تفاصيل الخبر

مجلس النواب يلغي المادة 522 من ”قانون العقوبات“ اللبناني التي تعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوج من الضحية!

25/08/2017
مجلس النواب يلغي المادة 522 من ”قانون العقوبات“ اللبناني التي تعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوج من الضحية!

مجلس النواب يلغي المادة 522 من ”قانون العقوبات“ اللبناني التي تعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوج من الضحية!

 

بقلم وردية بطرس

المحامي-ربيع-قيس---c

انه انجاز يُسجل للمرأة اللبنانية بعد احتجاجات وتحركات من هيئات ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني حيث أقر مجلس النواب في الأسبوع الماضي إلغاء المادة 522 من <قانون العقوبات والتي تنص على اسقاط الملاحقة والعقوبة القانونية عن المغتصب اذا عُقد زواج صحيح بين المغتصب والضحية، إذ تنص المادة 522 من <قانون العقوبات> في لبنان على انه اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم ( الاغتصاب، الخطف بغية الزواج...) والمعتدى عليها أوقفت الملاحقة، واذا صدر الحكم في القضية عُلق تنفيذ العقاب الذي فُرض عليه، وترجع المادة التي تم الغاؤها للأربعينات من القرن الماضي، وكان الأردن قد أقر بداية الشهر الحالي قانوناً مشابهاً يعاقب المغتصب ولا يعفيه بالزواج من ضحيته.

يذكر ان <لجنة الادارة والعدل> كانت قد أقرت في 15 شباط (فبراير) 2017 إلغاء المادة 522 حصراً، من دون المواد المرتبطة بها، خصوصاً في ما يتعلق بمجامعة القاصر (تعديل زواج القاصرات)، وغيرها من المواد التي تطالب جمعيات المجتمع المدني بتعديلها. مع العلم ان القانون المعدّل منذ سبعين عاماً، رُفض المس به او الكلام عنه طوال هذه المدة، نظراً لارتباطه بقانون الأحوال الشخصية لدى الطوائف، واعتبار اي تعديل عليه هو من صلاحية المؤسسات الدينية التابعة لهذه الطوائف وليس مجلس النواب. أما إلغاء هذه المادة فقد أتى بعد حملات ضغط عديدة قام بها المجتمع المدني أثمرت إلغاء هذه المادة حصراً، وأوصت <لجنة الادارة والعدل> ببعض التعديلات التي تطال المادة 504 بحيث حُددت العقوبة بالسجن ثلاث سنوات كحد أدنى لترتفع الى ما لا يقل عن 7 سنوات، والمادة 514 التي تنص على ان من يخطف بالخداع او العنف فتاة او امرأة بقصد الزواج عُوقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات، لترتفع الى ما لا يقل عن 5 سنوات اذا كانت الفتاة بالغة، والى ما لا يقل عن 7 سنوات اذا كانت قاصراً، كما أشار التعديل الى انه في حال تزوجت الفتاة بين الـ15 و18 عاماً لا تتوقف الملاحقة بحق من تزوجها حتى لو أسقط أهلها الدعوى المرفوعة على الزوجة، بل تُحال القضية على مساعد اجتماعي ليضع تقريره بعد مقابلة الفتاة وليرفعه تالياً الى قاضي الأحداث او القاضي المدني ليبت الأخير بتعليق تنفيذ العقاب.

وبحسب الأرقام الصادرة عن مكتب مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية الآداب في قوى الأمن الداخلي، هناك ثلاث نساء يبلّغن كل أسبوع عن تعرضهن للعنف الجنسي الذي هو اما اغتصاب او تحرش، كما تكمن زويا-روحانا-مديرة-منظمة-كفى---aصعوبة اقرار <قانون رفع سن الزواج> في عدم وجود قانون موحد للأحوال الشخصية.

