تفاصيل الخبر

مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار في رحاب رمضان: أدعــــو الى مؤتمـــر إسلامـــي لربـــط النـــــزاع بشـــأن الخلافـــات والالتقـــاء حــــول الـقـواســــم الـمـشتـركــــة!

02/06/2017
مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار في رحاب رمضان: أدعــــو الى مؤتمـــر إسلامـــي لربـــط النـــــزاع بشـــأن  الخلافـــات والالتقـــاء حــــول الـقـواســــم الـمـشتـركــــة!

مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار في رحاب رمضان: أدعــــو الى مؤتمـــر إسلامـــي لربـــط النـــــزاع بشـــأن الخلافـــات والالتقـــاء حــــول الـقـواســــم الـمـشتـركــــة!

 

بقلم حسين حمية

1111

نحن في شهر رمضان المبارك الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، لكن حال الأمة الإسلامية ليست على ما يرام، وهي تمر بأسوأ مراحلها من اقتتال وهروب وإرهاب وتكفير ومشاريع تقسيم للعديد من الدول العربية في وقت نرى أن المسلمين تفرقوا أيدي سبأ ولا تجمعهم كلمة سواء... فماذا يقول العلماء في شهر الصوم المبارك؟ وكيف يقرأون معاني هذا الشهر وحال الأمة؟

<الأفكار> التقت مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار داخل مكتبه في دار الإفتاء في طرابلس وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي اللبناني وأحوال طرابلس الغارقة في الإهمال والحرمان.

سألناه بداية:

ــ كيف يلخص لنا سماحة المفتي معاني شهر رمضان المبارك؟

- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، بداية أهلاً وسهلاً بكم في رحاب هذا الشهر الكريم، شهر الخير والبركة، شهر القرآن والمغفرة والعتق من النار، فرمضان محطة أساسية في حياة الأمم، لأن المسلم يستعيد فيه أنفاسه ويستعيد فيه ذاكرته، ويعود الى فطرته، رمضان شهر يتميز عن بقية أشهر السنة لأنه شهر القرآن حيث أنزل فيه القرآن هدى للناس، وفيه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر، وهو شهر قال النبي عليه الصلاة والسلام عنه: <من تقرّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه> أي أن أجر خصلة من خصائل الخير فيه كأجر فريضة في غير رمضان، أما ثواب وأجر الفريضة في رمضان فيضاعف الى 70 فريضة فيما سواه. ولأن رمضان فيه امتناع عن الطعام والشراب، كان شهر الصبر والتحمّل، وكان شهر المواساة والشعور بالآخرين. لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام إنه شهر المواساة وشهر يزاد فيه رزق المؤمن.

وأضاف:

- فمن فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار، لمجرد أن تفطر صائماً تغفر ذنوبك ويعتق عنقك من النار. وقال الصحابة وجلهم من الفقراء: <يا رسول الله ما كنا نجد ما نفطر صائماً ولا يوجد لدينا فضل من الطعام لكي نفطر اخواننا>. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: <يعطي الله هذا الثواب، الذي هو مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار، لمن فطر صائماً على تمرة، أو شربة ماء أو مذقة لبن>، لأن الإسلام يريد منا أن نتواصل مع الآخرين، وأن نشعر بصيامهم وأن نشعر بجوعهم وبضائقتهم، وأن نشعر باليتيم وبالفقير وبالمسكين، وأن نشعر بالعائلات والأرامل.

شهر البر والتقوى

واستطرد يقول:

- هذا الشهر المبارك العظيم، قال النبي فيه: <لو علمت أمتي ما في رمضان لتمنت أن يكون الدهر كله>، إذ فيه خير كثير وفيه أجر عظيم وبركة، وقال فيه النبي أيضاً: <أتاكم رمضان شهر بركة فيه خير يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء وينظر فيه الى تنافسكم في الخير>. كما قال إن الشقي من حرم فيه رحمة الله، ففي هذا الشهر تفتح أبواب السماء وتغلق أبواب جهنم وتصفد الشياطين. فأوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، ولذلك فالذي يبقى بعيداً عن التوبة والعبادة والمبرات، كأنه حكم على نفسه بالشقاء، وأعظم ما في رمضان أنه شهر الإنسان لأن الله تعالى يريد أن يصقل عباده بالخير بحيث تقوى إرادتهم وتطهر نفوسهم، وينافسون في الخير والبر والعطاء والإنفاق، هذا كله من شأنه أن يصنع مسلماً صالحاً له إرادة قوية وعزيمة صلبة وعنده حباً للخير وللإنسان، وهذا من أعظم ما نفتقده في حياتنا المعاصرة على مدار السنة.

