تفاصيل الخبر

محكمة التمييز حسمت الجدال بين عويدات وعون: الإدعاء في دعاوى الإثراء غير المشروع محصور فقط بالمدعي العام التمييزي في بيروت!

07/02/2020
محكمة التمييز حسمت الجدال بين عويدات وعون: الإدعاء في دعاوى الإثراء غير المشروع محصور فقط بالمدعي العام التمييزي في بيروت!

محكمة التمييز حسمت الجدال بين عويدات وعون: الإدعاء في دعاوى الإثراء غير المشروع محصور فقط بالمدعي العام التمييزي في بيروت!

الاشكال الذي نشأ قبل مدة (أشارت إليه <الأفكار> في حينه) بين المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون، حول صلاحية القاضي عون بالادعاء العام في جرائم الاثراء غير المشروع، حسمته محكمة التمييز الجزائية في الشكل حين ردت الأسبوع الماضي الطعن الذي قدمته القاضية عون بقرار ترك رئيسة هيئة المركبات والسير المهندسة هدى سلوم في أول ملف ادعت فيه عليها بجرم يعاقب عليه قانون الاثراء غير المشروع. وبذلك مالت محكمة التمييز في قرار لها لم يتطرق الى الأساس، الى حصر الادعاء العام أو الملاحقة الجزائية بموجب هذا القانون أمام القضاء بعدلية بيروت فقط، وبالتحديد بالمدعي العام التمييزي القاضي عويدات. وأتى الرد منسجماً مع قرار الهيئة الاتهامية في بيروت الذي رد استئناف القاضية عون في الشكل أيضاً عندما بحثت الأخيرة في قرارها مسألة صلاحية الادعاء العام في معرض النظر في طلب التخلية. وعلى رغم ان قرار محكمة التمييز لم يتطرق الى مسألة الصلاحية أو مناقشتها تعليلاً، إلا انه وبمجرد رده الطعن المقدم من القاضية عون في خصوص هذا الملف المتصل بادعاء عام بموجب قانون الاثراء غير المشروع، فهو جعل من قرار الهيئة الاتهامية في بيروت نافذاً يحصره قرار الادعاء أو عدمه بطلب من المدعي العام التمييزي في كل ملف يقع تحت طائلة قانون الإثراء غير المشروع، يمكن أن يصل الى يد أي نائب عام استئنافي خارج بيروت بمعنى أن المدعي العام التمييزي وحده يحق له اتخاذ القرار المناسب في طلب أي جهة الملاحقة الجزائية تحت طائلة قانون الاثراء غير المشروع، وبالتالي فإن هذا الحق انتزع من يد قضاة المحافظات وحُصر بيد المدعي العام التمييزي.

وبصرف النظر عن الاعتبارات التي استندت إليها محكمة التمييز الجزائية في ردها للطعن الذي قدمته القاضية عون، فإن القرار الذي صدر يعطل الدعاوى المتعلقة بالاثراء غير المشروع الصادرة عن المدعي العام التمييزي في جبل لبنان ومنها مصير الادعاء العام من القاضية عون على الرئيس نجيب ميقاتي تبعاً للقانون نفسه، وبالتالي هل سيطوى هذا الملف لاعتبار الادعاء العام في حق الرئيس الأسبق للحكومة صادراً عن مرجع غير ذي صلاحية. وتعتبر مصادر قضائية متابعة ان قرار محكمة التمييز لم يستند الى الأساس، بل ان رد الطعن جاء بالشكل ما يفسح في المجال أمام تفسيرات وتأويلات القضاء بغنى عنها وسط الضجة المقامة من <الحراك الشعبي> على دور القضاء عموماً في مكافحة الفساد وعدم خضوعه لمراجعات سياسية وضغوط من جهات ثانية. وترى هذه المصادر انه كان من الأفضل لو درس هذا الملف بعيداً عن التسييس أو الاعتبارات غير القانونية الصرف، للوصول الى صيغة تحمي الهدف الأسمى وهو ملاحقة المخالفين والمرتكبين الذين أثروا على حساب المال العام. وتوقعت المصادر ان يتم درس هذه الحالة في مجلس القضاء الأعلى حتى يُبنى على الشيء مقتضاه بعيداً عن أي اجتهادات وتفسيرات قد تؤثر سلباً على توجهات القضاء في المرحلة الراهنة بعد تعيين القاضي سهيل عبود رئيساً لمجلس القضاء الأعلى والقاضي غسان عويدات مدعياً عاماً تمييزاً. وثمة من يرى ان وراء <المواجهة> التي حصلت بين القاضي عويدات والقاضية عون مسائل تتجاوز حكماً قضائياً صدر من هنا أو قراراً قضائياً أعطي من هناك، وان كان ظاهر الأمور يتناول <تقنية> في العمل القضائي وجُبَ توضيحها كي لا تفسر على نحو خاطئ يحمل في طياته علامات استفهام كبرى.

