تفاصيل الخبر

مديـــرة ”متحـــف سرسق“ زينــة عريضــة: اضطررنا لتخفيض الميزانية ولإقفال يوم اضـافي.... وهذه خططنا للمواجهــة!

01/03/2019
مديـــرة ”متحـــف سرسق“ زينــة عريضــة: اضطررنا لتخفيض الميزانية ولإقفال يوم اضـافي.... وهذه خططنا للمواجهــة!

مديـــرة ”متحـــف سرسق“ زينــة عريضــة: اضطررنا لتخفيض الميزانية ولإقفال يوم اضـافي.... وهذه خططنا للمواجهــة!

 

بقلم عبير انطون

 

مع تقليدها مؤخّرا <وسام الفنون والآداب برتبة فارس> باسم الحكومة الفرنسية من قبل مديرة <المركز الثقافي الفرنسي> في لبنان <فيرونيك اولانيون> كانت لنا تهنئة للسيدة زينة عريضة مديرة <متحف نقولا ابراهيم سرسق للفن الحديث والمعاصر> بغاية جمع الأعمال الفنية والمحلية والعالمية والمحافظة عليها وعرضها والذي يرئسه حاليا الوزير السابق طارق متري. التحفة العمرانية في احد أعرق احياء العاصمة يفتح ابوابه مجانا لكل طالب فن وثقافة. فالبيت، منذ عهد به نقولا ابراهيم سرسق ليكون متحفا، عاش مراحل جميلة ليخبو مع الحرب ويعود <مشبشبا> مع اعادة افتتاحه في العام 2015 حيث انضم اكثر من الف عمل الى المجموعة الدائمة، بينها 234 لوحة بريشة ويلي عرقتنجي عن قصائد <لافونتين>، فضلا عن لوحات فريدة من نوعها وهبت الى المتحف كلوحة <مقتطفات> لسعيد عقل التي عرضت في <بينالي> باريس لعام 1961 حيث مثلت لبنان، و<بورتريهات> فنانين بريشة سيسي سرسق وغيرها العديد.

لكن، دون استمرار <متحف سرسق> صعوبات، مادية في اولها، ما استوجب اتخاذ قرار بإقفال يوم اضافي (الاثنين) فضلا عن ايام الاقفال العادية للمتحف لخفض التكاليف. فهل يكون ذلك جرس انذار بالاقفال التام وهل يمكن الاستدراك والانقاذ قبل ان تتسع الهوة أكثر، فتخسر العاصمة بريقا أنيقا مرهفا يذكر ببيروت <درة الشرقين>؟

مع زينة عريضة مديرة المتحف كان حوار <الأفكار> ومنها عدنا بالأجوبة الشافية وكان سؤالنا المدخل:

ــ لنستهلّ لقاءنا من علاقتك بالمتحف. كيف بدأت وكيف استلمت ادارته؟

- علاقتي بالمتحف بدأت مع عودتي الى لبنان، وكنت تركته في العام 1983 وسافرت لأعيش لعشر سنوات مع اهلي في باريس. رجعنا في العام 1993 ومن بعد ذلك كانت مرحلة الإعمار. اردت ان اساهم بطريقة او بأخرى بإعادة الإعمار هذه خاصة في المجال الثقافي، وقد درست المسرح والأدب المعاصر المقارن في <جامعة السوربون> الفرنسية. كنت أعرف بأنني لن ادرّس في اختصاصي، لكنني دخلته لشغفي به وهو عّلمني ان ارى الامور بطريقة موضوعية ممنهجة. بعد عودتي عملت في <المركز الثقافي الفرنسي> واصبحت مجموعة الفنانين والصحافيين كعائلتي الكبيرة وهم من جعلني احب عيشي هنا. في ذاك الحين، كان <متحف سرسق> مفتوحا الا انني لم اكن ارتاده. جئت لمرتين او ثلاث اذكر منها معرضا كبيرا لعمر انسي وآخر لمصطفى فروخ فضلا عن مجموعة فؤاد دباس في التسعينات.