ــ الملاحظ أن يوم السبت الماضي كان أول أيام رمضان عند معظم المسلمين بكل مذاهبهم، فهل هذه بشرى سارة، وفأل خير؟ ولماذا لا يتكرر الامر كل سنة؟

- هذا الأصل... وصحيح أن معظم شعوب العالم الإسلامي والعربي قد صاموا في هذا الشهر إذ لم نقل جميعهم، وبدأوا رمضانهم يوم السبت، لأن شعبان كان 30 يوماً، ولم يكن أمامهم خيار أن يختلفوا. فالخلاف يقع إذا كان شعبان 29 يوماً، لكن إذا كان 30 يوماً فوجب أن يصوم الجميع في يوم واحد، وهذا ما نأمل أن يتقارب العالم الاسلامي في وحدة دائمة ترتفع فيه الشحناء السياسية ويعود الى الصفاء الديني والى الضمير الديني حتى يكون التعاون صحيحاً ومستمراً.

 

مدخل التقارب الإسلامي

ــ ومن أين المدخل لهذا التقارب؟ وهل يكون من خلال مؤتمر الأزهر الذي عقد منذ شهرين ودعا الى الوحدة والمواطنة ونبذ الإرهاب؟

- مؤتمر الازهر واحد من المحطات الأساسية التي حدثت في العالم الإسلامي من أجل تقريب المسافات بين العرب عامة والمسلمين بصورة خاصة. ومؤتمر الأزهر لم يكن مؤتمراً اسلامياً، وإنما كان مؤتمراً إنسانياً يتناول أمن المجتمع، واستقرار الاوطان، وهذا له علاقة بالسلم العالمي معاً. وهو من أعظم مقاصد الإسلام، لأن من أعظم مقاصد الإسلام أن يطمئن الإنسان على نفسه وعلى ماله وتجارته وعلى عرضه وعلى ابنائه. فالسلم الأهلي والعالمي من أعظم مقاصد الدين.

ــ هل ما جرى في المنيا من استهداف للأقباط رداً على إعلان الأزهر منع إيقاع الفتنة الطائفية؟

- أعتقد أن الذي حدث في مصر مفتعل، وقد توقفت الدولة وأخذت على أيدي الفاعلين الذين يريدون أن يعيثوا في الأرض فساداً، ولم يكن هناك مشكلة سابقة بين المسلمين والأقباط، بل توجد جماعة تتصف بالإجرام والإرهاب تريد أن تعيث في الأرض فساداً، وأن تهدم أمن المجتمعات والوحدة الوطنية في كل بلد ومجتمع. وأعتقد أن هذه مظاهر لما يسمى الشرق الأوسط الجديد حتى يتوصل الناس الى قناعة بأنه لا بد من تقسيم البلاد ولأنه يستحيل ان يعيش المسلم مع المسيحي. فهذه المجازر التي ترتكب من أجل ضرب المجتمع وتقسيم الوطن وتجزئة كل الأوطان حتى تقوى اسرائيل وتستمر وتعيث في الأرض فساداً.

ــ تمهيداً لإعلان يهودية الكيان الغاصب بوجود عذر هو انتشار الدويلات الطائفية والمذهبية حولها؟

- أكيد، ولا شك أن تقسيم الوطن العربي على أسس مذاهب وطوائف، سيؤدي الى إنشاء دولة اسرائيل اليهودية الدينية، وبالتالي الذي سيدفع الثمن هم أهل فلسطين، لكن إرادة الخير والوعي التي بدأت تسود مجتمعنا ستكون أقوى من هذه المحاولات وستصد العدوان بإذن الله. وأعتقد أن لبنان ضرب أكبر الأمثلة بعدما حدث فيه الكثير مما يدعو الى التجزئة والتقسيم، لكن إرادة اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم صممت على الاستمرار بالعيش المشترك الواحد والتمسك بوحدة الوطن ووحدة الأرض والمصير.

ــ يمر شهر رمضان والأقطار العربية والاسلامية تعاني المجازر والقتل والتهجير والتدمير والاقتتال، لكن الأسوأ حالات التكفير التي وصلت الى الشاشات بحيث أن شيخاً مسلماً يكفر راهباً قبطياً على سبيل المثال، والعكس صحيح. فكيف وقف هذا الانحدار الديني وما دور العلماء هنا؟

- لا يخلو عصر وأي بلد من وجود فتن متنقلة ومفتعلة. وهناك مخططات غربية جديدة تعمل من أجل فرض الهيمنة على شرقنا العربي وتقسيمه، وهذا لا يحدث إلا بمقدمات، وكل هذه المظاهر هي مقدمة لذلك المشروع، فالمسيحيون موجودون قبل المسلمين، والآن تذكر فضيلة الشيخ ان الراهب كافر؟ لماذا تذكر الآن؟ ولماذا تذكر الآخرون أن الأقباط ينبغي أن يبادوا؟ هذه فتن تفتعل ويفاجئ بها المجتمع وتفجر فيها الغرائز لأن المجتمع يضم الأمي والمثقف والمفكر. وهناك عوام في المجتمع، لكن إرادة الخير عند العقلاء والحكماء والأخيار هي أكبر بكثير من الخطاب الغريزي والطائفي والتكفيري.

