تفاصيل الخبر

مـفـاوضـــات ربــع الـساعـــة الاخـيـــر فـي الـجــرود والـجـيـش يستنفــر وحداتـــه في مـواجـهــة ”داعـــش“!

03/08/2017
مـفـاوضـــات ربــع الـساعـــة الاخـيـــر فـي الـجــرود  والـجـيـش يستنفــر وحداتـــه في مـواجـهــة ”داعـــش“!

مـفـاوضـــات ربــع الـساعـــة الاخـيـــر فـي الـجــرود والـجـيـش يستنفــر وحداتـــه في مـواجـهــة ”داعـــش“!

 

بقلم علي الحسيني

هل-انتهى-دوره؟----4

أصوات تفجيرات كانت تُسمع ليل الاحد الاثنين في جرود عرسال. ثمة استنتاجات وتكهنات ذهبت الى تحليلات تُشبه تلك التي يتقنها اللبنانيون في اللحظات الغامضة والصعبة، فكيف اذا كان الأمر يتعلق بمصير وطن يقف على كف جرود. حزب الله يشق الطرقات بعبوات ناسفة وجراّفات لفتح ممرات للباصات التي سوف تقل عناصر من <جبهة <النصرة> ومدنيين نازحين طالبوا بأن تُدرج أسماؤهم مع الخارجين باتجاه ادلب.

عناصر حزب الله الى الحرية

دقائق تُشبه في توقيتها الساعات وربما الأيام. تعقيدات ظلّت متواصلة حتّى الربع الساعة الاخير، إلى أن استنفرت الدولة بقرار واحد وموقف موّحد كاد أن يُطيح بكل ما تم التوصل اليه. لكن النتيجة أن أسرى حزب الله الثلاثة الذين كانت اختطفتهم جبهة <النصرة> منذ اسبوع تقريباً، خرجوا إلى الحرية في المرحلة الثانية من المفاوضات مقابل تسلّمها موقوفَيْن من سجن رومية وثالث كان مُحتجز لدى الأمن العام اللبناني بتهمة الارهاب، وذلك بإنتظار ان تُستكمل المرحلة الأخيرة والمتعلقة بخروج خمسة عناصر للحزب ما زالت تحتجزهم <النصرة> في ريف إدلب.

ومن المهم القول لا بل الجزم، أن الدولة اللبنانية مُجتمعة ومن ورائها حزب الله الذي كان أصرّ على الوقوف خلف ستارة التفاوض بهدف عدم عرقلة عملية التفاوض التي كان يُديرها رجل المهمات الصعبة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم على الارض متنقلاً بين بلدة اللبوة وجرود عرسال، تمكنت من تعطيل عملية المراوغة التي تلاعب على أوتارها إرهابي الجرود أبو مالك التلي أمير <النصرة> في القلمون الذي حاول تحقيق مكاسب اضافية بعد طرحه شروط تعجيزية قابلتها الجهة اللبنانية برفض تام حتى كاد الأمر ان يعود الى مرحلة الصفر مع دعم فعلي من الحزب جاء من غرفة عملياته مصحوب بعبارة <المعركة لم تنتهِ بعد والخيار العسكري لا زال مفتوحاً>. ومن ابرز أدوات الضغط التي استخدمها المفاوض اللبناني اي اللواء ابراهيم، كانت منح <النصرة> مهلةً حتى منتصف ليل الثلاثاء الماضي لمتابعة تنفيذ مراحل الصفقة والتخلّي عن المطالب الإضافية، وإلا تعتبر الصفقة لاغية أياً كانت نتائجها، ولن يبقى سوى العودة إلى الخيار العسكري لسحق المسلحين.

مفاوضات على نار متقلبة

في قرارة القول، أنه وحتّى  ما قبل منتصف ليل الثلاثاء الماضي بدقائق، لم تكن المرحلة الثالثة من عملية التفاوض بين حزب الله و<النصرة> تحت اشراف اللواء عباس ابراهيم قد أُنجزت بعد، وذلك بعد العراقيل التي وُضعت من قبل الإرهابيين خصوصاً في الشق المتعلق بالأشخاص الذين أراد أميرهم أبو مالك التلي ادراجهم ضمن لوائح المُفرج عنهم. هذا مع العلم أن المرحلة الثانية كانت تهيأت بكل ظروفها لإتمام <الصفقة> بين الجهتين وذلك بعدما استكملت تحضيراتها للبدء بعملية نقل مسلحي <النصرة> من مخيمات وادي حميد والملاهي الى جرود فليطا. وكانت الحافلات السورية وصلت الى فليطا مساء الأحد لتعذر وصولها الى جرود عرسال، الأمر الذي استدعى من عناصر الحزب، القيام بفتح الطرق لتسيير دخول الحافلات رجل-المهمات-الصعبة-في-الجرود----1 الى جرود عرسال.