وتزيد عريضة:

 - أردت أمرا يحفزني على المزيد من العطاء في العمل الثقافي، وصودف أنني التقيت بثلاثة مصورين تجمعهم فكرة تأسيس جمعية للحفاظ على تراث الصورة فكانت <المؤسسة العربية للصورة>، وفي العام 1997 دخلت في المشروع واصبحت عضوا في المؤسسة وفتحت المكتب وقد أضحى من اهم مشاريع الحفاظ على الصورة في لبنان والعالم العربي. في تلك الاثناء تعرفت بالسيد <فرنسوا شوفال> وكان يعمل على مشروع ما بين لبنان وسوريا وفلسطين للمصورين، وبما أنه مدير اهم متاحف التصوير في فرنسا ولدت الفكرة لديه بأن يعيد الى لبنان صورا من القرن التاسع عشر، يعرض منها الآن مجموعة كبيرة في المعرض الحالي <مصنع الأوهام>. اقترحنا الأمر على <متحف سرسق> حينها لعرض هذه الصور الاصلية لكن

القيّم وقتذاك لم يكن يشاركنا بالرؤية وطريقة التفكير عينها. وقد شعرت بأن هذا المتحف المهم جدا قبل الحرب لم يتفاعل مع جيل الحرب بالشكل الكافي.

وتكمل عريضة:

- أما استلام الادارة فقد تم بطريقة سلسة جدا. فلما كنت مديرة لـ<المؤسسة العربية للصورة> وصلتني مرة عبر <لينكد - ان> رسالة من السيد <دو شوفال> يقول لي انه وجد في ملفي ما يجعلني اتسلم الادارة بعد ان طلب منه ترشيح مدير للمتحف مع اعادة افتتاحه في العام 2015. تحمست للفكرة نظرا لخلفية اقامتي في باريس، اولى المدن الثقافية في العالم، والعمل في بيروت التي انهكتها الحرب، حيث لا معارض او مساحة أو مال مخصصاً فيها للفن والثقافة، فوجدتها فرصة، لأنني اعرف ما نحتاجه خاصة وان للمتحف تاريخا متجذّرا. ففي طبقاته المختلفة مجموعات نادرة، وهو وجه من وجوه الحضارة اللبنانية المشرقية والتي كان لها تأثيرها على المشهد الثقافي العام. كان يهمني ان ننطلق من مؤسسة ضاربة الجذور حتى نذهب بها الى ابعد، في متحف ذي طابع عام ومجاني.

ــ ما هي الصعوبات التي يواجهها المتحف اليوم؟

- منذ تأسيسه وافتتاحه في العام 1961، لـ<متحف سرسق> وضعية خاصة من خلال قانون تم التصويت عليه في العام 1964 يقضي بان يعود اليه 5 بالمئة من الضرائب المفروضة على رخص البناء الممنوحة من قبل بلدية بيروت، فضلا عن التبرعات الخاصة. وكان نقولا سرسق وهب بلدية بيروت بيته ومجموعته الفنية الخاصة لاقامة متحف واختار ان يكون وقفا مدنيا اي مؤسسة لا تتوخى الربح ومستقلة، وطلب ان يكون المتولي عليها ممثلاً عن المجلس البلدي في بيروت. ما بين عامي 2008 و2015 كان الصحافي الكبير غسان تويني هو <المتولي>، وفي الفترة التي عاد فيها الإعمار بعد الحرب، تمكن المتحف من استخدام المال في هذا التوسيع والترميم الذي جاء لسبع مرات اكبر مما كان. هذا التوسع مع شح المال، ما بعد العام 2015 من عائدات رخص البناء مع ركود الحركة فيها، جعل الامور أكثر صعوبة مع ما تتطلبه الصيانة الدورية والكهرباء والتبريد المطلوب لغرف المتحف ومحتوياته والحراسة والحرارة المستقرة للتخزين والحفاظ من الرطوبة عبر ماكينات معينة، خاصة وان توسيع المبنى جرى تحت الارض وان اللوحات والصور ليست جميعها معروضة. من هنا... خفضنا المصاريف ولا زلنا بحاجة الى ان نخفض أكثر وكانت الطريقة الأفضل اقفال يوم اضافي.

