تفاصيل الخبر

محادثات عون - ”بوتين“: اهتمام روسي بالتنقيب عن النفط والغاز وارتياح لبناني لدعم موسكو وتسهيل عملية إعادة النازحين!

04/04/2019
محادثات عون - ”بوتين“: اهتمام روسي بالتنقيب عن النفط والغاز  وارتياح لبناني لدعم موسكو وتسهيل عملية إعادة النازحين!

محادثات عون - ”بوتين“: اهتمام روسي بالتنقيب عن النفط والغاز وارتياح لبناني لدعم موسكو وتسهيل عملية إعادة النازحين!

لم تكن زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى موسكو الاسبوع الماضي، مثل غيرها من الزيارات الرسمية التي قام بها الرئيس عون منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، وذلك أن الزيارة كانت متوقعة قبل سنة تقريباً ثم تأجلت نظراً لاهتمام لبنان بالانتخابات النيابية، ولانشغال روسيا بالتطورات السريعة للأحداث في سوريا. وفي كل مرة كان يلتقي فيها الرئيس اللبناني بمسؤول روسي خلال زياراته أو في القمم العربية أو الإسلامية، وخصوصاً الممثل الشخصي للرئيس الروسي ونائبه وزير الخارجية <ميخائيل بوغدانوف> كان الحديث يتجدد عن الدعوة الرئاسية الروسية وتوقيت تلبيتها، وفي كل مرة كان <بوغدانوف> يقول للرئيس عون إن  نظيره الروسي ينتظره في الكرملين لمحادثات تعطي العلاقات اللبنانية - الروسية بُعداً جديداً وتفتح آفاقاً واسعة لمزيد من التعاون في المجالات كافة. وعندما التقى الرئيسان في الكرملين يوم الثلاثاء 26 آذار/ مارس الماضي لم تكن هناك حاجة لعبارات المجاملة، فكل واحد منهما يعرف الآخر، ماضياً وحاضراً، ويكاد يرسم كل واحد للآخر مستقبله من خلال سرعة الحرارة التي أصابت العلاقة بين الرجلين ودخولهما في صلب الحديث عن الهموم المشتركة من دون مقدمات. صحيح أن الرئيس <بوتين> أجلس إلى جانبه وزير الخارجية <سيرغي لافروف> الخبير في الشؤون الشرق الأوسطية ووزير التجارة الخارجية ومستشاره السياسي، لكنه - أي <بوتين> - انفرد في الحديث الى الرئيس عون والوزير جبران باسيل والمستشارة للرئيس ميراي عون هاشم، وكانا وحدهما الى جانب الرئيس عون من دون سائر أعضاء الوفد المرافق للرئيس اللبناني. إلا أنه في غداء العمل الذي تلا الاجتماع المصغّر انضم أعضاء الوفد اللبناني والروسي وكان حوار مستفيض تناول كل المواضيع التي تهم البلدين ومستقبل التعاون الذي قال <بوتين> إنه يريده مفتوحاً على آفاقٍ كثيرة، وشاركه الرئيس عون في الرغبة ذاتها، ليخرج أعضاء الوفدين بانطباع واحد وهو أن مرحلة جديدة من العلاقات بدأت وهي تختلف كلياً عن السياق السابق الذي ميّز العلاقة بين بيروت وموسكو، وهذه المرحلة تؤشر الى نتائج سريعة لن يطول أمد ترجمتها عملياً، بدليل أن <بوغدانوف> الذي حضر القمة العربية في تونس، حرص على الاجتماع ثانية بالرئيس عون والوزير باسيل في حضور المستشارة هاشم، ونقل اليهم رسالة من <بوتين> خلاصتها أن القطار وُضع على السكة لترجمة ما اتفق عليه بين الجانبين في موسكو.

