تفاصيل الخبر

مفاعيل تخفيض الحد الأدنى لأجر المياومين من 30 ألف ليرة الى 26 ألف ليرة!  

12/08/2016
مفاعيل تخفيض الحد الأدنى لأجر المياومين من 30 ألف ليرة الى 26 ألف ليرة!   

مفاعيل تخفيض الحد الأدنى لأجر المياومين من 30 ألف ليرة الى 26 ألف ليرة!  

 

بقلم طوني بشارة

lhv,k-مارون-الخولي----1

هل مني العاملون بأجر بخسائر فادحة نتيجة خيانة الاتحاد العمالي العام لمصالحهم؟ وما الدافع او الحافز لكي تعمد السلطة الطبقية الفعلية بعد اربع سنوات الى تخفيض الاجر بدلا من زيادته؟ علماً ان التخفيض جرى في ظل صمت مطبق وانعدام اي حركة اعتراضية... هذه الخطوة ــ السابقة، حظيت بمباركة جميع ممثلي القوى السياسية المشاركة في الحكومة، فقد صدر المرسوم الرقم 3791 بتاريخ 30 حزيران (يونيو) الماضي، ونُشر في العدد 35 من الجريدة الرسمية بتاريخ 7 تموز (يوليو) الماضي، وجاء في مادته الاولى: <يعدّل الحد الادنى الرسمي للاجر اليومي المنصوص عليه في المادة الثانية من المرسوم رقم 7426 تاريخ 25/1/2012 بحيث يصبح 26 الف ليرة لبنانية بدلا من 30 الف ليرة لبنانية، على ان يعمل بهذا التعديل اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية>. ووقّع هذا المرسوم كل من رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء سمير مقبل، اكرم شهيب، بطرس حرب، ارثور نظريان، غازي زعيتر، علي حسن خليل، ميشال فرعون، وائل ابو فاعور، محمد فنيش، حسين الحاج حسن، جبران باسيل، نبيل دي فريج، رشيد درباس، رمزي جريج، اليس شبطيني، محمد المشنوق، سجعان قزي، عبد المطلب الحناوي، الياس بو صعب، وريمون عريجي.

تذرعت الحكومة في المرسوم الرقم 3791 بان المرسوم الرقم 7426 تاريخ 25/1/2012 (أي مرسوم تعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور الذي صدر في عهد الوزير شربل نحاس) تضمّن خطأ حسابياً لدى تحديد الحد الادنى للاجر اليومي بقيمة 30 الف ليرة بدلا من 26 الف ليرة، واستندت الى <الكتب الواردة من وزارة الطاقة والمياه ورأي هيئة التشريع والإستشارات> للاقدام على سابقة تخفيض الحد الادنى لهذا الاجر بقيمة 4 آلاف ليرة يومياً.

 

وزارة العمل وتبريراتها

وزارة العمل اعتبرت ان المرسوم الاخير هو <تصحيح لخطأ ارتكب سنة 2012>. وتشرح بالقول: <حين صدر مرسوم تحديد الحد الادنى في 25/1/2012 بادر الوزير السابق شربل نحاس الى احتساب الاجر اليومي (30 الف ليرة)، الامر الذي عارضته هيئة التشريع والاستشارات لاحقا. وخلال شهر آب (أغسطس) 2012 طلبت وزارة الطاقة والمياه من وزارتي المالية والعمل التدقيق في هذا الرقم لمعرفة ما اذا كان مطابقا للقوانين، فجرى الطلب الى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ابداء الرأي وتبيان كيفية اجراء احتساب الاجر اليومي من دون المسّ بالحد الادنى الشهري الذي هو 675 الف ليرة لبنانية>. وتضيف ان <نتيجة هذه المراجعات أكد كل من هيئة التشريع والاستشارات ومجلس شورى الدولة ومجلس الخدمة المدنية والدائرة القانونية في رئاسة مجلس الوزراء بأن الاحتساب يجب ان يجري على اساس 26 يوما (يوم عمل في الشهر)، اي بأجر يومي 26 الف ليرة لبنانية، وذلك بحسب القوانين اللبنانية المرعية الاجراء>. وعليه <طلبت هذه المرجعيات من وزارة العمل سنة 2012 اعداد النص بالتصحيح وارساله الى مجلس الوزراء>. وبحسب بيان الوزارة، <بعد استقالة الوزير شربل نحاس أعد خلفه الوزير السابق سليم جريصاتي النص اللازم للتعديل المقترح>. وبما ان <الحكومة السابقة تأخرت في اجراء التعديل اضطر الوزير الجديد سجعان قزي في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2014 الى تجديد الطلب لدى مجلس الوزراء تنفيذا لأحكام وآراء المرجعيات القضائية، فبادر مجلس الوزراء وان متأخرا الى اقرار هذا التعديل في 30 حزيران (يونيو) 2016 وليس لهذا التعديل اي مفعول رجعي>.