وللمرأة في لبنان أجندة دسمة مع القوانين المجحفة بحقها. أبرز بنود هذه الأجندة اقتراح قانون تعديل زواج القاصرات الذي أعدته الهيئة الوطنية لشؤون المرأة لرفع سن الزواج الى 18 عاماً، اما صعوبة اقرار هذا القانون فتكمن في عدم وجود قانون موحد للأحوال الشخصية، ما يسمح لكل من الطوائف الـ19 الموجودة باعتماد النظام الذي يناسب معتقداتها حيث يسمح بعضها بزواج الفتاة عند البلوغ بين 9 و13 سنة... وفي عدم اقرار رفع سن الزواج، انتهاك واضح لحقوق الانسان خصوصاً انه وبحسب نتائج المؤتمر الدولي للاتجار بالبشر، فان 14 مليون طفلة يفارقن الحياة سنوياً نتيجة الاغتصاب والزواج المبكر، وتبذل الجمعيات المدنية مثل جمعية <كفى> جهوداً لافتة للحد من ظاهرة الزواج المبكر وعرض مخاطره التي تتضمن - بالاضافة الى اعتبار بعضه اتجاراً بالبشر - احتمال الوفاة بسبب صغر السن ولتشمل تبعاته حرمان الفتيات من التعليمورفع امكانية العنف الأسري.

واليوم تحقق انجاز مهم بالنسبة للمرأة اللبنانية اثر إلغاء المادة 522 من <قانون العقوبات>، وجاء هذا الانجاز بعد حملات مدنية واعلامية واعلانية كانت قد أطلقت آخرها منظمة <أبعاد> للمساواة بين الجنسين تحت عنوان <الأبيض ما بيغطي الاغتصاب، ما تلبسونا 522> حيث رافقت الحملة صور دعائية توزعت على لوحات الاعلانات على الطرقات ودعايات بثتها القنوات التلفزيونية تظهر فتاة عليها رضوض يتم الباسها عنوة فستاناً أبيض فوق آثار العنف للدلالة على انه لن يُسمح للزواج بأن يغطي على جريمة الاغتصاب.

وتضمنت الحملة أيضاً وقفة رمزية لفتاة ترتدي ما يشبه فستان الزفاف انما هو مصنوع من الأقمشة التي تضمد الجروح، وذلك أمام مجلس النواب في الأول من شهر كانون الأول (ديسمبر) للمطالبة بإلغاء المادة 522 أثناء انعقاد احدى الجلسات حيث تمت دراسة إلغاء المادة على مدى عشر جلسات، وقد تأخرت الدراسة بسبب النقاشات في اللجنة بين من يؤيد او يعارض إلغاء هذه المادة.

 

جمعية <كفى> وضرورة إلغاء المادتين 503 و521

من جهتها اعتبرت منظمة <كفى عنف واستغلال> ان ما حدث اليوم هو انجاز منقوص اذ لم يتم إلغاء مفاعيل المادة 522 بالكامل، فهي كانت تنطبق على جميع الجرائم الواردة بين المادتين 503 و521، وتعفي مرتكب احدى هذه الجرائم من العقاب في حال تزوج الضحية. صحيح ان مفعولها أزيل عن جرم الاغتصاب وقد حان الوقت لذلك، ولكن أبقي عليه في المادتين 505 و518، مع العلم ان النواب على دراية بهذه الثغرة الخطيرة، وقد أعلمناهم بها وطالبناهم مراراً بمعالجتها ليصبح الإلغاء كاملاً ويرتقي ليصبح انجازاً حقيقياً لا مجرد مساومة أخرى على حقوق النساء والفتيات.

وعن هذه الخطوة تقول السيدة زويا روحانا مديرة منظمة <كفى>:

- ان خطوة البرلمان جاءت منقوصة كالمعتاد، فقد أبقى على مادتين فيهما تكريس لتشريع زواج القاصرات بدل الغائه، كما كنا نطالب. فكما أقروا سابقاً قانون العنف الأسري مشوهاً، ها هم اليوم ايضاً يبقون على مواد تجعل خطوتهم غير مكتملة. ان المواد من 503 الى 521 في <قانون العقوبات> اللبناني تتحدث عن أنواع مختلفة من الجرائم الجنسية، فيما المادة التي تتبعها اي رقم 522 تأتي بخلاصة مفادها ان مرتكب احدى الجرائم السابقة اذا عقد زواجاً صحيحاً يعفى من العقوبة، وهذه هي المادة التي ألغيت، لكنهم استثنوا مادتين اثنتين هما 505 و518 بحيث يصبح زواج الجاني من الضحية وسيلته للهروب من العقاب.