ظهر الثلاثاء الماضي، ومع اقتراب موعد بدء تنفيذ المرحلة الثالثة والتي تنطوي على بدء خروج ما يُقارب 9000  شخص من المسلحين والمدنيين عبر الباصات التي تجمعت في الجرود وعددها 150، بدأت <النصرة> تضع شروطاً تعجيزية في محاولة منها لتحقيق المزيد من المكاسب من بينها إطلاق سراح موقوفين إرهابيين خطيرين من بينهم تاجر مخدرات وآخرون شاركوا بعمليات اعدام عناصر من الجيش في الجرود، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع منسوب التفاؤل بالرغم من استمرار المفاوضات التي وصفت بالمعقدة وأنها قد تحتاج لبعض الوقت. وأمام هذه الشروط أكد الجانب اللبناني أنه لن يخضع لابتزاز <النصرة> التي ستتحمل نتائج شروطها التعجيزية المستجدة والتي طرأت في الساعات الأخيرة. وقد لاقت قيادة حزب الله الدولة اللبنانية في رفضها لعملية الابتزاز حيث أكدت مصادرها أن المقاومة حريصة جداً على إنهاء ملف جرود عرسال بالكامل لكنها في الوقت نفسه اذا استمرت <النصرة> في الابتزاز فإن لغة القوة العسكرية ستعود. وسيكون هناك كلام آخر قد يقلب كل الأوضاع رأساً على عقب.

ومن بين العراقيل التي وضعتها <النصرة>، تبرز مطالبتها في عدم تسليم أسرى حزب الله الثلاثة في جرود عرسال: حمد حرب، حسام فقيه وشادي زحيم، إنما تسليمهم مع الأسرى الآخرين في سوريا، الأمر الذي رفضه الجانب اللبناني معتبراً أن أمراً مماثلاً ينسف كل الاتفاق وينذر بعودة المعركة. نتيجة ذلك، تراجعت <النصرة> عن هذا المطلب وتم تخطيه مباشرة. من جهة أخرى، طلبت الجبهة من النازحين السوريين عدم ركوب الحافلات قبل أخذ الضوء الأخضر منها وأبلغتهم أنه بمجرد صعودهم إليها سيتحولون تلقائياً الى أسرى بيد حزب الله. لكن وعلى الرغم من محاولات <النصرة> التملص من وعودها ظناً منها أنها في موقع يسمح لها بالتفاوض على الطريقة التي تراها هي مناسبة، كان هناك اصرار من اللواء ابراهيم الذي وصل ظهر الثلاثاء الى جرود عرسال لمتابعة العملية عن كثب، بأن المفاوضات مع جبهة <النصرة> مازالت متواصلة وتشمل بعض المطالب بالإفراج عن موقوفين في السجون اللبنانية. وبأن المفاوضات مستمرة بشأن المرحلة الثانية لإخلاء جرود عرسال من المسلحين.

 

إنجاز جزء من الصفقة

من ضمن عملية التبادل التي يسعى حزب الله الى اتمامها مع <النصرة>، الافراج عن ثمانية أسرى من عناصره موجودون لدى <النصرة>، خمسة منهم كانوا قد وقعوا في الأسر من أكثر من عامين، وثلاثة أخرين تم أسرهم الاسبوع الماضي في جرود عرسال، وقبل ذلك، سلّم الحزب عدداً من الجثث للنصرة كانوا قد قُتلوا الاسبوع الماضي اثناء المواجهات، وفي المقابل، تسلم الحزب عبر الصليب الأحمر رفات العنصرين قاسم محمد عجمي واحمد الحاج حسن اللذين قضيا في معركة جرود عرسال، من وادي حميد ووصل بهما الى عرسال قبل ان ينطلق الى مقر لواء المشاة التاسع في اللبوة بمواكبة الامن العام اللبناني. وعُلم في السياق أن الأمن العام سلّم <النصرة> أمرأة تدعى ميادة علوش وابنها في منطقة وادي حميد وهي كانت موقوفة لديه بتهمة جمع تبرعات للنصرة.

