تفاصيل الخبر

مغطس ”أردوغان“!

02/02/2018
مغطس ”أردوغان“!

مغطس ”أردوغان“!

 

بقلم وليد عوض

رجب-طيب-أردوغان-1

نحن اللبنانيين خبرنا الأتراك... وهم خبرونا منذ أن أطل علينا سلاطينهم ولاسيما السلطان عبد الحميد الثاني الذي ترك من مخلفاته في لبنان ساعة التل في طرابلس شامخة كالجبل. كذلك خبرنا الثالوث البشع جمال وطلعت وأنور باشا. وكان أبشعهم جمال باشا الذي نسبت إليه مذبحة الأرمن عام 1916.

وقد رحبنا بالرئيس مصطفى كمال أتاتورك كقوة تغييرية مطلع العشرينات، ولم نرحب بالحرب التي شنها على السلطان محمد الخامس، وحرص على اصطحابه بنفسه الى قطار الشرق السريع حتى يتأكد من أنه غادر البلاد، وفتح الباب للحكم الجمهوري.

و<أردوغان> (مولود عام 1954) وحرف الغين لا يلفظ بالتركية، وتحل مكانه لفظة <أردوان>، هو الرئيس التركي الثاني عشر منذ أن تحولت تركيا الى جمهورية، وهو أول رئيس تركي جاء بأصوات الشعب عن طريق صندوقة الاقتراع، وصار رئيس وزراء تركيا في آذار/ مارس 2003 الى آب/ أغسطس 2014، وكان رئيس بلدية اسطنبول من عام 1994 الى 1998.

خرج <أردوغان> الى السياسة من بيئة مكافحة،وموغلة في الفقر، وتعلم السياسة من أستاذه <نجم الدين أربكان> الذي حكم البلاد نحو سنتين كرئيس للحزب الحاكم <حزب الخلاص الوطني> <ميلت سلامات>، وقال في مناظرة تلفزيونية بالمشاركة مع <دنيز بايكال> رئيس الحزب الجمهوري: <لم يكن أمامي لأعيش بأمان سوى بيع البطيخ والخبز السميد حتى أستطيع معاونة والدي وتوفير جزء من مصاريف تعليمي>.

وخلافاً لرؤساء جمهورية وحكومة مثل <سليمان ديميريل> و<عدنان مندريس> و<بيلاند أجاويد>، درس <أردوغان> في مدارس إسلامية، وبهذا التوجه الإسلامي رشحه <حزب الرفاه> لمنصب رئيس بلدية اسطنبول، وبفضل حصوله على عدد كبير من المقاعد في نتائج انتخابات عام 1994 حصل <أردوغان> على رئاسة بلدية اسطنبول، وهذا الرجل بالمكاسب التي حصل عليها وهو في عز الشباب يتصرف الآن كفارس الطواحين، وكأن العالم أمامه ساحة واحدة. وكما كان لمصطفى كمال أتاتورك امتداده في شجرة الحكم التركي، كذلك يريد <أردوغان> أن يكون له دور وحضور وانتشار في طول منطقة الشرق الأوسط وعرضها، فلا ترف رموش أي حاكم في الشرق الأوسط، دون أن يحسب حساب الجانب التركي، برغم البرودة التي تلف العلاقات التركية مع حكام في المنطقة.

فهو تارة يساير اسرائيل بعد حادث هجوم حرس الاسكندرون على الباخرة المحملة بأدوات ومناشير حركة <حماس>، فيعلن استعداده لدفع التعويضات مع الاعتذار، وتارة يغازل الحكم السعودي باعتبار أن هذا الحكم قوة ومرجع في المنطقة، وإليه يرجع الرئيس <دونالد ترامب> في القضايا السارية المفعول في المنطقة. وهو الآن يركب رأسه ضد أكراد عفرين وأطراف إدلب، ويصطاد منهم الضحايا بتأييد مستتر من الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> وارتجاج في الموقف الأميركي وبركان غضب في عواصم العرب. كأنه يقول لحكام المنطقة: <اذكروني ولا تنسوني> مع أنه في مغطس لأن المعركة مع الأكراد في العادة طويلة الأمد.

ومن الخطأ المراهنة على دور للرئيس <أردوغان> في حملته ضد الأكراد. فما هذا التفاقم في عدد الضحايا بسكوت أميركي وروسي سوى خط أحمر أمام <أردوغان> ودخول الرجل في لعبة الأمم تضعه على عتبة التاريخ!