ــ هل قانون الاقتطاع من ضريبة رخص البناء لا يزال ساريا؟

- نعم، ومع ان هذا القانون لا يزال ساري المفعول الا اننا ومع اعادة الافتتاح بحثنا عن مداخيل جديدة فكان تأسيس المطعم الذي يقدم تنويعا مختارا من الاطباق المتوسطية مع حرص على دعم المزارعين المحليين ومن منتوجات محلية مباشرة من المصدر. اما المتجر فيضم افضل مجموعات الكتب والهدايا المتعلقة بالفن المعاصر مع اغراض والبسة انتجها مصممون وتذكارات متعلقة بمجموعة المتحف الدائمة ومعارضه. المطعم والمتجر يرفدان المتحف، خاصة وان الدخول والمشاركة في اعمال المتحف مجانية للعموم، ونكتفي بان نضع صندوقا صغيرا عند المدخل لمن يريد المساهمة.

ــ ماذا عن الحفلات او المناسبات الخاصة؟

- نستضيف احيانا حفلات خاصة، لكن بالنسبة الى الاعراس لست اكيدة من اننا نستطيع فتح الباب لها. فالباحة ليست واسعة، كما اننا بحاجة كمتحف الى مساحات اضافية.

ــ قرأت انه في عهد الرئيس كميل شمعون استخدم ايضا لاقامة كبار الزوار. هل تفكرون باستعادة ذلك لتنشيطه خاصة وانه قريب من وزارة الخارجية وهو يقع في منطقة مميزة من العاصمة؟

- تم استخدامه لتلك الوجهة في الفترة التي امتدت ما بين وفاة نقولا سرسق في 1952 وبين تطبيق وصيته في العام 1961و لم يكن قد أضحى متحفا بعد. لا يمكن استخدامه للوجهتين، كمتحف ومكان استقبال واقامة خاصة وانه للعموم. وكما سبق واشرت نحن بحاجة الى مساحات بعــــــد، كأن تكون لدينـــــــا صالـــــــة مثـــــلا يمكننـــــا تأجيرهـــــــــا او استخدامهــــــــا فــــــــــي وجهات متعددة.

ــ هل الوصية الاصلية لنقولا سرسق معروضة هنا؟

- المتحف لا يملكها للاسف. عندنا نسخة عنها والا لكنا عرضناها طبعا...

 

 <ثقافة> على مدار العام...!

ــ من يمكنه مساعدتكم اليوم، ممن تنشدونها؟

- باستطاعة الجميع المساعدة، ومن نواح عدة. المجال للتبرع مفتوح، فضلا عن هدايا المتجر او المطعم. ونهدف أيضا الى تأسيس دائرة اصدقاء المتحف وهي ليست موجودة. الفريق صغير جدا ونحن بحاجة الى مساعدة من يتبرعون بوقتهم أيضا. من الضروري ان يشعر الجميع بأن المتحف متحفهم فيتحمل كل واحد مسؤوليته في المساعدة. كذلك نهدف الى تطوير أكبر لبرنامج الرعاة <Sponsorship Program> اذ ليس لدينا شريك رئيسي للمتحف مع العلم انه يصل الى جمهور كبير جدا مع زيارة 70 الف شخص سنويا ما يشكل اعلانا كبيرا لأي راع.

ــ ماذا عن مساهمة وزارة الثقافة؟

- وزارة الثقافة لا تساهم في الميزانية الا أننا ننوي القيام بزيارة تعارف مع الوزير الجديد وننشد مساهمة الوزارة لأن <متحف سرسق> يلعب دور متحف وطني بامتياز. ونأمل ان نلقى تجاوبا على قدر قدرتهم.

ــ ماذا عن الفريق العامل، هل هو من المتطوعين؟

- لا يعمل الفريق الموجود بشكل تطوعي ونحن نعمل بأكثر من دوام كامل. إننا فريق صغير نتقاضى رواتب لقاء عملنا. هناك بعض المتدربين من قبل الجامعات ونفكر في ان يكون معنا طلاب يتقاضون لقاء عملهم ليكونوا معنا واجهة المتحف مع الزوار. لكن هذا العمل يتطلب التزاما. في اميركا واوروبا من الطبيعي ان يقتطع الفرد من وقته دون مقابل لعمل ثقافي تطوعي، في لبنان الفكرة هذه ليست متطورة فضلا عن ان عدد ساعات التدريب محدد من قبل الجامعات، ونحن نطلب ان لا يقل هنا عن ثلاثة أشهر بدوام كامل لتعليم الطالب ما يجب، ولافادة المؤسسة من خدماته.