 

أكثر من 10 بالمئة من القوى العاملة

اللبنانية هم مياومون

 

ومهما يكن من امر في حال كان الوزيران نحاس وجريصاتي او أي وزير عمل قد مهد لخفض الحد الأدنى للأجور، فإنه لا يخفى على أحد انه وبحسب تقديرات ادارة الاحصاء المركزي (عام 2009) فان اكثر من 10.2 بالمئة من القوى العاملة اللبنانية يعملون كمياومين، اي أنهم يتقاضون اجورهم على اساس العمل اليومي او الاسبوعي. الا ان تقديرات الباحثين تذهب الى ان النسبة اكبر بكثير، لاسيما وان بعض المصنفين كعاملين لحسابهم هم في الواقع مياومون، كما ان الفئة الاوسع من العمال السوريين والفلسطينيين يعملون كمياومين ايضا، سيما في مجالات الزراعة والبناء والخدمات البسيطة المتدنية المهارة... هذا يعني ان الحكومة قررت تخفيض اجور عشرات الاف العمّال والعاملات بنسبة تتجاوز 13.33بالمئة (من 30 الف ليرة يوميا الى 26 الف ليرة)، وهذه النسبة تسبب تدهوراً جارفاً في مستوى معيشة هؤلاء، لاسيما وان المياومين لا يتمتعون بأية حماية في العمل ولا بضمان صحي او نظام تقاعد، كما انهم لا يتقاضون اي اجر في حالات الغياب لاسباب مرضية او طارئة او في ايام الاجازات والعطل الرسمية والاعياد، كذلك لا يستفيدون من بدل النقل ومنح التعليم... وتعدّ هذه الفئة الواسعة من العمّال والعاملات الاكثر ضعفا وهشاشة والاكثر حاجة الى الدعم والرعاية، وهي فئة تتوسع باطراد في ظل السياسات القائمة ونمط الاقتصاد الريعي.

الجدير بالاشارة ان المنظمات الدولية (البنك الدولي تحديدا) تعتمد لقياس خط الفقر على استهلاك يومي للفرد يبلغ 4 دولارات فقط لا غير. اي ان هذه المنظمات تعتبر ان هذا المبلغ يحتاجه الفرد كي لا يموت جوعا، واذا جرى احتساب هذا المبلغ على اسرة من 5 افراد (متوسط حجم الاسر الفقيرة هو اعلى من ذلك)، فان خط الفقر لهذه الاسرة يبلغ 20 دولاراً في اليوم، اي 30 الف ليرة، وبالتالي فان تخفيض هذا الدخل الزهيد يؤدي حتما الى زيادة مستوى عمالة الاطفال والتسرب من التعليم فضلا عن زيادة مستوى البؤس والحرمان والقهر الاجتماعي...

ومهما كانت التبريرات، القرار اتخذ والحد الأدنى للمياوم خفض، فما هو موقف الهيئات والنقابات العمالية وجمعية الصناعيين من هذا القرار؟

الخولي وقانونية القرار شكلا

رئيس اتحاد النقابات العمالية في لبنان مارون الخولي اعتبر ان قرار التصحيح قانوني بالشكل ولكنه معيب بالمضمون اذ يقول الخولي:

- عام 2012 عندما صدر المرسوم، أخذت الجهات المعنية بعين الاعتبار ليس فقط الحد الأدنى للأجور، بل أيضا بدل النقل للمياوم، وحددت 26 ألف ليرة كحد أدنى و 4000 ليرة لبنانية كبدل نقل، وهذا الاجراء، وبطريقة احتسابية، كان عادلاً نوعاً ما حينذاك، علماً اننا كنقابة كنا قد طالبنا وقتئذٍ بأن يكون الحد الأدنى 1200000 ليرة لبنانية.

وتابع الخولي:

- مما لا شك فيه ان العودة عن مرسوم تم اصداره وتطبيقه طيلة اربع سنوات يعتبر أمراً معيباً، على اعتبار ان أي تصحيح للغلاء المعيشي يرتبط حكما بتصحيح الأجور ولكن طبعا بالزيادة وليس بالتخفيض، وعندما تم طرح أمر التصحيح الأخير كبند ضمن مجلس الوزراء اعتبرنا كجهات معنية ان دولتنا الموقرة وبعد مطالبة المياومين سوف تنظر لهم بشكل إيجابي واعتقدنا ان طرحها سيكون للزيادة، ولكن تفاجأنا انه بدلاً من الزيادة تم عرض فكرة التخفيض، وهذا القرار يعتبر معيباً بحق حكومة سلام ولو كان قانونياً بالشكل ولكنه مخالف بالمضمون. وهنا من الناحية الدستورية، استغرب ان يصدر مرسوم كهذا بعد استشارة مجلس شورى الدولة، وانتقد هذه الاستشارة واعتبر ان أعضاء مجلس شورى الدولة قد اخطأوا بطريقة دراماتيكية واجروا احتساباً ادارياً وليس قانونياً لمفاعيل هذا القرار.