مؤتمر إسلامي عاجل

 

ــ هل المطلوب عقد مؤتمر إسلامي عاجل، يضع النقاط فوق الحروف ويكون في الأزهر مثلاً؟

- أنا مع القمة الاسلامية ليلتقي السنة والشيعة، لاسيما وأن هناك قاسماً مشتركاً كبيراً بينهم، ونقاط الخلاف محدودة ولم تفرق بين الفريقين فيما مضى. وصحيح أن لكل طرف وجهة نظره لكن نقاط الخلاف لم تسبب قتالاً بين السنة والشيعة، بل ان الذي يسبب هذا التقاتل هو الاحتقان السياسي. ولذلك أناشد الدول الاسلامية أن تدعو الى مؤتمر اسلامي - اسلامي أي سني وشيعي من أجل ربط النزاع، علماً بأن الازهر كان في مقدمة المؤسسات الاسلامية العالمية المبادرة وأنظار العالم مشدودة إليه دائماً. كما أدعو الى قمة اسلامية - مسيحية من أجل ربط النزاع حول كل جوانب الخلاف، وإعلان القواسم المشتركة التي يلتقي المسلمون مع بعضهم البعض والمسلمون مع المسيحيون، لأن نقاط الخلاف لا يجدر أن تؤدي الى تقاتل وتصادم وتقسيم البلاد.

ــ ماذا تقول لأهل السياسة في لبنان الذين لم يتفقوا بعد على قانون جديد للانتخاب؟ وأي قانون هو الذي يجمع ولا يفرّق في نظركم؟

- أملي وندائي ومناشدتي لكل مسؤول في لبنان الانحياز إلى قانون انتخابي  يتجاوز المناطق والطوائف والمذاهب. أنا مع قانون انتخابي وطني يكفل لكل اللبنانيين حقوقهم وأمنهم واستقرارهم. وأنا أعتقد أن اتفاق الطائف هو أفضل الممكن الذي حفظ حقوق الجميع، ولا يجوز أن نتراجع عنه أبداً، أو أن تنشأ فكرة أن ينتخب المسيحيون نوابهم والمسلمون نوابهم، فتأتي بعد ذلك خطوة أخرى في البرلمان وفي الحكومة، ألا يناقش المسيحيون قضايا المسلمين وألا يناقش المسلمون قضايا المسيحيين، أو تنشأ فكرة يناقش نواب كل منطقة أوضاع منطقتهم، فهذا تجزئة المجزأ وإماتة الموجود وأنا مع وحدة الوطن والعيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين وبين سائر المذاهب والطوائف وبين سائر المناطق. وأدعو الى قانون انتخابي وطني متقدم ومتحضر يليق بالإنسان وثقافة لبنان.

ــ يحكى عن نقل المقعد الماروني في طرابلس الى البترون، فماذا تقول هنا؟

- لو كان الأمر بيدي فأنا من الرافضين لنقله، لأنني أريد أن تبقى طرابلس تضم جميع المذاهب والطوائف، وأريد أن يشعر المسيحيون في طرابلس أنهم أهل مدينة وأهل بلد وأهل مكان وزمان.

ــ طرابلس التي وصفتها التقارير الدولية بأفقر مدينة على حوض المتوسط. فكيف السبيل لإنمائها ورفع الحرمان عنها؟ وهل زيارة الرئيس سعد الحريري لها مؤخراً تصب في هذا الاتجاه؟ وكذلك مؤتمر طرابلس في السراي برعاية الرئيس الحريري ومبادرة النائب محمد الصفدي لمحاربة الفقر الذي يقود الى التطرف؟

- أعتقد أن هذا يمثل مساحة كبيرة من الحقيقة، ولا شك أن الفقر يدعو أبناءه أن يكونوا أداة لينة بيد أي مشروع يأتي من الخارج، لكن الفقر كان موجوداً في السابق ولم ينشأ التطرف، ونشوء التطرف مشروع خارجي يستخدم هؤلاء الفقراء فيزداد المشروع قوة ونجاحاً، لكي يفتعل فتنة في الوطن. وبالتالي أنا أحيي مؤتمر طرابلس الذي جرى في السراي وهو خطوة متقدمة جداً في أن نحدد حاجاتنا بطريقة علمية كما تقدم بذلك الوزير الصفدي وخاصة أنني وقفت على كثير من دقائق المشروع بجلسة ثنائية مع الوزير الصفدي.

وأضاف:

- بالنسبة لزيارة الرئيس الحريري، أعلن أن طرابلس ستكون همه الأساسي، وأنا أريد أن اقول إن الحكم استمرار وهذه المشاريع تحتاج الى إتمام وإكمال بعدما ساهم بها من سبقه سواء الرئيس نجيب ميقاتي أو الرئيس تمام سلام والرئيس فؤاد السنيورة والرئيس الحريري فيما مضى، وبالتالي هذه المشاريع تحتاج الى  إتمام وإكمال لأن إنضاجها اكتمل ولا بد من التنفيذ كي يشعر أهل طرابلس أن مشاريعهم أصبحت حيوية.