وفي المعلومات، أن مسلّحي <النصرة> كانوا يفضلون الانتقال ليلاً باتجاه الاراضي من جرود عرسال، إلى معبر جوسيه، ومنها إلى القصير وعمق حمص باتجاه قلعة المضيق. كما أن الصليب الاحمر والجيش اللبناني سيعملان على مرافقة القافلة في الأراضي اللبنانية. أما في الداخل السوري فيُرجّح أن يتولى حزب الله مسؤولية خط سير هذه القافلة. وفي المقابل، سيتم تسليم أسرى حزب الله تباعاً، عند كل محطة تصل إليها القافلة. وهنا تؤكد مصادر قريبة من الحزب أن أسراه سيعودون براً الصورة-تتكلم-وتتألم----5 من سوريا إلى لبنان، نافية أي علاقة لتركيا بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد.

وتؤكد مصادر حزب الله أن تداعيات معركة تحرير جرود عرسال وما تبعها من وساطة قام بها الامن العام اللبناني لترحيل ما تبقى من ارهابيي جبهة <النصرة> ومعهم ما يزيد عن تسعة الاف نازح سوري مقيمين في مخيم وادي حميّد الى ادلب في سوريا، قد أظهرت حقيقة ما كانت تحذر منه اكثرية الاطراف اللبنانية ومعها قيادة الجيش من ان مخيمات النازحين السوريين وبالاخص تلك التي كانت تحت سيطرة <النصرة> في عرسال تحولت الى ما يشبه مقراً وممراً للارهابيين من أجل استخدامها للقيام بعمليات ارهابية في الكثير من المناطق اللبنانية. وفي سياق التذكير فقط، لا يختلف الاتفاق بين الحزب و<النصرة> حول عملية الخروج من جرود عرسال كثيراً عن الاتفاق الذي عقد بين الطرفين قبل فترة، وتركز حول مدينتي الزبداني ومضايا مقابل كفريا والفوعة. وهذا الاتفاق أيضاً سيسري على سرايا أهل الشام التي ينتقل عناصرها إلى مدينة الرحيبة في القلمون الشرقي، مع من يرغب من المدنيين داخل المخيمات بالذهاب إلى هناك.

تسجيلات توضح طريقة الخروج من عرسال

وظهر الثلاثاء الماضي، انتشرت تسجيلات صوتية لأحد أعضاء اللجنة التي دخلت عرسال للتفاوض مع النازحين السوريين وتوضح لهم كيف سيتم اجلاؤهم من عرسال الى ادلب وتسجيل اسماء من يرغب بالانتقال لإدلب. وأوضح مندوب هيئة تحرير الشام <ابو الخير> خلال وجوده في جامع <ابو طاقية> الشيخ مصطفى الحجيري، متوجهاً لرؤساء المجموعات المسلحة ان على من يرغب بالخروج من لبنان الى ادلب عليه تسجيل اسمه مع اللجنة لتجري المفاوضات بحسب ما هو متفق عليه. وشرحت التسجيلات المتداولة الضمانات المتوفرة لنقل مجموعات النازحين السوريين الذين سيتم اجلاؤهم من عرسال الى ادلب الا وهي:

أولاً السلاح الفردي الموجود بحوزة الوفود المنقولة الى ادلب. ثانياً انه عند وصول كل مجموعة الى ادلب يتم تحرير أسير بالمقابل. ثالثاً ان سيارات الصليب الاحمر سوف ترافق كل دفعة من الوفود الى حين وصولهم من لبنان الى ادلب. بالإضافة الى ضمانة رابعة تم التلميح عنها ولكن قيل انها سرّية. وتجدر الاشارة ان هذه هي الضمانات الوحيدة اذ ان الدولة رفضت التدخل في المفاوضات. اما بالنسبة للطريق المنوي سلوكها فهي من لبنان الى فليطا ثم حمص من ثم الى حماة ومنها الى ادلب. وبعد الوصول الى ادلب الحرية التامة للوفود والمجموعات البقاء في ادلب او تغيير وجهتهم فمسؤولية هيئة تحرير الشام تنتهي فور الوصول الى ادلب. بالإضافة الى انه سيتم اخلاء عدد من موقوفي الجبهة الموجودين في سجن رومية ضمن الصفقة التي ابرمت وسيتم نقلهم الى الداخل السوري.