السيدة-جو-----d-1يل-ابو-فرحات-رزق-الله-عضو-مؤسس-جمعية-نساء-رائداتوأضافت:

- هذا ما سيجعل الأردن أفضل حالاً منا، وها هو يتبين ان التشريعات هناك تستطيع ان تكون أكثر جرأة، فيما لا تزال القيم العشائرية في لبنان تُؤخذ بعين الاعتبار، بدل ان يتم وضع قوانين تزيل الاجحاف عن النساء. ان المادة 505 تتناول مجامعة القاصر كجرم يُعاقب عليه القانون، غير ان تعديل المادة تمثل بوضع مرتكب هذا الجرم أمام خيارين: اما السجن او الزواج بالضحية في حال كانت تبلغ بين الـ15 و18 عاماً، مع اضافة وجوب تدخل مندوبة اجتماعية في الحالات التي سيتم فيها الزواج للتأكد من ان القاصر على ما يرام. وهنا نسأل: اذا كانت مجامعة القاصر تعتبر جرماً في القانون، بأي منطق يُعطى المرتكب خيار الزواج من الضحية مقابل الافلات من العقاب؟ وما المغزى من وجوب متابعة مندوبة اجتماعية للعلاقة الزوجية اذا افترضنا انه لم يقع اي أذى، بما انه عقد زواج صحيح بين الطرفين؟ والأهم ان هذا التعديل يعود ويكرس قوننة تزويج القاصرات والقبول به كحل للاعتداءات الجنسية. أما بالنسبة الى المادة 518 فهي تتناول فض البكارة من خلال الاغواء بوعد الزواج، وفي التعديل الذي أقر أدخل المشرعون مفعول المادة 522 على هذه المادة أيضاً وأبقوا على احتمال الزواج كاعفاء من العقاب ولا تحديد لسن الضحية. وبناء على ما سبق يهمنا ان نؤكد موقفنا الرافض للمساومة على حقوق النساء والفتيات والرافض لتكريس زواج القاصرات مجدداً في <قانون العقوبات> اللبناني.

 

جمعية <أبعاد> والحملة لإلغاء المادة 522

وبعد قرار البرلمان كتبت جمعية <أبعاد> التي قادت حملة داعمة لإلغاء المادة 522 على صفحتها على <الفايسبوك> <مبروك للنساء في لبنان، انجاز اليوم هو انتصار لكرامة المرأة الانسانية>... ففي العام الماضي كانت جمعية <أبعاد> اللبنانية قد نشرت فيديو توعوياً تهدف من خلاله الى المطالبة بإلغاء المادة 522 من القانون اللبناني والتي تنص على انه اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم الواردة في هذا الفصل (الاعتداء على العرض، الاغتصاب، الفحشاء، الخطف، الاغواء، التهتك وخرق حرمة الأماكن الخاصة بالنساء) وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، واذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه، علماً بأن نسبة اللبنانيين الذين هم على اطلاع بهذه المادة لا تتجاوز الواحد بالمئة.

ولقد واكبت <أبعاد> عمل الادارة اذ تخوفت عشية الجلسة من أي طارىء قد يعيد المادة الى اللجان النيابية، وعن ذلك تشرح مسؤولة الحملة المحامية دانيال حويك:

- لقد تخوفنا من ربط بعض الجمعيات إلغاء المادة 522 بمواد أخرى تتعلق بتعديل سن الزواج، وان يشكل هذا الربط ذريعة لتطيير المادة. لقد تم إلغاء المادة المذكورة، وتُرجم اجماعاً داخل <لجنة الادارة والعدل>. هذا ما هو معلن ولكن اذا كانت هناك نوايا غير معلنة فلا تظهر الا عند التصويت. ولكن ما تخوفنا منه هو الترويج من قبل البعض لقضايا خاطئة كربط إلغاء المادة 522 بقضية الزواج المبكر وبالتالي بالمادة 505، وكذلك تخوفنا من ان يحصل كما حصل في موضوع حماية النساء من العنف الأسري بأن يؤدي اي ربط بين الموضوعين الى تطيير المادة واعادتها الى اللجان، وعندئذٍ من يدري كم من السنوات سيستغرق البت بها مجدداً.