ــ تعتبر ان هذا الاجراء قانوني، فلماذا المعارضة وأين يقع الخطأ؟

- اذا عدنا الى قانون العمل اللبناني نرى ان المخالفة تقع تحت ما يمكن تسميته بالحقوق المكتسبة، فأي حق يعطى أكثر من ثلاث مرات يعتبر حقاً مكتسباً للعمال وبالتالي لا يستطيع صاحب العمل التراجع عنه أو سحبه، ويقع في حساب الحقوق المكتسبة ولو كان خطأ، وبالتالي اليوم اذا أدرجنا هذه الحقوق التي تُعتبر حكماً حقوقاً مكتسبة، نتساءل كيف اعطى مجلس شورى الدولة استشارته بهذا الموضوع وتناسى الحقوق المكتسبة؟

جورج-نصراوي-(2)-----2وتابع الخولي:

- عندما نعطي بدلاً يومياً 30 الف ليرة ونخفضه في ما بعد الى 26 الف ليرة، فهذا الاجراء له مفاعيل اقتصادية واجتماعية، واستغرب كيف ان القيمين لم ينتبهوا للمفاعيل السلبية لهذا القرار، فالمياوم وبطريقة حسابية بسيطة لم يخسر فقط 4 الاف ليرة ولكنه خسر 1250000 ليرة لبنانية سنويا، ولهذا المبلغ أهمية وتأثير عند فئة المياومين، وهي الفئة المعدومة والفقيرة والواقعة تحت عجز الحياة الاجتماعية.

واستطرد الخولي:

- اما بالنسبة لتوصيات العمل الدولية فهذا القرار مخالف أيضا لهذه التوصيات، فالمادة الرابعة وبالفقرة الأولى من اتفاقية العمل الدولية نصت صراحة على ما يلي: يكون للأجور الدنيا قوة القانون، ولا يجوز تخفيضها>.

ــ ما هو وقع هذا المرسوم على الحركة العمالية؟ وبالتالي ما هي الخطوات التي ستتبع من قبل النقابات العمالية؟

- كان لهذا المرسوم وقع محزن واستفـــــــــزازي للحركــــــــــة العمالية، وبخاصة لفئات الطبقـــات المحرومة وذوي الدخــــل المحــــدود، ونحن كاتحاد عام لنقابات العمال اتخذنا قراراً بالشكوى لمنظمة العمل الدولية على لبنان وعلى الحكومة اللبنانية، وذلك لاجبار الحكومة على إعادة تصحيح هذا المرسوم، خاصة وان هذا المرسوم مرتكز على الاتفاقية الدولية ومخالف لموادها، وبالتالي سيتقدم الاتحاد بالشكوى في اقرب وقت مما سيحتم على المنظمة استدعاء الحكومة اللبنانية ومساءلتها حول هذا المرسوم.

وختم الخولي:

- لو ان هذه الحكومة لم تكن حكومة تصريف اعمال في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية لكنا عمدنا الى التظاهر بهدف اسقاطها، ولكن ان أي تحرك لاسقاط هذه الحكومة في ظل عدم وجود رئيس يعتبر تحركاً غير مجدٍ، وبالوقت ذاته نحن نتخوف من هكذا قرارات ونأسف ان تعمد الحكومة الى إصدارها تحت ذريعة عدم القدرة على اسقاطها، وهذا ما نحذر منه في مسألة إقرار الموازنة وإقرار مواد ضريبية على متنها.

جورج نصراوي:

 هذا القرار يطال فقط العامل السوري

أما نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي فاعتبر ان الاجراء الهادف الى تخفيض اجر المياومين لا يطال اطلاقا المياوم في القطاع الخاص، على اعتبار أن ارباب العمل وأصحاب المؤسسات والشركات يدفعون يوميا للأجير ما لا يقل عن 30 الف ليرة كبدل يومي ومن ثم يعمدون اما الى نقله بواسطة باصات او سيارات تابعة للشركة واما الى دفع 8000 ليرة كبدل نقل يومي، وهذا الاجراء للأسف يطال المياوم لدى القطاع العام.

وتابع نصراوي:

- ان هذا القرار قانوني 100بالمئة وهو صادر عن الحكومة وموقع من قبل كل الجهات المعنية، وقد تكون الغاية منــــه التـــــوفير علــــى رب العمل جزءاً من رسم تسجيل العمال الأجانب فقط دون سواهم وتحديدا العمال السوريين، فالعامل اللبناني أجره اكثر من 30 الف ليرة ولن نعمد اطلاقا الى تخفيضه، فهـــذا اجراء يطال فقط العمالة السورية.