ملف عين الحلوة الى واجهة الجرود

 

في موازاة التحضيرات التي كانت تجري على قدم وساق بين حزب الله و<النصرة>، قفز مخيم عين الحلوة الى واجهة الاهتمام السياسي والأمني اللبناني من بوابة المعركة حيث ارتفعت التساؤلات، هل تتضمن الصفقة اخراج مطلوبين لبنانيين وفلسطينيين من المخيم؟. مصادر سياسية أكدت ان أصل الطرح هذا، جاء بناء على رغبة من بعض المطلوبين المغادرة الى سوريا، وقد باشروا تسجيل أسماء الناشطين الاسلاميين الراغبين بالانتقال من المخيم، بهدف طرح الأمر على قيادة <الجبهة> تحت عنوان وجود عدد لا بأس به من المطلوبين على استعداد للخروج كي لا يكون وجودهم سبباً في <توتير> الوضع الأمني داخل المخيم او الجوار اللبناني ومن بينهم اللبناني الفار من وجه العدالة الارهابي شادي المولوي، إضافة الى سوريين وفلسطينيين مقربين من <الجبهة>. وهذا الاعلان أو ما يُشبه عملية جس النبض، قابله ابو مالك التلي بجملة <لا مانع لدي من حصول هذا الأمر>.

ابو مالك التلي هو من فتح هذا الملف على مصراعيه وذلك عندما طرح أن تتضمن الصفقة أسماء سجناء في رومية، إضافة الى خمسين عائلة من مخيم عين الحلوة طلب تسهيل انتقالهم إلى إدلب. لكن الجهة اللبنانية رفضت هذا الطرح الأول الا أنها حزب-الله-ينظم-جولة-للاعلاميين-في-جرود-عرسال----3 تركت مسألة خروج العائلات من عين الحلوة مفتوحة، علماً بأن خمسين عائلة يعني قرابة مئتي شخص.

العسكريون  المخطوفون وتحضيرات الجيش للمعركة

في ظل غياب أي معلومة حول مصير العسكريين المخطوفين لدى تنظيم <داعش>، يخشى أهالي هؤلاء على مصير أبنائهم خصوصاً في حال صدقت التوقعات المتعلقة بنية <فتح الجيش> معركة قريبة مع عناصر التنظيم في جرود القاع ورأس بعلبك، وذلك في ظل التحضيرات العسكرية واللوجستية التي يتردد أن الجيش قد بدأ بها.

منذ أسر العسكريين اللبنانيين في عرسال وما تبعه من احتلال لبعض المساحات الحدودية، وما رافقه من عمليات قتل وأسر وإرسال سيارات مفخخة إلى الداخل اللبناني وإعلان وجود علني للجماعات المسلحة في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك، راح الجيش يبني تحضيراته العسكرية واللوجستية ويعزز أمكنة انتشاره عند الحدود ضمن الإمكانيات المتاحة نسبياً وتثبيت مواقع له بعد خسارته بعضها خلال معارك كان خاضها مع تلك الجماعات، ليصبح اليوم على ما هو عليه من جهوزية تامة تمكنه من خوض اي مواجهة تفرض عليه وحماية المدنيين والبلدات المهددة بأمنها، بالإضافة إلى تحصين أماكن وجوده وجعلها عصية على الانهيار تحت أي من الظروف.

واليوم وبعد ثلاث سنوات تقريباً من بداية الإحتكاكات والمواجهات العسكرية بين الجيش والجماعات الإرهابية في الجرود، وصل الجيش إلى مرحلة يمكن تسميتها بحسب مصادر عسكرية بـ<الأهم> و<الأنجح> في تاريخ العمل العسكري والأمني واللوجستي للمؤسسة العسكرية. ومن هذه الجهوزية الكاملة المبنية بشكل أساسي على مواجهة وصد أي محاولة لإختراق مساحات الامن التي فرضتها ألوية الجيش المُنتشرة في الجرود، يمكن التأكيد أن معظم ما يحكى عن إنجازات وإنتصارات في مواجهة المسلحين هناك، يعود الفضل فيها إلى الجيش الذي صمد وخاض المعارك الضروس طوال الفترة الماضية والتي خسر خلالها خيرة من ضباطه وعناصره. وهذا الكلام كان أكده أكثر من قيادي في حزب الله بعد تحرير جرود عرسال من <النصرة>.

