السفير الفرنسي في بيروت <باتريس باولي> يغادر العاصمة اللبنانية خلال أيام ليكون في استقبال رئيس الحكومة تمام سلام الذي يزور باريس في 10 كانون الأول (ديسمبر) الجاري ويلتقي الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> ورئيس الوزراء <مانويل فالس>. وتأتي زيارة سلام الذي سيرافقه فيها وفد وزاري وإداري وإعلامي، في وقت عاودت فيه باريس تحركها في اتجاه تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وذلك من خلال زيارة مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية <جان فرنسوا جيرو> لطهران قبل أيام، والتي ستليها زيارة لـ<جيرو> لبيروت قبل يوم واحد من سفر الرئيس سلام الى باريس.
مصادر ديبلوماسية أكدت لـ<الأفكار> ان السفير <جيرو> يأتي الى بيروت حاملاً <معطيات معينة> سمعها خلال زيارته لطهران، وهو سيلتقي لهذه الغاية، إضافة الى المسؤولين، رؤساء كتل برلمانية في محاولة لتقريب وجهات النظر وتذليل العوائق التي حالت حتى الآن دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وأشارت المصادر الى ان زيارة <جيرو>، وهي ليست الأولى لبيروت، تندرج في إطار
الالتزام الفرنسي الذي عبّر عنه الرئيس <هولاند> لمساعدة لبنان على انتخاب رئيس له، وهو مهّد لتحرك السفير <جيرو> بدعوة الى انتخاب الرئيس اللبناني <فوراً> في إشارة الى أن العاصمة الفرنسية تعمل في هذا الاتجاه، وهو ما سيسمعه الرئيس سلام مباشرة من <هولاند> خلال استقباله له في قصر <الإليزيه>. واستناداً الى المصادر نفسها، فإن باريس تعوّل أهمية خاصة على تجاوب القيادات اللبنانية مع الدعوة الرئاسية الفرنسية بهدف <لبننة الاستحقاق> لاسيما وأن الاتصالات التي أجرتها الديبلوماسية الفرنسية لم تؤدِ بعد الى نتائج عملية. وآخر ما ظهر في هذا السياق كان عدم حصول السفير <جيرو> على أجوبة إيرانية واضحة في ما خص الاستحقاق الرئاسي اللبناني إذ أحيل السفير <جيرو> الى حزب الله للبحث معه في هذا الملف أسوة بالبحث الدائر مع أطراف لبنانيين آخرين.
باريس و<لبننة> الاستحقاق
ويشير تقرير ديبلوماسي الى أن السفير الفرنسي في بيروت <باتريس باولي> أبلغ رسميين وسياسيين لبنانيين ان محادثات <جيرو> في طهران لم تسجل أي تقدم، من دون أن يعني ذلك أن التواصل الفرنسي ــ الإيراني سيتوقف، بدليل ان السفير <جيرو> قد يتوجه مجدداً الى طهران بعد زيارته لبيروت وانتقاله الى باريس للمشاركة في المحادثات مع الرئيس سلام. وفي هذا السياق، أكدت المصادر الديبلوماسية ان السفير <جيرو> سيسعى الى الحصول على <مواقف ايجابية> من مسألة <لبننة> الاستحقاق الرئاسي مجدداً بحيث ينقل هذا <الانجاز> الى طهران خلال زيارته المقبلة ويدعو المسؤولين الإيرانيين الى تنفيذ وعدهم بعدم التدخل في الاستحقاق الرئاسي اللبناني وترك الأمر للأحزاب والكتل السياسية النيابية، في مقابل الحصول من جهات خارجية أخرى على التزامات مماثلة لاسيما من السعودية التي يؤكد سفيرها في بيروت علي عواض عسيري ان الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق لبناني بامتياز وان بلاده لن تتدخل فيه ولن تسمي مرشحين له.
واستناداً الى المصادر الديبلوماسية، فإن باريس أجرت خلال الأسابيع الماضية <مشاورات غير معلنة> مع قياديين لبنانيين زاروا العاصمة الفرنسية بعيداً عن الأضواء تمحورت حول البدائل التي يمكن اللجوء إليها لتحريك الاستحقاق الرئاسي بعد طرح العماد عون خوض المعركة الانتخابية مع رئيس <القوات اللبنانية> الدكتور سمير جعجع فقط ورفض أطراف لبنانيين معنيين هذا الطرح <غير الديموقراطي>، إضافة الى إعلان الرئيس سعد الحريري عن ضرورة الاتفاق على <مرشح توافقي> وهو ما يرفضه العماد عون بشدة لأن وقت <الخيارات البديلة> لم يحن بعد في الرابية. وقد شجعت هذه المشاورات الإدارة الفرنسية على معاودة تحركها مع القيادات اللبنانية بحثاً عن قواسم مشتركة من دون أن يعني ذلك ان باريس <مقتنعة> بامكانية الوصول الى حل، لكنها مع ذلك ستسعى بعدما حصلت من واشنطن على <تشجيع> لمساعيها المفتوحة في اتجاه الرياض وطهران، والذي ترجمه السفير الأميركي في بيروت <دايفيد هيل> قبل سفره الى بلاده للتشاور، بدعوة النواب اللبنانيين الى الاسراع في انتخاب الرئيس العتيد <لأن انتخابه سيكون توطئة لدعم العالم له>.
<بوغدانوف> يبحث عن دور لروسيا
وفي الوقت الذي تركز فيه الاهتمام السياسي على الحوار المرتقب بين تيار <المستقبل> وحزب الله، استبعدت مصادر معنية أن يحدث أي تبديل في موقف الحزب من دعم ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، ما يشير الى أن الملف الرئاسي سيبقى مجمداً في الوقت الراهن ولن يكون في مقدور المبادرة الفرنسية المتجددة تحقيق تقدم حقيقي في تسهيل انتخاب الرئيس العتيد، رغم ان كل الأصداء الدولية التي ترد من الخارج تؤكد على أن الدول الكبرى والصديقة للبنان هي مع الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتستغرب ألا تجمع القيادات اللبنانية على ذلك. وتشير المصادر نفسها الى ان الزيارة التي بدأها يوم الجمعة نائب وزير الخارجية الروسي <ميخائيل بوغدانوف> تصب في اتجاه الاطلاع على مواقف الأطراف اللبنانيين من الاستحقاق الرئاسي لأن موسكو راغبة في أن تشارك مع المساعي الدولية لتنفيذ هذا الاستحقاق،لاسيما وأنها قادرة على الحديث <براحة> مع حلفائها في لبنان وسوريا ودول المنطقة. وفي هذا السياق، أكد السفير الروسي في بيروت <ألكسندر زاسبكين> ان <بوغدانوف> لا يحمل أفكاراً محددة لكنه سيستمع الى القيادات التي لم يسبق له أن التقاها أو زارت موسكو في الآونة الأخيرة وذلك بهدف أن تكون الصورة كاملة أمامه ليتشاور في شأنها مع وزير الخارجية الروسي <سيرغي لافروف> الذي طلب الى <بوغدانوف> اتمام هذه الزيارة للبنان والتي تهدف أساساً الى حضور احتفال جمعية الصداقة الروسية ــ اللبنانية.