ــ كم تبلغ ميزانية المتحف سنويا؟

- تختلف بحسب السنوات. هذه السنة مثلا، خفضنا الميزانية لأننا نقدر الوضع الاقتصادي المتردي خاصة وان حركة البناء متراجعة وهناك فروقات بمليون دولار تقريبا ما بين سنين خلت واليوم. قمنا بجهد لتخفيض الكلفة فتراجع عدد المعارض من 14 الى 10، خاصة وأننا نرغب في الاستمرار من دون أي تغيير في نوعية وجودة ما نقدمه.

ــ والذين يعرضون في المتحف هل يقومون بذلك بشكل مجاني وكيف يتم اختيارهم؟

- طبعا من دون مقابل، ونحن نختار وفق استراتيجية معينة عملنا عليها قبيل الافتتاح ونفكر فيها في كل عام مع اللجنة. هناك برامج عدة بينها برنامج <توينز غاليري> وهما مساحتان محدودتان على المدخل ندعو الفنانين الناشئين الى العرض فيهما بشكل منفرد، فنمنحهم الفرصة لينطلقوا بمسيرتهم تحت عيون 20 الف زائر يرون اعمالهم التي تتداور مع غيرها، وعادة ما تكون هذه الأعمال عبر وسائط محددة كالصور والفيديو وغيرها، وستكون <الصالتان المتناظرتان> من 15 آذار/ مارس حتى 7 تموز/ يوليو المقبل <مسرح العمليات> لـ<بارش دوروسوز> عن ثقافة الحصار... البرنامج الثاني في الطابق الاول له علاقة بالمجموعة الدائمة فيها، ومن ضمنه نكرم فنانين كبارا موجودين من الواجب الاضاءة على أعمالهم، كان بينهم معرض لامين الباشا منذ سنتين رحمه الله، والآن هناك معرض للور ومازن <بيني وبينك> المستمر حتى شهر آب/ أغسطس المقبل، وهو يضيء على فنانة رائدة مثل لور عمرها 88 سنة وابنها مازن ابن الرابعة والاربعين وقد اشتغلا بـ<أيد أربعة> بشكل مدهش، كل في مجاله.

وتزيد عريضة:

- وعدا عن اطلاق الكتب والافلام والفعاليات الخاصة وبرنامج العائلة، والمكتبة الغنية للمتحف التي تهتم بجمع المصادر التاريخية للفن في لبنان والمنطقة مع الوثائق الأصلية التي تؤرخ لممارسات الفنون في المنطقة وخارجها، يدخل في برنامجنا ايضا اقامة 3 معارض بالسنة، مختلفة جدا، منها اليوم <مصنع الأوهام> الذي سبق وذكرته من مجموعة فؤاد دباس مع تعليقات معاصرة وهو ينطلق من القرن 19، في صور شرقية في غالبيتها تدعو الى التفكير بفن الصورة ودورها وحرفتها في مقارنة ما بينها وبين المسرح، وهو المعرض الذي يشكل مناسبة لإطلاق سلسلة حوارية حول <الالبومات الفوتوغرافية>، مع مشاركة لـ10 مصورين معاصرين يتشكلون من لبنانيين واميركي وبولونية وفنلندية وسويسرية في همزة وصل ما بين الشرق والغرب مميزة جدا. الفكرة للسيد <فرنسوا شوفال> وهو مؤرخ مهم في تاريخ التصوير وهدفه جعل اللبنانيين والجيل الحالي ينظرون الى الصور القديمة والى تراثنا بطريقة مختلفة لان هذه الصور ولو فاقت في عمرها المئتي عام، فانها لا تزال معاصرة في جانب او في آخر.