 

الحديث عن معركة وشيكة

 

وإذا كان ثمة سؤال حول مدى جهوزية الجيش لخوض معركة في وجه الإرهاب اليوم، في جردَي القاع ورأس بعلبك؟ الإجابة عن هذا السؤال تُفنّدها الاستعدادات العسكرية والتدابير الإحترازية المتسارعة التي يتخذها الجيش عند جبهة القاع - رأس بعلبك في ظل عمليات استهداف متواصلة لمحاولات الإرهابيين النفاذ إلى الداخل اللبناني ونجاحه في شل حركتهم في الليل والنهار. ومن هذا الإرتياح الكامل بدأ الحديث عن معركة وشيكة يمكن أن يخوضها الجيش خلال الفترة القليلة المُقبلة لتحرير هذه الجبهة من وجود المسلحين بشكل كامل وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، قبل إندلاع الأزمة السورية. والمعلومات المؤكدة تشير إلى جهوزية الجيش لأي طارئ يُمكن أن يحصل خلال الأيام المقبلة وعلى رأسها فتح معركة لدحر الجماعات الباصات-تنتظر-لترحيل-النصرة---2المسلحة من الأراضي التي تحتلها عند الحدود.

لكن وسط هذا الإحتمال الوارد بين لحظة وأخرى، يظهر بشكل واضح أن لدى الجيش خطة واضحة تقتضي التعامل بحكمة مع كل المستجدات خصوصاً إذا كانت تتعلّق بالمدنيين وحمايتهم من دون إغفال الخصوصيات التي يبني عليها جدول معاركه على النحو الذي يراه هو مناسباً ويخدم مصالحه الوطنية وتغليبها على أي مصالح أخرى. ولذلك تشير مصادر عسكرية إلى أن الجيش يتريث نوعاً ما في هذه المعركة ريثما تنتهي المفاوضات الحاصلة على صعيد إفراغ جرود عرسال من الوجود الإرهابي والتي قد تترافق مع عملية عودة العديد من النازحين السوريين إلى بلادهم، وهذا أمر سوف يُريح الجيش إلى حد كبير ويؤمّن ظهره بشكل كامل، ليكون مُستعدّاً لمعركة يُمكن أن تُفتح مع تنظيم <داعش> في جرود القاع ورأس بعلبك، وذلكفي حال رفض هؤلاء الانسحاب باتجاه الأراضي السورية بشكل سلمي.

والمعركة في حال وقعت بين الجيش وبين داعش ضمن المناطق المذكورة، سوف يُكتب فيها النصر المؤكد للجيش، ومع هذا فقد آثر أن يمنح وقتاً إضافيّاً لأي عملية تفاوض يمكن أن تحقن دماء أبناء المؤسسة العسكرية وتجنيب المدنيين أي استهداف. أما الذين يتحدثون عن توقيت المعركة الذي يفرضه الجيش اليوم وتوجيه أسئلة من قبيل لماذا اليوم وليس من قبل، فتجيب مصادر عسكرية أن ما حصل في جرود عرسال من دحر لجبهة <النصرة> والذي ساهم فيه الجيش بنسبة تفوق بكثير ما حُكي عنه في الإعلام، ساهم إلى حد بعيد في حماية ظهر الجيش ومكّنه من تثبيت وجوده ومواقعه في هذه النقطة من دون أي قلق أو توجس من احتمال حصول عمليات التفاف على مواقعه.

قراءة في أفق العملية

 

استكملت المرحلة الثالثة من عملية التفاوض أو ما يُمكن تسميته بـ<الصفقة>، وبدأ التنفيذ صباح الأربعاء الماضي بعد تحرّك قافلة الباصات نحو الداخل السوري، وهي عبارة عن خروج نحو 9 آلاف مدني من مخيّمات عرسال ومعهم التلّي و120 مسلّحاً آخرين، في أكثر من 200 حافلة تجمّعت في الجرود، لتسلك طريق عرسال ــ فليطا ــ النبك ــ حمص ــ السلمية، وصولاً إلى منطقة السعن في ريف حماه الشمالي الشرقي، ومنها إلى إدلب وريف حلب. وفي هذا السياق، أشار اللواء إبراهيم إلى أن أسرى الحزب الخمسة، سيُسلمون دفعة واحدة بعد وصول القافلة إلى وجهتها.

اليوم وغداً وبعد غد، يُمكن لاهالي الضباط الشهداء الذين سقطوا خلال مواجهتهم الارهاب مثل نور الدين الجمل وبيار بشعلاني وداني حرب والعناصر ابراهيم زهرمان وعلي السيد وعلي البزال ومحمد حمية وعباس مدلج، وغيرهم الكثيرين، أن يفرحوا وان تقر أعينهم بعد خروج آخر إرهابي من <النصرة> من الأرض التي روت دماء هؤلاء كل حبة من ترابها.