تفاصيل الخبر

محاولة واشنطن تعديل مهام "اليونيفيل" تصطدم بـــ "فيتو" روسي وصيني!

22/07/2020
محاولة واشنطن تعديل مهام "اليونيفيل"  تصطدم بـــ "فيتو" روسي وصيني!

محاولة واشنطن تعديل مهام "اليونيفيل" تصطدم بـــ "فيتو" روسي وصيني!

[caption id="attachment_79743" align="alignleft" width="432"] قوات "اليونيفيل" العاملة في الجنوب[/caption]

 ينتاب المسؤولون اللبنانيون قلقاً حيال موقف الولايات المتحدة الاميركية من مسألة التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) قبل اسابيع من موعد التمديد الدوري لهذه القوات المنتشرة على الحدود الجنوبية اللبنانية مع الجيش اللبناني لتطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1701. فالمسؤولون الاميركيون لا يتركون مناسبة الا ويتحدثون عن "اعادة النظر" بدور "اليونيفيل" والمسؤوليات الملقاة على عاتقها، وكان آخرهم مساعد وزير الخارجية الاميركية "ديفيد شنكر" الذي قال ان تصويت بلاده على التمديد لهذه القوات "سيعتمد على شكل التفويض، علماً ان واشنطن تتطلع اما الى تعزيز تفويض "اليونيفيل" او جعل عدد القوات والقدرات اكثر توافقاً مع ما تقوم به القوات الدولية على الارض. وتشارك الولايات المتحدة الاميركية مع حلفائها وشركائها في الامم المتحدة في ذلك".

 قد يبدو كلام "شنكر" حول مسألة اليونيفيل كلاماً عمومياً، لكن الدخول في التفاصيل الحالية والسابقة يظهر ان واشنطن لن تمرر هذه المرة التمديد التقليدي كما كان يحصل منذ صدور القرار 1701، لأنها راغبة بقوة بتعديل مهام "اليونيفيل" لتصبح اكثر قدرة على تطبيق قرار مجلس الامن، لاسيما لجهة تفتيش المنازل والاماكن العامة في القرى الجنوبية خوفاً من وجود اسلحة وذخائر وربما صواريخ فيها. علماً ان هذا التفتيش غير متيسر حالياً ويقتضي ابلاغ الجيش اللبنااني بأي خطوة وكذلك السلطات المحلية في البلدة (مختار او رئيس بلدية الخ...). ويأتي الرفض المباشر من حزب الله بعدم القبول بتفتيش المنازل او حتى الاماكن العامة. بحيث تتعرض دوريات "اليونيفيل" في كل مرة لاعتراض من الاهالي يمنعها من تنفيذ مهمتها. ويزداد الحاح الاميركيين على "تعديل" مهام "اليونيفيل" مع اقتراب العد العكسي للتجديد السنوي الذي يفترض ان يتم قبل 31 آب (اغسطس) المقبل، وهو يكون عادة لسنة واحدة.

 

موقف اميركي ضاغط

 وفيما يبدي المسؤولون اللبنانيون تمسكهم بالتجديد  لــ "اليونيفيل" من دون اي تعديل لا في المهام ولا في العتاد او العدد، ترتفع اصوات اميركية تتحدث عن قرار بالامتناع عن تمويل ما تحتاجه "اليونيفيل" من مال لمؤازرة الجيش اللبناني في تطبيق القرار 1701، الامر الذي سوف يؤدي – اذا حصل - الى خفض عديد القوة الدولية. وفي هذا السياق، تقول مصادر ديبلوماسية ان الطرح الاميركي الداعي الى تمدد "اليونيفيل" في اتجاه الحدود الدولية للبنان مع سوريا، يبدو هذه المرة جدياً اكثر من اي وقت مضى، مقروناً بضرورة تفعيل دور القوة الدولية في حفظ الامن وهو ما يرفضه "الثنائي الشيعي" الذي يعتبر ان مهام "اليونيفيل"، حالياً كافياً وان الامن مستتب على الحدود الجنوبية منذ العام 2006 حيث لم يسجل الا خروقات اسرائيلية من دون اي ردة فعل من الجانب اللبناني، ولفتت هذه المصادر الى ان طلب واشنطن لم يتطور في السابق الى ممارسة حقها بوضع "فيتو" لدى طرح التمديد في مجلس الامن الدولي، وقالت انه كان يبقى محصوراً بالمشاورات التي تجري بين الدول الاعضاء من دون ان تطور موقفها الى عدم التصويت استجابة لطلب الدول الاوروبية المشاركة في القوات الدولية التي تتجنب الدخول في اشتباك يتجاوز الحكومة اللبنانية الى "حزب الله".

