدي "القفازات" الديبلوماسية لأنها المرة الاولى التي يصل فيها صوت حكومة الرئيس دياب الى محافل دولية مهمة مثل ايطاليا والفاتيكان، ولعل حواره مع المسؤولين في الكرسي الرسولي كان اساسيا في هذه الجولة، خصوصا في اللقاء مع امين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال "بيتور بارولين" ووزير الخارجية الكاردينال "بول غالاغر" حيث اكد ان البعض يريد ان يعاقب لبنان بسبب اطراف سياسية معينة، فيدفع كل لبنان الثمن.

 وأكد كذلك ان لبنان ماض في تفاوضه مع صندوق النقد الدولي رغم الصعوبات والعوائق، والحكومة مستعدة للحوار مع جميع الاطراف الدوليين. وكان توافق في الرأي على ان استقرار لبنان يمثل مصلحة للجميع وانقاذه واجب وضرورة وهو مسؤولية لبنانية اولا ولكن هو ايضا مصلحة شرق اوسطية- اوروبية- دولية. وصارح حتي الكاردينالين والمسؤولين في روما قائلا: "علينا أن نمضي ونسرع في الخطة الاصلاحية وان يكون الاصلاح حقيقياً وشاملاً، وان نؤتي بنتائج فعلية على الارض".

 وفي مفهوم الوزير حتي ان مثل هذا الكلام يؤمن المصداقية تجاه المجتمع الدولي الذي يعلن انه مستعد لمواكبتنا، خاصة في ظل مخاوف بعض الدول المانحة من ان تتعثر العملية الاصلاحية فلا تنطلق. والحكومة اليوم لديها المخاوف نفسها. وبدا واضحاً من خلال الحديث بين حتي والمسؤولين في الكرسي الرسولي ان لبنان يعول كثيرا على الفاتيكان الذي يتمتع بنفوذ سياسي واسع وقد خرج حتي من اللقاءات مطمئناً الى ان الكرسي الرسولي سيجري اتصالاته السياسية الدولية لتسهيل مهمة الحكومة كون مسؤوليه مطلعين تماماً على وضع لبنان ولديهم هواجس إزاء ما يجري في المنطقة لاسيما في ليبيا وسوريا والقرار بضم جزء من الضفة الى اراضي الاحتلال الاسرائيلي.

تحرك فاتيكاني قريب

 واذا كان حتي أسهب في الحديث عما يريده لبنان وكيف تقيّم بيروت الوضع، فإن الكلمات القليلة التي قالها الكاردينال "بارولين" وتلك التي قالها الكاردينال "غالاغر" عكست وجهة نظر الكرسي الرسولي التي تتلخص بالاتي:

اولاً: إن الفاتيكان الى جانب لبنان في محنته القاسية ولن يألوا جهداً في المساعدة من خلال الحضور المعنوي البارز الذي يتمتع به لدى دول القرار خصوصا، والمجتمع الدولي عموما، وهو وإن اعتمد الديبلوماسية الهادئة، فهو لن يتردد في تزخيم تحركه عند الضرورة، وفي ضوء ما يحصل في لبنان من تطورات.

 

ثانياً: الفاتيكان ينظر الى لبنان الدور في محيطه والعالم وحماية هذا الدور مسؤولية دولية وليست فقط مسؤولية الكرسي الرسولي، الامر الذي يعني ان الأب الأقدس قادر على القيام بتحرك ما من اجل لبنان بعدما يضمن نجاح هذا التحرك وتحقيقه للاهداف التي ينطلق منها. وفي هذا السياق علم ان الكرسي الرسولي طلب الى سفاراته في دول العالم استطلاع الدول المعتمدة لديها لمعرفة موقفها مما يجري في لبنان لاستشراف المرحلة المقبلة وما يمكن فعله في هذا المجال.

ثالثاً: يرى الكرسي الرسولي ان على اللبنانيين، مسؤولين وسياسيين، ان يسرعوا في التجاوب مع مطالب المجتمع الدولي في اجراء الاصلاحات المطلوبة لاسقاط اي حجة من الدول التي سوف يدق الفاتيكان بابها، للتلكؤ بمساعدة لبنان بحجة عدم تجاوب الحكومة مع الاصلاحات المطلوبة في هذه المرحلة. ولعل المساعدة المادية التي قدمها الكرسي الرسولي الى المدارس الكاثوليكية في لبنان تعتبر مؤشراً للرغبة البابوية في المساعدة وإن كانت رمزية، فالكرسي الرسولي لا يملك امكانات مادية كبيرة وهو يتصرف انطلاقاً من "فلس الارملة".

 وفي المعلومات ان الفاتيكان سيطلب من سفيره في بيروت المونسنيور"جوزف سبيتري" ان يبدأ تحركاً مع القيادات الرسمية والسياسية لنقل توجهات البابا "فرنسيس" والادارة البابوية، ولاستمزاج الرأي ورصد الفعل حيالها، على ان يرسل القاصد الرسولي تقريره الى الفاتيكان لتحديد الخطوة التالية التي قد تكون ارسال موفد بابوي الى بيروت مع رسائل من البابا والادارة البابوية حول المرحلة المقبلة وماهية التدخل البابوي لمعالجة الازمة اللبنانية.

 أما المحادثات مع المسؤولين الايطاليين فلم تغب عنها المصطلحات الاوروبية في مقاربة الملف اللبناني حيث لمس حتي تأكيد الحكومة الايطالية على تأييد لبنان ودعمه اقتصاديا لاخراج لبنان من هذا المأزق. وشكلت المحادثات الرسمية فرصة لشرح التحديات الماثلة امام لبنان، وابدى المسؤولون الايطاليون الاستعداد الكامل لدعم لبنان سياسيا واقتصاديا على مستوى المحافل الدولية والرغبة في المساعدة التنموية والانسانية والاستشارية العاجلة، كما ان الايطاليين على استعداد للاسهام في برامج الخطة الاصلاحية مباشرة وعبر "سيدر" والاستثمار وانشاء مشاريع مشتركة لاحقاً والشراكات الاقتصادية وسواها والدخول في كل الاعمال المتاحة للشركات الخاصة الايطالية حالما تظهر نتائج الخطة فعلياً.