 

ورشة قضائية موسعة!

ورجحت المصادر ان تكون هذه النقطة الملتبسة وغيرها من النقاط المماثلة محور بحث في ورشة العمل القضائية التي يجري الاعداد لها في وزارة العدل والتي كانت موضع بحث في الاجتماع الثلاثي الذي عقد الأسبوع الماضي بين الرئيس عون من جهة، ووزيرة العدل ماري كلود نجم ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ورئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس والذي طُرحت فيه أوضاع القضاة والتأخير الحاصل في البت في الدعاوى أمام المحاكم على اختلاف درجاتها، إضافة الى بعض الاجراءات المربكة للقضاة والمحامين على حد سواء، لاسيما ما خص منها ما يُعرف بـ<الدفوع الشكلية> التي رأى الرئيس عون ضرورة تقصير المهل الخاصة بها بعدما تبين ان ثمة قضايا لا تزال عالقة منذ سنوات وهي تتأرجح بين رد للدفوع الشكلية من جهة ورد آخر من الجهة المقابلة، مع العلم انه عندما يقع أي مواطن في دعوى قضائية، فإنها تستنزف سنوات قبل لفظ الحكم فيها ما يجعل العدالة المتأخرة ليست بعدالة. والأمثلة على ذلك كثيرة أورد بعضها الرئيس عون خلال لقائه مع الوزيرة نجم والقاضيين عبود والياس. ويتوقع أن تتفرع عن ورشة العمل في العدلية، ورشات عمل مصغرة تتناول كل حالة على حدة بهدف الوصول الى نتائج عملية تحقق نقلة نوعية في صلب العمل القضائي الذي يخضع راهناً لكثير من الانتقادات وتأثير المخالفات على اداء القضاة الذين خضع بعضهم للمساءلة... والحبل على الجرار.

وبالعودة الى قرار محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضية سهير الحركة، توقفت المصادر نفسها عند ما قالته القاضية عون في الطعن المقدم منها من ان الهيئة الاتهامية <أخطأت> في تفسير القانون وخالفت قواعد الاختصاص، وبالتالي فإن القرار الذي أدى الى ترك المهندسة سلوم بسند إقامة، واعلان عدم اختصاص النيابة العامة في جبل لبنان وحصره بالنيابة العامة التمييزية، تحتاج الى إعادة نظر على رغم ان المشروع أجاز الطعن في القرارات الصادرة عن الهيئة الاتهامية وفقاً للشروط التي تنص عليها المواد 311 و306 و307 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

والى أن يتقرر مصير هذا الملف، فإن المصادر القضائية تتحدث عن ان مجلس القضاء الأعلى يحضر لحركة تشكيلات قضائية واسعة قد تكون الأولى من نوعها منذ الاستقلال، على أن تأخذ في الاعتبار معايير الكفاءة والخبرة والأخلاق والجدية. إلا ان حركة المناقلات هذه لن تتم قبل نيل الحكومة الثقة وانتظام عمل الجهات المعنية بما في ذلك الأجهزة القضائية.