 وسألت اذا كان التلويح الاميركي هذه المرة بوقف مساهمة واشنطن في تمويل القوات الدولية سيتطور الى ممارسة حقها في وضع فيتو على التمديد الروتيني  لــ "اليونيفيل"، ام انها تتوخى من الشروط التي وضعتها ممارسة اقصى الضغوط ليس لاسترضاء اسرائيل فحسب، وانما لتضييق الخناق على "حزب الله" بذريعة انه يخرق نص القرار 1701 الذي يحصر الوجود في منطقة العمليات في جنوب الليطاني بالجيش اللبناني بمؤازرة القوات الدولية.

 واعتبرت المصــــادر الدبلوماسية ان من غير الجـــائز، كما تقول واشنطن، الابقاء على "المساكنة" ذات الطابع العسكري والامني بين القوات الدوليـــة ووحدات الجيش اللبناني، وبين "حزب الله" الذي يعيق مهمة "يونيفيل"، ويمنعها من الدخول الى القرى والبلدات، بذريعة انه لا يحق التوغل في المناطق التي تعتبر املاكاً خاصة.

 

 في المقابل، تعتبر مصادر المقاومة ان الولايات المتحدة الاميركية تضغط لتعديل قواعد اللعبة في الجنوب، من خلال المطالبة بتغيير حجم ومهمات وصلاحيات القوات الدولية. وقال انها تسعى خصوصاً الى منح هذه القوات السلطة على توسيع عمليات التفتيش وعلى دخول المناطق المأهولة، بحجة انه لم يتم تطبيق بنود القرار الدولي رقم 1701، لاسيما لجهة وقف كل انواع الانشطة الامنية للمقاومة جنوب نهر الليطاني، وحصرها هناك بالجيش اللبناني بمؤازرة القوات الدولية. علماً ان هذا الامر غير وارد، لأن للمنازل حرمتها، وللبلدات الآمنة مكانتها، ولأن الجيش اللبناني يسير اصلاً دوريات في مختلف المناطق لحفظ الامن، ولا وجود لقواعد اطلاق صواريخ ولمخازن اسلحة بين المنازل كما يزعم العدو الاسرائيلي. ورأت المصادر ان الحديث الاميركي عن خروقات من جانب "المقاومة" للقرار 1701 مردود، لأن الخروقات الاسرائيلية يومية، وهي تشمل خصوصاً تحليقاً جوياً دائماً وتصويراً يومياً فوق الاجواء اللبنانية، وتنفيذاً لغارات على مواقع داخل سوريا من الاجواء اللبنانية، اضافة الى خروقات بحرية واخرى برية للخط الفاصل بين الحين والآخر. وشددت على ان وجود القوات الدولية في الجنوب لم يوفر الحماية للبنان وللبنانيين، لكنه وفر نوعاً من الغطاء المعنوي الدولي للامر الواقع القائم على الحدود حتى لا يتحول اصغر خرق الى مواجهة عسكرية كبرى.

 في اي حال، يبدو لبنان على يقين بأن التمديد لــ "اليونيفيل" سيتم كما يحصل كل سنة، بحيث يراهن المسؤولون اللبنانيون على الدور الفرنسي الذي يعد مشروع القرار ويقدمه الى مجلس الامن في كل مرة وفق الصيغة المألوفة من دون اي تعديل في المهامات والصلاحيات. ويقرّ مصدر وزاري  لبناني بأن "عملية شد حبال" قوية ستحصل بين الفرنسيين والاميركيين على امل ان تكون الغلبة للفرنسيين، ويتم التجديد الروتيني مخافة ان يؤدي اي تلاعب في مهمة "اليونيفيل" الى استعمال روسيا او الصين حق النقض (الفيتو) فيتعرض قرار التمديد لاخطار لا يريدها احد لأن دور "اليونيفيل" اساسي في حفظ الاستقرار على الحدود، وتأتي اسرائيل في مقدمة عدم الراغبين في توتير الوضع على الحدود وان كانت ترغب بالتضييق على حزب الله. ويأتي الموقف الفرنسي المصر على التمديد من دون اي تعديل، متناغماً مع مواقف الدول الاوروبية التي تنشر قوات فيها على الحدود وهي لا ترغب بالتالي بتعريضها للمخاطر. اما مسألة التمويل فقد تنجح واشنطن بوقف مساهمتها في تمويل "اليونيفيل" ما سيستوجب بالتالي البحث عن ممولين آخرين.