دانيال-حويك-محامية-وناشطة-في-حقوق-المرأة----bوعن ضرورة إلغاء كل المواد المجحفة بحق المرأة اللبنانية تقول السيدة جويل ابو فرحات رزق الله العضو المؤسس لجمعية <نساء رائدات>:

- نحن كنا داعمين لهذا الموضوع منذ البداية، إذ يجب ان تُلغى كل المواد المجحفة بحق المرأة ولكن للأسف لم يحصل ذلك، فلا تزال هناك مادتان مجحفتان بحق المرأة. بالنسبة الينا لقد تحقق انجاز، واليوم الوضع ليس كما كان في الأمس، ولكن يجب مواصلة الجهود لإلغاء كل المواد المجحفة بحق المرأة. نحن كنساء رائدات نهتم بهذه المواضيع وطبعاً يجب إلغاء كل المواد المجحفة بحق المرأة ومواجهة العنف ضد المرأة، والمادة 522 التي لا تجرم المغتصب ألغيت الآن وهذا جيد. نحن هدفنا الأول ان يكون هناك على الأقل 30 امرأة في البرلمان، وعندئذٍ يقدرن ان يغيرن كل المواد المجحفة، ولكن طالما السلطة لا تزال ذكورية فلن يتغير الوضع كثيراً، ولغاية اليوم هناك مادتان مجحفتان بحق المرأة، فلو كان هناك سيدات في البرلمان لما كن قد قبلن الا بان تُلغى هاتان المادتان.

 

ربيع قيس: ما حصل خطوة مهمة+

لحفظ حقوق المرأة

وعن أهمية هذه الخطوة القانونية يقول المحامي ربيع قيس:

- كان هناك مشروع قانون حضّرته منظمات المجتمع المدني، وقدمّه النائب ايلي كيروز كاقتراح قانون لمجلس النواب، ثم تحّول الى <لجنة الادارة والعدل>، و<لجنة الادارة والعدل> قامت بتعديل مادة او مادتين بأنه اذا قام الرجل باغتصاب فتاة ما بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة فلا يمكن ان يُعفى من العقاب في حال تزوجها وكان الزواج بملء ارادة الضحية، وطبعاً كان هناك شروط معينة لهذا الزواج بمعنى ان تراقب مرشدة اجتماعية هذا الزواج للتأكد بأن الزواج قد تم بارادة الفتاة، وأعتقد انها خطوة مهمة لاحترام حقوق النساء وحفظ حقوقهن في حال تعرضن لأي شكل من أشكال الاغتصاب، كما أعتقد أنها خطوة قانونية مهمة جداً تحفظ حقوق المرأة وحقوق الانسان وبالتالي تحسّن من صورة لبنان في المحافل والمنظمات الدولية لأن هذا القانون أساسي لحفظ كرامة وحقوق الانسان في لبنان وتحديداً حقوق المرأة.

وبالسؤال عما اذا هناك سعي لتعديل او إلغاء مادة او مواد أخرى مجحفة بحق النساء بعد انجاز هذه الخطوة يقول:

- بشكل عام أصبحت القوانين في لبنان مقبولة، وهناك موضوع معين بدأنا نناقشه وهو يتعلق بالسجينات، فموضوع المرأة السجينة يجب ان يُدرس جيداً، اذ يحتاج لقوانين متطورة بما يتعلق بالمرأة في السجون اللبنانية، وأعتقد أنه يجب العمل على هذا القانون لأنه قديم جداً ولم يُعدّل حتى اليوم ليصبح ضمن المعايير الدولية لمعاملة المرأة السجينة وهو يحتاج للكثير من العمل ليتطور ويصبح من ضمن المعايير الدولية، فهذا القانون يعود الى أربعينات القرن الماضي وبالتالي يجب العمل عليه جدياً.