 

محضر القمة

اللبنانية - الروسية

فماذا دار في موسكو وسط طقس بارد ومصقع بلغت الحرارة فيه 2 تحت الصفر؟

مصادر مطلعة على نتائج الزيارة، أكدت لـ<الأفكار> أن كل ما تردد في بيروت، حتى بعد دقائق من انتهاء اللقاء في الكرملين عن <فشل> اللقاء، وعن <عموميات> سادت البحث الثنائي، وأن لا اتفاقات تم التوصل اليها وغيرها من أخبار <الإحباط>... كل ذلك لا أساس له من الصحة، لأن الزيارة فتحت أبواباً واسعة لتعزيز العلاقات اللبنانية - الروسية، وتطويرها وتحسينها، وذلك للمرة الاولى منذ 75 سنة مضت على بدء العلاقة بين بيروت وموسكو وإن تم ذلك في ظروف سياسية مختلفة. وأبرز هذه العلاقات هي الاقتصادية حيث حرص <بوتين> على دعوة عدد من كبار رجال الأعمال الروس الى غداء العمل (ومنهم من كان الرئيس عون التقاه قبل زيارة الكرملين) حيث تم التداول في مساهمة روسية في خطة النهوض الاقتصادي والمشاريع التي أدرجت في مؤتمر <سيدر>، وتطوير التجارة بين البلدين التي تراجعت بنسبة 25 بالمئة عما كانت عليه في السابق. والأبرز في هذا المجال، طلب لبنان فتح الأسواق الروسية أمام الإنتاج الزراعي اللبناني، ومعها أسواق الدول المجاورة. في المقابل بدا الاهتمام الروسي قوياً في الرغبة في المباشرة بمشاريع الطاقة لاسيما الغاز والنفط بعد الخطوة الأولى التي تمثلت باشتراك شركة <نوفايك> الروسية مع شركة <ايني> الايطالية و<توتال> الفرنسية في <كونسورسيوم> سوف يتولى التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9 عند الحدود الجنوبية، والبلوك رقم 4 في شمال لبنان. ثم كان التزام شركة <روسنفت> وهي أكبر الشركات الروسية، إعادة تأهيل منشآت النفط في طرابلس في عقد يستمر 20 سنة.

لقد بدا واضحاً، وفق المصادر نفسها أن طموح موسكو واضح أن يصل التبادل التجاري الى ملياري دولار خلال السنة الجارية، وهو ما سيترجم تنفيذياً، بإحياء اللجنة الروسية - اللبنانية المشتركة لوضع إجراءات عملية تتناغم مع رغبة الفريقين في تطوير العلاقة الاقتصادية، إضافة الى العلاقة السياحية التي أراد لبنان أن تكون أكثر ازدهاراً خصوصاً أن في لبنان كل المقومات التي يطلبها السائح الروسي الذي تزدحم به دول مجاورة للبنان مثل قبرص واليونان وتركيا لا تقدم خدمات أفضل من تلك التي يقدمها لبنان في المجال السياحي. وبدا الرئيس <بوتين> سعيداً في سماع الجانب اللبناني يؤكد له أن الظروف الأمنية تسمح بأن يمضي السياح الروس أوقاتاً ممتعة وآمنة في الربوع اللبنانية، لاسيما بعدما قال له الرئيس عون: <اسأل سفيرك <الكسندر زاسبكين> في بيروت - وهو كان حاضراً المحادثات الموسعة> - فهو يقول لكم كيف يعيش اللبنانيون، وهو معهم، في لبنان... فأومأ <زاسبكين> برأسه مؤيداً كلام الرئيس عون... وبدا <بوتين مسروراً>!

توافق على انتظام عودة النازحين!

وتؤكد المصادر المطلعة أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياحية بين روسيا ولبنان ستشهد قفزات نوعية، تقابلها رغبة مشتركة في مقاربة الملفات الحساسة لاسيما معاناة النازحين وموقف لبنان من عودتهم الآمنة، ومستقبل الحل السياسي في سوريا وفي الشرق الأوسط، انطلاقاً من الدور الروسي المحوري في هذه المواضيع الحساسة، والتي أسفرت المحادثات حولها عن المعطيات الآتية:

أولاً: التوافق على أن عودة النازحين السوريين من لبنان الى سوريا <حتمية> والتنسيق في هذا المجال سيكون ثلاثياً، أي بين لبنان وسوريا وروسيا، والاقتراح الذي قدمه الوزير باسيل في هذا المجال خلال المحادثات الموسعة نال موافقة الرئيسين عون و<بوتين> وترجمته ستكون من خلال تسمية اعضاء الجانب الروسي في اللجنة المشتركة بين البلدين للبحث في آلية نقل النازحين بصورة آمنة والاهتمام بهم في المناطق التي سيحلون فيها، والدور الروسي في هذا المجال. ولذلك فإن الآلية اللبنانية المعتمدة اليوم في تنظيم إعادة النازحين سوف تستمر بإشراف الأمن العام اللبناني، والجديد فيها سيكون وضع الروس في التفاصيل للمساعدة مع الجانب السوري من جهة، وإغاثة العائدين من جهة ثانية، وتوفير الضمانات المطلوبة لسلامتهم. وبدا الجانب الروسي مطلعاً على أن أكثر من 176 ألف نازح سوري عادوا الى سوريا بعد تذليل العقبات أمام العودة.

ثانياً: توافق الجانبان على أهمية اعتماد لبنان منطلقاً لإعادة إعمار سوريا، حيث كانت للجانب اللبناني شروحات اهتم بها الجانب الروسي حول التسهيلات الجغرافية واللوجستية التي يوفرها لبنان لإتمام عملية إعادة الإعمار، مع الخبرة التي تراكمت لدى اللبنانيين في هذا المجال. ووعد الوفد اللبناني بتقديم كل المساعدات المطلوبة لهذه الغاية، والتسهيلات الضرورية لتحريك رجال الأعمال الروس والمؤسسات الروسية المعنية، وبعضها <استكشف> واقع مرفأ طرابلس والمنطقة الاقتصادية فيه، وكذلك بعض الأماكن في البقاع لاسيما تلك القريبة من الحدود، واتضح للمستكشفين أن إمكانات العمل من لبنان أفضل بكثير من أي دولة أخرى مجاورة لسوريا.

ولادة قريبة للجنة الدستورية

في سوريا!

ثالثاً: عرض الجانب الروسي للأوضاع في سوريا ومسار الاتصالات الجارية للوصول الى حل سياسي للأزمة التي دخلت عامها الثالث عشر، حيث أكد أن الاتصالات جارية على أكثر من خط مع وجود رغبة روسية واضحة للتعاون مع مهمة الموفد الدولي <غير بدرسون> الذي بدا الجانب الروسي راضياً عن مقاربته للحل السياسي أكثر مما كانت عليه مقاربة سلفه <ستيفان ديمستورا>، وفي هذا السياق، كشف الوزير <لافروف> في عرضه خلال المحادثات الموسعة أن اللجنة الدستورية التي ستتولى صياغة الشق اللبناني من الحل سوف تبصر النور قريباً وان الاجتماع المقبل في آستانا في 29 و30 نيسان/ أبريل الجاري سيحقق تقدماً واعداً. وهنا اقترح <لافروف> وباسيل معاً أن يدعى لبنان الى اجتماعات <آستانا> بصفة مراقب كي يتمكن من متابعة مسار الحل السياسي وعودة النازحين وإعادة الإعمار، فوافق الرئيسان عون و<بوتين> لاسيما وأن هذا الاجتماع سيشهد إزالة الأسباب التي تعرقل تنفيذ الاتفاقات السلمية. وأسهب <لافروف> في شرح <المعوّقات> التي أخرت الوصول الى وضع الحل السياسي بوضع التنفيذ، ومنها الدور الاميركي المعرقل، وعدم <حماسة> الدول الأوروبية، والتذرع بوجود ايران في سوريا حيث قال <لافروف> أمام الرئيسين: <يرون وجود ايران ميدانياً ولا <يشعرون> بوجود دول أخرى في الساحة السورية>!

رابعاً: حضرت ايضاً أزمة الشرق الاوسط في المحادثات اللبنانية - الروسية من زاويتين: الأولى ما تقوم به اسرائيل على الحدود اللبنانية من انتهاكات للقرار 1701، والثانية من زاوية القرار الاميركي <الطازج> بالاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل، بعد قرار سابق بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. وحرص الجانب اللبناني على القول إن موضوع الجولان يعنيه مباشرة نظراً لوجود مناطق لبنانية متاخمة محتلة هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر اللبنانية.

ولأن التواصل سيستمر بين الجانبين اللبناني والروسي، فإن الرئيس <بوتين> وصف المحادثات مع الرئيس عون والوفد المرافق بأنها <جيدة> وأن الزيارة <ناجحة جداً> قائلاً إنها ستطلق فرصة جديدة للتفاهم بين البلدين تصب في مصلحة العلاقات المستمرة بينهما، معرباً عن سعادته في أن يلبي الدعــــوة التـــي وجههـــا إليه الرئيس عون لزيارة لبـــنان قائــــلاً إنــــه سيضعهــا على <أجندة> رحلاته الخارجية.